اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل

رجال غامضون في الكتب الدينية

لابد ان يعرف الجميع مسيحيين ومسلمين ان القرآن يتفق مع الإنجيل في بعض العقائد والحقائق ويتعارض معه في عقائد أخرى. والتعارض مع الإنجيل هو بقصد الطعن بما جاء به. يصر القرآن على أن المسيح اسمه عيسى وليس يسوع ، وهو نبي وإنسان وعبد من عباد الله ومَثـَلَه عند الله كمثل آدم مخلوق من تراب، أي أنه مساوي لآدم العاصي ربه في مادة الخلق .
والقرآن ينفي لاهوت السيد المسيح وينكر صلبه وموته وقيامته . ويقول ان الله شبه شخص آخر (مجهول الهوية) بالمسيح ليصلب بدلا عنه ، لذا اشتبه به اليهود واعتقدوا أنهم صلبوا المسيح بن مريم وتخلصوا منه. وهكذا استخدم الله معهم الحيلة والمكر والخداع، لأنه خير الماكرين. ورفع عيسى عنهم الى السماء مباشرة. لذا فمؤلف القرآن يجزم ان المسيح لم يصلب ولم يمت يقينا. بينما كل ما أنكره القرآن هو من أساسيات العقيدة المسيحية . ولهذا يبقى التعارض والإختلاف قائما بين الإسلام والمسيحية الى نهاية الزمان، لأن كل ديانة تصر على ما تعتقده أنه صحيحٌ .
إذا ما تمعنا بقراءة آيات القرآن ومقارنتها مع ما جاء بالتوراة والإنجيل أي العهد القديم والعهد الجديد، والذي يُعتبر الكتاب المقدس الشامل للمسيحية . فإننا نجد الكثير من المتناقضات بين القرآن والكتاب المقدس بعهديه رغم ان القرآن فيه اقتباسات كثيرة جدا من الكتاب المقدس بطريقة محرفة ومغايرة لما جاء بالمرجع الأساس المسيحي واليهودي، علما ان (التوراة وكتب الأنبياء) سبق ظهور القرآن بآلاف السنين. والإنجيل سبق كتابة القرآن بأكثر من ستة قرون. وهما المرجع الصحيح الذي اقتبس منها القرآن من شريعة و قصص الأنبياء وأسمائهم وسيرتهم ، ولكن وردت بالقرآن بطرق محرفة ومختلفة عن الأصل في العهدين القديم (التوراة) والعهد الجديد (الإنجيل). وفيما يلي نبين بعضا من هذه الاختلافات والفروقات.
1 – – طرد ابليس من الجنة :


حسب القرآن أمر الله بطرد إبليس من الجنة بسبب رفضه السجود لآدم . بينما في التوراة طرد الله إبليس وأخرجه من الجنة. كان ذلك عقابا له لأنه أغوى آدم وحواء ان يعصيا أوامر الله في عدم الأكل من شجرة الحياة او (شجرة معرفة الخير والشر) من وسط الجنة التي حرمها الله والأكل من ثمارها . ولا وجود اي ذكر في التوراة لأمر الله سجود إبليس لآدم . فهذه قصة مختلقة في القرآن تناقض التوراة / المرجع الأصلي لها.
2 – كلام عيسى في المهد :
جاء في القرآن ان عيسى تكلم مع اليهود وهو طفل رضيع في المهد، كي يبرأ أمه من تهمة الزنا التي قد يوجهها اليهود لمريم. لأنها ولدت ابنها وهي غير متزوجة من رجل.
· هذا الكلام لا وجود له في التوراة وليس صحيحا، فلا المسيح تكلم طفلا في المهد، ولا اليهود اتهموا مريم بالفاحشة، لأن المجتمع اليهودي كان يعرف أنها متزوجة من يوسف النجار . وكأن الناس يدعون يسوع المسيح ابن يوسف . فكيف يتهمها الناس بالزنا وقد كتبت كتابها على يوسف منذ ايام خطوبتها وقبل بشارة الملاك لها بالحبل المقدس. رغم ان خطيبها يوسف النجار لم يتعامل معها كزوج وزوجة، بل كخطيبة فقط وان ملاك الرب جبرائيل هو من أخبر يوسف في حلم ان مريم حبلت من الروح القدس ومن غير زرع رجل، كي لا يسيء الظن ويشك بعفتها .
3 – قصة يوسف والذئب :
جاء في التوراة / سفر التكوين 37 :9: ان الصبي يوسف بن يعقوب قد أكله وحش ردئ حسب ادعاء أخوته لأبيهم كذبا وحسدا لأنه روى حلما وقصه على اخوته فقال :
: «إِنِّي قَدْ حَلُمْتُ؟ حُلْمًا أَيْضًا، وَإِذَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَأَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا سَاجِدَةٌ لِي»
تآمروا عليه وقالوا :
” فَالآنَ هَلُمَّ نَقْتُلْهُ وَنَطْرَحْهُ فِي إِحْدَى الآبَارِ وَنَقُولُ: وَحْشٌ رَدِيءٌ أَكَلَهُ. فَنَرَى مَاذَا تَكُونُ أَحْلاَمُهُ».” سفر التكوين 20:37
· فذهبوا لأبيهم بمكر وخداع وقالوا له : «وَجَدْنَا هَذَا. حَقِّقْ أَقَمِيصُ ابْنِكَ هُوَ أَمْ لاَ؟» فَتَحَقَّقَهُ وَقَالَ: «قَمِيصُ ابْنِي. وَحْشٌ رَدِيءٌ أَكَلَهُ! افْتُرِسَ يُوسُفُ افْتِرَاسًا!» سورة يوسف 17
اما في القرآن فقد جاء فيه ان الذئب هو من افترس يوسف . بدليل الآية التالية :
” قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ” سورة يوسف 17
لم يرد في التوراة أي ذكر للذئب أنه افترس يوسف بل قال ابوه: وحش رديء أكله” ولم يحدد التوراة الذئب او الدب أو الأسد هو من افترسه..القصة كلها مقتبسة من التوراة ، فمن أين عرف مؤلف القرآن ان الوحش هو ذئب وليس حيوان آخر ؟
4 – المتاجرة ب يوسف :
القرآن يشير إلى بيع يوسف كان بعملة الدرهم حسب الآية التالية :
” وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ” سورة يوسف 20
· لم يكن المديانيون (من باع يوسف)، ولا التجار الإسماعيليون (من اشترى يوسف) أو يتعاملون في ذلك الوقت بعملة اسمها الدرهم. بل الدرهم عملة عرفت في اليونان بعد ذلك بزمن بعيد . وهذا احد اخطاء القرآن .
· أما في التوراة فقد جاء : ” وَاجْتَازَ رِجَالٌ مِدْيَانِيُّونَ تُجَّارٌ، فَسَحَبُوا يُوسُفَ وَأَصْعَدُوهُ مِنَ الْبِئْرِ، وَبَاعُوا يُوسُفَ لِلإِسْمَاعِيلِيِّينَ بِعِشْرِينَ مِنَ الْفِضَّةِ. فَأَتَوْا بِيُوسُفَ إِلَى مِصْر”َ!
· مؤلف القرآن حول العملة الفضية أو الشاقل المستخدم بذلك الوقت الى دراهم معدودات ؟
5 – المسيح بن مريم : اسمه يسوع حسب الإنجيل ، هذا ما اسماه به الملاك جبرائيل ويعني باللغة العبرية المخلص شعبه من خطاياهم .
