قصة و حكمة من زياد الصوفي 36

القصة:

سمعت صوتها عم يصرخ و الدموع خانقتو: خليني شوفو الله يوفقكون، لوين آخدينو؟؟

على سجن تدمر لينطر محاكمتو..

كان فيني مد راسي من سيارة الزيل و سلم عليها بس خفت يصرلها شي لما اتشوف ابنها مربوط مع مجموعة من الخونة بسلسلة حديدية وحدة و الخوف من فكرة التحويل لسجن تدمر مسيطرة على كل تفاصيل وجهو..

الحاج أبو احمد الله يطول بعمرو عم يهدي والدتي على باب سجن البولوني و هية عم تراقب سيارة السجن عم تنقلني لسجن تدمر..

الطريق طويل و السيارة مليانة بشباب قاسمهم المشترك هوة الخوف من المجهول اللي ناظرهون..

عالطريق بتمر السيارة صوب مقر الفرقة 18 اللي عملت فيها دورة الأغرار..مفرق قرية المظهرية بحمص، باتطلع من الشباك بركي بشوف حدا من أصدقاء السلاح يجي يفيقني من هالكابوس..

ساعتين و شوي و أفكار كتير سودا استمرت الرحلة.. شب واقف صوبي ما قدر يتحمل و يمسك حالو، بال بتيابو من شدة خوفو و تحت مرأى و مسمع كل اللي معو..

منوصل على طريق طويل بنهاية الرحلة، طريق ما بيحيطو شي.. بنهايتو سور عظيم و بوابة هائلة..

بتدخل سيارتنا على قرقعة أصوات الباب القديم اللي عم ينفتح، و مع أصوات الشرطة العسكرية المنتشرين بساحة ادارة السجن..

من وين جايبنين هالحيوانات؟؟

من البولوني سيدي..

ناقصنا قمل بالسجن!!! فتشوهون منيح و رشوهون بالدوا..

هاد كان أول حديث مدني بسمعو بعد صوت أمي الباكية..

أنا و عم اتطلع بحيطان سور السجن الرمادية، كانو عم يوقفونا بحلقة مستديرة للتفتيش..

أشلحو بالزلط يا ولاد الكلب..

ثواني كنا شالحين متل ما الله خلقنا و مقابل كل سجين واقف شرطي بعرقيتو الحمرا و روسية على كتفو و عصاية خيزران بأيدو عم يفتش تيابنا..

الشب اللي بال تحتو بالسيارة، بيجي بنطلونو المبلل بأيدو للشرطي..

يا أخو الشرموطة جايب نشحك معك!! و بلش ضرب فيه بالخيزرانة..

بتخلص حفلة التفتيش، و بيجي الأمر التاني مع ضحكة من المساعد المناوب:

مخلووووووووطة..

ما فهمت شو معناها لشفت العناصر عم يحملو التياب و يزتوهون بشكل عشوائي و يخلطوهون ببعض..

معكن دقيقة اتجيبو تيابكن و ترجعو توقفو بالصف..

الكل ركض يجيب اللي بيقدر عليه، حصتي كانت كيلوت مليان نشح و بلوزة ريحتها باتفطس..

صف مساجين ماشيين عراة بين ساحات السجن محاوطين بالعسكر و هنن آخدينا عالحمام..

كل واحد بأيدو صابونة عسكرية و ليفة عم يليف اللي واقف قدامو بالصف.. و معنا 30 ثانية لنشيل الصابون من عاجسامنا تحت حنفية مي عم تغلي من كتر مو سخنة..

رشوهون لهالجربانين..

أمر تاني طلع و بلشو بلحظتو بالتنفيذ.. مواد كيماوية لهلأ ريحتها بأنفي، كفيلة تقتل بني آدم مو القمل بس..

الأمر التالت بيطلع: يللا يا ولاد الكلب البسو عليكن، و الحقوني..

عباب ساحة كبيرة مليانة غسيل منشور وقفونا: يللا رحبولنا فيهن لهالكلاب..

بتبدا الخيزرانات و المسبات تنزل علينا و نحنا محشورين بحيط حمام الغسيل من ورانا، و العسكر اللي عم يضربونا من قدامنا..

نصيبي من الترحيب كان خيزرانة وحدة على كتفي اليمين، و اتنين على فخدي اليسار..

بيخلص هالنهار بأمر أخير: يللا حاجتن، ضبوهون..

بطانية بكل أيد و وعد ببكرة ما بينسى..

هاد كان أول يوم إلي بسجن تدمر، و أول حلقة من سلسلة حلقات لحوادث صارت معي جوا هالسجن..

الحكمة:

إنكتب عالسوري يموت و هوة عم يعلي حضارة ليفتخر فيها، راح انسجن جوا أسوارها..

 

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.