أين أنت يا مريم!

أين أنت يا مريم؟ أتعجبُ أين ذهب صوتك؟أين هي أغنياتك الجميلة؟أين هي الأرض التي بركتها بقدوم الرب؟أستغرب أين من mailالممكن لي أن أعثر عليك,أين استطيع أن أشتم رائحة أنفاسك؟أين استطيع أن أجد عطرا مثل عطرك ولونا مثل لونك وحكمة نازلة من السماء مثل حكمتك!!أين هم تلامذة الرب,وأين هم المعذبون الذين حمل عنهم المسيح أحمالهم وأثقالهم وأتعابهم؟ أين ذهبت بالليل الطويل والنهار القصير؟ أين من الممكن لي أن أجد النور الذي خرج من تحت قدميك,أين ذهبت ترانيم داوود الحزينة!!من يحيي أورشاليم؟ من يحييني بعد موتي؟ من ينجدني ويخلصني ومن يسمع صوتي, كل شيء غاب في الجلجثة ولم نعد نسمع شيئا ..أين أنت يا بتول؟ لماذا تأخرت علينا بالظهور, نريد منك أن تكرري وأن تحملي لنا بروح الرب من جديد, التاريخ يعيد نفسه وقد كثر في هذا الزمن المعذبون في الأرض, هذا العالم محتاج إليك أكثر من أي وقتٍ مضى, المعركة بين الصقور والحمائم انتهت بهزيمة الحمائم, المعركة بين البسطاء والضعفاء والأقوياء انتهت بهزيمة الضعفاء, لذلك كل الضعفاء والحمائم محتاجون إليك لترجحي كفة الضعفاء على كفة الأقوياء, الكل ينتظر خروجك من صومعتك, الكل ينتظر ظهورك من جديد, سلامٌ عليك يا مريم,سلامٌ عليك يا بتول,سلام على كلمة الرب التي عاشت في أحشائك,سلامٌ على روح الرب التي عاشت في روحك, أين ذهبت بروح الرب التي كانت في أحشائك؟أين ذهبت كل ألحانك وأنت تأنين طوال الليل؟سلامٌ عليك يا قديسة, جئت لنا بالخير العظيم,جئت لنا بالفادي, جئت لنا بالفادي الذي يفدي العالم كله بدمه ولم ولن يفديه أحد, ثم غاب عنا في العالم الآخر, أين ذهبت بتلك الروح يا طاهرة, أين ذهب عنفوانك الشديد؟ ثم أن العفاف غاب عن مجتمعاتنا, فمن أين لنا بقديسة مثلك؟ومن أين لنا في هذا الزمن بامرأة يختارها الله لتحمل روحه في أحشائها!! في هذا الزمن نساؤنا ليست كنساء العالمين, في عالمنا العربي نساؤنا يقتلن ويجلدن ويسبيان ويرجمن وتنتهك أعراضهن وحرماتهن وفروجهن باسم المحافظة على الدين , ممنوعة المرأة في بلادي من عرض فساتينها الجميلة على الناس, ممنوعة باسم الدين من أن تظهر جمالها على الناس, مثلها مثل الحمار تقطع الصلاة وتقطع الأنفاس , والمرأة العربية في كل الدول العربية لا يمكن لها أن تتواجد في بيت الرجل العربي وفي قصائده بنفس الوقت, فالتي تعيش في بيته لا تعيش في قصائده,والتي تعيش في قصائده لا تعيش في بيته, يحلم الرجل العربي بامرأة يتخيلها أمامه ليل نهار ثم يتزوج من امرأة ليست من خياله وليست من أحلامه, والتي تعيش في خيال الرجل لا يقبل بها الرجل بأن تشاركه بيته وأسرته, نحن مقموعون ومراءون وكذابون وخداعون, نخدع أنفسنا ونخدع الناس معنا ..ومن يوم أن ذهبت لم نعد نشعر بوجود العفيفات ولم نعد نحس بوجود العذراوات اللواتي قلوبهن نظيفة , أين ذهبت يا طاهرة؟, في أي بلادٍ سكنت؟ وفي أي أرضٍ تقيمين؟ ولو بحثنا عنك اليوم!قولي لنا:أين نجدك أو أين نجد مثلك؟ جئت بالمخلص الذي خلصنا ولم يخلصه أحد, سلام عليك يا ريحانة الأولين والسابقين واللاحقين والآتين إلينا من حبر العتمة, سلام عليك وعلى البطن الذي حملك,سلامٌ على حملانك الوديعة, وأسرارك العميقة,سلام على الليل الطويل الذي سهرت به وأنت ترعين روحَ الرب, أين هي الآن؟الروح لا تموت بموت الجسد وإنما تذهب إلى عالمٍ آخر قد لا نعرفه حق المعرفة,ومن المؤكد أنك تعرفينه وتعرفين أين من الممكن أن نجد الروح التي حملتيها, لا تخبئي علينا قصتك الطويلة, وقولي لنا من أين نأت بامرأة مثلك؟هذا العالم وهذه النساء في هذا الزمن المتعفن لا تحبل(تحمل) إلا بالأفاعي,وها هي الأرض قد امتلأت بأبناء الأفاعي الذين يسرقون النوم من عيون الأطفال, ويسرقون الخبز من الجياع, ويخرجون إلينا من المعابد والجامعات, هذي هي الأرض قد امتلأت بالظلمة ليل نهار,وها هي الشوارع تفيض بالمجرمين وبالسارقين.

سلام على الشمس التي أضاءت لك الطريق وسلام على الغيمة التي أظلت رأسك,أنت أم لن تتكرر, أودعنا أحزاننا في الروح التي حملتيها, خبأنا مواجعنا فيها, ماذا كان وسيكون شكل العالم من غير الروح التي حملتِ فيها.

سامحينا لأننا في هذا الوقت لم نعرف كيف نقدرك,وكيف نستذكرك في كل صلاة وفي كل خطوة نخطوها, تأخذني الرهبة حين أستذكر أسمك , هذا العالم المملوء بالأشرار لم يعد يستذكر فضلك عليه, لم يعد قادرا على تكرارك عبر الزمن , هذا العالم كله أشرار وجلادون وسفاحون ومجرمون وقتلة ومن النادر في هذه الأيام أن نجد شعبا أو إنسانا فيه مواصفات الرجل الذي حملت به , لم تعد حاجتنا إلى الخلاص مجرد رواية أدبية أو قصة خيالية أو حكاية رمزية, نحن بحاجة إلى الخلاص الأبدي والحقيقي,ومحتاجون اليوم إليك لتعودي ولتحملي لنا بروح الرب من جديد , نحتاج إلى عذراء مثلك , تطل علينا من بيت لحم أو من القدس أو من الناصرة أو من أي مدينة من مدن العالم التي ينتشر فيها الظلم والقتل والتعذيب, من أين لنا بامرأة مثلك؟ من أين لنا بكفيل يكفلنا كما كفلك زكريا ,من أين ومن أين!!

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.