نقد لرؤية سيد قطب للمجتمع الاسلامي

يقول سيد قطب المفكر الاسلامي والاديب المصري الذي اعدمه الرئيس جمال عبد sq
الناصر في 29 آب/ 1966 بسبب افكاره المتطرفة واشتراكه مع زمرة الاخوان المسلمين في محاولة قلب نظام الحكم واغتيال عبد الناصر، يقول قطب عن المجتمع الاسلامي :

” المجتمع هو الاساس في الدين الاسلامي ، وفصل المجتمع عن الدين يعد آفة العصر، وليس آفة الدين ، ولا عزلة بين الدين ولا بين العقيدة والاجتماع .”
” الامام المسلم يستمد شرعيته لممارسة السلطة من الجماعة الاسلامية ، كما يستمد السلطة ذاتها من تنفيذ الشريعة .”
وينتقد قطب المسيحية قائلا: المسيحية في اوربا عزلت الدنيا عن الدين فجعلت الدين تطهيراً للوجدان فقط ، بينما تركت للقوانين الوضعية تنظيم المجتمع ووضع قواعده .

التعليق :
سيد قطب ينتقد المسيحية والانظمة في اوربا التي وضعت القوانين الوضعية للمجتمع ويمتدح قوانين شريعة الاسلام التي تخلط بين الدين والدنيا ، والسؤال هنا ، اي القوانين التي تنظم المجتمعات في العالم وتدير شؤنها بكل كمال هي الاصلح عمليا وثبت صلاحها ؟ هل هي قوانين الشريعة الاسلامية التي تطبق في الصومال والسودان والسعودية وعصابات القاعدة وطالبان وايران، ام القوانين الوضعية التي تطبق في السويد والنرويج وفرنسا وبريطانيا ؟ لماذا لم تؤخذ قوانين حقوق الانسان في الدول المتحضرة حسب الشريعة الاسلامية ؟ولماذا لم يعتمدها ميثاق الامم المتحدة لحقوق الانسان الموضوع من قبل البشر ، ولماذا وقعت عليها حكومات جميع الدول العربية والاسلامية وقبلتها رغم ان دساتيرها تنص على ان الشريعة الاسلامية هي مصدر التشريع ؟

يقول سيد قطب في تنظيراته : ” ان قاعدة العدالة الاجتماعية في الاسلام مرتبطة بالتصور الالهي الكامل للكون والحياة والانسان كوحدة واحدة ، وهذه النظرة الكلية البعيدة الاهداف الى العدالة الاجتماعية ، هي التي تفسر لنا النظم العديدة في الاسلام ، كنظام الملكية الفردية ، ونظام الارث ، ونظام الزكاة ، ونظام الحكم والمعاملات .”

تعليق الكاتب :

ان اهم نظام يرعى حقوق الانسان والعائلة ويحفظ كرامته ، والذي تطبقه الدول الاوربية ذات القوانين الوضعية هو نظام الاعانة الاجتماعية ، النظام الذي يكفل حقوق المواطن ويحميه من العوز والجوع والحرمان والتشرد. انه يشمل كل مواطن وحتى اللاجئين الاجانب ويغطي احتياجات الفقير والعاطل عن العمل والمعوق والارملة واليتيم وكبير السن براتب شهري تدفعه الدولة مع ايجار السكن اللائق وضمانات العلاج الصحي . فهل تطبق الدول الاسلامية مثل هذا القانون الوضعي حسب الشريعة التي تنادي بها في دساتيرها ؟

اما في الدول التي تؤسس دساتيرها على الشريعة وتدين شعوبها بالاسلام ، فنرى حسب احصائيات الامم المتحدة انها الاكثر تخلفا في العالم ، اكثر الفقراء في العالم هم من تلك الشعوب ، الغالبية من الشعب تسود فيه الامية والجهل والتخلف ، وتفتقر الى التعليم الجيد ، تنتشر بين ابنائها وشبابها البطالة والجريمة ، تكثر في شوارعها واحيائها النفايات والحيوانات السائبة ، وينهش المرض اجساد الاطفال والنساء والكثير من الرجال . تؤمن تلك الشعوب بالسحر والشعوذة ، و باكثار النسل دون قيود ويرموهم ليتربوا في الشوارع والازقة دون تعليم . تطبيقا لمقولة
” تناكحوا تناسلوا فإني مُباهٍ بكم الأمم يوم القيامة “
والحقيقة ان كثرة النسل للعوائل الفقيرة تزيدهم فقرا وعوزاً وعبئا على العائلة والدولة . كما تمتاز الدول العربية والاسلامية بارقام قياسية في اعداد اللقطاء واولاد الشوارع (اثنان مليون طفل ) في مصر وحدها . أما في الدول الاوربية ( الكافرة) حسب نظرة قطب ذات القوانين الوضعية ، فكل اطفالها يخضعون للتعليم الالزامي بارقى اشكاله من دور الحضانة والى الجامعات، وكل فرد يحصل على منافع الاعانة الاجتماعية والدراسية مع سكن لائق وحياة كريمة وخدمات راقية للشعب.
فهل هذه القوانين والخدمات موجودة في الدول الاسلامية التي تطبق الشريعة ام عند الامم ( الكافرة) فقط التي تستعين بالقوانين الوضعية ؟
هل حققت الشريعة للانسان حقوقا كالتي وضعتها مواثيق الامم المتحدة ومنها المساواة بين الرجل والمراءة ، هل حُرمَ الرق والاستعباد في زمن النبي محمد وما بعده ، ام لا زال الاسلام يؤمن بآيات ملك اليمين ويتلوها كل يوم في القرآن؟
هل اعطت الشريعة حرية تغيير الدين والعقيدة و اختيار الانسان ما يناسبه من دين ومعتقد ؟ ام تنص السنة النبوية قانون (من بدل دينه فاقتلوه )، وتحكم الشريعة بقتل المرتد عن دين الاسلام وتفريقه عن زوجته.
هل ساوى الاسلام بين المراءة والرجل في الارث والشهادة في المحاكم ، ام جعل المراءة تساوي نصف رجل ؟ هل اعطى الاسلام حق المراءة في العمل والاختلاط مع المجتمع ام عزلها كما في السعودية مصدر الاسلام ، حيث تمنع المراءة من الاختلاط في الجامعات والعمل ، وتمنع من قيادة السيارة .
ولا يسمح لنور الشمس ان يلامس جسدها او جهها ، بل تُغلف من اعلى الراس حتى اخمص القدم بالسواد .
اين العدالة الاجتماعية التي ينادي بها سيد قطب واين تطبيقاتها ؟
العدالة هي ان يفتي شيوخ السعودية بحرية ارضاع المراءة لزميلها في العمل حتى تحرم عليه عندما ينفردان بغرفة واحدة .

