ميلاد المسيح بين رواية القرآن وقصة الإنجيل

رجال غامضون في الكتب الدينية

جاء في القرآن عدة آيات تحكي عن رواية نسب مريم و من كافلها بعد موت والديها، وكيف بشرت بالحمل بكلمة الله من قبل ملاك الرب، وكيف حصلت ولادة المسيح وأين، وأمور أخرى. وقد استند كاتب القرآن في معلوماته على إنجيل يعقوب المنحول الغير معترف به من الكنيسة .حيث تم اقتباس المعلومات منه بشكل شبه حرفي وكتبت في القرآن على إنها من كلام الله، بينما كل ما ذكر في القرآن موجود حرفيا بإنجيل يعقوب المنحول الذي ظهر قبل الإسلام بعقود.
كما جاء بالأناجيل المقدسة وخاصة متى ولوقا تفاصيل دقيقة و بالتواريخ والشواهد وأسماء المدن والأشخاص والأماكن بكل دقة . وحتى اختيار الكلمات فيها كان بشكل راقي وجميل .
نستعرض ما جاء في القرآن من آيات وروايات عن مريم و ولادة السيد المسيح. و نقارنها بما جاء في الأناجيل المقدسة لنعرف بالمقارنة كيف يشرق النور ويبان الصدق من الظلام والاقتباسات البشرية .
نسب مريم :
تنبأ النبي أشعياء في كتاب العهد القديم عن مولد السيد المسيح الذي ينتسب لبيت داود ابن يسّي بقوله :” وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ،”سفر إشعياء 1:11
يسوع ينتسب لبيت الملك داؤود بن يسّى وهم من سبط يهوذا أحد أولاد النبي يعقوب بن إسحاق بن النبي إبراهيم .
يدعو القرآن مريم حسب قول اليهود ( يا اخت هارون ) ولم يوضح كاتب القرآن من هو هارون هذا، ولذلك اجتهد فقهاء ومفسرين القرآن عن اسم هارون احتمالات متعددة . كلها خطأ . فمنهم من قال إنه هارون أخو النبي موسى . وبين هارون هذا ومريم 1500 عام . فكيف تدعى أخت هارون ؟ ومنهم من اقترح ان يكون انتسابها لهارون هو كناية عن رجل صالح اسمه هارون. ومنهم من يقترح ان يكون كناية عن رجل شرير فاجر اسمه هارون ليقرّعوا مريم ويشهّروا بها لكونها حملت بطفل وهي عذراء غير متزوجة . ومنهم من أيد رواية قيلت عن النبي محمد ان مريم نسبت إلى هارون حيث كان الناس يسمّون باسم احد الأنبياء الصالحين . وان هارون ليس اخوها بل كناية. وهذه التكهنات قيلت للتغطية على خطأ القرآن بهذه التسمية .
يؤكد كاتب القرآن على نسب مريم لهارون وآل عمران بقوله : ” يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا ” ونسب آل عمران لمريم هو تأكيد على ان المقصود بهارون أخي موسى ابناء عمران . لكن هذا الاسم خطأ أيضا لأن الاسم الصحيح لأبي موسى وهارون و اختهما مريم هو (عمرام) حسب التوراة، وقد حرفه كاتب القرآن الى عمران .
بينما أوضح التوراة اسماء اولاد عمرام، وهم : ( وَبَنُو عَمْرَامَ هَارُونُ وَمُوسَى وَمَرْيَمُ.): فكيف تحول عمرام في التوراة إلى عمران في القرآن ؟
جاء في سورة آل عمران 33 ” ان الله اصطفى ادم ونوحا وال إبراهيم وال عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم”
عن ولادة مريم قال القرآن : ” إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا، فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ”
لم يذكر القرآن أي نسب أبوي أو ذكوري لمريم . تكلم فقط عن أمها (حنة) التي نذرت ما في بطنها لله منذ أن كانت حامل بمريم ، حيث كان زوجها يهوياقيم متوفيا .
مريم في الإنجيل :
مريم حسب إنجيل متى يرجع نسبها الى بيت داؤد بن يسّى ، كما يرجع نسب خطيبها يوسف بن هالي النجار الى بيت داود نفسه، وقد سُمي يسوع بالأوراق الرسمية في الدولة الرومانية أنه أبو يسوع المسيح لأنه كان المسؤول عنه وتحت رَعايته منذ ولادته وتربى في بيته.
جاء في إنجيل لوقا 1: 26 “وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ».
فليس لمريم أي انتساب لبيت عمران أو (عمرام) أو هارون وموسى، وخاصة هي تنتمي لسبط يهوذا وليس سبط لاوي . وهذا ما يدحض قول القرآن انتسابها لهارون. ولو كانت من بيت هارون لكان الحري ان تدعى ابنه هارون وليست اخته.
ولم يكن لمريم أخ يكبرها اسمه هارون، لأنها كانت البنت البكر والوحيدة لوالدتها بدليل ان الوليد البكر الذكر فقط هو من ينذر لله عند اليهود .
لماذا اختار الله مريم واصطفاها لتجسد كلمته جنينا في أحشائها ليؤدي رسالة الخلاص والفداء حسب رواية القرآن ؟
” وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ ” آل عمران 42
” ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها”
هل كان سبب اختيار مريم لهذه المهمة أنها قد أحصنت فرجها ؟ الم تكن الكثيرات من فتيات و عذارى إسرائيل العفيفات محصنات لفروجهن أم كانت مريم هي الوحيدة ؟ هذا سبب غير منطقي رغم عِفّة مريم وقداستها وطهارتها وأنها من عائلة كهنوتية مقدسة . القرآن لم يبين سببا مقنعا لأختيار مريم .
اما الإنجيل فتحدث عن سبب اختيار الله لها، حيث زارها ملاك الرب قائلا لها : «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ».


فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ!»
فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ.
وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ. فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟»
فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. . إنجيل لوقا 1: 28- 35
هذه هي اللغة السماوية الراقية التي تحدث بها ملاك الرب في الإنجيل، وليس كما جاء في القرآن (التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه) هل مهمة الملاك إيصال البشرى لمريم ام النفخ في فرجها. قارن أيها القارئ بين الخطابين، لتعرف الفرق بين كلام السماء وكلام البشر . الم يكن الله قادرا ان يقول لمريم وهبنا لك طفلا فتتحقق إرادته فورا ، بدلا من إرسال ملاك بهيئة بشر ينفخ فيها ويذكر اسما لا يليق بقداستها وطهارة من اصطفاها الله على نساء العالمين ويلفظه كل من يقرأ ذلك الكتاب المريب ؟
الإنجيل يوضح ان مريم كانت مباركة بين النساء وقد وجدت نعمة عند ربها لقوة إيمانها، فاصطفاها لتحمل كلمة الله وروحه في أحشائها الطاهرة . وليس الحمل حدث إثر عملية نفخ كما زعم ذلك الكتاب .
وفي القرآن : ” اذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك اذ ايدتك بروح القدس “
تأييد الله للمسيح بالروح القدس يؤيد ما جاء بالإنجيل ان روح الله قد حلّ على مريم، فتجسد كلمة الله في احشائها بطفل مبارك هو آية للعالمين وجيها في الدنيا والآخر ومن المقربين.
أما في الإنجيل :
ملاك الرب أخبر يوسف النجار خطيب مريم في حلم ليطمئنه ويزيل الشك من فكرة فقال له : « يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.”

حصلت الولادة في قرية افراتة من مدينة بيت لحم كما تنبأ النبي ميخا، وأخبرنا الإنجيل : ” وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ”
أراد يوسف ومريم المبيت في منزل (فندق) للمسافرين لأنهما غرباء عن بيت لحم، ولكثرة المسافرين لأجل الإكتتاب (إحصاء النفوس) لم يحصلوا على مكان في المنزل، اضطروا للمبيت في اسطبل للحيوانات بسبب برد الشتاء القارس .
ولدت مريم طفلها يسوع في هذا المكان، وليس كما قال مؤلف القرآن، فلما جائها المخاض ولدت تحت جذع نخلة، كي تهزها فتساقط عليها رطبا جنيا، هذا الكلام جاء نقلا مقتبسا عن القصص المزورة في إنجيل يعقوب المنحول الغير معترف به من الكنيسة المكتوب قبل الإسلام. وليس كلاما من الله .
الإنجيل المقدس المكتوب بوحي الروح القدس فضح كل الأكاذيب والروايات المزورة والمنقولة من كتب منحولة . والمتداخلة بين قصص متضاربة لا رابط يربطها معا في كتاب قيل أنه من الله .
صباح ابراهيم

About صباح ابراهيم

صباح ابراهيم كاتب متمرس في مقارنة الاديان ومواضيع متنوعة اخرى ، يكتب في مفكر حر والحوار المتمدن و مواقع اخرى .
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.