ذهنية الفيلسوف وذهنية المثقف؟

abdelrahmansharafهل هناك فرق بين الفيلسوف والمثقف. لا نستطيع الجواب بشكل مطلق على هذا التساؤل. لأنه لا يوجد تعريف مٌتفق عليه يحدد ماهي الفلسفة وكيفية الشروع بها لإيجاد معالم واضحة لتحقيق الرؤية فكل فيلسوف له نظريته الوجودية والمختصين في الفلسفة يتفقون على هذا التصور.
وربما بعض الأشخاص يجدون الفلسفة هي لغز وسر وتعقيد ومنهم المثقفين هكذا ينظرون لها.
وقد طرح جان فرانسو روفال في كتابه الساخر. “لماذا الفلاسفة”؟ وهذا تساؤل مهم في سياق سخريته الأدبية الفنية.
ولا يوجد تعريف ايضاً شامل نتفق عليه لتحديد المثقف من غير المثقف هناك وجهات نظر متفاوتة في هذا الأطار المعرفي في شخصية الفرد ووجوده في مٌجتمعه والمفكرين المُعاصرين ايضاً اختلفوا في وجهات نظرهم في تعريف المثقف ودوره النضالي والتحرري.
ولكن كل التعريفات تصبو اتجاه تحسين الوضع الاجتماعي والاعلاء من شأن الجنس البشري لتحقيق عالم أفضل.
ولكن وجدت في قراءتي وابحاثي ونظرتي للواقع بأن هناك فرق في الغايات والوسائل. في ذهنية المثقف وذهنية الفيلسوف. وهذه الذهنية تٌبنى على الفكر والعواطف والمشاعر بل ما الذي يحرك الفيلسوف في ذهنيه وعمله وطرحه وأجوبته وما الذي يحرك المثقف ايضاً في طرحه وعمله وأجوبته اتجاه القضايا المختلفة.
وهذا ما اريد أن أوضحه بهذا النص القصير لربما اطوره في المستقبل لكتاب وأطروحة جميلة نستفيد منها جميعاً في انتماءاتنا ورؤانا المختلفة لنتحد لعالم أفضل.
نجتمع فيه على الكثير من القواسم المشتركة التي تجمعنا. ويساعدنا للاتجاه بالاهتمام بالفكر الفلسفي والزمان والمكان والكون في إيجاد فكر نقدي وتكون لنا حياة طيبه في هذا على الأرض لنسير بها على أفضل وجه. ويقول في هذا سبينوزا “الفلسفة هي تأمل في الحياة لا في الموت والأخرة”
البشرية والكون مازالت تكشف لنا عن ذاتها في الاكتشافات والعلوم المختلفة والتطورات المختلفة وفي الاحداث البشرية في المجتمعات وتكوينها بأنظمتها المختلة
ونتفاعل معها في تشكيل بنيتنا وعلاقتنا في هذا العالم. وفهم الخيط الناظم لهذا التاريخ.
وكل من الفيلسوف والمثقف ينطلق من واقعه في تقديم طرحه ووجهة نظره عن الاحداث والاشياء التي حدثت والتي ستحدث في المستقبل.
في واقعنا الحالي السوري والعربي نشهد صراع كبير في مفهوم العلمانية والعولمة للدين وللمجتمع في التخلص من أي شكل استبدادي يحط من قيمة الانسان.
الفيلسوف يبحث عن معنى الوجود ويرى أن العلمانية وعولمة المجتمع لا يمكن أن تنتشر بشكل أعمى وجامد وبوجود أفكار ايضاً تبعث الجمود وسيكون مطالبة الفيلسوف للتحرر من كل قيم الجمود والايديولوجيا هو اكمال لمعنى الوجود ومعنى ذاته دون اية حسابات مسبقة لهذا بل هو ايمان في نهجه الروحي او الفكري والتأملي في ذهنيته الغير ماسورة بفكرة الخير والشر وقيم الدين وغيرها من المسلمات والبديهيات وهذا يكون جزء من تحقيق ذات الفيلسوف ووجوده بمعالجة الأحكام المسبقة والموروثة بأجوبته وتساؤلاته.
المثقف بشكل العام هو مشغول بالقوانين والغايات والوسائل التي تحقق له نضاله فيما يسعى له وهو احياننا كثيرة يكون مقيد بمنظومة المجتمع وبديهياته ومسلماته وموروثه وقوانينه وقد تٌشكل احداث التاريخ قيد لرؤيته وقراءته للأحداث أكثر من انشغاله بمعنى النفس والذات لمواكبة معناها التحرري مع الوجود او مجتمعه الذي يبقى رهينً لهُ.
الفرق في ذهنية الأول الفيلسوف بانه لإكمال معنى وجوده سيقوده لإيجاد وسائل بديلة وطرق جديدة لتطوير أنفسنا وتحسين الواقع لتحقق الرفاهية للبشرية وهذا يشغل كيانه في استقرائه للماضي والحاضر والمستقبل.
وفي الذهنية الثانية عند المثقف لن يقوده بأغلب الأحيان لتحقيق وسائل جديدة بل الاعتراض على أي شيء جديد يتصادم مع نظرة المثقف بالموروث او انتمائه للدين او جماعه مٌعينه او ربما الخوف. ويكون المثقف هنا تقليدياً او مصلحاً تقليدياً لن يستطيع الايتاء بعملية تحرر شاملة في ذهنيته وطرحه للأعلاء من شأن الفرد في التحرر وشأن المجتمع.
نحن نحتاج في عالمنا العربي لفلاسفة يكملوا معنى الوجود بالشكل النافع واعلاء من القيم الروحية والفكرية للبشرية. أكثر من مثقفين تقليدياً او مصلحين تقليدياً مأسورين بالمقدس والموروث والخوف والقوانين المعدة الجاهزة.
لعل هذا البعد في هذه المقارنة يفتح ذهني واذهان الاخرين لشيء نستحق أن نٌحققه ونمارسه لتغير حياتنا ووجودنا للأفضل.
والفلسفة والثقافة هما كاالفن لا ينتهيان بل يحاولان بأن يجلبوا للبشرية جمالية الروح والفكر في كل زمان ومكان لتحقيق عصر أفضل من العصور السابقة.

About عبد الرحمن شرف

كاتب وناشط ديمقراطي سوري
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.