رواية كل شيء هاديء على الجبهة الغربيه

د. ميسون البياتي

ولد الكاتب الألماني إيريك ماريا ريمارك عام 1898 وكان إسمه ( إيريك باول ريمارك ) . عام 1921 قام بتغيير إسمه الأوسط الى ماريا , لكنه شعوريا ً أو لا شعوريا ً كان قد بقي محتفظاً بإسم باول لنفسه , فحين كتب روايته ( كل شيء هادي على الجبهة الغربيه ) كان قد منح إسم باول الى الشخصية الرئيسيه في الروايه : باول بويمر

تصف الروايه الوضاع النفسيه والجسديه الحاده للجنود الألمان خلال الحرب العالمية الأولى وعزوف الجندي عن العوده الى الحياة المدنيه او المشاركة فيها عند العودة من الجبهة الى البيت

نشرت الروايه أول مره في ديسمبر 1928 في صحيفة ( فوسيستش ) الألمانيه , ثم نشرت في كتاب في يناير 1929 . الروايه وتتمتها ( طريق العوده ) كانت من ضمن مجموعة كتب تم منعها في ألمانيا النازيه فيما بعد , وتم إحراق أي نسخة يعثر عليها منها , رغم أنها وخلال 18 شهر من صدورها أول مره كانت قد ترجمت ( مؤكد بفعل فاعل دولي مستفيد ) الى 25 لغه وبيع منها ما يزيد على 2.5 مليون نسخه

عام 1929 تمت ترجمة الروايه الى اللغة الإنكليزيه , وفي عام 1930 تم تحويل الروايه الى فلم سينمائي بنفس الإسم أخرجه لويس ميلستون وقد حصل الفلم على جائزة الأوسكار

تتحدث الروايه عن باول بويمر الجندي الألماني الذي تجادل مع معلمه في المدرسه حول الإنخراط في الجنديه بعد وقت قصير من إندلاع الحرب العالمية الأولى . بعد ذلك وصل باول بويمر الى الجبهة الغربيه هو وزملاؤه في المدرسه وأصدقاؤه وعدد من الشخصيات الأخرى

عند الجبهه تم لقاؤهم ب ( شتاينسلاوس كاتنيسكي ) وهو جندي أقدم منهم كانوا ينادونه بمصغر إسمه الثاني : كات . أصبح كات معلم باول بويمر أثناء القتال في الجبهه حيث عانى بويمر ورفاقه من خطر دائم وأوضاع قذره للحرب مليئة بطين الخنادق ودماء القتلى

على الصفحة الأولى من الروايه , وستظهر هذه الصفحه حتى عند مقدمة الفلم كتب إيريك ماريا ريمارك يقول : هذه الروايه ليست اتهام لأحد ولا اعتراف بشيء ، وهي ليست أكثر من مغامرة , لأن الموت ليس مغامرة لهؤلاء الذين وقفوا معه وجها لوجه . ستحاول الروايه ببساطة أن تكتب عن جيل من الرجال الذين ، على الرغم من أنهم ربما نجوا من القذائف ، لكنهم تدمروا بسبب الحرب

لا تركز الروايه على قصص البطولة والشجاعه , لكنها تعطي رؤيا عن الأوضاع التي وجد الجنود أنفسهم عليها , رتابة الحياة حين يتوقف القتال , الخوف المتزايد من قذائف المدفعيه والقنابل , النضال من أجل الحصول على الطعام , قلة التدريب عند المتطوعين الصغار وهذا يعني أحتمالية أكبر لمقتلهم بسرعه . تشرح الرواية كل هذا بالتفصيل

الذين يقاتلون في هذه المعارك لا اسماء ولا أهمية لهم , الشيء الأهم أن لا يقتلوا او يجرحوا في الحرب , لأن مقتلهم يعني أن الحرب قد خسرت . بالنسبه الى بويمر ورفاقه كانوا احياناً يقاتلون ليستولوا على قطعة أرض لا تزيد مساحتها على مساحة ملعب للكره … لكنهم سرعان ما يعودون الى خسارتها من جديد

بويمر ورفاقه المقبلين الى الحرب من مدارسهم كمتوعين كانوا يعتقدون أن الذهاب الى الحرب ليس أكثر من سفرة مدرسيه يقولون الآن : لم نعد شباب , لم نعد نريد السفر في العالم بسرعة العاصفه , نحن نفر من أنفسنا , نبلغ من العمر 18 عام وبدأنا نحب الحياة والعالم , الحياة والعالم اللذان ينبغي علينا الآن أن نطلق عليهما النار ونحولهما الى أشلاء

