لم اتعافى تماما من فقدان اتزانى النفسى منذ حادثة المنيا

Anton Ramsis

السيدة “س” صديقة قريبة جدا لى .
حكت لى ذات مرة أن فأرا ظل يجول ويصول بمنزلها مما سبب لها ضجرا كبيرا فأحضرت له مصيدة وكلها أمل أن تصطاده لتتخلص منه . وكان الحدث السعيد أن الفأر دخل المصيدة بالفعل غير أن السيدة س احتارت فى قتله لأنها رأت فى نفسها أنها غير قادرة على قتل فأر . ففكرت فى نفسها أن تتركه يموت جوعا من تلقاء نفسه . مر يوم ولم يمت الفأر ومر يومان وبدأ الهزال يبدو عليه وهو حبيس لا يقوى على الهرب . ولما رأته السيدة س فى نهاية يومه الثانى فى حالته السيئة تحنن قلبها له فوضعت له طعاما وهى التى كانت عمدت فى البداية أن تتركه يموت جوعا .
انا إلى الآن أخوتى وسادتى لم اتعافى تماما من فقدان اتزانى النفسى منذ حادثة المنيا أن كان هناك شىء اسمه “الإتزان النفسى” . ولا يستطيع عقلى البسيط إدراك كيف أن رجلا بالغا يصوب فوهة بندقيته الآلية نحو رأس طفل ويطلق رصاصة أو رصاصتين فيقتله للتو واللحظة ثم يكررها مع رجل أعزل أو سيدة لا حول لها ولا قوة .
كيف يمكن لفكرة أن تتحكم فى شخص إلى الدرجة التى يفقد فيها “كل” إنسانيته فلا يتبقى عنده أدنى رصيد إنسانى يسمح له بالحياة ؟؟ وماذا يرجى من أنسان فقد انسانيته ؟؟ أو كما قال المسيح : ماذا يستفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر “إنسانيته” أى “نفسه” فهما عندى نفس المعنى .
هل هناك مصريون يعيشون بيننا وصل بهم التوحش إلى تلك الدرجة ؟؟ وهل هم من الكثرة بحيث تتكرر تلك الحوادث بما لا يوحى أن لها نهاية قريبة أو أن لها نهاية أصلا ؟؟ ما هو النص أو من هو الشيخ أو ما هو الهدف السامى الذى يحول إنسانا عاديا إلى وحش دموى يقتل أطفالا ونساء برصاص حى وهو معتقد بشكل ما انه يخدم ربه ؟؟ أين يكمن العيب ؟؟ فى النص أم فى فهم النص أم فى نية الشيخ الذى يشرح ويعلم أم فى سذاجة المتلقى ؟؟ وحتى لو افترضنا أن العيب هنا أو هناك … كيف يصل الأمر إلى القتل البارد المجرد تماما من الإنسانية ؟؟
تلك الرصاصات اخترقت ضفاف النيل وطين الوادى وزرع الدلتا واخترقت القلوب النبيلة أيا كان أصحابها أين يسكنون وبم يدينون واخترقت المستقبل الذى اعتدنا أن نصفه بالمستقبل المشرق فأطفأته وجعلته مظلما .
لا احتياطات أمنية ولا بوابات الكترونية ولا جيش ولا أجهزة استخبارات حديثة ستمنع فكرا حول أصحابه إلى وحوش تعتبر القتل طريقا إلى السماء .
من المؤلم جدا ونحن نتمسك بأهداب الأمل فى وطن يحفظ كرامة كل أبنائه أن يحدث هذا فتتلاشى من بين أيدينا بقايا الأمل ….. توقعاتى ليست جميلة أيها السادة …. فأنا اتوقع ان ايقاعا جديدا سينظم حوادث قتل الأقباط واستهدافهم وان إعداد الضحايا التى هى فى دائرة العشرين والثلاثين والأربعين ستكون أرقاما عادية وان مزيدا من قلة الحيلة والصمت سيفرض نفسه على الشارع المصرى .
أقبلوا اعتذارى جميعا أخوتى وسادتى .

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.