واشنطن أبلغت الجربا أنها لا تعترف إطلاقاً بالحكومة المؤقتة

فردريك هوف- مركز مجلس الأطلسي للأبحاث- ترجمة خاصة – كلنا شركاء

أكد الباحث هوف أن الولايات المتحدة أخبرت أحمد الجربا رئيس الائلاف أنها لا تعترف إطلاقاً بالحكومة المؤقتة، ورئيسها المكلف، وأن الحكومة التي تعترف بها الولايات المتحدة هي حكومة بشار الأسد، وقال ” هوف” أن مسؤول أميركي أفاد إن الحكومة السورية المؤقتة ” لا تستطيع فرض تطبيق الأنظمة الخاصة بالمنطة الدولية للطيران المدني أو التزامات المعاهدات البحرية والأشياء المماثلة”.
ويضيف ” هوف” : ( لو كانت السياسة الأميركية مختلفة تجاه سورية لكان هناك اليوم حكومة بديلة تسيطر على المناطق المحررةوتدير شؤونها، بالإضافة إلى جيش مجهز بالسلاح والعتاد بشكل جيد، ولكانت مجموعة أصداقاء سورية اعترفت بتلك الحكومة ووافقت على منحها مساعدات مالية، ولكان بإمكان الحكومة التفاوض في جنيف2 مع النظام لإبعاد عائلة الأسد- مخلوف عن الساحة).
ويضيف: ( نهج الولايات المتحدة وإبتعادها عن تشجيع العتدلين في المعارضة خلق حالة تحالف بين الأسد والجهاديين للإنقضاض بشكل مشترك على أي حكومة مشكلة في داخل سورية، والحقيقة أن الولايات المتحدة لن تلزم نفسها بتشكيل بديل لـ نظام الأسد لأن هذا البديل سيكون بحاجة إلى الدعم المستمر لضمان استمرار).
ويقول الباحث في مركز مجلس الأطلسي للأبحاث : ( لقد أثبت الإعتراف بالإئتلاف الوطني السورية كممثل شرعي عن الشعب السوري في كانون الأول 2012م، أنه خطوة لا معنى لها فقد كان مجرد إعلان لتبرير انعقاد إجتماع مجموعة أصدقاء سورية في مراكش).
ويضيف: ( كان البيان الصادر عن 13 من فصائل المعارضة المسلحة حول رفضهم الائتلاف بمثابة المسمار الأخير في نعش فكرة تشكيل حكومة بديلة في الداخل السوري).
ويؤكد: ( إذا كانت الولايات المتحدة لا ترغب بإنهاء التحالف بين الائتلاف والجيش الحر يجب أن تصر كشرط لعقد جنيف2 على وقف عمليات القتل، وأن يعلن الأسد هدنة، وأن عملية البحث عن بديل لنظام الأسد باتت أصعب من السابق، وأمام إدارة أوباما خياران: إما أن تقف في وجه الفوضى السورية المتزايدة من خلال التركيز على موضوع الكيماوي فقط، أو العمل مع شركائها لتشكيل بديل يحتاجه السوريون بشدة).

