صراع النفوذ بين تركيا وايران على هذه المنطقة والمناطق المجاورة ليس وليد هذه الحقبة من التاريخ فهو يمتد بعمق التاريخ منذ وجود الامبراطورتين الفارسية والعثمانية .وكلما اشتد الصراع ووصل الى مرحلة الازمة ودق طبول الحرب وخوض المعارك الطاحنة بين الجانبين وفي احيان كثيرة كانت تتم التسويات بينهما على حساب شعوب المنطقة وخاصة الشعب الكردي الذي كان له نصيب الاسد في صراعهم هذا من حيث التضحية به من الجانبين لتحقيق مآربهم وغاياتهم.
ما نشهده الان لا يخرج عن نطاق صراع النفوذ بين الدولتين على حساب الشعوب والدول الاخرى ضمن لوحة عالمية جديدة معقدة من حيث عدد اللاعبين على نفس الرقعة ولكن مازال دورهم محوري وخاصة في سوريا فكل منهما يملك اوراق لا يستهان بها في الساحة السورية فايران موجودة بحرسها الثوري وباسيجها وحلفائها من النظام الى حزب الله اللبناني الى العمال الكردستاني بالاضافة الى الميليشيات الشيعية من كل حد وصوب.اما تركيا فلها حدود جغرافية بطول 850 كم ولديها اكثر من مليوني مهجر سوري وتملك قرار المعارضة السورية من الطائفة السنية المتمثلة بالجماعات والاحزاب الاسلاموية وتتحكم الى حد كبير بتمويلها وتسليحها وهي ممر استراتيجي لدخول الافراد والاسلحة وبعض المعونات الانسانية الداخلة الى سوريا رغم ان الدخول الروسي المباشر في سوريا قد ضيق على تدخلها المباشر والحد من اللعب بشكل منفرد على المنطقة الحدودية وكذلك تجاوز العمال الكردستاني لبعض الخطوط الحمراء التي وضعتها تركيا بمساعدة روسيا والنظام ومن خلفهم ايران لذلك جاءت زيارة رئيس الوزراء السيد داود اوغلو الى ايران لجس النبض ومدى استعداد ايران للتضحية بدور العمال الكردستاني في سوريا مقابل تنازلات تقدمها تركيا في موضوع المعارضة السورية المرتبطة بها ومن ثم امكانية الاتفاق على حلول مرضية للطرفين .ومن هنا يتضح ان تركيا قد باتت مستعدة وجاهزة للتضحية ببعض اوراقها سواء بقطع الدعم او انهاء دور بعض الفصائل من المعارضة او القبول والاتفاق على شكل النظام بما يناسب مصالح طهران وبذلك ستدفع المعارضة ثمن ارتماءها في حضن دولة اقليمية كبيرة لها مطامع ونفوذ داخل سوريا وكان على المعارضة ان تعرف منذ البداية ان الدول ليست جمعيات خيرية مهما كانت طبيعة الانظمة الحاكمة لا يمكن ان تسمح لاحد بتجاوز نفوذها.واذا كان التدخل الروسي وما يقوم به العمال الكردستاني من مسك للحدود قد سارع من الخطوات التركية باتجاه ايران.
واذا كانت ايران بحاجة الان لتفكيك الجبهة المعادية لها وابعاد او تحييد الدور التركي في هذه المرحلة فيجب عليها ان تلبي المطلب التركي الوحيد الذي لا يمكن ان تتجاوزه تركيا والمتمثل بتحيد دور العمال الكردستاني وقطع الدعم عنه وانهاء دوره من على حدودها الجنوبية فهل طهران جاهزة الان ومستعدة ان تضحي باحد اهم اوراقه في سوريا والعراق وفي الداخل التركي نفسه.وهل ما تقدمه تركيا يعادل ما تطالب به من ايران وخاصة بعد التدخل الروسي الذي اصبح كابوس بالنسبة الى تركيا .مع العلم ان اي دور للعمال الكردستاني في شمال سوريا وانشاء اي نوع من سلطة ذاتية قد لا يناسب طهران ايضا على المدى الطويل ولكن في ظل الصراع المحتدم الان كل شيء ممكن وخاصة اذا كانت طهران تفكر بربط لبنان وسوريا المفيدة وبغداد مع طهران.
