ردّاً على محاولة رئيس وزراء تركيا منع تويتر و حظر التعبير على الشبكات الاجتماعية

خرج المارد من قلب الزجاجةh160909

أيهالحكام العرب و تركيا و ايران و باقي الأنظمة القمعية.
بدأت و منذ منتصف التسعينيات انتشار الهواتف الآلية المتحركة و اللاسلكية
حيث تم وصلها بالهواتف السلكية و أبراج الإشارة و المحطات التقنية الأخرى من البنى التحتية و التي كلّفت تلك الدول على مدى سنوات ( و كتحصيل حاصل كلّفت تلك الشعوب ) بلايين الدولارات و عندما تم وصلها بالهواتف النقالة ، أغلب هؤلاء الحكام وجدوا هنالك لقمة بل وجبة دهنية سائغة طازجة و دائمة تتجدّد شهريّاً و عوضاً عن توسيع دائرة خدمات الهواتف و ضم الهواتف النقالة الى خدمتها، و بالتالي ردف مردودها إلى خزينة الدولة، لدعم الدخل القومي لكل بلد بزيادة بالايرادات .
فقد شمّر الحكام و ذويهم عن اياديهم و احياناً تحت اسماء لشركات وهمية ليكون لهم ذلك المدخول الهائل من الايرادات و التي لا تنضب .
فقد تم فصل الخدمة عن قطاع الدولة و حصرها بالقطاع الخاص و ذاك القطاع كان بشكل أساسي مسيطر عليه من قبل الحكام و عائلاتهم و بعض أقربائهم و الأصدقاء و المقرّبين و
هو عمليا ليس إلا سرقة علنية للخزينة في تلك الدول و إن أتى تحت حماية قانونية هشّة.
و بذلك فقد تم استغلال القطاع الخاص بشكل واضح لمآرب شخصية ضيقة مما أعطى نظرية
( اقتصاد السوق ) السمعة الخاطئة بسبب سوء تطبيقها.
فحتى تسعينيات القرن الماضي ، كان امتلاك هاتف سلكي أشبه بالحلم حيث بعد الاكتتاب و التسجيل كان هنالك أكثر من عشر سنوات انتظار.
و مع سماح دخول الهواتف اللاسلكية المتحركة ووصلها بالابراج و البنى التحتية للدولة و من ثم الترخيص لشركات خاصة مرتبطة بالحكام بشكل أو بآخر، بدأت تلك الشركات تروّج ، تنشر و تبيع الهواتف المتحركة و يتم الاكتتاب و شراء الهواتف بعقود بسرعة البرق ، و كان أمر أقرب إلى السحر واستقبلت تلك الشعوب ظاهرة الهواتف النقالة بكل شغف و نهم فانتشرت بسرعة كالنار في الهشيم و حققت أرباحاً خيالية و هي أرباح متجددة كل شهر و ظل الأمر هادئاً لسنوات في تلك المجتمعات و االشعوب المحبطة سياسياً و فكرياً و التي ولد فيها جيل جديد محطم و مهزوم
محجوب عن حريات الرأي و حقوق التعبير .
فقد وجدت تلك الشركات نافذة سحرية تدر الأرباح الشهرية بينما وجدت فيها الشعوب نافذة للضوء و وسيلة للخروج من الظلام الفكري و الاستبداد السياسي باعتبارها وسيلة للكلام و التعبير.
لم يكن أحد يتوقع أن تلك النافذة بالفعل سحرية و سوف تتحول إلى منبر خطابي هائل فعّال
يلفُّ الكرة الأرضية..
في أيام الحراك السياسي في تلك الدول و عند نشر بيان ينتقد النظام و يطالب بإصلاحات ، كان يتم طباعة مئة أو مئتي نسخة من (منشور) و من ثم يقوم النشطاء بالمخاطرة بتوزيع المناشير أثناء الليل على البيوت .
أما اليوم فقد تطوّرت تلك المناشير السياسية لتصبح ألكترونية فيمكن لأي مواطن أن يكتب رأيه
و من ثم ينشره بملايين النسخ و خلال ثوان ليصل كل بقاع الأرض و هو يرتشف قهوته على طاولة المطبخ ببيته.
لقد تطور الهاتف النقال ليصبح جهاز تواصل رئيسي، و من سخرية القدر أن يكون شاب صغير يهودي وراء ذلك التطوير و لو جاء ذلك بالصدفة بإنشاءه شبكة تواصل لطلاب جامعة هارڤرد و إذ بها تنتشر في كلّ بقاع الأرض و تدخل كل المجتمعات و بنفس الوقت تطوّرت الأجهزة الهاتفية لتصبح آلة كاتبة و صحيفة محلية و كاميرا شخصية ووسيلة للتواصل و التعبير و حافظَت على امكانية اجراء مكالمة هاتفية و التي أصبحت أمراً هامشياً بالمقارنة مع الميّزات الأُخرى.
و هذا ما ساهم في تطوّر المواطن السريع فقد وجد بالهاتف حريته المسلوبة و تحوّل كل شخص
يملك هاتفاً نقالاً إلى مفكّر و صحفي و مصوّر و حتى محلِّل سياسي .
لقد وجدت تلك الشعوب بتطوير تلك الهواتف متنفساً لحرية التعبير و التواصل و ذاك ما كانت
تتوق له ، و لو أن تلك الأنظمة ( بسبب العقلية القمعية الاستبدادية ) كانت ستعرف بأن تلك الهواتف النقالة ستتطور بتلك السرعة و يدخل عليها كل تلك التقنيات لكانت منعتها و حظّرت استخدامها و غناها الله عن تلك الايرادات ، لكنها قد جلبت ( الدب إلى كرمها ) بيدها .
من أول مباديء حقوق الإنسان هو حق التعبير و حق التجمع السلمي و هما الأمران المحرّمان
في تلك الأنظمة تحت طائلة الاعتقال و التعذيب حتى الموت .
على تلك الأنظمة التعامل مع الواقع الجديد الذي فرض نفسه من خلال الانفتاح على الشعوب
و عودة المواطن من غربته الفكرية و السياسية و مشاركته في رسم حياة و مستقبل بلده و ممارسته لحقوقه المدنية و الإنسانية و هو ما سيحصل بطريقة أو بأخرى و لذا يجب أن يتم الانتقال بأهدأ الأساليب و أقل الخسائر .
فذاك المارد السحري الذي جلبته تلك الأنظمة و استغلّته والذي على مدى أكثر من عشر سنوات كان يحوّل الكلام الأثير ذهباً ، تحوّل و تبدّل و صار له تفكيره و نزواته فهو لا يأخذ أوامر من تلك الأنظمة، يرفض الانصياع ، لقد كَبُر و تضخّم و ملأ المكان و لا يمكن ارجاعه لتلك القارورة.

About الأرقش

كاتب وطيبيب سوري يعيش بأميركا
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.