يعني معليش مسموح لروسيا تحرق وتبيد وتدمر بس ممنوع يرد حدا عليها

Bassam Yousef
تذكرت هي القصة بعد ما قريت خبر احتجاج روسيا على قيام بعض فصائل المعارضة ( حسب تعبير الجهة الروسية ) بالهجوم على حميميم … يعني معليش مسموح لروسيا تحرق وتبيد وتدمر بس ممنوع يرد حدا عليها.
بزمانو أخدت ساعات تدريس “خارج الملاك” في قرية تبعد عن المدينة شي نص ساعة، كانت المدرسة صغيرة وعدد طلاب المرحلة الاعدادية كلها لايتجاوز الستين طالبا، ولأن بعض الطلبة من قرى مجاورة وينتقلون مشيا فقد قررت ادارة المدرسة أن لايكون في المدرسة الا دواما واحدا، أي أن يداوم كل الطلبة من الصف الأول الابتدائي وحتى الصف التاسع في نفس الفترة.
في أحد الأيام اصطحب مدير المدرسة ابنه الصغير اللي لسا مادخل ع المدرسة برفقته إلى المدرسة، وأثناء الفرصة نزل ع الساحة ليلعب مع التلاميذ، وبعد شوي وإذا به يعود إلى غرفة المدرسين – والتي هي غرفة الادارة أيضا – وهو يجعر ويصرخ ويولول واستنفر المدير والمدرسون والموجه والآذن ومجلس الأمن وقامت الدنيا ولم تقعد، وبعد الاستفسار والتقصي طلع انو هاد الولد بدو يضرب ولد من تلاميذ الصف الثاني لكن التلميذ كان يمنعه كلما حاول ضربه.
التلميذ لم يضربه ولم يشتمه وكل مافعله أنه منعه من ضربه، كان كلما حاول ضربه يمسك يده وينزلها، وعندما عجز الولد المدلل عن ضربه غضب وبدأ بالبكاء والصراخ والولولة.
في غرفة المدرسين وقف التلميذ الذي تبرع بعض التلاميذ بإحضاره، صامتا، كان المدير يجلس وابنه في حضنه يشهق بدمعه ويشرح لوالده كيف كان التلميذ يمسك يده ويمنعه من ضربه ثم يسكت مواصلا نحيبه.
تبرع أحد المدرسين من جماعة “مساحي الجوخ” متوجها للتلميذ بالقول:
– عمو هاد صغير خليه يضربك كف صغير … بس منشان يسكت.
نتر التلميذ كتفيه للأعلى رافضا، فواصل المدرس محاولته:
– ابني.. مارح يوجعك … كف صغير هاد ولد مابيعرف..
رفع التلميذ كتفيه بتحد أكثر وضوحا …
كان ابن المدير يخفض صوت عويله عندما يعاود المدرس محاولة اقناع التلميذ، لكنه ما إن يرى إشارة الرفض التي تعلنها كتفا التلميذ حتى يرفع صوت بكائه عاليا.
كنت صامتا طوال الوقت، فأنا لا أزال مدرسا جديدا لم يمض شهر على قدومي الى المدرسة، ومكلفا من خارج الملاك، لذلك آثرت عدم التدخل.
كان منظر كتفي التلميذ وهو يرفعهما متحديا يثير في نفسي رغبة في ان أحمله على كتفي وأرقص به، كان يعقد يديه أمام صدره ويخفض رأسه قليلا وينظر بعينين متحديتين الى وجه الطفل الذي يجلس في حضن والده.
يبدو أن الحمله الاعلاميه النواحية لابن المدير فعلت فعلها في المدير الذي تنحنح ثم توجه للتلميذ:
– إذا ضربك كف صغير شو بيصرلك آآآ؟؟.
لم يعد السكوت ممكنا، قلت للمدير :
– عفوا أستاذ وإذا ابنك ماضربو شو بيصرلو لابنك ؟؟.
يبدو أن المدير لم يكن يتوقع أن يتدخل أحد، فقال مازحاً:
– مو مستاهلة أستاذ ولد صغير مابيعرف، ماتحملها أكتر ما بتحمل.
قلت له:
– لا يا أستاذ هي بتتحمل كتير … كتير وأكتر ما بتتخيل، يا استاذ انت عم تغلط كتير بحق ابنك وعم تربيه غلط، وعم تغلط كتير بحق هاد التلميذ.
تدخل مسّاح الجوخ قائلا:
– والله يا استاذ طلع صحيح انك من جماعة الشوعية هدول لابيعجبهن العجب ولا الصيام برجب، ليك بحضي سألت عنك بالجامعة وقالولي انك شوعي بس ماصدقت.
لم يطل النقاش طويلا فقد انتهت الفرصة وبدأ المدرسون بالنهوض… وقبل أن ينصرف التلميذ اقتربت منه ثم همست في اذنه:
– برابو حبيبي ما تخلي حدا يضربك أبدا .
لم يطل وجودي في المدرسة … طلب مدير المدرسة استبدالي بمكلف آخر ، الفضيحة أنني عندما خرجت من السجن كان ماسح الجوخ قد أصبح صاحب منصب رفيع يصول ويجول ويحسب حسابه.

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.