المحامي ادوار حشوة : إضاءات من بلدي !

ما يزال في الذاكرة ما يجب ان تعرفه الأجيال عن مواقف في الزمن الصعب
تصلح دروسا مستقبلية لاحفادنا .

وكما كان يقال علموهم بأمثال أسوِّق اليكم
مايلي من إضاءات :

١- حين جاء أديب الشيشكلي وكان رىيس أركان الى هاشم الأتاسي في قصر المهاجرين
– [ ] وطلب اليه باسم مجلس الدفاع الأعلى اعلان الأحكام العرفية قال له الاتاسي باي حق دستوري تطالبني وعليك ان ترفع الامر الى وزير الدفاع ومنه لمجلس الوزراء ومنه لي فقال الشيشكلي هناك خطر صهيوني لذلك قرر مجلس الدفاع ذلك فوقف الاتاسي ورفع عصاه بوجه الشيشكلي. وصرخ فيه قوم روح!
– [ ] وراح الشيشكلي وَقّاد انقلابا اطاح بالاتاسي وبالحكم الديمقراطي وأقام حكما عسكريا ولكن عصا الاتاسي ظلت مرفوعة بوجه العسكر حتى أسقطت حكمهم واعادت الديمقراطية .
– [ ] عصا الاتاسي ما تزال هاجس الشعب
– [ ] بوجه الحكم العسكري وستظل مرفوعة !
– [ ]
٢-حين احتدم الصراع السياسي حول دين رىيس الدولة وتطبيق الشريعة داخل الجمعية التأسيسية التي انجزت الدستور وتأخر إعلانه بسبب هذا الموضوع وكان
الشيخ مصطفى السباعي عضوا في اللجنة ألدستورية ويقود المطالبة بدين الدولة
وبتطبيق الشريعة وكان هناك خوف من انتقال هذا الخلاف من المجلس الى الشارع فتحدث فتن يصعب وقفها .
يومها اجتمع الشيخ السباعي وكان مراقبا للإخوان المسلمين مع اكرم الحوراني زعيم الاشتراكيين على انفراد بناء على طلب الحوراني وكانت جلسة تاريخية .


قال السباعي ان ٩٠ /: من الشعب مسلمون لذلك يجب ان يكون الرىيس مسلما وتطبيق الشريعة جزء لا يتجزا من هذا الواقع
قال الحوراني لا ضرورة للنص على دين الرىيس فما دام الاكثريةً في مجلس النواب من المسلمين فسيكون مسلما بدون نص قد يفهمه غير المسلمين على انه انتقاص من وطنيتهم فقال السباعي لا ليس انتقاصا بل احتراما للدور المتقدم للاغلبية فقط وليس في الدستور ما يمنع المسيحي في اَي موقع وحتى رىاسة محلس الوزراء الحاكم الفعلي وفِي كافة المواقع في حين رىيس الجمهورية مجرد رمز لا يملك السلطة التنفيذية
وقال الحوراني ان تطبيق الشريعة في مجتمع تعددي يخلق مشاكل والأفضل
النص على تعدد مصادر التشريع بحيث يكون الفقه الاسلامي لا الشريعة احد هذه المصادر لا المصدر الوحيد لا من باب فرض ديني بل كمصدر معرفي تعددي .
وقال الحوراني ادعوك الى عقلانية تراعي التطور وتمنع الفتن ىوتساعد على إنجاز الدستور .
توقف السباعي (وكان مثقفا متنورا)لفترة ثم قال أوافق على استبدال الشريعة بالفقه الاسلامي ولكن دين رىيس الدولة يجب ان يكون الاسلام
فقال الحوراني لاننا لانريد نقل الموضوع من المجلس الى الشارع وتحريضه دينيا
فيخلق الفتن التي يصعب وقفها بلا عنف
فإننا نقدر موافقتك على الانتقال من تطبيق الشريعة الى اعتبار الفقه مصدرا معرفيا من مصادر التشريع ونقبل بالنص على دين الرىيس لانه تحصيل حاصل بنص دستوري وبدون نص ولكن في السياسة اذهب الى الحل ولا تذهب الى الفتنة.
وهكذا وبالسياسة حل الزعيمان الخلاف في تنازلات متقابلة ووقع رشدي الكيخيا رىيس الجمعية التأسيسية على دستور الخمسين .!

