اختلافات القرآن في خلق الانسان

يقول المسلمون ان القرآن كتاب سماوي وهو من كلام الله اوحى به الى محمد بن عبد الله ، ويصف القرآن هذا الكتاب بقوله : وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيد ٍ) فصلت/ 41- 42
والمفروض ان كتاب الله وكلامه ليس فيه اخطاء ولا تناقضات و لا تختلف آياته مع بعضها البعض ، وكلها تأتي متفقة المعاني مع وحدة المقاصد . ولتأكيد صحة القرآن وعدم وجود اي اختلافات فيه او تناقضات ، فقد وُصِفَ بأنه كتاب لا يقربه شيطان من شياطين الإنس والجن ، لا بسرقة ، ولا بإدخال ما ليس منه به ، ولا بزيادة ولا نقص ، فهو محفوظ في تنزيله ، محفوظة ألفاظه ومعانيه ، قد تكفل من أنزله بحفظه كما قال تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) . فَلَا يَأْتِيهِ مَا يدحضه ويبطله من اي جهة من الجهات ..
كما جاء التحدي الاكبر فيه على شكل اية قرآنية تقول : ” أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ” .

لقد تدبرنا مع كثيرين القرآن فوجدنا فيه اختلافا كثيرا كما سنبين هنا ، فهل يحكم القرآن على نفسه بأنه من عند غير الله ؟
في سورة – المؤمنون 12 : يتحدث القرآن عن المادة التي خلق منها الانسان قائلا : [ ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ]
يفسر الطبري الاية قائلا : ” خُلِقَ الانسان الاول من أديم الأرض ، وقال آخرون بل عنى ذلك ولقد خلقنا (ولد آدم) وهو الأنسان من سلالة وهي النطفة التي استلت من ظهر الفحل ، وهو آدم الذي خلق من طين . ولاندري ماهي علاقة النطفة بالطين ؟
الاختلاف يبدو واضحا في تفسير السلالة بين المفسرين كالعادة . فهل خلق آدم من
1- اديم الارض … ام
2- خلق ولد آدم من نطفة استلت من ظهر الفحل (آدم) الذي خلق من الطين .
سورة الصافات 11: ” فاستفتهم أهم أشد خلقا أم مَنْ خلقنا ، إنا خلقناهم من طين لازب ” . يفسر الطبري معنى الطين اللازب انه لازم ، اي يُلصق باليد . ويفسره ابن كثير : قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك : هو الجيد الذي يلتزق بعضه ببعض ، وقال ابن عباس وعكرمه : هو اللزج الجيد ، وقال قتادة : هو الذي يلزق باليد “… انتهى التفسير .
السؤال هنا : هل هذا الطين اللازب الذي خلق منه آدم يلزق باليد ، ام يلزق بعضه ببعض ام هو من اللزج الجيد ؟
سورة الروم 20 : ” ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم اذا انتم بشر تنتشرون ” .
التراب هو مادة جافة غير قابل للتشكيل ، والطين مادة خليطة من التراب مع الماء وتأخذ القوام اللين ويمكن تشكيلها بهيئة ما .
يفسر الطبري الاية قائلا : ” ان كل موجود فخلقه خِلقَة َ ابيكم من تراب ، يعني بذلك خلق آدم من تراب ، فوصفهم (البشر) بأنه خلقهم من تراب ” .
قال ابن كثير : قال رسول الله (ص) ان الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك . والخبيث والطيب والسهل والحزن (الخشن) وبين ذلك ” .
لاحظ ايها القارئ ان محمدا يشبّه الله بأنسان له قبضة يستخدمها في التقاط تراب الارض بقبضة يده !! والقرآن يقول عن الله ليس كمثله (شئ) … لا تعليق .
في سورة الرحمن 14 : ” خلق الله الانسان وهو آدم من صلصال ” .
يقول المفسرون : الصلصال هو الطين اليابس الذي لم يطبخ . فهو يصلصل كالفخار ، والفخار هو طين يابس وليس لازب .
التعليق : ليس التراب هو فخار ، وليس هو صلصال وليس هو طين لازب يلتزق ببعضه او باليد وليس التراب بالطين اللزج الجيد. كل من تلك المواد لها صفات فيزيائية وكيميائية وحالة تختلف عن الاخرى . فمنه االتراب الجاف و الطين الرطب والطين المفخور والصلصال الغير مطبوخ و الفخار المشوي بالنار . فمن اي مادة من تلك المواد المتنوعة خلق الله آدم ؟
ابن عباس قال : “خلقه من صلصال كالفخار، وهو من الطين الذي اذا مطّرت السماء فيبست الأرض كأنه خزف رقاق ” . اي يصبح كقشرة الارض الرقيقة الجافة بعد البلل . والصلصال هو قشرة الارض اليابسة المتشققة بعد مطر السماء .
تفسير الجلالين : ” خُلق الانسان (آدم) من صلصال طين يابس يسمع له صلصلة اي صوت اذا نقر كالفخار وهو ما طبخ من طين ” .
نتسائل هل خلق الانسان من :
1 – سلالة من طين ، 2- طين لازب ولزج ، 3- تراب الارض اليابس، 4- صلصال كالفخار ؟
اليس هذا اختلافا كثيرا في القرآن ؟
جاء في سورة الحجر 26 : ” ولقد خلقنا الانسان من صلصال من حمأ مسنون ” .
الحمأ المسنون هو الطين الاسود المتغير .
في تفسير الجلالين : ” من صلصال اي من طين يابس يسمع له صلصلة اذا نقر . الحمأ هو الطين الاسود ، المسنون يعني المتغير “.
تفسير ابن كثير : ” الحمأ المسنون اي الصلصال من حما وهو الطين والمسنون هو الاملس ” … كالعادة تباين في التفسيرات بين المفسرين الكبار.
فهل هو طين متغير ام طين املس ام طين لزج ام تراب يابس ؟ اختلف المفسرون كالعادة ، والله اعلم .
يقول الشيوخ انتم لا تفهمون القرآن ولابد من الرجوع لكتب التفسير ، فأن كان المفسرون غير متفقين على تفسير واحد ، فلمن نرجع ومن نصدق ؟
اما ابن عباس فقد خلط كل تلك المواد مع بعضها لترقيع الاختلافات وسد الثغرات في القرآن فقال : ” خلق الانسان من ثلاث : من طين لازب و صلصال وحما مسنون “.
حاول ابن عباس ترقيع الفتوقات الكبيرة وتوحيد التباين في مادة الخلق ، فاصبح آدم مزيجا مختلطا من مواد عديدة كي لا يطعن في مصداقية القرآن والكشف عن الاختلافات والتناقضات التي فيه ، كي لا يظهر انه من عند غير الله .
لاحظ كلام ابن عباس انه يضع حرف واو العطف بين الطين اللازب و الصلصال والحمأ المسنون . اي اصبح آدم خليطا ومزيجا من مواد مختلفة الاشكال والقوام ، منها اليابس والرطب والفخار والصلصال والطين الاسود واللازق اللزج والمتغير الشكل .
لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا .
مع الاسف لم نجد فيه اختلافا قليلا بل اختلافا كثيرا . فمن كتب القرآن ؟ وما مصدره ؟
لقد وجدنا فيه اختلافا كثيرا فهل هو من عند الله ايها القارئ الفطِن ؟
مجرد تسائل .

About صباح ابراهيم

صباح ابراهيم كاتب متمرس في مقارنة الاديان ومواضيع متنوعة اخرى ، يكتب في مفكر حر والحوار المتمدن و مواقع اخرى .
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.