ذكرى11 -9-

hapytafgirلا أنكر مطلقا أن أحداث 11-9- أو كما نسميه 11 أيلول أثرت بي بشكل كبير جدا ..ٍقبل 14 عشر عاما وفي مثل هذا اليوم من السنة, عُدت من عملي منهك القوى لا أستطيع أن أفتح عيوني من شدة النعاس والتعب حيث أمضيت يوما شاقا ومتعبا جدا, المهم في مثل هذا اليوم وجدت التلفاز مفتوحا على قناة أو محطة عمان ومن دون أن أدري كبست على محطة إسرائيل الثانية فشاهدت برج التجارة العالمي يحترق اثر ارتطام طائرة مدنية به, وكانت هنالك في البداية شبهة حول مرتكبي العمل هل هم إسلاميون أم غير ذلك, وبعد قليل جاءت طائرة أخرى وضربت البرج التوأم المجاور لأخيه المصاب, بعد 15 دقيقة تقريبا, المهم أن كل أوصالي ارتعدت, وأصابتني قشعريرة في دمي وبالذات في رأسي وفي ظهري دامت أكثر من 3 ثلاثة أشهر وأنا أشعر بها, تألمت جدا على مصير الضحايا وعلى العمل الإرهابي الجبان, وقلت في نفسي: كيف بهؤلاء تستقبلهم أمريكيا وتحتضنهم وتطعمهم وتوفر لهم عملا براتب شهري مغري وحياة كريمة وتسمح لهم ببناء معابد دينية يصلون فيها وفي النهاية يقابلون الإحسان بالإساءة على عكس المجتمعات المسيحية.!!.

المسيحية تقابل الإساءة لها بالإحسان لمن يسيء لها, تحسن إلى أعدائها وتحسن إلى منافسيها ومتهميها بالفجور وبالانحلال, المسيحية تُحسن إلى المسلمين الذين يقولون عن دينها بأنه دين مزور…مزيف…مُحرف,تستقبل المسلمين في كل الدول الأوروبية وتسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية ولا تجبرهم على الدخول في المسيحية, حينما تعطي للمسلم لا تقل له عليك بترك الإسلام أولا لكي أعطيك, المسيحية لا تقل للمسلم عليك بترك المسجد والدخول إلى الكنيسة لكي تسمح له بالعمل على أراضيها, هي تعطي للمسلم وتمنحه العمل والحياة الكريمة وحق اللجوء الديني والسياسي غير المشروط نهائيا, وتفتح مدارسها لأبناء المسلمين لكي يتعلموا وفق أحدث وسائل التعليم الممنهجة.

وبمقابل ذلك يقابل المسلمون الإحسان لهم بالإساءة, بينما تقابل المسيحية الإساءة لها بالإحسان, وهذا هو الفرق بين الدين المعتدل والدين المتطرف, هذا هو الفرق بين الدين الذي ينشد العدل والسلام وبين الدين الذي يبحث عن الحرب والدمار, لو أن الإسلام يتخلى عن التطرف وعن الإساءة إلى الأديان الأخرى لكان عبارة عن أفضل دين على وجه الأرض أو لنقل لكان مثله مثل المسيحية المعتدلة التي تحترم من يسيء لها بتوجيه الإحسان إليه على عكس الإسلام الذي يفجر نفسه في البلدان التي تستضيفه وتأويه وتؤمنه من الهلع ومن الخوف وتعطيه حياة كريمة, يحرق علم وأعلام الدول التي تستضيفه يغلق الشوارع من أجل الصلاة, حين يصلي يريد من كل العالم أن يرى دينه وشعائره بينما المسيحي يغلق الباب على نفسه ويصلي دون أن يراه أحد.

متى سيتوقف المسلمون عن توجيه الإساءة لمن يحسنون إليهم؟ متى ستتغير مناهج التربية والتعليم التي تصنع المزيد من الإرهابيين الذين لا يحترمون الديانات الأخرى ولا حتى المعتقدات الأخرى؟ متى سيؤمن المسلمون بأن لكل إنسان مزاجه الخاص وطريقة تفكيره الخاصة وبأنه لا يمكن ومن عاشر المستحيلات جمع الناس كلهم على دين واحد وفكر واحد وعقيدة واحدة نظرا لأن الأمزجة مختلفة والقناعات مختلفة وبالتالي الاختلاف هو سنة الحياة الطبيعية ويجب علينا أن لا نجبر الآخرين بأن يعيشوا حياتهم كما نعيشها نحن, أو بأن يصلوا لنفس الإله الذي نصلي له نحن, الناس أمزجة مختلفة وقناعات مختلفة والتغيير والاختلاف يجب أن نحافظ عليه في وسط مجتمع متعدد الأفكار, يجب أن نتوقف عن مطاردة الآخرين ومحاولة الانتقام منهم لمجرد أن دينهم يختلف عن ديننا أو لمجرد أن يكون مذهبهم الديني مختلفٌ عن مذهبنا, يجب أن تتوقف سلسلة الكوارث من الحرب والدمار وأن يؤمن الجميع بحق الجميع بأن يعيشوا حياتهم كيفما أرادوا, يجب أن نُربي كمسلمين أنفسنا وأولادنا على تقبل الآخرين مهما اختلفت ديانتهم ومهما اختلفت عقيدتهم ومذهبهم.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in الأدب والفن, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.