غنى النفس

لن نستطيع أن نصنع لأنفسنا مظهراً فخماً بما نملك من مال , لأن المال لا يصنع فخامه , وحدها الحكمة ( اذا كنا نملكها ) هي من ستصنع فخامتنا
ولن نجمل أنفسنا بزخرفتها بشكل مفرط , لكن قلوبنا لو إمتلكت الرحمه , فهي التي ستجمل أجسامنا وعقولنا
تحكى قصة طريفه عن رجل ملياردير حين يتحدث فهو يكاد يبكي من الأسى على نفسه , وهو يردد دائماً : أنا فقير .. أنا معدم !!
سأله صديق : أنت ثري جداً فعلام هذا الهلع ؟
أجاب الملياردير : ملياردير .. ثم ماذا ؟ أنا لا أعلم متى تشتعل النار أو يضربنا الفيضان لتشتعل أو تغرق كل ثروتي
قال له شخص آخر : خطر الفيضان أو الحريق ليس مؤكداً فخفف من هلعك يا رجل .. أنت تملك الكثير
رد الملياردير : هناك أشخاص فاسدون في الحكومه ربما يتحايلون ويضغطون عليّ لأخذ أموالي مني .. لن أكون ثرياً حقاً حتى أمتلك المليار الثاني كي أطمئن على نفسي
فأجاب محدثه : كن منصفاً يا رجل .. فكلما زادت ثروتك إزداد إحتمال سرقتها .. إقنع بما لديك وهو كثير كي لا تخسر كل شيء
أجابه الملياردير : ربما أبالغ في تصور فساد الحكومه .. ولكن عندي أقارب من حولي متحفزون لأكل مالي بأية وسيله .. وكذلك هناك السراق والحراميه , وهناك الإنهيارات في أسواق العمله والبورصه , والأزمه الإقتصاديه العالميه , وهناك الحرب , ولا تدري مع أية كارثة ستحل لتجد نفسك على الحديده كما يقولون , أنا لست آمناً على ثروتي حتى من رجال الدين الذين يطالبوني بدفع الزكاة والقيام ببعض المشاريع الخيريه وهي تكلف الكثير .. الكثير كما تعلم

ضاق الأصحاب بهذا الرجل عندها قالوا له : أتعلم ما هو غنى النفس ؟ غنى النفس ليس بمقدار المال الذي في حسابنا في البنك , ولا بمقدار العقارات والأراضي التي نملكها , ولا بمقدار السندات والأسهم التي نحملها , ولا بمقدار الذهب والفضة اللذين نخزنهما . الثروة الحقيقيه بمقدار ما نوفر لأنفسنا من الراحة والإستقرار .. وأنت غير مرتاح ولا مستقر . هناك من هو أفقر منك آلاف المرات في حسابات الملكيه لكنه يفوقك ثراء روحياً ونفسياً وسعادة في الحياة , انت تخاف من كل شيء وأي شيء على ثروتك ناسياً لو أن قلقك أمرضك وجعلك تقضي نحبك في هذه الحياة فإن كل ثروتك لن تنفعك حتى لو تضاعفت عشرات المرات

العلاقات الطيبه مع الناس , والأوضاع الآمنه للحياة , والأبدان الصحية السليمه , والحكمه والإيمان بالخالق هن علامات ثراء غير معدود في الحياة ولن يؤثر عليهن مقدار ثرواتنا المعدودة نقداً , مهما زادت أو نقصت المعدودات

د. ميسون البياتي

About ميسون البياتي

الدكتورة ميسون البياتي إعلامية عراقية معروفة عملت في تلفزيون العراق من بغداد 1973 _ 1997 شاركت في إعداد وتقديم العشرات من البرامج الثقافية الأدبية والفنية عملت في إذاعة صوت الجماهير عملت في إذاعة بغداد نشرت بعض المواضيع المكتوبة في الصحافة العراقية ساهمت في الكتابة في مطبوعات الأطفال مجلتي والمزمار التي تصدر عن دار ثقافة الأطفال بعد الحصول على الدكتوراه عملت تدريسية في جامعة بغداد شاركت في بطولة الفلم السينمائي ( الملك غازي ) إخراج محمد شكري جميل بتمثيل دور الملكة عالية آخر ملكات العراق حضرت المئات من المؤتمرات والندوات والمهرجانات , بصفتها الشخصية , أو صفتها الوظيفية كإعلامية أو تدريسة في الجامعة غادرت العراق عام 1997 عملت في عدد من الجامعات العربية كتدريسية , كما حصلت على عدة عقود كأستاذ زائر ساهمت بإعداد العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية في الدول العربية التي أقامت فيها لها العديد من البحوث والدراسات المكتوبة والمطبوعة والمنشورة تعمل حالياً : نائب الرئيس - مدير عام المركز العربي للعلاقات الدوليه
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.