ومن هنا يجب على المعارضة السورية ان تفكر مليا بمجرد ذهاب السيد داود اوغلو رئيس الوزراء الى طهران الان فان بعض الرؤوس قد اينعت وحان وقت قطافها ووضعها على المائدة سواء اليوم او غد وانها مجرد ورقة على طاولة المصالح والنفوذ وتنتظر دورها لتحترق ومصيرها بعد ذلك مزبلة التاريخ طالما عملت من اجل مصالح شخصية او مصالح دول على حساب وطنها والامثلة كثيرة في التاريخ يجب اخذ العبر منها ولن ينفع الندم بعد فوات الاوان.
وما ينطبق على المعارضة السورية ينطبق على العمال الكردستاني الذي يسير بين حقل من الالغام لا يمكن الخروج منه فغيرهم كان لا يقل شطارة منهم.اللعب مع الاعداء ليست نزهة وخاصة اذا لم تكن محمي من الشعب الكردي في سوريا وتعمل بالضد من ارادته فالشعب الكردي لا يمكن ان يكون الى جانب نظام البعث بعد عقود من الظلم والحرمان .قد نكون مختلفين مع شركاءنا في الوطن على الكثير من المسائل نتيجة للظلم الذي عانيناه ونيجة افعال وتصرفات المعارضة التي لا تقل في بعض جوانبها عن تصرفات النظام وافعاله المشينة وفشلها الى الان في ايجاد خطاب جامع لكل مكونات الشعب السوري سواء القومية او الدينية او الطائفية وارتماء هذه المعارضة في احضان دول اقليمية وابتعادها عن مبادىء واهداف الثورة السورية التي هب الشعب السوري من اجلها من درعا الى ادلب ومن بانياس الى ديريك وعامودا والى السويداء ورغم ذلك لا يمكن للشعب الكردي الا ان يكون الى جانب الشعب السوري فهو جزء اساسي من الثورة السورية على النظام الدكتاتوري وعلى اي نظام طائفي قادم سواء أكان علوي او سني سنناضل من اجل نظام من اجل كل السوريين ولكل السوريين بغض النظر عن قومياتهم او اديانهم او طوائفهم .
اما ثقافة البعث والبعثيين الذي تربوا على انكار ومحاربة الآخر وثقافة التآمر والدناءة فلا مكان لهم في مستقبل سوريا رغم تسللهم الى صفوف المعارضة الاقليمية الهزيلة في غفلة من الزمن فهؤلاء كانوا نكرة وسيبقون نكرة في مسيرة الشعب السوري وكفاحه من اجل الحرية والكرامة .
عبدالقادر عمر
06.03.2016
a.kadir-1959@hotmail.com
-
بحث موقع مفكر حر
أحدث المقالات
كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟
Published by:علي الكاشمباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراث
Published by:مفكر حردراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.
