تركيا وايران (هل اينعت الرؤوس)

abdelqaderomarصراع النفوذ بين تركيا وايران على هذه المنطقة والمناطق المجاورة ليس وليد هذه الحقبة من التاريخ فهو يمتد بعمق التاريخ منذ وجود الامبراطورتين الفارسية والعثمانية .وكلما اشتد الصراع ووصل الى مرحلة الازمة ودق طبول الحرب وخوض المعارك الطاحنة بين الجانبين وفي احيان كثيرة كانت تتم التسويات بينهما على حساب شعوب المنطقة وخاصة الشعب الكردي الذي كان له نصيب الاسد في صراعهم هذا من حيث التضحية به من الجانبين لتحقيق مآربهم وغاياتهم.
ما نشهده الان لا يخرج عن نطاق صراع النفوذ بين الدولتين على حساب الشعوب والدول الاخرى ضمن لوحة عالمية جديدة معقدة من حيث عدد اللاعبين على نفس الرقعة ولكن مازال دورهم محوري وخاصة في سوريا فكل منهما يملك اوراق لا يستهان بها في الساحة السورية فايران موجودة بحرسها الثوري وباسيجها وحلفائها من النظام الى حزب الله اللبناني الى العمال الكردستاني بالاضافة الى الميليشيات الشيعية من كل حد وصوب.اما تركيا فلها حدود جغرافية بطول 850 كم ولديها اكثر من مليوني مهجر سوري وتملك قرار المعارضة السورية من الطائفة السنية المتمثلة بالجماعات والاحزاب الاسلاموية وتتحكم الى حد كبير بتمويلها وتسليحها وهي ممر استراتيجي لدخول الافراد والاسلحة وبعض المعونات الانسانية الداخلة الى سوريا رغم ان الدخول الروسي المباشر في سوريا قد ضيق على تدخلها المباشر والحد من اللعب بشكل منفرد على المنطقة الحدودية وكذلك تجاوز العمال الكردستاني لبعض الخطوط الحمراء التي وضعتها تركيا بمساعدة روسيا والنظام ومن خلفهم ايران لذلك جاءت زيارة رئيس الوزراء السيد داود اوغلو الى ايران لجس النبض ومدى استعداد ايران للتضحية بدور العمال الكردستاني في سوريا مقابل تنازلات تقدمها تركيا في موضوع المعارضة السورية المرتبطة بها ومن ثم امكانية الاتفاق على حلول مرضية للطرفين .ومن هنا يتضح ان تركيا قد باتت مستعدة وجاهزة للتضحية ببعض اوراقها سواء بقطع الدعم او انهاء دور بعض الفصائل من المعارضة او القبول والاتفاق على شكل النظام بما يناسب مصالح طهران وبذلك ستدفع المعارضة ثمن ارتماءها في حضن دولة اقليمية كبيرة لها مطامع ونفوذ داخل سوريا وكان على المعارضة ان تعرف منذ البداية ان الدول ليست جمعيات خيرية مهما كانت طبيعة الانظمة الحاكمة لا يمكن ان تسمح لاحد بتجاوز نفوذها.واذا كان التدخل الروسي وما يقوم به العمال الكردستاني من مسك للحدود قد سارع من الخطوات التركية باتجاه ايران.
واذا كانت ايران بحاجة الان لتفكيك الجبهة المعادية لها وابعاد او تحييد الدور التركي في هذه المرحلة فيجب عليها ان تلبي المطلب التركي الوحيد الذي لا يمكن ان تتجاوزه تركيا والمتمثل بتحيد دور العمال الكردستاني وقطع الدعم عنه وانهاء دوره من على حدودها الجنوبية فهل طهران جاهزة الان ومستعدة ان تضحي باحد اهم اوراقه في سوريا والعراق وفي الداخل التركي نفسه.وهل ما تقدمه تركيا يعادل ما تطالب به من ايران وخاصة بعد التدخل الروسي الذي اصبح كابوس بالنسبة الى تركيا .مع العلم ان اي دور للعمال الكردستاني في شمال سوريا وانشاء اي نوع من سلطة ذاتية قد لا يناسب طهران ايضا على المدى الطويل ولكن في ظل الصراع المحتدم الان كل شيء ممكن وخاصة اذا كانت طهران تفكر بربط لبنان وسوريا المفيدة وبغداد مع طهران.
ومن هنا يجب على المعارضة السورية ان تفكر مليا بمجرد ذهاب السيد داود اوغلو رئيس الوزراء الى طهران الان فان بعض الرؤوس قد اينعت وحان وقت قطافها ووضعها على المائدة سواء اليوم او غد وانها مجرد ورقة على طاولة المصالح والنفوذ وتنتظر دورها لتحترق ومصيرها بعد ذلك مزبلة التاريخ طالما عملت من اجل مصالح شخصية او مصالح دول على حساب وطنها والامثلة كثيرة في التاريخ يجب اخذ العبر منها ولن ينفع الندم بعد فوات الاوان.
وما ينطبق على المعارضة السورية ينطبق على العمال الكردستاني الذي يسير بين حقل من الالغام لا يمكن الخروج منه فغيرهم كان لا يقل شطارة منهم.اللعب مع الاعداء ليست نزهة وخاصة اذا لم تكن محمي من الشعب الكردي في سوريا وتعمل بالضد من ارادته فالشعب الكردي لا يمكن ان يكون الى جانب نظام البعث بعد عقود من الظلم والحرمان .قد نكون مختلفين مع شركاءنا في الوطن على الكثير من المسائل نتيجة للظلم الذي عانيناه ونيجة افعال وتصرفات المعارضة التي لا تقل في بعض جوانبها عن تصرفات النظام وافعاله المشينة وفشلها الى الان في ايجاد خطاب جامع لكل مكونات الشعب السوري سواء القومية او الدينية او الطائفية وارتماء هذه المعارضة في احضان دول اقليمية وابتعادها عن مبادىء واهداف الثورة السورية التي هب الشعب السوري من اجلها من درعا الى ادلب ومن بانياس الى ديريك وعامودا والى السويداء ورغم ذلك لا يمكن للشعب الكردي الا ان يكون الى جانب الشعب السوري فهو جزء اساسي من الثورة السورية على النظام الدكتاتوري وعلى اي نظام طائفي قادم سواء أكان علوي او سني سنناضل من اجل نظام من اجل كل السوريين ولكل السوريين بغض النظر عن قومياتهم او اديانهم او طوائفهم .
اما ثقافة البعث والبعثيين الذي تربوا على انكار ومحاربة الآخر وثقافة التآمر والدناءة فلا مكان لهم في مستقبل سوريا رغم تسللهم الى صفوف المعارضة الاقليمية الهزيلة في غفلة من الزمن فهؤلاء كانوا نكرة وسيبقون نكرة في مسيرة الشعب السوري وكفاحه من اجل الحرية والكرامة .
عبدالقادر عمر
06.03.2016
a.kadir-1959@hotmail.com

About عبدالقادر عمر

عبدالقادر عمر
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.