عفوا يا د. طيب هؤلاء الأزهريون من قادة الإرهاب

محمود الشهاوي: الدستور

القائمة تضم عمر عبدالرحمن وعبدالله عزام وأبوأسامة المصرى وأبوربيعة ومحمد سالم رحال وزعيم «بوكو حرام» النيجيرية

كان الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يتحدث إلى سفير أستراليا المعنى بمكافحة الإرهاب، بولى فولى، أمس الأول، حين أكد أن «مناهج الأزهر التى تربى عليها كبار علمائه لا تعرف إلا التسامح والاعتدال، بدليل أن قادة الإرهاب لم يكن من بينهم أزهرى واحد».

لم يوضح بيان الأزهر الصادر عقب اللقاء -الذى حضره سفير أستراليا فى القاهرة، نيل هو كنز- مناسبة التصريح، وما إذا كان الضيف الأسترالى قد ألقى «كرة النار» فى ملعب الإمام ليدلى الرجل بتصريح يتجاوز كل الحقائق.

بدا من التصريح انزعاج الإمام من دعاوى مراجعة ما يدرس فى الأزهر الآن، فوصل برده إلى أقصى مراحل التطرف.

لنبدأ بالجزء الأول من التصريح أن «مناهج الأزهر التى تربى عليها كبار علمائه لا تعرف إلا التسامح والاعتدال».

كنت قد اشتبكت مع هذا الملف مع اشتداد موجة العنف بين طلبة الأزهر فى أعقاب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى بدرجة حيرت الجميع.

كانت الأصوات تتعالى لتطلب من الأزهر دورًا فى مواجهة الإرهاب بالجامعة غير أن أحدًا لم يصل «وقتها» إلى أصل المشكلة، أن بعض المناهج التى تدرس للطلبة تحرض على العنف، وتدور حول قضايا تخص سكان «العصور الوسطى»، من بينها حكم أوانى الذهب والفضة، وشروط الاستنجاء بالحجر، والموقف من الإماء والرق والعبيد، وتطبيق الحدود على غير المسلمين.

بقراءة سريعة لما يدرسه طلاب الأزهر فى مراحل التعليم المختلفة يمكن أن تعتبر بعضهم ضحايا ما درسوه، فطلاب المذهب الحنفى يدرسون كتاب «الاختيار لتعليل المختار» تأليف عبدالله بن مودود، المولود بالموصل سنة ٥٩٩ هـ، وطلاب المذهب المالكى يدرسون كتاب «الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك» تأليف أحمد بن الدردير، المولود سنة ١١٢٧ هـ، وطلاب المذهب الشافعى يدرسون كتاب «الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع» تأليف الخطيب الشربينى المتوفى سنة ٩٧٧ هـ، وطلاب المذهب الحنبلى يدرسون كتاب «الروض المربع بشرح زاد المستـنقع مختصر المقنع» لمنصور البهوتى، المولود عام ١٠٠٠هـ.

لنتوقف أمام كتاب «الروض المربع بشرح زاد المستنقع»، وهو مقرر فى مادة الفقه لطلاب المذهب الحنبلى بالمرحلة الثانوية فى المعاهد الأزهرية، ويقع فى 7 أجزاء.

يفرد الجزء الأول من الكتاب مساحة كبيرة للحديث عن «الاستنجاء»، وكيفية الجلوس عند قضاء الحاجة، وحكم جلد الميتة، ووجوب الختان، وحكم «تنشيف» الأعضاء من ماء الوضوء، وضرورة الوضوء بعد أكل «لحم الإبل» لأنه يورث «قوة شيطانية»، وتحريم تصوير الحيوان فهو «حرام وكبيرة»، وعدم جواز الصلاة فى ثوب به تصاوير، وأن الصلاة تبطل بمرور كلب أسود لأنه شيطان، وأن أقصى مدة للحمل هى أربع سنوات.

فى الجزء الرابع (ص ٣٠٤ وما بعدها) يتحدث الكتاب عن العلاقة بين المسلمين و«أهل الكتاب» تحت عنوان «باب عقد الذمة»، حين يذكر أن: «العلاقة بين المسلمين وأهل الكتاب يتم ترتيبها بحسب عقد الذمة، ومعنى عقد الذمة إقرار بعض الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية، والتزام أحكام الملة والأصل فيها قوله تعالى: (حتى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)، ويعقد عقد الذمة لـ(المجوس وأهل الكتابين اليهود والنصارى) على اختلاف طوائفهم، ومن تبعهم فتديّن لهم بأحد الدينين كالسامرة والفرنج والصابئين لعموم قوله تعالى: (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ ).

