هل نزل العراق الى مابعد الهاوية

rodenyبرز على الفيسبوك كتّاب عراقيين حازوا على احترام القراء خصوصا وانهم شاهد عيان لما يحدث في داخل العراق.
كتبوا بصدق وبوعي حاد ولم يزيفوا الحقائق كما يحدث للكثيرين من طفيلي مواقع الاتصال الاجتماعي.
هناك اسماء عديدة وددت لو اشيد بها في هذه المناسبة ولكني خشيت ان يساء فهمي وتنقلب الآية علي.
من بين هؤلاء كاتب قدير هو الزميل “نجدت محمد” فقد غرّد امس قائلا:
(قبل كم يوم التقيت باحد الاصدقاء ،الرجل مهندس ومن ابناء الجنوب وصادف ان صار مدير مشاريع،تكلم عن بلاوي ومصائب بالمشاريع والمنقصات.
احد هؤلاء “الجلاوزة” اتصل به هاتفيا:انت فلان ومن فلان محافظة اطلع من البصرة وما تقدم على اية مناقصة هاي مالتنة كلها ، ناس تأخذ مناصب حكومية مقابل ارقام فلكية وناس تأخذ عقود بارقام فلكية ايضا وغصبا على اكبر راس. وتلفونات تأمر المدير العام الفلاني باحالة هذا المشروع او ذاك الى فلان وناس تجي بجسكارات ومسلحين،وناس تهدد ناس، وكل واحد يجيب اللي يحميه وجسكارات وحمايات وبلاوي. وناس تخلي الآخر يتكلم ويسجلون كلامه ويبتزوه او يسلموه عند اللي تكلم عليه. وناس يسدون قضايا فساد بارقام فلكية تبدأ من نصف مليون دولار فما فوق).
ولم يتحمل الزميل مهدي ذلك فقد ردّ على نجدت:
(خلي انطيك قصة صارت وياي باعتباري صاحب منظمة تعني بالبيئة، قدّمت على مناقصة تشجير الجزر الوسطى والطرق الخارجية بسعر 5 دولار للخارج و 6.5 للأكينو للجزر وبعد التقديم تلقيت تهديدا مباشرا بترك هذه المناقصة (لأن حياتك مو اغلى منها) تركتها واستلوها جماعة مولاي بسعر 36 دولار للكالبتوز و52 دولار للأكينو ،وهسه الجماعة كلها طالعة بالاعتصام.بركاتك مولانا.
بعض الاولاد الملحة لايصدقون ما يحدث ويتساءلون هل هذا فعلا هو العراق الجديد الذي انتقل من الزيتوني الى اصحاب المحابس واللحى؟.
انهما صورتان توجز بشكل واضح حقيقة ان العراق لم يسقط في الهاوية والتي سقط فيها منذ سنوات فحسب ولكنه الآن ينحدر نحو كهف مظلم تنتظره الافاعي السامة والعقارب صاحبة الانياب القاتلة.
المهم ان اولاد الملحة اجتمعوا امس في مقهى “ابو كاظم” وقرأوا على الفاتحة امام جنازة لفت بقماش كتب عليها بالخط الكوفي “لم يعد هناك عراق فقد رحل عنّا بعيدا”.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.