Published by:آدم دانيال هومه** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني ... غدت ضرورية غربية ودولية **
Published by:سرسبيندار السنديالحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولود
Published by:مفكر حر** كيف بلع نظام الملالي ... الطعم ألإسرائيلي **
Published by:سرسبيندار السندي** كيف يسخر ويضحك صبيان محمد الجدد ... على عقول ألمسلمين **
Published by:سرسبيندار السنديالمسيح في فكر الإسلام والعقيدة المسيحية
Published by:صباح ابراهيممن يوميات إمرأة حلبجية
Published by:مفكر حراسطورة الإسراء والمعراج
Published by:صباح ابراهيمالفيلم الألماني " حمى الأسرة"
Published by:طلال عبدالله الخوري** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
Published by:سرسبيندار السنديفيلم ايطالي عام 1959 عن تدمر والملكة العربية زنوبيا … علامة المصارع
Published by:مفكر حر** أمة الكُورد بين ألإسلام … والتخلف والتعصب والاوهام **
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/10
Published by:علي الكاشأفكار شاردة من هنا وهناك/51
Published by:مفكر حرقراءة متأنية في ديوان (قصائد منزوعة السلاح) للشاعر نينوس نيراري
Published by:آدم دانيال هومه** كيف رتبت أل سي اي ايه … لقاء الصحفي تايكر ببوتين ولماذا ألان **
Published by:سرسبيندار السندي** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/8
Published by:علي الكاشأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح( 18-19 )
Published by:حسن محموديأفكار شاردة من هنا وهناك/49
Published by:مفكر حرالانتخاب
Published by:مفكر حر" الاشياء البائسة" Poor Things
Published by:طلال عبدالله الخوريالأدب النسوي ما بين الإبداع والاستغلال
Published by:اسعد عبد الله عبد عليأفكار شاردة من هنا وهناك/48
Published by:مفكر حرالرب يفضح الأنبياء الكذبة
Published by:صباح ابراهيمأخطار تهدد الحياة على الأرض
Published by:صباح ابراهيمكأس عسل
Published by:عصمت شاهين دو سكيسليلة الآلهة
Published by:آدم دانيال هومهأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح ( 16, 17)
Published by:حسن محمودي** محنة العقل في الاديان ومعضلة كتبها … بالدليل والبرهان **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا قصف نظام الملالي الارعن … مدينة أربيل ألان **
Published by:سرسبيندار السندياوبنهايمر
Published by:طلال عبدالله الخوري** مَن سيُحاسب قادة حماس … على جرائمهم بحق غزة وأهلها **
Published by:سرسبيندار السندياسرار #الموساد عن #العراق - ج 1
Published by:صباح ابراهيمالمرأة بين الماضي والحاضر مسيرة كفاح وتنمية ونماذج معاصرة
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/4
Published by:علي الكاشالقاسم الأيمانيّ المشترك :
Published by:مفكر حرعام جديد..
Published by:مفكر حر** قصة مِيلادِ السيّد المَسِيحْ … العجيبة والفريدة **
Published by:سرسبيندار السندي#محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
Published by:محمد الماغوطأفكار شاردة من هنا وهناك/43
Published by:مفكر حرمن هو يسوع المسيح ؟ - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله-
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
Published by:علي الكاشفاطمة الزهراء و غموض تاريخها
Published by:صباح ابراهيم#نزار_قباني: أيها المسيح العظيم هل تقبل دعوتي إلى العشاء .
Published by:نزار قباني** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
Published by:سرسبيندار السنديهل روح الله هو الله ام جبريل ؟
Published by:صباح ابراهيمأُمة فيها العجب
Published by:عصمت شاهين دو سكيتجاعيد وايجار واتهام
Published by:اسعد عبد الله عبد عليتقاسيم على أوتار الريح
Published by:آدم دانيال هومهالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/1
Published by:علي الكاشالدعاء على المسيحيّين
Published by:مفكر حرمباحث في الأدب واللغة/63 الطعام والمطبخ العربي
Published by:مفكر حرأفكار شاردة من هنا وهناك/41
Published by:مفكر حرأحدث التعليقات
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
- س . السندي on فاطمة الزهراء و غموض تاريخها
- س . السندي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- س . السندي on سورة مريم اقتبست من شعر امية بن ابي الصلت
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on #محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
- Mohammad Al Kassab on ضحايا صدام حسين 7
- ابن الرافدين on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- قثيم بن سنحريب الفيروزي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- مسلم on القرآن زور التوراة والإنجيل
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- قثم بن عبد الات القرشي on هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- طوفان البدروسي on ** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية