المسألة الدينية في الأوطان العربية وخارجها!

قرضاويسامي النصف

هناك إشكال إنساني حقيقي ومأساوي يتعرض له أتباع الدين الإسلامي خارج الوطن العربي ويحتاج الى حل ناجع وسريع له، حيث انفرد المسلمون دون غيرهم من أتباع الأديان الأخرى المتفاهمة بعضها مع بعض، بتعرضهم لأعمال عنف من قبل المنضوين لتلك الأديان بجميع أشكالها وطوائفها، وجزء مهم من الإشكال المتكرر هو محاولة بعض المسلمين خلق دويلات لهم والانفصال عن أوطانهم القومية بحجة أنهم لا يحكمون بالإسلام وان ديارهم ديار كفر وحرب تحتاج إما الى تغييرها وإما الى الهجرة والانفصال عنها، والحل بداهة يوجب قيام المرجعيات السياسية والدينية العربية والإسلامية بالطلب من الأقليات المسلمة القبول بأوطانهم التي يعيشون فيها كحل نهائي لإشكالاتهم، فلن يأتيهم فتح إسلامي أو دولة خلافة حقيقية ينضمون اليها، وضرورة العمل عبر القدوة الحسنة، فإندونيسيا ونيجيريا- أكبر بلدين إسلاميين في آسيا وأفريقيا- لم تفتحا بالسيف بل بالرفق والموعظة الحسنة.
> > >
في المقابل هناك إشكالات الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية التي تعيش في أوطاننا العربية، والتي يلاحظ أن أغلبيتها لجأت تاريخيا الى قمم الجبال لحماية أنفسها من تعسف العثمانيين وغيرهم حتى ارتبطت أسماء الأقليات بالجبال، فهناك جبال الأكراد والدروز والعلويين والموارنة والصابئة والأرمن والأمازيغ والبربر.. إلخ، والواجب يدعو ضمن المخاض العربي الحالي وكوسيلة لمنع انفصالهم القادم لا محالة، الى الاعتراف بالمظالم التاريخية التي تعرضوا لها والوعد بعدم تكرارها وإقناعهم بأن مصالحهم تتم عبر البقاء ضمن الدولة القطرية القائمة بدلا من الانفصال اعتمادا على كسب مؤقت كوجود آبار النفط على أراضيهم والتي ستنتهي فائدتها آجلا أو عاجلا.. خيار بقاء الأقليات يحوج أن تكون الدولة العربية مزدهرة وآمنة، لا مليئة بأعمال العنف والحروب والتدمير الاقتصادي.
> > >
آخر محطة: (1) أحد إشكالات بعض المذاهب المتفرعة من الدين الإسلامي محاولة الأكثرية إرغامهم على تغيير معتقدهم كي يتماشى مع معتقد الأغلبية، قد يكون مناسبا ضمن الفهم الجديد للدولة الوطنية المتعددة الأعراق والديانات والمذاهب إعطاؤهم الحق الكامل في ممارسة عقائدهم بالطريق الذي يرونه أو حتى القبول بتسمية تلك العقائد والمذاهب بديانات منفصلة كي يتوقف الخلاف.
(2) ويمكن ان يكون حصول بعض الأقليات على المناصب القيادية العليا في الدولة كوسيلة للطمأنة جزءا من الحل لبعض الدول العربية، وهو أمر مطبق في لبنان والعراق وحتى سورية، ولو طبق في السودان لما انفصل الجنوب، على ألا يعني ذلك ظلم وتعسف تلك الأقليات تجاه الأكثرية.

*نقلاً عن “الأنباء” الكويتية
http://www.alanba.com.kw/kottab/sami-alnisf/491706/18-08-2014

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.