وزارة تفرح -بعماة- اهلها

كلما اقرأ تصريحا لوزارة التخطيط العراقية اصاب بحالة غضب غير طبيعي واتخيل ان هذه الوزارة ينطبق عليها المثل”البزونة farhatelzahraaتفرح بعماة اهلها”، واتخيلها ايضا تلك العجوز التي تعدت التسعين ولم تجد مايشغل وقتها سوى الجلوس امام عتبة البيت ومراقبة المارة واحصاء كم عدد المعاقين منهم او المخبولين.

وزارة التخطيط في البلدان النامية ،مثل بلدنا،هي التي تقود البلد نحو تطور جميع مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتمأعية وغيرها وهي بالتأكيد ليست مثل وزارة الصناعة التي قال وزيرها قبل ايام ان وزارته عبء على الميزانية.

وزارة التخطيط كالجراح الخبير ،يشخّص المرض ثم يجري العملية الجراحية اللازمة،ولكن وزارتنا تحب النواح واللطم وحتى لاتريد ان تعرف على من تلطم وعلى من تنوح.

المهم تنوح وتلطم فقط.

كانت نسبة الفقر قبل الغزو الامريكي لاتتجاوز 19٪-;—;– وهي نسبة تبدو شبه معقولة في ظل الظروف السياسية المعروفة وتطلع علينا هذه الوزارة الرداحة امس بتصريح تقول فيه ان نسبة الفقر ارتفعت الى نسبة 31٪-;—;– مع انتهاء العام الماضي.

لاداعي لنسأل ماذا فعلت وزارة الندب ازاء هذا الرقم المخيف ولاداعي للقول ان هذه الوزارة جرًّاح بسكينة “عمية”تاركا المريض ينزف دون ان يوقف نزيفه.

ولكن من الضروري على مانعتقد وبدافع من “هبلنا” ان نقول ان رصد هذه النسبة والاكتفاء بالنواح واللطم مع النائحين واللطامين لاينفع ابدا.

سيقول البعض: انك والله لثرثار كبير،كيف تريد لوزارة حالها حال الوزارات الاخرى ان تفرض تعليماتها على بقية الوزارات ورئيس الوزراء لايستطيع ان يقيل عبعوب لأن ثلاثة اقطاب تتعارك على منصبه.

ياثرثار،هذا زمن الفرد المنتمي الى كتلة سياسية متنفذة او عشيرة لها قواعد وحاضنات حتى في المراحيض العامة.

ياثرثار،هذا زمن حذفت من قاموسه كلمات ليست كالكلمات:شعوب،تحرر،حرية،اصغاء الى الاخر،سلام ،أمن،عيد الحب.

ياثرثار،هذا زمن الدولار الذي يقتل الابرياء من اجله،انه ليس زمن الطائفية كما يحلو للبعض ان يلوكها بلسانه بل زمن الدولار.

احرسوا الدولار جيدا وسترون ان الشيعي سيعلن حياده والسني سيقول ولى الزمن الاغبر ولنعد الى حب الوطن.

سترون ايها السيدات والسادة،ان اوكسجين ساكني المنطقة الخضراء هو الدولار وبدونه تنقطع الانفاس وتتشنف آذان من هم خارج الرعيل باغنية”يامن تعب يامن شكا،يامن على الحاضر لكا”.

والان اقرأوا معي ماكتبه احد موظفي العلاقات العامة في هذه الوزارة والذي تخرج ” صحفيا” من اسوأ صحيفة خبرية بالعوراق واذا استوعبتم كلمة مما كتب فارجوكم وافوني بها فمخي اليوم مضروب بنعال صيني:

أعلنت وزارة التخطيط العراقية، عن دراسات علمية جديدة لاحتساب مستوى الفقر في العراق تعتمد على “الأقضية والنواحي” بدلاً من المحافظة، وأكدت أن ذلك سيساعد في بناء “ستراتيجيات جديدة” للمعالجة خصوصاً في المناطق الساخنة، وفيما توقعت زيادة مستويات الفقر في العراق الى 31% خلال شهري كانون الثاني وشباط من العام الحالي 2015، عزت الأسباب الى زيادة معدلات البطالة والنازحين والأزمة المالية التي يعيشها العراق.

وان”الوقت الحالي لا يسمح بإجراء مسح لمستوى الفقر في العراق بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية التي تعيشها البلاد”وان “آخر مسح أجراه الجهاز المركزي للإحصاء في الوزارة هو في نهاية العام 2014 والذي بيّن وصول مستوى الفقر الى 30% لأسباب تتعلق بالنزوح الكبير للعوائل من محافظات الشمال والغربية جراء الأوضاع الأمنية والتي تجاوزت أعدادهم المليونين نازح”.

فهمت فقط ان هناك ثلاثة اسباب لتفشي الفقر:

البطالة وهي اخطبوط الطائفية المقيت والذي لم تستطع الحكومة السابقة واللاحقة الا ان تقف عاجزة ازائه ماعدا طبعا ظهور خبراء الردح في الفضائيات ليقولوا مايقولوه.

النزوح الكبير من المحافظات الساخنة حيث سرقت اموال اعانتهم المصروفة من قبل الحكومة او الامم المتحدة.

خطورة الوضع الامني الخطير الذي لايسمح باتخاذ القرارات المناسبة للتغلب على مشكلة الفقر،وهي مشكلة سيتغلب عليها حزب “قريبا” ان شاء الله.

الخزينة الفاضية ساعدت الى حد كبير في انتشار الفقر،وهذا امر طبيعي فالسيد النائب او الوزير امام خيارين،اما ان يغتني قبل فوات الاوان او يدعي الوطنية وتذهب جهوده مع جريان مياه المجاري في دجلة.

وهو بالتأكيد يختار الحل الاول فالدولار له رنين خاص لايماثله رنين صناجات حمدية صالح.

في آخر لطمية الوزارة تقول ان 40% من طاقات الشعب معطلة.

هل هناك طاقات فعلا لدى هذا الشعب حتى تتعطل ام ان الوزارة تريد حقن الناس بالمورفين المضاد للصحو.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.