عند الأجازه عاد باول بويمر الى مدينته فتعرف على تأثير الحرب على نفسيته . المدينة لم تتغيّر منذ غادرها , لكن باول لاحظ انه هو الذي تغيّر وأنه لم يعد ينتمي للمدينه بل أصبحت بالنسبة له عالماً غريبا ً, وهو معزول عن سكانها . سأله والده ( الغبي المضايق ) أسئلة عن معاناته في الحرب دون أن يعلم بأن إبنه الذي أصبح رجلاً لا يمكنه الكلام عن المعاناة . أحد المعلمين في مدرسته كلّمه عن ستراتيجية التقدم نحو باريس مصراً على أن باول ورفاقه من المتطوعين لا يعرفون عن الحرب شيئاً غير ما يخص قاطعهم فقط وليست لديهم صورة عامة عن مجرى القتال

الشخص الوحيد الذي كانت علاقة باول به جيده هي أمه المريضه , في الليله الأخيره قبل عودته الى الجبهه بقي معها , يتبادلان عبارات الحب والحرص على بعضهما . فكر باول مع نفسه ( آه يا امي كيف سأستطيع الإبتعاد عنك ؟ أنا اجلس هنا .. وانت تضطجعين هناك , لدينا الكثير لنقوله , رغم اننا لا يجوز ابدا ً أن نقوله ) أمه كانت الوحيده التي يستطيع إخبارها بما يعانيه في الحرب , لذلك قرر أن لا يعود الى البيت في أجازاته المقبله

شعر باول بالسعاده وهو يعود الى رفاقه , وتطوع في دورية وقام بقتل إنسان لأول مرة في حياته في معركة بالسلاح الأبيض . راقب الرجل وهو يعاني من الألم لساعات قبل أن يموت . شعر باول بالندم وطلب الصفح من جثة الرجل , وفيما بعد أعترف الى رفيقيه كات وألبرت بما حصل فحاولا تهدئته واخبراه أن القتل جزء من الحرب , بعد ذلك بدأ قصف عنيف للقرية التي تقوم المجموعة بحمايتها , وفي محاولة لإخلاء القرويين جرح كل من باول وألبرت فتم إسعافهما في مستشفى الميدان ثم عاد باول الى وحدته

بوصولنا الى هذه المرحله كانت الحرب قد شارفت على نهايتها والجيش الأماني مندحر , وبرعب راقب بويمر رفاقه يتساقطون واحداً بعد الآخر , مات رفيقه كات الذي علمه عدم الإكتراث للحياة وفي الفصل الأخير من الروايه يعلق بويمر بان السلام قادم سريعاً , لكنه لا يرى المستقبل ناصعاً مشرقاً أو به أمل , شعر أنه فاقد للأمل وأن جيله من الشباب سيكونون مختلفين وغير مفهومين , لكن بويمر حين مات عند نهاية الروايه تأتي التقارير من الخطوط الأماميه وهي تحمل نبأ : كل شيء هاديء على الجبهة الغربيه , هذه العباره هي التي تحولت الى عنوان للروايه

westernfrontmovie

About ميسون البياتي

الدكتورة ميسون البياتي إعلامية عراقية معروفة عملت في تلفزيون العراق من بغداد 1973 _ 1997 شاركت في إعداد وتقديم العشرات من البرامج الثقافية الأدبية والفنية عملت في إذاعة صوت الجماهير عملت في إذاعة بغداد نشرت بعض المواضيع المكتوبة في الصحافة العراقية ساهمت في الكتابة في مطبوعات الأطفال مجلتي والمزمار التي تصدر عن دار ثقافة الأطفال بعد الحصول على الدكتوراه عملت تدريسية في جامعة بغداد شاركت في بطولة الفلم السينمائي ( الملك غازي ) إخراج محمد شكري جميل بتمثيل دور الملكة عالية آخر ملكات العراق حضرت المئات من المؤتمرات والندوات والمهرجانات , بصفتها الشخصية , أو صفتها الوظيفية كإعلامية أو تدريسة في الجامعة غادرت العراق عام 1997 عملت في عدد من الجامعات العربية كتدريسية , كما حصلت على عدة عقود كأستاذ زائر ساهمت بإعداد العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية في الدول العربية التي أقامت فيها لها العديد من البحوث والدراسات المكتوبة والمطبوعة والمنشورة تعمل حالياً : نائب الرئيس - مدير عام المركز العربي للعلاقات الدوليه
This entry was posted in الأدب والفن, يوتيوب. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.