حين يقف التاريخ مدهوشا مابين عبعوب وانجيلا

Gal_jolieنعيم عبعوب الذي حاز على لقب وسيم بغداد مؤخرا يعاني الان من تعب نفسي وعضلي،فقد بذل في الايام الماضية جهودا جبّارة حين شارك الزبالين في تنظيف معظم شوارع بغداد وركز على الزبالة المحيطة بتمثال الرصافي.
وكان ،حفظه الله، يتفقد الاحياء السكنية ويلتقي مع ناسها ويوصيهم خيرا بشوارعهم وحين مرّ على حي الكرادة داخل توقف طويلا ولحد كتابة هذه السطور لم يعرف المقربون سبب ذلك ؤتركوا الامر للقدر فهو خير عارف للاسرار.
بعد الجهد العضلي المبذول شعر عبعوب ان بعض المشاغبين لايريدون له خيرا فهم يتندرون عليه في المقاهي وعند المساطر وداخل سيارات” الكيا” ومن هنا شعر ايضا بتعب نفسي وتوتر حاد ادى الى ان يتصل به مسوؤل كبير جدا امس ويقترح عليه ان يختار البلد التي يريد ليريح نفسه من عذابات الشغل المضني.
وقد سبق ان اقترح عليه مستشاره الخاص بالسفر الى السويد،صحيح ان البرودة شديدة هناك الا ان الجمال هناك يبحث عن الدفء الشرقي وهو خير ” صوبة” لذلك.
استعد عبعوب امس للسفر على حساب خزينة الدولة الفارغة اصلا ولكنهم قالوا له لابأس فالسفرة مدفوعة بكل تفاصيلها والمهم راسك سالم.
في شمال العراق تقف الان انجيلا جولي في احد شوارع دهوك بعد ان علق بعض تراب اربيل في حذائها قبل يومين والتقت هناك بالنازحين ومن بينهم العشرات من الاطفال ،مسحت على رؤوسهم وضحكت معهم وضحكوا معها واحسوا ان الدنيا مازالت بخير.
اعترضتها احدى الفتيات وهي في طريقها الى احد المخيمات لتسألها:
سمعنا اشاعة بانهم لايريدونك ان تزورينا حتى لاينفضح امرهم فقالت لها بالحرف الواحد:
، إن الإعلام والمسؤولين الحكوميين، شغلوها عن لقاء اللاجئين، الأمر الذي دفعها إلى التزام السرية في زيارتها الحالية وان ” جهات عراقية قامت بتهديدها في حالة نقل معاناة النازحين عبر وسائل الاعلام، إن الإعلام والمسؤولين الحكوميين، شغلوها عن لقاء اللاجئين، الأمر الذي دفعها إلى التزام السرية في زيارتها الحالية وان ” جهات عراقية قامت بتهديدها في حالة نقل معاناة النازحين عبر وسائل الاعلام ، وتحميل الجهة الحكومية ( السابقة ) لكونها السبب في ضياع أراضيهم ونزوحهم في مختلف بقاع العراق”.
هل تكذب انجيلا فيما قالته،من المستحيل ان تفعل ذلك فليس لها مصلحة في هذا الكذب الذي هو من واجبات السياسي في كل مكان.
المواطن الاوروبي الكافر لايكذب ابدا لانه يعتقد انه ليس مضطرا لذلك مادام يشعر انه يفعل الصواب في حياته.
لماذا يريدون الا تظهر زيارتها للنازحين امام وسائل الاعلام ؟ الاجابة سهلة،فهناك ملايين الدولارات التي خصصت لاعانة النازحين وجدت من يسرقها منهم في عز النهار ولا احد سأل حتى هذه اللحظة سوى جعجعة هيئة النزاهة بين حين وآخر.
انجيلا لم تشعر بالتوتر ولا الشد العصبي وهي ترى مئات الاطفال والشيوخ يرتعشون من البرد القارص هناك بينما عبعوب يريد الذهاب الى السويد لأنه يحلم بان يكون وسيم السويد مادام مقيما هناك.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.