ونعود لاقوال وافكار سيد قطب المنظر الكبير للاخوان المسلمين ، حيث يقول :

” لقد وضع الاسلام الخطوط الرئيسية الثابتة ، والمبادئ العامة ، والقواعد الشاملة وترك التطبيق للتطوير الطبيعي في الحياة في حدود تلك المبادئ الثابتة التي وضعها” .
ويقول ايضا :” إن للاسلام الكثير الذي يمكن ان يعطيه للعالم الذي دفعته حضارته المادية الخاوية من الروح الى حربين عالميتين في ربع قرن ولا يزال يتخبط في الازمات “.

تعليق الكاتب :

لو كان سيد قطب حيا في القرن الحالي وشهد الاحداث التي تمر على العالم الاسلامي ودول الربيع العربي ، لتراجع عن اقواله ، واعتذر عن سوء تقديره للامور، فبالرغم من الروحانيات الايمانية التي يدعيها قطب في امته الاسلامية ، الا ان هذه الامة اصبحت اكثر شراسة في قتالها بين المسلمين والمسلمين من الحربين العالميتين وان المسلمين هم من يتخبطون في الازمات بعد ان وعى الغرب واوربا اخطائهم واتفقوا عل حل مشاكلهم بعد الحربين الكونيتين، واتحدوا في اكبر اتحاد عالمي وهو الاتحاد الاوربي ونسقوا كل سياساتهم ووحدوا عملتهم وفتحواالحدود والغوا الجوازات والتأشيرات فيما بينهم .
اما الامة الاسلامية الواحدة ذات الرسالة الخالدة ، فنرى القتال محتدم بين المسلمين انفسهم في الشعب الواحد في الصومال ، والسودان واليمن ، وسوريا والجزائر وليبيا والعراق وفي باكستان وافغانستان . والاضطرابات والتظاهرات تثور كل يوم في البحرين وتونس و تركيا .واغتيالات ينفذها الارهابيون والجماعات الاسلامية ضد افراد الجيش والشرطة واعتقالات الحكومة لجماعة الاخوان المسلمين في مصر .
هذه هي الامة الاسلامية دولا وشعوب، يقاتل المسلم اخيه المسلم مواطنه ومن شعبه فمن يعيش تخبط الازمات يا سيد قطب، الغرب ام مجتمعات الامة الاسلامية ؟
هل كل هؤلاء الاسلاميين يجاهدون في سبيل الله وكلهم يشهد ( لا اله الا الله محمد رسول الله )، ام يجاهدون في سبيل المغانم والمناصب ، ان حكام دول النفط الخليجية المسلمون يستلمون الاوامر والمخططات من اسيادهم ويسخرون اموالهم ومخابراتهم لتنفيذ ما يراه الاسياد صالحا لمخططاتهم والحفاظ على مصالحهم ، ومن يدفع الدماء الغالية هم اؤلئك الشباب المسلم المغفل والمخدوع بالفوز بجنة الحوريات والغلمان .

متى يأتي اليوم الذي يفيق فيه هؤلاء الشباب من المخدر الديني الذي يدفعهم نحو الهلاك ويرفضون فتاوى شيوخ الارهاب والدجل ويتكاتفون لبناء وتعمير بلادهم بدلا من ان يخربوها على رؤوسهم .

صباح ابراهيم
10/آب/2013

صباح ابراهيم (مفكر حر)؟

About صباح ابراهيم

صباح ابراهيم كاتب متمرس في مقارنة الاديان ومواضيع متنوعة اخرى ، يكتب في مفكر حر والحوار المتمدن و مواقع اخرى .
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.