الحط من شأن الغير وتحقيرهم لن تبرز تفوقنا

“أعرف امرأة تزوجت رجلاً يفوقها في كل شئ.. شكلاً وخلقًا وأصلًا ونباهة. كان وسيما ينحدر من أسرة غنية تمتد جذورها إلى إحدى عائلات الصعيد العريقة. وكان متفوقاً في دراسته ونابغة في مجال عمله.. أما عن طباعه فحدث ولا حرج عن خلقه الدمث وخفة ظله وحلو معشره.
أما المرأة فكانت عادية.. متوسطة الجمال والتعليم والوضع الاجتماعي.. لم يكن شيء يميزها بحال .. لدرجة أنها هي نفسها تعجبت من سر تقربه إليها ورغبته في الارتباط بها.
والحقيقة أن الأمر لم يكن فيه سر أو خلافه.. كل الحكاية أنه أحبها.. وأنه في حبه لها لم ير بها قصوراً ولم ير في نفسه أفضلية وكانت في نظره أجمل نساء الكون.
وكان خليقاً بهذه المرأة أن تتمتع بحبه وتحيا في كنفه راضية البال قريرة العين.. ولكنها لم تفعل. ولعله صغر النفس أوعدم النضج وربما الغيرة ما جعلها تقدم على الزواج وكأنها مقدمة علي حلبة مصارعة. فقد حاولت بإصرار دؤوب وعلى مدى سنوات طويلة هي عمر زواجهما أن تثبت له وللجميع أنها أفضل منه.
وكان سلاحها في ذلك هو التدين. من أول يوم حدت عليه قلبها ولسانها واتخذت من عدم التزامه الديني ذريعة لإظهار تفوقها عليه، ووجدت في اتهامه بالتدني الأخلاقي متنفساً لإحساسها بالضآلة أمامه. ذلك الإحساس الذي خلقته هي بنفسها عندما ظنت أن أفضليته تنتقص من قدرها وتحط من شأنها .. فبدلاً من أن تبني نفسها، هدمته هو وعاشا في تعاسة دائمة.
الخلاصة هي أنه سوف يوجد دائماً من هو أغنى وأجمل وأذكى وأقوى وأظرف وأفضل بصورة ما.. لكن محاولة الحط من شأن الغير وتحقيرهم لن تبرز تفوقنا أو تجعلنا على الصورة التي نتمناها لأنفسنا، فعدم وجود الفضيلة والاخلاق والميزات عند الغير لا يعني بالضرورة وجودها عندنا. أجدى بنا أن نعمل على تحسين ظروفنا والارتقاء بذواتنا وتهذيب طبائعنا لكي نجعل من أنفسنا أناسا أفضل ومن عالمنا عالمًا أجمل.”
 دولا اندراوس

This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

One Response to الحط من شأن الغير وتحقيرهم لن تبرز تفوقنا

  1. س . السندي says:

    مهما تحامقت الكواكب فإنها.. تبقى بالنسبة للنجوم أقزام

    وكم من وضيع رفعته الاقدار .. ولكن الأيام أعادته حيث المقام

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.