شعب بلا ذاكرة

من الغريب ان نجد شعبا بلا ذاكرة مثل الشعب العراقي.
وقد يبدو بوضوح ان لدى هذا الشعب ملايين “الكيكات” الحاسوبية التي تخزن ماتريد دون محاولة اخراجها مهما فعلوا.
ويبدو كذلك ان هذه “الكيكات” تشبه الى حد بعيد وظيفة الشريان الابهر الذي يسمح باستقبال الدم ليمر الى القلب دون خروجه منه.
قبل سنوات قال سعادة دولة نوري المالكي انه سيحل مشكلة الكهرباء خلال 100 يوم،ومرت هذه الايام وماتزال مشكلة الكهرباء مستعصية حتى يومنا رغم ان الشهرستاني وازلام الكهرباء يصرخون بين الحين والاخر بانهم سيصدرون مافاض منها الى دول الجوار.
هناك قانون البنى التحتية المصاب بالشخير المزمن منذ اكثر من سنة.
هناك قانون التقاعد،هناك الغاء امتيازات البرطمانيين،هناك عمال المسطر،هناك الاطفال المشردين،هناك الخريجون العاطلون،وهناك…وهناك.
ولعل اخر ما نساه قصة ابن الشيخ وزير النقل هادي العامري.
هذه القصة التي مرغت راس ورجلين وبطن العراق بمياه المجاري وجعلته اضحوكة للقريب قبل الغريب.
يقال في الامثال العراقية “يريد ياكل بعقلي حلاوة” ويبدو ان الحلاوة انقلبت الى هريسة وتمن مع قيمة ودجاج بالتنور توزع الان وبكرم حاتمي على هذا الشعب القشمر.
نعم،اكلوا بعقولكم حلاوة وزلابيه وداطلي و….و.
لماذا،لانكم شعب بلا ذاكرة ،ولو كانت لديكم بقايا منها لما تركتم المراهق ابن العامري يفعل مافعل.
ستقولون ان هذا الابن مدعوم من ابيه ،وابوه مدعوم من دولة القانون، ودولة القانون ضمنت اصوات اعضاء منظمة بدر،وطز بالذاكرة ياصديقي.
اي ذاكرة تتحدث عنها ياهذا ونحن لاندري متى نموت ،هل حين نخرج في الصباح لكسب الرزق ام في المساء حين نعود الى البيت؟.
نحن نموت ياصديقي كل يوم وانت تتحدث عن مراهق اراد ان يجرب سلطانه وسلطان ابيه على طيارة مدنية.
دعك من هذا ياصديقي البطران وابحث عن الفيتامينات التي تقوي شريانك الابهر ليستقبل دمك الذاهب الى القلب ولا يسمح له بالخروج الا من شريان اخر، وحين تنجح في ذلك ستجد نفسك سعيدا وبلا ذاكرة الا ذاكرة ماراثون طويريج.
شنو ديمقراطية،شنو دولة موسسات،شنو شعب ،شنو بنى تحتية… عمي هذا الزمن مقسوم نصين ،الاول لابن المالكي والثاني لابن هادي العامري.
ترى انت هواية خابص نفسك..عمي صير مثلنا وارفع شعار “انا شعليه” وراح تشوف نفسك مرتاح وتاكل هريسة وتمن وقيمة واذا تريد تركض هاي بقت يمك انت وضميرك.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

فاصل عامري: ذكر هادي العامري حفظه الله لال بدر عقب قصة الطيارة “ان التحقيق مازال جاريا” وين التحقيق عيني ابو حسام ،ًالله يسمع منك ويكون جاريا مثل امطار عبعوب.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.