ختيار سمعه ثقيل

oldseaكان عندنا في حارتنا أيام زمان رجل ختيار وكبير جدا في السِن وكان نظره ضعيف وسمعه كمان ضعيف اكثير وكُنا يا دوب نقدر نوصله الرسالة اللي بدنا نحكيها أو نبلغه إياها, وأذكر وأنا ولد صغير كثيرا من النُكات والطرائف التي كانت تحوم حوله ومنها ما كان عبارة عن شائعات ليس لها محل من الصدق ومنها ما كان حقيقة , وقد قيل لي ذات مرة أنه إذا طلب منه أحد أحفاده نقودا كان يعمل حاله سمعه ثقيل وكانوا إذا قالوا له: خذ نقودا, كان فعلا يسمع ويقول:آه…هاتِ.., وفي آخر أيامه روى عنه الناس أنه التقى بشاب صغير في السن فسأل الشاب كعادة الناس , مين إنت ومين أبوك ومن هم أخوالك؟ ثم قال له, هل أنت يا ولدي خاطب عروس؟, فتبسم الشاب وأجابه بصوت خافت ظنا منه أن الختيار سمعه ونظره طبيعي فقال بكل هدوء بعد أن تبسم:

-لا,لا يا عمي الحج, أنا بصراحه مش خاطب وأمي لم تبحث لي بعد عن بنت الحلال.

والختيار لم يسمع جيدا ما قاله له الشاب فهز رأسه وسأله سؤلالً آخر:

-وقديش(كم) إلك خاطب؟ يعني خلي أهلك يساعدوك على شان تقدر تتزوج.

فقال له الشاب, يا حج أظن بأنك لم تسمع جيدا, أنا لستُ خاطبا.

فرد عليه الختيار بسؤالٍ آخر:

-آه…امممم, فهمت, أنت مش خاطب, صح؟ معناته إنت متزوج(متجوز), فقديش إلك متزوج؟

عندها أدرك الشاب أن سمع الختيار قليل وضعيف جدا , فقال له بصوت عالي بعض الشيء.

-: يا حجي أنا لا أنا خاطب ولا أنا متزوج.

فأخذ الختيار نفسا عميقا وأخرج من جيبه علبة السجائر ولف واحدة بين أصابع يديه والصقها بلسانه وهز رأسه وتمتم ببعض الكلمات غير المفهومة ثم سأل الشاب:

-يعني من وين المدله؟ مين دلّك على بيت أهلها؟ أمك؟أم أختك؟أم جيرانكوا.

فنفذ صبر الشاب واقترب من الختيار وقال له بصوت مسموع وعالي جدا:

يا حجي…إفهمني, إسمعني, أنا مش خاطب ولا أنا متزوج, ولا أمي شافتلي إياها, اسمعت؟.

فقال الختيار:

الله يلعن أبو النسوان كلهن, أكيد المشاكل من تحت راس أمها.

فقال له الشاب بعد أن اقترب منه أكثر وفمه على أُذن الختيار: يا حجي…يا حجي…دخيل الله أفهمني, أنا قلت إنها أمي بعدها ما شافتليش ولا أي عروس, أنا عدم ألمؤاخذه ما حكيتش عن أم العروس أنا حكيتلك عن أمي أنا…افهمني, أمي أنا مش أمها.

فقال الختيار: والله إني افهمت عليك, يعني المشاكل اللي بينك وبين مرتك كلها من تحت راس أمك مش أمها, طيب ليش ما تاخذ مرتك وتطلع من عند أمك وتسكن لحالك؟ هذي الأيام ما فيش نسوان زي أيام زمان, اليوم الكَنه والعَمه زي الشحم على النار, وعدم المؤاخذه السُكنه عند دار العم فيها مشاكل اكثيره , فيش بنت اليوم بتقبل تسكن عند دار عمها وعمها وعمتها وسلفها وأخوات جوزها يدخلن فيها على الفوته والطلعه , يا زلمه أسألني أنا عن النسوان, والله مرة(زوجة) ابني سليم كانت ساكنه عندي على الطابق الثاني وما كان حدى يتدخل فيها وعُقب التالي فرضت على جوزها يستأجر ليها دار ويأجر داره على شان تكون بعيده عن عمتها, بالرغم من إنه ما حدى كان يتدخل فيها, حيشاك الله يلعنها ويلعن اللي خلفوها.

فغضب الشاب وضحك في نفس الوقت وقال للختيار: يا دين أبونا على هالنهار!!! بعدين مع هاليوم اللي مثل الزفت!!! يا رجل لا أنا خاطب ولا أنا متجوز, خلص عاد, صدقني إني تعبت جدا, وين العالم والناس؟ما فيش حدى هون يقدر يفهمك؟.

فتبسم الختيار وقال: يا ولدي الحياة كلها تعب في تعب, والله اللي متزوج تعبان واللي مش متزوج تعبان, شو بدك تعمل, على كل حال إذا ما فيش أولاد بيناتكوا كله بهون,والله الأولاد بكسروا ظهر المره(الزوجه) إذا كان جوزها هامل وعاطل, وبكسروا ظهر الزلمه إذا كانت المره(الزوجه) كمان نكديه, وغالبا البنت مثلها مثل أمها, إنت لازم بالأول سألت عن أمها وأبوها.

فاقترب الشاب من الختيار وقال باختصار:

يا رجل أنا مش متزوج وأولاد ما عنديش, بعدين معك؟ افهمني, فرد عليه الختيار وقال: صحيح أنا نظري وسمعي قليل, بس أحيانا بسمع مليح, أنا فاهم عليك, إنت كل اللي بدك تحكيه وتقوله: إنه ما فيش عندك أولاد, طيب ليش؟…, ليش مثلا ما رُحت على دكتور نسائيه شاطر, بحكوا عن دكتور نسائيه شاطر عنوانه في آخر شارع السينما.

فاقترب الشاب من الختيار وصاح بوجهه وقال: يا حجي, والله لا أنا خاطب ولا أنا كمان متزوج,ومن ناحية الخِلفه ما عنديش أولاد, كيف بده يصير عندي أولاد وأنا مش (لست) خاطب ومِش متزوج؟

فقام الختيار من على مقعده وأراد الخروج من الجلسه والنقاش وبعد أن مشى خطوتين تلفت للوراء وسأل الشاب قائلا: يا ولدي, إذا المشكله عندها إصبر عليها, بلكي يعني لعلّ وعسى, وقديش إلك متزوج يعني أكمن سنه؟ فقال الشاب: يا رجل ما فيش لا عندها ولا عندي أي مشكله, فقال الختيار: طيب إذا إنها بنت حلال والمشكله عندك لازم تصبر عليك, أنا بعرف واحد تزوج وبعد عشرين سنه الله إرزقه, وبعرف واحد طلق زوجته بعد 15 سنة من الزواج على شانها ما كانتش تنجب نهائيا, وهي تزوجت بعده من رجل آخر وانجبت , وهو أيضا تزوج من امرأة أخرى وانجب.

فرفع الشاب يديه لله وقال: يا عمي والله ما أنا متزوج ولا عندي أولاد, وكمان مش إملاقي شغل, يعني قبل ما أدور على بنت الحلال لازم كمان تكون عندي وظيفه أشتغل فيها.

فقال الختيار: بعض الناس بتستحي تحكي إذا المشكله كانت عندهم, يعني , هو لو سمحت, يعني ولا تواخذني بالسؤال الأخير, بدي منك جواب نهائي, يعني عدم المؤاخذه: العوق بالضبط ( المشكله) منك ولا منها؟.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.