· القرآن حرّف اسم المسيح الى (عيسى) وقد اختلف المفسرون في مصدر وسبب هذه التسمية واقترحوا ترقيعات كثيرة. بينما كان الإسم (يسوع) من اختيار الله . وإن كان الله هو من تكلم في القرآن عن المسيح، فلماذا غير إسمه إلى عيسى الغريب والذي لا يدل على أي معنى ، بينما يسوع لديه دلالة الخلاص التي جاء من أجلها المسيح للعالم .
6 – مريم بنت عمران :
اسمها حسب الإنجيل مريم بنت يواقيم، وهي من سبط يهوذا ابن يعقوب ، وليس لها أي انتساب لعشيرة مريم اخت هارون وموسى وهم أبناء عمرام وليس عمران، وقد حرف القرآن اسم مريم ونسبها الى عشيرة عمران المحرف عن الأصل عمرام . كما أخطأ القرآن في تسميتها أخت هارون ايضا . واختلط الأسم عليه بين مريم أم المسيح ومريم أخت موسى وهارون وبينهم 1500 عام . فكيف تكون مريم أم المسيح أخت هارون المتوفى قبل 1500 سنة ؟ لقد اختلط على مؤلف القرآن أسم (مريم بنت يواقيم) و(مريم بنت عمرام) اخت هارون .
7 – يحيى بن زكريا : اسمه حسب الإنجيل يوحنا ، لكم مؤلف القرآن حرفه إلى يحيى بلا سبب
8 – المسيح كلمة الله وروح منه : وصف الإنجيل المسيح أنه (الكلمة)، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة (الله) . هذا ما جاء في إنجيل يوحنا 1:1
هنا ساوى الإنجيل بين المسيح كلمة الله، والله صاحب الكلمة . لأن الكلمة تخرج من عقل صاحبها . ولا فرق بين الكلمة وقائلها لأن المصدر واحد .
اقتبس مؤلف القرآن هذا التعبير من الإنجيل، و ذكر المسيح بنفس المعنى قائلا : ” إنما المسيح بن مريم (كلمة الله) ألقاها إلى مريم وروح منه ” .
رغم الوصف السامي للقرآن المسيح ب (كلمة الله وروح منه)، والكلمة والروح مصدرها الله ذاته وليس خارجا عنه، وكلمة الله ازلية بأزلية وجود الله لأن الله منذ الأزل له كلمة. لكن عاد القرآن فغير هذا التعبير الذي ندم المؤلف على قوله في ظرف ما ، فادّعى ان مَثلَ المسيح عند الله كمثل آدم خُلق من تراب، ‼!
لقد نسي مؤلف القرآن ان كل مخلوق من تراب يموت ويفنى بالأرض ويعود الى التراب الذي خلق منه، ما عدا السيد المسيح كلمة الله ، مات جسده الإنساني مؤقتا قم قام من الموت بالروح والجسد و صعد بالجسد إلى السماء ، و ما زال حيا موجودا في السماء إلى يوم يبعثون، وسيعود في يوم الحساب ديانا للعالمين يحاكم البشر ويدينهم على إيمانهم وأعمالهم .
لم يفكر كاتب القرآن بهذا التناقض الكبير في وصف المسيح في القرآن بين كلمة الله الصادرة من عقل الله، وبين آدم المخلوق من تراب، آدم الإنسان الذي تمرد على وصايا الله فعوقب بالطرد من الجنة، بينما المسيح كلمة الله مولود وليس مخلوق، لأنه من الله جاء وتجسد الكلمة وصار إنسانا، وبعد إكمال رسالته الخلاصية والفداء على الأرض، عاد الى السماء حيث كان سابقا بالكلمة التي عبر عنها الإنجيل أنه الجالس عن يمين الله. أي أنه كلمة الله المعبر عن فكر الله الذي خلق الكون كله بالكلمة .
9 – صلب المسيح وموته : ادعى القرآن في آية يتيمة وحيدة ان المسيح لم يصلب ولم يمت. ولم يؤكد أو يكرر كلامه مجددا رغم أهمية الإنكار وطبيعة تكرار القرآن للآيات بكثرة . وهذا أحد أركان الإختلاف الكبير بين القرآن والإنجيل، وبين الإسلام والمسيحية .
بينما أساس العقيدة المسيحية يعتمد على سر التجسد والخلاص بفداء السيد المسيح للبشرية أجمع بدمه الكريم على الصليب، الذي كان [الذبح العظيم] الذي أشار له القرآن بشكل رمزي. في قصة ذبح النبي ابراهيم لابنه إسحاق .
10 – غرق ابن نوح مع المغرقين
جاء في القرآن ان نوح نادى ابنه ليركب معه في الفلك لينجو، لكن ابنه نوح رفض ولم يركب وبقى مع الناس الآخرين ليعتصم بجبل ينقذه فكان من المغرقين .
” ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين، قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين “
أ- لمن لا يعلم ان نوح وأهله كان يعيش في وسط العراق حيث الأرض سهلة ومسطحة ولا يوجد فيها جبال . فأي جبل كان ابن نوح يعتصم به لينقذه ولا يوجد هناك جبال ؟
ب – في القرآن ان ابن نوح رفض الركوب في الفلك فمات غرقا ولم يعصمه أي جبل .
اما في التوراة وهو المرجع القديم والصحيح لقصة طوفان نوح ، وجاء فيه ان نوحا ركب الفلك مع زوجته وابنائه الثلاثة و زوجاتهم ، ولم يتمرد أحد ابنائه وفضل البقاء خارج الفلك. بعد الطوفان خرج نوح وابنائه سام وحام ويافث من السفينة التي اقلتهم الى جبال أرارات الواقعة بين تركيا وأرمينيا . ولم يغرق احد من ابناء نوح بالطوفان .
فما جاء بالقرآن مخالف تماما لما ذكره التوراة . من رفض أحد أبناء نوح الركوب في الفلك أو في وجود جبل في المنطقة يعصمه من الغرق . وكذلك تأكيد القرآن على غرق أحد أبناء نوح . لم يذكر القرآن أسماء أبناء نوح ومن هو الذي غرق .
الدليل التوراتي لقصة نوح وابنائه هو في الآيات التالية :
” وَكَانَ نُوحٌ ابْنَ خَمْسِ مِئَةِ سَنَةٍ. وَوَلَدَ نُوحٌ: سَامًا، وَحَامًا، وَيَافَثَ.” سفر التكوين 32:5
“فِي ذلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ دَخَلَ نُوحٌ، وَسَامٌ وَحَامٌ وَيَافَثُ بَنُو نُوحٍ، وَامْرَأَةُ نُوحٍ، وَثَلاَثُ نِسَاءِ بَنِيهِ مَعَهُمْ إِلَى الْفُلْكِ.” سفر التكوين 13:7
“وَكَانَ بَنُو نُوحٍ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنَ الْفُلْكِ سَامًا وَحَامًا وَيَافَثَ. وَحَامٌ هُوَ أَبُو كَنْعَانَ.”سفر التكوين 18:9
“وَهذِهِ مَوَالِيدُ بَنِي نُوحٍ: سَامٌ وَحَامٌ وَيَافَثُ. وَوُلِدَ لَهُمْ بَنُونَ بَعْدَ الطُّوفَانِ.”سفر التكوين 1:10
هذه آيات توراتية تدل على ركوب أبناء نوح الثلاثة مع والدهم و والدتهم و زوجاتهم الفلك قبل بدء الطوفان ، وبعد انتهاء الطوفان خرج نوح وأبنائه الثلاثة من الفلك و رزق الأبناء جميعا أولاد و أحفاد .
فكيف رزق الأبناء الثلاثة أولادا وذرية وقد غرق أحدهم في الطوفان كما جاء بالقرآن ؟
نتساءل ان كان القرآن كلام الله . فكيف يتكلم الله بكلام متناقض بين التوراة والقرآن ؟
ما جاء ذكره أعلاه من الأختلافات سيبقى باقيا الى يوم القيامة ساريا، لأن كل كتاب يؤمن به اتباعة بكل ثبات، ولسنا في هذه الأيام مجبرين ان نغيّر عقائدنا بقوة السيف والإجبار حسب رغبة الآخر، كما كان في أيام الغزوات و القتل في القرون المنصرمة، لأن ميزان القوى اختلف والزمن تغير . وما نريده هو ان يعيش العالم كله بأمن وسلام وأخوة مهما كان إيمانه وعقيدته.
صباح ابراهيم

About صباح ابراهيم

صباح ابراهيم كاتب متمرس في مقارنة الاديان ومواضيع متنوعة اخرى ، يكتب في مفكر حر والحوار المتمدن و مواقع اخرى .
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

One Response to اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل

  1. Sene says:

    A few interesting points to add but since i can’t sit down to properly respond to all,let me just point out that Judaism does not count out of wedlock retaliations as a sin,and a child born out of wedlock would not be considered a bastard according to Judaism.
    While some relationships out of wedlock would be consider permissible (but not ideal) and some would be viewed as immoral -in any case the child would not be a bastard unless he is born out of adulatory. This makes it even harder to understand the story.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.