لا تطلب الحاجات من غير أهلها

باقة من الورد الجميل لن تعادل أبداً قيمة إبتسامة نابعة من القلب
قدح من الماء الصافي لن يعادل قيمة فكرة منصفة صافيه
معزوفة موسيقية راقيه لن تفعل في النفوس فعل كلمة رحيمه
أما النصيحه فلو طلبت من غير أهلها لأضاعت طالبها

يحكى أنه في بداية القرن العشرين قام مستثمر بلجيكي طامح بزيارة قارة افريقيا , وهناك لاحظ أن الأفارقة قاطبة هم من الحفاة , فخطرت على باله فكرة فتح معمل لصناعة الأحذيه لكي يحصل على مغانم ماليه كبيره من عملية بيع الأحذيه في هذه القارة الحافيه

عاد الى بلاده والفكرة ملحّة على تفكيره ولكن .. كان يحتاج الى خبرة كامله في عملية صناعة الأحذيه , إضافة الى كونه كان يحتاج شريكاً لمعاونته في شؤون المال والإداره

مع الأسف جميع أصدقاء هذا الرجل لم يشجعوه على خوض التجربه بل على العكس سخروا منه , فالبلجيكيون الذين كانوا يحتلون الكونغو كانوا ينظرون الى الأفارقه لا كعبيد ولكن كحيوانات قاموا بفتح ( حدائق حيوانات بشرية ) لها في بروكسل , ولهذا لاموا مواطنهم وقالوا له : هؤلاء عاشوا منذ آلاف السنين حفاة وسيبقون كذلك الى الأبد , ومشروعك سيخسر لا محاله ونرجوك أن لا تورطنا معك بطلبك مساعدتنا .. لماذا تعتقد أن الأفارقه الحفاة سيقبلون على شراء أحذيتك ؟

أخبرهم الرجل أنه ينوي فتح معمله في اثيوبيا , وليس في الكونغو كينشاسا التابعه الى بلجيكا , ولا في الكونغو برازافيل التابعه الى فرنسا , لكنهم نهروه قائلين : الأفارقه هم الأفارقه في كل مكان .. فلا تتهور
إمتثل الرجل الى هذه النصيحة الثمينه من مواطنيه واصدقائه ونسيَّ الفكره

بعد عدة سنوات .. عام 1935 بالتحديد قام مستثمر إيطالي بتأسيس ( شركة أنبيسا للأحذيه ) في أديس أبابا , وكان أول بداية إنتاجها هو 4500 زوج أحذيه في اليوم كانت مصنوعة من الجلد الخالص تباع الى السكان المحليين لكنها سرعان ما حازت إستحسان مشترين أجانب , لهذا تقدم مستثمر غني يدعى ( ماريوس دراكجان ) الى شراء الشركه بثمن عالي في العام 1942 وبقيت تحت ملكيته مدة 33 عام محولة الحذاء الأثيوبي من مجرد صناعة محليه الى صناعة ذات سمعة عالميه

بسبب متغيرات سياسيه في اثيوبيا تم تأميم الشركه عام 1975 , ولكن أعيدت خصخصتها عام 1993 وتنتج حالياً 10 آلاف زوج من الأحذيه في اليوم أغلبها تباع خارج اثيوبيا , مكسبة الحذاء الأثيوبي سمعة دوليه جعلت جميع شركات صناعة الأحذيه الراقيه في العالم تنقل مقرات عملها الى أديس أبابا , لتجعل منها العاصمة الأكبر المتخصصه في صناعة الأحذيه في العالم

إيفانكا إبنة الرئيس ترامب تملك معمل أحذية إيفانكا موقعه في الصين منذ تأسيسه لرخص العمالة الصينيه حالياً تفكر بنقله الى أديس أبابا بسبب سمعة الحذاء الإثيوبي

المستثمر الإيطالي فكر في الجانب المشرق من مشروعه التجاري , ولهذا كانت الأمور تمشي معه على ما يرام , عكس المستثمر البلجيكي وناصحيه الأمناء . اذا كان لدينا إيمان بالتوفيق في شيء فسنتوفق وكل شيء سيمضي بنجاح

About ميسون البياتي

الدكتورة ميسون البياتي إعلامية عراقية معروفة عملت في تلفزيون العراق من بغداد 1973 _ 1997 شاركت في إعداد وتقديم العشرات من البرامج الثقافية الأدبية والفنية عملت في إذاعة صوت الجماهير عملت في إذاعة بغداد نشرت بعض المواضيع المكتوبة في الصحافة العراقية ساهمت في الكتابة في مطبوعات الأطفال مجلتي والمزمار التي تصدر عن دار ثقافة الأطفال بعد الحصول على الدكتوراه عملت تدريسية في جامعة بغداد شاركت في بطولة الفلم السينمائي ( الملك غازي ) إخراج محمد شكري جميل بتمثيل دور الملكة عالية آخر ملكات العراق حضرت المئات من المؤتمرات والندوات والمهرجانات , بصفتها الشخصية , أو صفتها الوظيفية كإعلامية أو تدريسة في الجامعة غادرت العراق عام 1997 عملت في عدد من الجامعات العربية كتدريسية , كما حصلت على عدة عقود كأستاذ زائر ساهمت بإعداد العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية في الدول العربية التي أقامت فيها لها العديد من البحوث والدراسات المكتوبة والمطبوعة والمنشورة تعمل حالياً : نائب الرئيس - مدير عام المركز العربي للعلاقات الدوليه
This entry was posted in الأدب والفن, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.