المجزرة الأخيرة

بقلم: آدم دانيال هومه.

بقلم: آدم دانيال هومه.
يكتب مزاميره بمداد الزهر
يتمرغ في أريج ذاته
ينطلق فوق متن الومض
بعد أن يتعمد في مياه الغمر الأولى
يتنقل ما بين شجرة التوت العابقة
في صحن الدار
وبين غروب الشمس في شتاء المنافي
كعصفور ينام وحيداً في جوانح الصقيع
تتلألأ دموعه في مرآة الغيم
ويتوهج قلبه في رنين الينابيع الثرّة
يحاول إعادة الطيور المهاجرة إلى أعشاشها التليدة
ولكنه
يتعثر بنضارة الحلم المرفرف فوق أسوار نينوى
فيستنجد بآلهة سومر المباركة
يمتطي صهوة ليليت الشموس
ويمخر عباب السماء في قارب الريح
ليرسو على شاطئ دلمون
يدله دوموزي على طريق الأحلام
فيحلق فوق الذرى
ليتأرجح في سرير الضوء
ويلوح من شرفات الغمام
لينعم بظل الله
وهو يدوزن أوتار قيثارة النار
ويقضم تفاحة المطر.


******
كمهرة تسابق الريح
فراراً من أدغال الحرائق
لترى تقاسيم وجهها في مرايا الطفولة
ترسم على الأفق زهرة الضوء
لتتطهر من غبار دروب الليالي المدلهمّة
وتحلق في السماء الموشاة بالحمائم الزاجلة.
******
لكم المجد يا زغاليل آشور
أيها القادمون على صهوات الرياح
تصطادون فراشات النور التي ترفرف
فوق زقورة أور
وتتقيلون تحت ظلال الآلهة
في منأى عن وحشة الأنبياء
لتعود أسراب العصافير التائهة
وتتبارك بوهج سطوعكم
وتستقر على أفنان النجوم المتلألئة
فوق قبور الآباء والأجداد
المنثورة فوق قمم الجبال
وفي قيعان الوديان
التي بدأت ترتعش تحت صهيل وابل الغيث
وتزهر في غياهب الظلمات.
******
أقول لكم أيها الغافلون الواجمون
أقول لكم أيها الواقفون على خط الاستواء
بلا مبالاة
لم تعد لنا هذه الأرض المضرجة بالدماء
لم يعد بمقدورنا استنشاق أريج تراب الوطن الحبيب
لم يبقَ لنا موطئ قدم في هذه الديار الثكلى
فجياد الله تصهل في دماء أبناء الظلام
ونيران الحقد المقدس تتأجج في قلوبهم
فيمتشقون سيوفهم
ويعيثون فتكاً بالبراعم اليانعة
وبالقبّرات العائمة فوق لهيب النار
ودماء آبائنا لم تزل تطفو على صفحات المياه
أمام أبصارنا
ونحن لم نزل نتوشح بريش الحمائم
ونصلي كي يبعد الشر عنا
بينما الشر ينساب كالشيطان بيننا
ونحن غافلون عنه
يشيخ تراب الوطن تحت أقدامنا
نهرب من مخالب الرعب
نهرب من مخالب الرعب دون هوادة
فلم يعد لنا نحن الإخوة في الجراح والويلات
وفي ظلمات ليالي المنافي
نحن الذين تفرّقنا الصلوات
وتجمعنا آيات الأحزان والآلام
نحن الذين تسير جنائزنا معاً
نحن الذين نجونا من الزلزال معا
نحن الذين اجتثت رياح الصحراء جذورنا
إلا
أن نجمع أشلاءنا المبعثرة معاً
ونصمد على مدخل المقبرة معا
ونغني معاً نشيد القيامة
فإما أن نعيش معا
أو نموت معاً
في المجزرة الأخيرة.
******
adamhomeh@hotmail.com

.

About آدم دانيال هومه

آدم دانيال هومه
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.