ويُعرِّف الكتاب «الجزية» بأنها: «مال يؤخذ منهم على وجه الصغار كل عام بدلاً من قتلهم وإقامتهم بدارنا».

وتحت عنوان: «فصل فى أحكام أهل الذمة» يقول الكتاب: «ويلزمهم الإمام بالتميز عن المسلمين بالقبور بألا يدفنوا فى مقابرنا، بل ينبغى مباعدة مقابرهم عن مقابر المسلمين، وكلما بعدت كان أصلح، والحل بحذف مقدم رؤوسهم (أى حلق مقدمها، بأن يجزوا نواصيهم) لا كعادة الأشراف، ونحوشد زنار ولدخول حمامنا جلجل (الجرس الصغير، الذى يجعل فى الأعناق، وغيرها، والجلجلة صوته) أو نحو خاتم رصاص برقابهم ليتميزوا عنا فى الحمام (أى أن الذمى إذا أراد دخول حمام المسلمين فيجب عليه ربط جلجل وهو الجرس الصغير على رقبته حتى نستطيع تمييزه عن المسلم)، ولا يجوز لهم جعل مكانه صليب، لمنعهم من إظهاره، ويلزمهم التميز عنا بكناهم، وبألقابهم، فلا يتكنون بكناية المسلمين، كأبى عبدالله، ولا بألقابهم، كزين العابدين».

ويضيف: «ولا يجوز تصديرهم فى المجالس، ولا القيام لهم، ولا بداءتهم بالسلام أو بكيف أصبحت، أو أمسيت، أو حالك، ولا تهنئتهم، وتعزيتهم، وعيادتهم، وشهادة أعيادهم»، وفى التفسير يقول الكتاب: «لأن فيه تعظيمًا لهم، وقد حكم عليهم بالصغار، ولا يوقرون كما يوقر المسلم، ويجب اضطرارهم إلى أضيق الطريق إذلالاً لهم وإهانة».

وعن حقوق المسيحيين يقول (ص ٣١٦ وما بعدها): «ويمنعون من إحداث كنائس وبيع ومجتمع لصلاة فى دارنا ومن بناء ما انهدم منها ولو ظلمًا، ولا يجدد ما خرب منها، ويمنعون أيضًا من تعلية بنيان على مسلم ولو رضى، ويمنعون أيضًا من إظهار خمر وخنزير فإن فعلوا أتلفناها، ومن إظهار ناقوس وجهر بكتابهم ورفع صوت على ميت ومن قراءة قرآن ومن إظهار أكل وشرب بنهار رمضان».

أما طلاب الصف الثالث الثانوى الأزهرى فيدرسون كتاب «الاختيار لتعليل المختار» فى الفقه الحنفى.

يبدأ الكتاب فى صفحة ٣٨٢ بأن: «الجهاد فرض عين عند النفير العام وكفاية عند عدمه، وقتال الكفار واجب على كل رجل عاقل صحيح حر قادر.. وإذا حاصر المسلمون أهل الحرب فى مدينة أو حصن دعوهم إلى الإسلام، فإن أسلموا كفوا عن قتالهم، وإن لم يسلموا دعوهم إلى أداء الجزية إن كانوا من أهلها وبينوا لهم كميتها ومتى تجب، فإن قبلوها فلهم ما لنا وعليهم ما علينا، ويجب أن يدعوا من لم تبلغه الدعوة، ويستحب ذلك لمن بلغته، فإن لم يستجيبوا استعانوا بالله تعالى عليهم وحاربوهم، ونصبوا عليهم المجانيق، وأفسدوا زروعهم وأشجارهم وحرقوهم ورموهم».

وفى الصفحة ٣٩١ (فصل فتح البلاد) يذكر الكتاب: «وإذا فتح الإمام بلدة عنوة إن شاء قسمها بين الغانمين، وإن شاء أقر أهلها عليها ووضع عليهم الجزية، وعلى أراضيهم الخراج، وإن شاء قتل الأسرى، أو أسترقهم، أو تركهم ذمة للمسلمين، ولا يفادون بأسرى المسلمين ولا بالمال إلا عند الحاجة، وإذا أراد الإمام العود ومعه مواش يعجز عن نقلها ذبحها وحرقها، ويحرق الأسلحة».