٣-كان الشيخ صالح العلي يقود الثورة في
جبال العلوين ضد فرنسا ولمدة ثلاث سنوات في حين استسلمت دمشق بعد ساعات من معركة ميسلون .
وحين استسلم قال له المستشار الفرنسي في اللاذقية لماذا حملت السلاح ضدنا يا شيخ ؟
قال له الشيخ ( انه حب الوطن )
قال المستشار (إذن لماذا استسلمت؟)
قال الشيخ: ( والله لو بقي معي ولم يستشهد عشرة ما استسلمت ) .
قال المستشار : تعاون معنا وندعمك
زعيما وأفضل للسلام والأمن في الساحل
قال الشيخ:( لا أتعاون ) .
قال المستشار : ( لماذا؟)
قال الشيخ: ( لان الله تعالى في كتابه قال( ولا تركنوا للظالمين فتمسكم النار )
ولم يتعاون وبقي موقفه من الظالمين عنوانا لقادة لا يبحثون عن المنافع بل عن رضى الله !

٣- حين قاد بعض الغوغاء وبسبب تحريض ديني تظاهرة حطمت دور السينما ومحال بيع الخمر في حمص حاولت إشعال فتنة طاىفية في حمص قاد المثقفون تظاهرة وطنية ضد هذا العمل الذي يخرج عن طبيعة البلد واعتدالها ويومها وقف المربي الكبير والشاعر محي الدين الدرويش على درج البلدية خطيبا وألهب الجموع حين قال
( ان كان للدين شان في تفرقنا فقد برات ورب البيت من ديني )!
الدرويش وضع الأساس لوطنية تتقدم على الدين منعا للفتنة ولتحقيق التعايش والسلام الداخلي الولاء الوطني اولا والباقي تفاصيل !

٤- حين قاد ضباط من الجيش انقلابا عسكريا لصالح الوحدة مع مصر ووقعوا إعلانها بسرعة ومن وراء مجلس النواب والحكومة تم عقد جلسة لمجلس النواب لإسباغ الشرعية على الانقلاب العسكري
كان الجو الشعبي مع الوحدة بلا أدنى شك
فهي أمل راود الجيل العربي ولكن السياسين افتقدوا القدرة على مناقشة شروط الوحدة وتقبلوها كما فرضها العسكر وفِي حين هرب خالد بكداش الى موسكو وهرول نواب البعث مؤيدين وكذلك باقي الأحزاب تحت ضغط الشارع صوت محلس النواب موافقا ما عدا صوت واحد لناىب حمص هاني السباعي الذي قال انه مع الوحدة ولكن لانها تتم تحت شروط حل البرلمان والغاء الأحزاب وإعلان الأحكام العرفية فإنها تفتقد الى الإشراق الذي يساعد على امتدادها وسلامتهاوان فك الارتباط بين الوحدة والحريّة امر خطير لذلك قال وحده لا أوافق .

صوت واحد ووحيد كان يعبر عن موقف
الديمقراطية السورية بمواجهة حكم عسكري جديد تحت شعار الوحدة شكلا
هذا الصوت وهذه اللا وحدها التي
ثبت صحتها حين قاد عسكر اخر الانقلاب
الانفصالي وعمليا لم تسقط الوحدة بل سقط ارتباطها بالحكم البوليسي كما توقع
هاني السباعي !

٥- بعد الانفصال جاء قادة من الأحزاب
يمثلون الاكثرية في مجلس النواب المنتخب
الى رشدي الكيخيا في حلب وعرضوا عليه
رىاسة الجمهورية فقال لهم ( لا اقبل لان
ضباط الجيش لم يعودوا الى ثكناتهم وهذا
لم يتحقق وقال ارفض ان أكون ستارا لحكم عسكري تحت اليافطة الديمقراطية اختاروا غيري !