النص الكامل
الولايات المتحدة الأميركية لا تعترف بالحكومة المؤقتة السورية
بقلم فريدريك سي. هوف
لا شيء جديد في القول إن أمور المعارضة السورية لنظام الأسد لا تسير على ما يرام، وخاصة المعارضة التي تسعى إلى أن تكون سوريا دولة موحدة دستورية وخالية من الطائفية. وهذا الحال بقي كما هو منذ عام 1970, وظهر بوضوح أكثر منذ آذار 2011. ومؤخراً، قامت الولايات المتحدة بإيصال خبر سيء لرئيس الائتلاف الوطني السوري مفاده إن الولايات المتحدة لا تعترف إطلاقاً بالحكومة المؤقتة ورئيس وزرائها المكلف؛ أما الحكومة التي تعترف بها الولايات المتحدة فهي تلك التي يعمل بشار الأسد كرئيس فيها.
وكما تم الإيضاح للمراسلين في مؤتمر صحفي على خلفية ذلك الخبر، تعاني الحكومة المؤقتة الجديدة من خلل فادح يتمثل في عدم قدرتها على الإيفاء بالالتزامات القانونية لسوريا على الصعيد الدولي. ووفقاً لمسؤول أميركي بارز رفض الإفصاح عن اسمه إن الحكومة المؤقتة “لا تستطيع فرض تطبيق الأنظمة الخاصة بالمنظمة الدولية للطيران المدني أو التزامات المعاهدات البحرية، والأشياء المماثلة” . وعندما سئل حول الطريقة التي استطاعت بها الولايات المتحدة تجاوز هذه العقبة في الحالة الليبية، أجاب المسؤول البارز بأنه لا يدري كيف فهو لم يعمل على الحالة الليبية.
دعونا نتفق على شي يتجاهله المراقبون الخارجيون غالباً في عالم دبلوماسية الأزمة المستمرة دون توقف: يصاب الأشخاص الذين يقومون بالعمل الفعلي بالإنهاك الشديد, ويتفوهون أحياناً بأشياء لا يعنونها. ومن المؤسف أن تستمر الولايات المتحدة بالاعتراف بحكومة نظام غارق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وهذه الحكومة ليست أكثر من أداة تنفيذ لأعمال عائلية قذرة، ومتورطة بشكل كامل بالمجازر اليومية التي ترتكب الآن بدون استعمال السلاح الكيماوي بسبب الضجة التي أثيرت مؤخراً حوله. ولا يمكن تفسير هذا الوضع بعدم قدرة الحكومة المؤقتة للمعارضة على تطبيق لوائح المنظمة الدولية للطيران المدني. وبالتأكيد لا يمكن تفسير ذلك بتفاني النظام في تطبيق التزاماته القانونية. رغم كل شيء, يمثل نظام الأسد حالة بذاتها يجب دراستها في مجال الإجرام السياسي.
لو كانت السياسية الخارجية الأميركية مختلفة تجاه سوريا، لكان هناك اليوم حكومة بديلة تسيطر على المناطق المحررة وتدير شؤون تلك المناطق من الداخل، بالإضافة إلى جيش مجهز بالسلاح والعتاد بشكل جيد ومدرب تدريباً حسناً قادراً على الدفاع عن تلك المناطق استناداً إلى حد كبير على قرار أوباما في تموز 2012 بوقف التعاقد من الباطن لبيع سلاح المعارضة السورية لآخرين. ولكانت مجموعة أصدقاء سوريا اعترفت بتلك الحكومة، ووافقت على منحها مساعدات مالية بالإضافة إلى التعاون معها في شؤون الدفاع طالما أنها من المفترض أن تكون مخصصة لإعادة إعمار البلاد والإصلاح وتحقيق المصالحة وسيادة القانون والمواطنة غير الطائفية في سوريا. كان بإمكان مثل تلك الحكومة أن توفر المتنفس البديل عن نظام الأسد ككيان قادر على الذهاب إلى جنيف كندّ للنظام من أجل التفاوض على حكومة وحدة وطنية من شأنها إبعاد عائلة الأسد ومخلوف عن الساحة وتستمد شرعيتها السياسية من كافة الشعب. هذا ما كان يجب أن يحصل، وهذا ما يجب أن يحصل، وهذا ما لم يحصل حتى اليوم.
عوضاً عن ذلك، يتحمل العالم اليوم جميع التبعات غير المقصودة. هنالك تحالف بين طرفين يعتمد وجود أحدهما على الآخر، وهذان الطرفان هما نظام الأسد من جهة ومن جهة أخرى الجهاديين الذين يدّعون معارضة النظام. ويُدار هذا التحالف بطريقة دقيقة لتهميش البديل السوري الحقيقي عن نظام الحكم العائلي. لقد حصل هذا التحالف على المساعدة. فالعديد من معارضي المنفى، الذين يدعون تبوءهم لمراكز قيادية، لم يتخلوا عن اسطنبول من أجل سوريا نفسها. وفي الواقع، العديد من أولئك المعارضين الذين كرسوا حياتهم للمناورات السياسية عديمة المعنى في المنفى لم يتنازلوا إلى الذهاب إلى غازي عنتاب فقط في سبيل الاقتراب من سوريا. وبعض أولئك الذين تدفق عليهم السلاح والعتاد قاموا في الأحيان بتخصيص مساعداتهم لمقاتلين بأجندة طائفية صريحة. وفي هذا السياق، قامت بعض الجهات المانحة الخاصة من دول الخليج _الطليعة الحقيقية للجاهلية في العالم الإسلامي_ بتمويل سخي لنشاطات مجموعة من “المجرمين” في سوريا والذي يعتبر وجودهم بحد ذاته نعمة لنظام الأسد.