وعن الأسرى يذكر الكتاب: «أما الأسارى فيمشون إلى دار الإسلام، فإن عجزوا قتل الإمام الرجال وترك النساء والصبيان فى أرض مضيعة حتى يموتوا جوعًا وعطشًا، وإذا وجد المسلمون فى دار الحرب حيات وعقارب ينزعون حمة العقرب وأنياب الحية دفعًا لضررها عنهم ولا يقتلونها لئلا ينقطع نسلهم وفيه منفعة الكفار، وقد أمرنا بضده».

أما الكتاب الثالث فمقرر على طلاب المذهب الشافعى وهو «الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع».

تحت عنوان «فصل فى تارك الصلاة»، يتحدث الكتاب أن: «تارك الصلاة المفروضة على الأعيان كسلًا أو تهاونًا معتقدًا لوجوبها عليه فيقتل بشرط أن يستتاب قبل القتل»، ومن «يترك الصلاة جحدًا بأن أنكرها بعد علمه بها أو عنادًا فحكمه فى وجوب استتابته وقتله، وجواز غسله وتكفينه ودفنه فى مقابر المشركين»، وذلك لأن الاثنين فى حكم «المرتد».

ويعرف الكتاب «الردة» بأنها: «لغة: الرجوع عن الشىء إلى غيره وهى من أفحش الكفر وأغلظه حكمًا»، ويذكر أن «القول فيما يفعل بالمرتد من رجل أو أمرأة عن دين الإسلام بشيء مما تقدم بيانه أو بغيره مما تقرر فى المبسوطات وغيرها استتيب وجوبًا قبل قتله».

هذا عن الجزء الأول من التصريح، فماذا عن قول «الطيب» إن «قادة الإرهاب لم يكن من بينهم أزهرى واحد».

لم تكن هذه هى المرة الأولى التى يخرج فيها الإمام بهذا التصريح.

كان «الطيب» قد تحدى – فى وقت سابق – لدى إلقائه محاضرة فى أحد مساجد الكويت بالقول: «أستطيع أن أعدد قادة الفكر الإرهابى والحركات المسلحة الذين تخرّجوا من جامعات أخرى غير الأزهر، لأن الأزهر لم يخرّج قائدًا واحدًا من قادة الفكر الإرهابى على مدى أكثر من ألف سنة».

هل كان الإمام صادقًا؟

حصل عمر عبدالرحمن، الزعيم الروحى للجماعة الإسلامية المسلحة، الذى يقضى عقوبة السجن مدى الحياة فى كلورادو بالولايات المتحدة، بتهمة التورط فى تفجيرات نيويورك 1993، على الثانوية الأزهرية عام 1960، ثم التحق بكلية أصول الدين بالقاهرة ودرس فيها حتى تخرج فى 1965 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، ثم عين معيدًا بالكلية.

وكان عمر عبدالرحمن مرشدًا لكل العمليات الإرهابية للجماعة الإسلامية فى التمانينيات والتسعينيات، وعلى رأسها مذبحة الأقصر نوفمبر 1997، التى قُتل فيها 58 سائحًا أجنبيًا و4 مصريين.

ثم إن عبدالله عزام، قائد «الجهاد الأفغانى»، كان قد انتسب إلى الأزهر وحصل منه على شهادة الماجستير فى أصول الفقه عام 1979.

وبحسب شهادة كان قد نشرها الزميل أحمد البردينى، بموقع «رصيف 22»، فإن «عزام» استغرق عامًا واحدًا فى تحضير الدراسات العليا فى أصول الفقه، عام 1979، وكانت عبارة عن جمع ومقارنة أقوال الفقهاء.

وكان «عزام» قد أسس ما سمى «مكتب الخدمات فى أفغانستان»، حين استقطب عددًا هائلًا من الإرهابيين الذين عرفوا بـ «المجاهدين الأفعان».

ولدينا زعيم جماعة «بوكو حرام» الإرهابية النيجيرية، أبوبكر شيكاو، الذى تخرج فى كلية الشريعة والقانون بالأزهر، وفى شهادة أخرى حصل على الدراسات العليا من كلية الشريعة والقانون فى جامعة الأزهر.

