#يرجى_النشر مقال مهم :: نهاية اللعبة في سورية
في بداية الثورة السورية اجتمع بشار الأسد مع قادة أجهزته الأمنية، وبحضور شخصيات أمنية إيرانية وعراقية، وذلك لبحث إستراتيجية مناسبة لقمع الثورة التي كانت تنتشر بشكل واسع في جميع أرجاء سورية، وقد تسرّب خبر ذلك الاجتماع وتفاصيله من ضمن أخبار كثيرة تسربت بفعل انشقاقات أشخاص من الأطر السياسية والأمنية العليا في مراحل الثورة اللاحقة.
في ذلك الاجتماع، توصّل الحضور إلى إتفاق ينص على ضرورة جعل السنّة في سورية، باعتبارهم محور الثورة ومحركها من وجهة نظر الحضور الذين يغلب عليهم الطابع الطائفي، لا يفكرون بالثورة على عائلة الأسد لمدة قرن قادم، وإذا كان حافظ الأسد قد جعلهم يلعقون جراحهم بعد مجزرة حماة لأربعين سنة، فإن بشار سيجعلهم يخافون من مجرد التفكير بالثورة لمئة سنة قادمة.
وعلى سيرة المئة سنة، كان لافتا ما كتبته بثينة شعبان قبل أيام من أنه يجب أن لا يترك نظام الأسد ثغرة “للإرهابيين” والمقصود الشعب السوري الثائر، لكي يثوروا مرّة أخرى من هنا إلى مئة عام، فيما كتب رجل المخابرات بهجت سليمان، أن بشار الأسد يرسم مستقبل الشرق الأوسط السياسي لمئة سنة قادمة!
وبالعودة لذلك الإجتماع الشهير، والذي لا بد أن الروس كانوا أحد أركانه بشكل من الأشكال، فإن كل الأحداث التي شهدتها سورية بعد ذلك كانت تطبيقاً لمخرجاته، حيث بدأت الحكاية مع قتل كل ناشط مدني ووضع الآلاف منهم على قوائم المطلوبين لدى الأجهزة الأمنية وتسريبها للإعلام كنوع من إرهاب هذه الفئة ودفعها للبحث عن خيارات أخرى وخاصة الخروج من سورية.
وتتوالى فصول الحكاية بعد ذلك، من خلال عمليات الاغتصاب الممنهج وخطف النساء واحتجازهن والقصف العشوائي والجنوني للمناطق السكنية والمجازر المتنقلة، والتي بدأت في البداية في مناطق ما تسمى بـ”التماس الطائفي” لتعمّم على باقي المناطق السورية، ثم بعد ذلك بروز ظاهرة الفيديوهات المسرّبة للإعلام والتي تصوّر عناصر من الطائفة العلوية يقومون بقتل وتعذيب المدنين والعزل والاستهزاء بمعتقداتهم بلهجة علوية واضحة.
غير أن هذه الإجراءات، ورغم قساوتها، إلا أن بيئات الثورة استطاعت استيعابها قدر الإمكان، أو بلغة أدق، التخفيف من حدّتها، عبر تكتيكات معينة والاستمرار بالزخم الثوري، مما دفع تكتل الأسد ورعاته الإقليميين والدوليين إلى الانتقال للخيار ب والذي يتضمن:
1- إسقاط القانون: ورغم هشاشته ومرونته الزائدة لصالح النظام، إلا أن نظام الأسد قام بتعطيل القانون نهائياً، ومن خلاله أصبحت الميليشيات العاملة معه تملك الحرية المطلقة في اعتقال الأفراد وتصفيتهم واحتجازهم، وقد شهدت هذه المرحلة آلاف حالات الإخفاء والتصفية، وطالت أشخاص ليس لهم علاقة بالثورة، وبعض منهم مصاب بخلل نفسي وإعاقات لا يدركون طبيعة الأحداث في سورية، وكان الهدف من وراء ذلك تعميم رسالة على المجتمع السوري أن الجنون هو سيد الموقف وأن مصير أي شخص هو رهن مزاجية العنصر الذي يقف على الحاجز، وكثيراً ما ارتكب هؤلاء مجازر لأن أحد أقرباؤهم او معارفهم قتل في مكان ما، إذا أعطى النظام لعناصره صلاحيات كاملة دون الرجوع لأي جهة بذريعة مواجهة الأخطار بناء على تقدير موقف يجريه العنصر الميليشياوي.