ومن ثم يأتي دور الولايات المتحدة : متضارب ويساوره الشك وعدم الثقة بالذات والغموض، ومفعم بالأمل بأن الذئاب التي تنهش في سوريا ومن يقوم بإطعامهم سيدركون بأنفسهم عدم جدوى الصراع المسلح وضرورة إيجاد مسار سياسي وإنهاء الحرب الباردة، وملاءمة الاتفاق الإطاري حول الأسلحة الكيماوية والذي من شأنه في حال تم تنفيذه بشكل كامل وصادق أن يُخلّص سوريا من غيض يسير جداً من فيض الأسلحة الفتاكة لديها.
يوجد أسباب تثقل على كاهل الولايات المتحدة وتجعلها تنأى بنفسها عن تشجيع المعتدلين والدستوريين السوريين في تشكيل حكومة في سوريا المحررة والاعتراف بها وتنظيم تقديم الدعم لها والمساعدة في الدفاع عنها. ولا علاقة لتلك الأسباب بالجدل القانوني حول قدرة ذلك الكيان على تنظيم حركة الملاحة الجوية أو إصدار الطوابع البريدية.
لنترك جانباً حقيقة أن نهج الولايات المتحدة في الابتعاد عن الشأن السوري سهّل خلق وضع سيقوم به التحالف بين الأسد والجهاديين بالانقضاض في وقت واحد وبشكل مشترك على أي حكومة مشكلة في الداخل السوري. يمكن لهذا الوضع أن يتغير في نهاية المطاف في حال أثبتت الولايات المتحدة استعدادها وقدرتها على تزويد السلاح والعتاد والتدريب للسوريين المستعدين والقادرين على تقديم الدعم والدفاع عن حكومة لجميع السوريين، وفي حال نجاح الولايات المتحدة بإقناع آخرين بنقل مساعداتهم في نفس الاتجاه مع بذل الجهود لتجفيف مصادر تمويل المجرمين.
ولكن الحقيقة الرئيسية هنا هي أن الولايات المتحدة لن تلزم نفسها بتشكيل بديل جدي عن نظام الأسد. قد يكون البديل داخل سوريا، ولكنه بحاجة إلى الدعم المستمر لضمان استمراره وهذا أمر يصعب على إدارة أوباما تنفيذه. لقد أثبت الاعتراف بالائتلاف الوطني السوري كممثل شرعي عن الشعب السوري في كانون الأول 2012 أنه خطوة لا معنى لها فقد كان مجرد إعلان لتبرير انعقاد اجتماع مجموعة أصدقاء سوريا في مراكش. وقد قال الرئيس أوباما أثناء مقابلة جرت في ذلك الوقت إن الولايات المتحدة تعترف بالائتلاف الوطني كممثل شرعي عن الشعب السوري. ولكن الخطوة الطبيعية التالية لم تأتِ أبداً وكان من المفترض أن تكون تلك الخطوة إرسال فريق للعمل مع مجموعة نواة أصدقاء سوريا – لندن 11 لتمهيد الطريق لتشكيل حكومة على التراب السوري قادرة على توحيد لجان محلية لمحاربة النظام والجهاديين.
ليست المشكلة الحقيقية في المتطلبات القانونية التي أُعلم الائتلاف بضرورة تنفيذها لتحصل حكومته المؤقتة على الاعتراف بها عوضاً عن حكومة الأسد. على الأقل موقف الولايات المتحدة معروف. إن البيان الصادر عن 13 من فصائل المعارضة المسلحة حول رفضهم الائتلاف وإعلانهم التمسك بمفاهيمهم الخاصة للشريعة كان بمثابة المسمار الأخير في نعش فكرة تشكيل حكومة بديلة في الداخل السوري. سيبذل اللواء سليم إدريس قصارى جهده لتلافي الضرر الذي سببه هذا البيان ولكنه أمام معركة شرسة. ويزيد شبح مؤتمر جنيف للسلام، الذي تعهد رئيس الائتلاف جربا بدعمه، الوضع تعقيداً. في حال لم يكن التحالف ميتاً بالفعل في وقت انعقاد مثل ذلك المؤتمر، فإن مشاركته في المؤتمر ستقضي على مصداقيته الهشة ما لم تتوقف حملة الأسد الإرهابية بالقصف المدفعي والجوي ضد السوريين في منازلهم. إذا كانت الولايات المتحدة لا ترغب في المساعدة في هذا الانتحار الذي يقدم عليه الائتلاف، يجب أن تصر، كشرط لعقد المؤتمر، على وقف عمليات القتل وأن يقوم نظام الأسد بتطبيق خطوات للتهدئة واتخاذ تدابير إنسانية مشابهة لتوصيات كوفي عنان التي اقترحها قبل مؤتمر جنيف 1 وخلاله وبعد انعقاده.
لقد أصبحت الآن عملية تسهيل إيجاد بديل موثوق وحضاري لنظام الأسد أصعب بما لا يقاس مما كان ينبغي. أمام إدارة أوباما خياران: إما أن تقف في وجه الفوضى السورية المتزايدة من خلال التركيز على موضوع الكيماوي فقط، أو العمل مع شركائها لتشكيل بديل يحتاجه السوريون بشدة. لا شيء في هذا المسعى يتناقض مع مؤتمر جنيف. بل في الواقع إن هذا المسعى مع إيقاف المذابح اليومية التي يرتكبها النظام في حق الأبرياء هو ما يجعل من انعقاد ذلك المؤتمر أمراً ممكناً.

فريدريك سي. هوف، زميل باحث رفيع المستوى لدى مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط التابع لمركز الأبحاث مجلس الأطلنطي.

http://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/us-non-recognition-of-the-syrian-interim-government

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.