و«بوكو حرام» تنشط فى مواجهة الجيش النيجيرى، وكانت أكبر جرائمها فى إبريل 2014، حين اختطفت 276 فتاة من إحدى المدارس الأجنبية، ونسبت إليها سلسلة من الهجمات والتفجيرات التى شهدتها المناطق الشمالية الشرقية من نيجيريا فى الفترة من 2010 و2011.

ومن بين الأسماء البارزة أيضًا أبوأسامة المصرى، التى رجحت المخابرات البريطانية كونه «العقل المدبر» لتفجير الطائرة الروسية فوق سيناء، أكتوبر 2015.

واسمه الحقيقى محمد أحمد على، ينتمى لإحدى العائلات الكبرى فى مدينة العريش، وتخرج فى جامعة الأزهر.

وكانت صحيفة «صنداى تايمز» البريطانية، قد ذكرت أن المخابرات البريطانية تملك «بصمة صوتية» لـ«أبو أسامة»، وتأكدت من تطابق البصمة مع صوت الشخص الذى قرأ البيان الذى تبنى فيه تنظيم «داعش» العملية.

وليس بعيدًا عن هذه المساحة محمد سالم رحّال، الجهادى الفلسطينى، الذى أتم دراسته فى الأزهر وحصل على شهادة البكالوريوس والماجستير فى أصول الدين.

وكان «رحال» قد وصل إلى مصر فى التسعينيات قادمًا من الأردن، حين شارك صالح سرية فى عملية «كلية الفنية العسكرية»، التى استهدفت اغتيال السادات، وقبض عليه حينها غير أن المحكمة برأته لعدم ثبوت التهمة.

وبعد فشل العملية اتجه «رحال» للدراسة فى الأزهر، حصل على البكالوريوس والماجستير، وبدأ يحضر للدكتوراه، وأصبح معروفا بين أوساط الحركيين الإسلاميين، وبدأ ينّظر لأفكار الجهاد وسبل مواجهة «الأنظمة الكافرة»، بحسب شهادات من عاصروه ومن بينهم المحامى منتصر الزيات.

وأخيرًا وليس آخرًا أبوربيعة المصرى، زعيم تنظيم القاعدة بالبصرة فى العراق، واسمه الحقيقى محمد محسن يوسف فرماوى، من محافظة الشرقية، مواليد 1951، وحاصل على بكالوريوس شريعة وقانون من جامعة الأزهر.

هل نختم بشىء؟

بينما رفض الأزهر تكفير تنظيم «داعش» الإرهابى، مؤكدً أنه «لا يمكن تكفير مسلم مهما بلغت ذنوبه، بل من المقرر فى أصول العقيدة الإسلامية أنه لا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحد ما أدخله فيه، وهو الشهادة بالوحدانية ونبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الذنوب مهما بلغت لا يخرج ارتكابها العبد من الإسلام»، فإنه قدم حكم – هو ومنتسبون إليه – بكفر مفكرين كبار مثل نصر حامد أبوزيد، وفرج فودة، وآخرين.

سلامة عبدالقوى حاصل على ليسانس أصول الدين والدعوة الإسلامية، المتحدث باسم وزارة الأوقاف فى عهد «مرسى».

محمد سالم جهادى فلسطينى حصل على شهادة بكالوريوس وماجستير فى أصول الدين

أبوبكر شيكاو تخرج فى كلية الشريعة والقانون بالأزهر وحصل على الدراسات العليا من كلية الشريعة والقانون فى جامعة الأزهر

عمر عبدالرحمن الزعيم الروحى للجماعة الإسلامية المسلحة الذى يقضى عقوبة السجن مدى الحياة فى كلورادو بالولايات المتحدة

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

2 Responses to عفوا يا د. طيب هؤلاء الأزهريون من قادة الإرهاب

  1. Maha Bouti says:

    كيف أسقطت الكاتب دكتور فكر القاعدة أيمن الظواهري ، أليس ازهريا أيضا ، هذا من ناحية ، من ناحية أخرى ؛
    ألم يتم التصريح منذ فترة بأن داعش تطبق الشريعة ومن قبل مشايخ الأزهر ..؟!!
    من أفواههم واساطيرهم ادينهم ..!!!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.