2- إخراج الجماعات المتشدّدة من السجون، و لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل عمدت أجهزة النظام إلى ملاحقة بعض هؤلاء وقتلهم، لإيصال رسالة للبقية أنهم مستهدفون، والغاية دفعهم عنوة إلى تشكيل خلايا لمقاومة النظام، وكان كاتب هذه السطور قد إلتقى مع بعض قيادات الخارجين من السجون وسألتهم عن موقفهم من الثورة وأكد جميعهم أن هذه الثورة لا تعنيهم لأنها رايات عمية وهم يقفون على نفس المسافة منها ومن نظام الأسد، غير أن مواقفهم تغيّرت بعد تكتيكات الأسد التي دفعتهم لتشكيل نويات الكتائب المتشدّدة.
الحكاية بعد ذلك، وبتفاصيلها المريرة، ليست خافية على أحد، حيث بدأ نظام الأسد ورعاته بشن حرب إبادة لا هوادة فيها وقد إكتملت أركان لعبته من فوضى عارمة وتنظيمات متطرفة وعالم يدّعي أنه صديق للشعب السوري لكن بالكلام وضرره أكثر من فائدته حيث أتاح لنظام الأسد بالتبجح عن وجود مؤامرة كونية تبيح له استخدام كل الأساليب للدفاع عن نفسه واستقدام ما شاء من دول ومنظمات لحماية دولته.
كل ما سبق، لم يكن سوى إطار جرى رسمه بدقة، لعبة مصمّمة بمهارة لينجو نظام الأسد من عقاب المذبحة الكبرى بحق السوريين، وليحقق شعار جعل السوريين ينسون الثورة لمئة عام قادمة.
اليوم ينتهي الفصل الأسوأ من هذه اللعبة ممثلاً باقتراب زوال داعش نتيجة تحالف عالمي وليس بجهود نظام الأسد أو إيران أو روسيا، الذين يعتبرون أخر المشاركين فيها بما تطبيق للمثل الشعبي الدارج في بلاد الشام” بعد ما طيّرت الأعشاش قام النذل يتصيّد”، فهل نحن على عتبة انتهاء اللعبة القذرة التي كلّفت ملايين الأرواح وخراب المدن والأرياف واقتلاع الملايين من أرضهم، إعلام الأسد يتغنى بالانتصار، فما هو طبيعة هذا الإنتصار وعلى من؟ هل هو الانتصار في اللعبة المشار إليها؟ قتلنا البشر ودمرنا الحجر وقمعنا الثورة، وها نحن نخرج سالمين! الأرجح أن اللعبة انتهت لكن ليس بالنتيجة التي يتصورها نظام الأسد، قريباً ستبدأ تفاعلات من نوع آخر بالظهور على السطح.
غازي دحمان
المصدر: عربي21
-
بحث موقع مفكر حر
أحدث المقالات
المجزرة الأخيرة
Published by:آدم دانيال هومه** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **
Published by:سرسبيندار السنديكيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟
Published by:علي الكاشمباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراث
Published by:مفكر حردراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.