هذا الرجل الوطني بامتياز كان يقود مدرسة
وطنية تدرس ( الجيش السوري ملك لسوريا وسوريا ليست ملكا لضباط الجيش وطموحاتهم )
اعادة الاعتبار لقوة الشرعية القادمة من صناديق الاقتراع وإخضاع الجيش لهذه الشرعية كانت اساس فكرة رشدي الكيخيا
من اجل عودة الحرية والديمقراطية ومرت سنوات من العنف والفشل ولكن مدرسةًرشدي الكيخيا ما تزال واقفة بالمرصاد لحكم العسكر .

٦-بعد انقلاب ٨اذار العسكري الذي اعلن
الأحكام العرفية وحل مجلس النواب والغى الأحزاب وأعلن حكم الحزب الواحد والجيش العقائدي هرولت احزاب اليسار العربي مؤيدة ومشاركة بضغط من السوفيات الذين يريدون بقاء ولو حد أدنى من مصالحهم ونفذ خالد بكداش ذلك من فوق الحريات والديمقراطية وشارك في حكمي ٢٣شباط وحكم الاسد.
وحده رياض الترك وقف من داخل الحزب الشيوعي معارضا التحالف مع حكم عسكري ألغى الحريات وقال نحن مع الشيوعية كنظرية للعدالة الاجتماعية
ولسنا عملاء للسوفيات حين تتناقض مصالحهم مع حرية البلد وطالب بفك
الارتباط بالسوفييت والتصرف كحزب وطني على غرار ما يجري في احزاب اوروبا الشيوعية فأودعه الاسد في السجن
لربع قرن ولم يتراجع في حين كان بكداش والسوفيات يباركون حكم العسكر !

هذا الصوت الوطني أسس لمدرسة
يسارية خرجت من التبعية للخارج
ولها نرفع الراية !

٧- بعد الانفجار الشعبي ضد نظام الاسد
تحت شعار ( سورية بدها حرية) رفض
ضابطان كبيران هما العماد علي حبيب والعميد مناف طلاس استخدام الجيش ضد الشعب وغادرا منشقين ولم يحملا السلاح ضد جيش البلد ولا ضد الشعب .
على هذين ومن شابههما في الموقف من ضباط وهم كثر سيكون مشروع إصلاح الجيش والبلد ممكنا في المستقبل .!

لا لجيش ضد الشعب اساس لوطنية
تحترم إرادة الناس ولا تدوس عليها بالإقدام
ووحدها تملك المستقبل .!

٨- حين حكم النظام على المعارض السياسي ميشيل كيلو بالسجن ثلاث سنوات
طلب محاميه من المحكمة التي حكمته اعطاءه العفو عن ربع المدة وكان القانون
ينص على وجوب ذلك اذا توفر شرط واحد هو ان يشهد مدير السجن انه كان خلال سجنه حسن السلوك وهو امر حصل عليه ميشيل كيلو .
المخابرات تدخلت وضغطت على المحكمة لرفض الطلب فأذعن قضاتها وخالفوا القانون وردوا الطلب .
طعن وكيل ميشيل كيلو بالحكم الى محكمة النقض وكانت القاضية سلوى قضيب رىيسة للغرفة الجنانىية ورفضت التدخل وحكمت بقبول الطعن وإطلاق سراح ميشيل كيلو عبر منحه الاعفاء من ربع المدة حسب القانون .
جن جنون النظام وأقام ودير العدل عليها دعوى مخاصمة القضاة وتم ارغام الهيىة
العامة لمحكمة النقض على فسخ القرار وابقي ميشيل كيلو في السجن الى نهاية المدة ونقلت القاضية الى التفتيش ليس لذنب ارتكبته بل لانها طبقت القانون في حين طبق غيرها غيره .!
على مثل سلوى قضيب نريد قضاء
مستقلا ووحده يملك المستقبل !
وهذا هو السوال
١-٧-٢٠١٨

About ادوار حشوة

مفكر ومحامي سوري
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.