قصة و حكمة من زياد الصوفي.. 40

 القصة:

خلص أول رمضان و إجا التاني.. يومين قبل ليلة القدر بيطلع اسمي بالأذاعة منشان جهز حالي تاني يوم للجلسة التالتة بالمحكمة العسكرية في حمص..

بدي القلق و وجع البطن لمجرد سماع اسمي، لأنو التجربتين الأولى بالمحكمة كانت بهدلة..قلق كبير عالرغم من تطمينات المحامي الأستاذ نادر أنو كلشي هالمرة مترتب منشان إخلاء سبيلك..

كل الليل و أنا قاعد عم اقرأ اللي حافظو من القرآن الكريم و ادعي يا رب خلصني من هون و تمشي الجلسة متل ما موعود..

الساعة خمسة الصبح كنت جاهز و لابس و ناطر صوت شي حدا من برا يصرخ باسمي و يفتح الباب منشان نمشي..

بذل سلسلة الحديد اللي وصلنا فيها على السجن من قبل سنة، نفس السلسلة و نفس الإهانة مع اختلاف زملاء الذل المربوطين معي بنفس الجنزير كانت الرحلة على حمص..

أطول تلات ساعات بحياتي، لما بديت أسمع من برا السيارة أصوات البياعين المتجولين بحمص، و فرامات السيارة اللي عم تخضنا عند كل اشارة ضوئية..

بتوقف السيارة و بينفتح الباب و بيجرونا لجوا زنزانة المحكمة..

تفاصيل اللي صار جوا المحكمة ما هية حكاية اليوم، رح أرويها بيوم لاحق.. رح أروي اللي صار بعد الجلسة..

خلصت الجلسة.. و ناطر جوا حبس المحكمة لما بيجي الشرطي ليزيع الأسماء و نتائج اللي صار اليوم..

زياد الصوفي..

حاضر..

إخلاء سبيل..

أنا و عم اكتب هالسطور بعدني حاسس بالنشوة اللي صابتني وقت أسمعت هالكلمة..

إخلاء سبيل..شو يعني!!!

يعني بتطلع مرة تانية على سجن تدمر و بتنتظر بريد المحكمة ليوصل لفوق لتنفيذ الحكم..

في حدا بيشتهي يطلع على سجن تدمر؟؟؟

أنا كنت يومها ما مصدق أوصل لهونيك..

بعد تلات أيام تماما، و العيد الصغير كان عالأبواب لما باستلم بريد المحكمة العسكرية بحمص بقلم السجن و بفتح الظرف البني عم دور على إخلاء سبيلي..

ورقتي كانت موجودة هاليوم..

صرت أصرخ بنص القلم قدام كل الشرطة الموجودين: إخلاء سبيل إخلاء سبيل..

ايه الحمدالله عسلامتك، روح ضب أغراضك و يللا ابقا تفرجينا خلقتك..

من طقوس سجن تدمر، الخارج بإخلاء سبيل عليه أنو يزور رئيس السجن قبل ما تنفتح الأبواب بوجهو..

احترامي سيدي..

شو إخلاء سبيل يا صوفي؟؟

ايه سيدي الحمدالله..

بتعرف إذا بشوفك مرة تانية هون ما تلوم غير حالك..

يا أكرم ودعوه.. يللا أنقلع من هون..

التوديعة بسجن تدمر كنت بعرف شو هية نتيجة قعدتي بقلم السجن كل فترة هالسنة..

بيجيب أكرم ماكينة الحلاقة و بيخرطلي شعري عالصفر.. تشويه مو حلاقة، بقع من الشعر باتضل على راسي لما بينفتح باب السجن قدامي لأول مرة من سنة و شهر..

نص كيلومتر هية المسافة اللي لازم أمشيها لحتى شوف طرطيرة تنزلني عمدينة تدمر حتى شوف باص ينزلني على حمص و منها باص تاني لأوصل عاللادقية..

الساعة أربعة بعد الضهر، و مدفع رمضان رح يضرب، و الناس كلها عم اتسكر محلاتها لما وصلت على كراج حمص..

رجال ختيار عم يسكر صالون الحلاقة.. بركض لعندو باسمعو عم يقرأ قرآن هوة و عم يسكر تنك محلو..

دخيلك يا عم .. ما فيني روح عند أمي باللادقية و أنا شعري هيك..الله يوفقك زبطلي ياه..

الله يكسر أيديهون يا ابني، فوت فوت لإحلقلك.. الحمدالله عسلامتك..

الماكينة على راسي و العم الطيب عم يحلقلي شعري، و الله أكبر عم تصدح بموادن جوامع حمص و تلفون العم عم يرن بالصالون..

ايه يا أم عبدو.. خمس دقايق و أنا جاي، إسكبي الشوربة و أحسبي حساب ضيف جاية ياكول معنا..

الحكمة:

ان كنت بعدك عايش يا أبو عبدو الله يطول بعمرك، و إذا فارقت أرفع راسك بين أيدين ربك و قلو أنا حمصي يا مولانا..

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.