Published by:آدم دانيال هومه** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني ... غدت ضرورية غربية ودولية **
Published by:سرسبيندار السنديالحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولود
Published by:مفكر حر** كيف بلع نظام الملالي ... الطعم ألإسرائيلي **
Published by:سرسبيندار السندي** كيف يسخر ويضحك صبيان محمد الجدد ... على عقول ألمسلمين **
Published by:سرسبيندار السنديالمسيح في فكر الإسلام والعقيدة المسيحية
Published by:صباح ابراهيممن يوميات إمرأة حلبجية
Published by:مفكر حراسطورة الإسراء والمعراج
Published by:صباح ابراهيمالفيلم الألماني " حمى الأسرة"
Published by:طلال عبدالله الخوري** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
Published by:سرسبيندار السنديفيلم ايطالي عام 1959 عن تدمر والملكة العربية زنوبيا … علامة المصارع
Published by:مفكر حر** أمة الكُورد بين ألإسلام … والتخلف والتعصب والاوهام **
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/10
Published by:علي الكاشأفكار شاردة من هنا وهناك/51
Published by:مفكر حرقراءة متأنية في ديوان (قصائد منزوعة السلاح) للشاعر نينوس نيراري
Published by:آدم دانيال هومه** كيف رتبت أل سي اي ايه … لقاء الصحفي تايكر ببوتين ولماذا ألان **
Published by:سرسبيندار السندي** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/8
Published by:علي الكاشأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح( 18-19 )
Published by:حسن محموديأفكار شاردة من هنا وهناك/49
Published by:مفكر حرالانتخاب
Published by:مفكر حر" الاشياء البائسة" Poor Things
Published by:طلال عبدالله الخوريالأدب النسوي ما بين الإبداع والاستغلال
Published by:اسعد عبد الله عبد عليأفكار شاردة من هنا وهناك/48
Published by:مفكر حرالرب يفضح الأنبياء الكذبة
Published by:صباح ابراهيمأخطار تهدد الحياة على الأرض
Published by:صباح ابراهيمكأس عسل
Published by:عصمت شاهين دو سكيسليلة الآلهة
Published by:آدم دانيال هومهأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح ( 16, 17)
Published by:حسن محمودي** محنة العقل في الاديان ومعضلة كتبها … بالدليل والبرهان **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا قصف نظام الملالي الارعن … مدينة أربيل ألان **
Published by:سرسبيندار السندياوبنهايمر
Published by:طلال عبدالله الخوري** مَن سيُحاسب قادة حماس … على جرائمهم بحق غزة وأهلها **
Published by:سرسبيندار السندياسرار #الموساد عن #العراق - ج 1
Published by:صباح ابراهيمالمرأة بين الماضي والحاضر مسيرة كفاح وتنمية ونماذج معاصرة
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/4
Published by:علي الكاشالقاسم الأيمانيّ المشترك :
Published by:مفكر حرعام جديد..
Published by:مفكر حر** قصة مِيلادِ السيّد المَسِيحْ … العجيبة والفريدة **
Published by:سرسبيندار السندي#محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
Published by:محمد الماغوطأفكار شاردة من هنا وهناك/43
Published by:مفكر حرمن هو يسوع المسيح ؟ - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله-
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
Published by:علي الكاشفاطمة الزهراء و غموض تاريخها
Published by:صباح ابراهيم#نزار_قباني: أيها المسيح العظيم هل تقبل دعوتي إلى العشاء .
Published by:نزار قباني** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
Published by:سرسبيندار السنديهل روح الله هو الله ام جبريل ؟
Published by:صباح ابراهيمأُمة فيها العجب
Published by:عصمت شاهين دو سكيتجاعيد وايجار واتهام
Published by:اسعد عبد الله عبد عليتقاسيم على أوتار الريح
Published by:آدم دانيال هومهالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/1
Published by:علي الكاشالدعاء على المسيحيّين
Published by:مفكر حرأحدث التعليقات
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
- س . السندي on فاطمة الزهراء و غموض تاريخها
- س . السندي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- س . السندي on سورة مريم اقتبست من شعر امية بن ابي الصلت
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on #محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
- Mohammad Al Kassab on ضحايا صدام حسين 7
- ابن الرافدين on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- قثيم بن سنحريب الفيروزي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- مسلم on القرآن زور التوراة والإنجيل
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- قثم بن عبد الات القرشي on هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- طوفان البدروسي on ** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **