المحامي ادوار حشوة : كيف نبدد الخوف ؟

عام ٢٠١٣ وفِي اول كتاب لي عن الثورة وعنوانه( سوريا وتاريخ الخوف) توقعت انه بعد ذهاب النظام الى الحل الأمني وقتل المتظاهرين بكل الأسلحة وتهجير الناس سيفرز وضعا يتحول معه الصراع من السياسة الى الدين الطاىفي و يبدأ تاريخ الخوف الذي سيمتد الى سنوات ويصعب زوال اثاره في الزمن المنظور .

تدخل المجتمع الدولي لم يستهدف وقف هذا الصراع بل لإدارة استمرار الحرب
الامر الذي وسع داىرة الخوف اكثر واوجد حالة استعصاء للحل السياسي الذي يواجه جميع من يخافون السلام القادم مع
هذه التركة من الاحقاد والتعصب والقتل والتهجير .!

انتهت الأمور الى وجود كتلتين نتجتا من تاريخ الخوف الذي صنعه صراع السلاح
المتبادل والذي باركته دول التدخل الخارجي .!

الاولى : هي المهجرون من بيوتهم التي اجتاحها( التتر السوري )الى الداخل السوري أو الخارج .

المهجرون على نوعين قسم كبير جدا هرب
من الحرب ولَم يكن شريكا فيها خوفا على الحياة والأولاد
وفريق كان في قلب التظاهرات والمعارضة
غادر خوفا من القتل السلطوي .
هؤلاء لا يمكن ان يعودوا ما لم تتوقف الحرب فعليا فيعود القسم الاول أو بعضه
اما القسم الثاني فلا يعود ما لم يرحل القتلة
من نظام الاستبداد ولا أمان من عودة تحت
سيوف الخوف التي هجرتهم وقتلت الألوف
منهم دون محاكمة !

الثانية هي العلويون الذين ورّطهم النظام عبر حله الأمني مدعيا ان الثورة لا تستهدف
النظام بل العلوين مستفيدا من تصرفات ضدهم بعضها من فعل النظام نفسه.
ومع ارتفاع حصيلةًالتصفيات المضادة التي قام بها النظام ضد الأغلبية قتلا وتهجيرا
فان حجم الثار صار بحجم الوحشية التي ارتكبها النظام تعذيبا وقتلا بالجملة في المعتقلات .
صار الوضع الحالي هو التالي :
مهجرون يخافون العودة بدون رحيل النظام
الذي تسبب في هجرتهم وقتل ابناىهم
وعلويون يخافون من رحيل النظام الذي ورّطهم ولكن لا بديل لهم عنه لحمايتهم
من اعمال الثار حين يعود المهجرون وبعضهم مشبع بروح الانتقام .

صار الحل السياسي الدولي في مأزق حقيقي وما كان يعتقده المجتمع الدولي
من إمكانية جمع الطرفين عبر شراكة في السلطة واجهته مشاعر الخوف المتبادل
فلا المعارضة ستقبل لحل اقل من رحيل
مجموعة العسكر التي قادت المذابح ورموزها السياسية
والعلويون يخافون حلا سياسيا يعيد التوازن العددي الذي اختل بسبب تهجير الملاين من الأغلبية التي اذا عادت وتحمل معها الاحقاد والتعصب الامر الذي قد يهجرهم تماما كما هجر النظام .
النظام يغذي هذه المشاعر لكي يستمر في استغلال العلوين للبقاء في السلطة معولا على حسم عسكري مستعينا بالخارج !

هذا الخوف المتبادل ليس أمامه حل سياسي في الزمن المنظور عبر شراكة في السلطة الانتقالية ما لم يتحقق تخلي المعارضة عن المتشددين المتعصبين دينيا
وتخلي العلوين عن المجموعة العسكرية التي قادت الاعمال الوحشية.
لذلك فان الحل السياسي يجب ان يتوجه الى قوى الاعتدال والعقل في الطرفين ولا بد من اتصالات شعبية بين قيادات الاعتدال الوطني في الطرفين والتي عطلتها الحرب
المجنونة التي حولت الصراع من السياسة الى الدين .
لا حل سياسي تشاركي بدون ان نجفف
مستنقعات الخوف ولا تجفيف بقوة السلاح ولا التدخل الأجنبي لانه يعني
بقاء الخوف .
لا بد من اعادة العلاقات الشعبية المقطوعة بسبب الحرب واعتقد ان جمع نخب شعبية
من الطرفين أفضل من المصالحات بين نظام ملوث بالدم وفصائل مسلحة لم تقصر في الوحشية فلابد من جمع الذين لم يتلوثوا بالدم من معتدلي الطرفين كمقدمة لابد منها لعودة الثقة في اتفاق سياسي على الحل بقيادة محترمة وعاقلة تحمل مسؤولية الانتقال وتبدد الخوف والطائفية بالاكراه
وهذا هو السؤال
٢٧-٨-٢٠١٨

About ادوار حشوة

مفكر ومحامي سوري
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.