لوحة محزنة من حياة العلامة خير الدين الأسدي

 كان العلامة خير الدين الأسدي من رواد المسرح في حلب. في الثانية والعشرين من عمره وأثناء إخراج مسرحية “استقلال أمريكا” انفجرت كمية من البارود بين يديه مما أدى إلى بتر يده اليسرى. كان لهذه الحادثة أثر كبير على حياته وقد تكون وراء امتناعه عن الزواج. كانت موسوعة حلب المقارنة من أعظم إنجازاته التي أصبحت إحدى أهم الجواهر في تاج خلود حلب الحبيبة. كان الأسدي جريئاً في حواراته وفي عملية توثيق تراث حلب اللامادي مما سبب له الكثير من المتاعب. أنسخ فيما يلي لوحة من لوحات معاناته التي أوردها في الموسوعة:
[من لوحاتهم]: بل من لوحاتي أنا:
طلعت مالقهوة الساعة التاسعة في ليلة ٥ حزيران وفيها خنقت الأنوار وراي أنا عالبيت، أشْ أشوف لك؟ ياخاي أشوف جنزير من عشرين شب انضرب حوالَيْ، وهادا عم بضحك عليْ وهداك عم بقول: شوفو دقنو، وهداك عم بقول: وبا يطرقو، وغيرو عم ببزق علي وغيرو وغيرو. وما خلّوا في قاموس المسبات الوسخة شي إلا قالوّا، وبستحي أنا اسمّع قارئ كتابي ياها. ومنن هالشباب اللي عمرن بين ١٨ و ٢٤ سنة.
والتفوا هالشباب حولي وقدّم منن واحد ونزل بإيدو على راسي، وتقدمت أنا ومسكتو من ياقة كترتو وقلت: جيب قوة تخلصك من إيدي. ورفقاتو لاحظوا أنو أنا حطيت الموت بين عينَي، وهجموا ناس يشدوه وناس يشدوني، حتى يخلصوه من بين أيدي، ورئيسن اللي عمرو ٣٥ سنة عم بيعطي أوامر بالإسراع قبل ما يعدّي ناس وينصروني أو قبل ما تعدّي الشرطة. وبنتيجة هالشد طلعت خيوط كترتو بأيدي المبللة بالدم، هي وراسي ووچي وجسدي، وهرّبوه وتفرطعوا.
صحت أنا ولَك عشرين تنين وعشرين على واحد، و لك وين المروّة وين؟ وعشرينكن شباب على واحد سبعيْني عار عليكن لو تعرفوا العار، عشرينكن بإيدتين على واحد بإيد واحدة، يخْسْ ناموسكن لو في ناموس.
ورحت وما اشتكيت، اشتكي؟ ليش أناالمْبَخوَش جسدي مالحرب بهاب شويّة قلاّيين فلافل وكلاب الشارع.
ومن عزم الشد صار معي فتق واشتد وساويت عملية، وأنا طالع مالمستشفى بعد أيام كان غيرن عم بستناني عباب المستشفى وعم بسمّعوني: كوه المقطوعة إيدو، مامات، يفضح لاشتو بسبع أرواح.
حكيت لخالتي العجوز هالشي اللي صار معي، قالت: صار معك متل ما صار مع أمك في الحمام وأنته ابن سبعة وهلّق ابن سبعين.
اسمعن هلّق أش عم بصرحوا لدفتر نشاطن، كل سطر لناس منن:
_استنينا الأسدي ولما عدَّى انفجرنا بالضحك.
_ما بنسى أنا وأهل بيتي كلما عدَّى تحت البلكون منكبّ عليه مي ووسخ.
_أنا عطيتو مكتوب مغلف جوّاتو: إلى أستاذ آخر الزمان اللي أبوه عرص وأمه قح. . . وراح الأسدي وشكاني لمدير جريدة الجماهير.
_نحنه تلاتتنا عبّينا حيطان الحارة بسبو وبهدلتو.
_أنا وابن عمي ماخلّينا خارج في الحديقة العامة وفي حارة الأسدي إلا وعبينا حيطانوإتهامات، لازم تكتب لنا نجمتين.
_أنا واولاد شقفتي شفناه قريب من جامع الشيخ طه ودفشناه وانهزمنا، ولما قام ما طلّع علينا طلّع عالسما.
_أجا الأسدي على فرننا قدام قهوة الجديدة ونقّى رغيفين، أخدناهن من إيدو وقلنالو: هادا مأكول بشر.
_لما كان عم بيعمل ندوة في المركز الثقافي اتفقنا أنا وإخوتي نسألوا عن كلمات من تحت الزنّار.
_رحنا ١٣ . . . على قهوتو (آفامية) خمسة جوا عم بلطّشوه كلام و ثمانية برّا عم بضحكوا عليه، وبعد شوي تغيرنا نحنه والبرانيين وأجا غيرنا وغيرنا.
_أنا وابن خالتي كل ما عدّى قدّام باب اسقاقنا بطلعوا أولادنا الزغار وبصيحوا: أسدي أسدي.
_خواتي التلاتة ترقبوه وقالوا: يَيْ يَيْ هادا هوّه الكلب الأسدي.
_كلما عدّى قدام بيتنا تحت نادي السعد بشْوي منجّمّع ومنقول لو كل مرة مسبات شكل، لكن يا خيّو آخر مرة مشي كم خطوة وبعدا طالع مسدس من جيبو وارتد علينا. نحنة وين كل واحد صار بديرة. .. .
يا أخي إلنا بفخر الكائنات أسوة إذ ضربوه وسبّوه وألقوا عليه الأوساخ وأخيراً تألبوا على قتله فهاجر.

This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.