الحب في زمن الحرب

الحب في زمن الحرب: شكلت الحرب السورية، أنعطافة كبيرة في حياة جميع السوريين ، وبشكل أكثر في حياة مسيحيي و آشوريي(سرياناً وكلدناً) منطقة الجزيرة. مفاعيل الحرب طالت جميع مناحي الحياة. خلال جولة جديدة قمنا بها يوم أمس الأحد(28 أيار)على العديد من القرى السريانية في ريف القامشلي والقحطانية، بدت لنا آثار ومفاعيل الحرب أكثر وضوحاً . مظهر البيوت المهملة. قلة العنصر البشري. تراجع الحياة الاجتماعية. ونحن نعبر قرى( تل جهان، روتان ، محركان، شلهومية ، وصولاً الى ملعباس) تداعت ذكريات ، بحلوها ومرها، مناسبات، كانت تجمع الآلاف في هذه القرية أو تلك. بيد أن رغم صعوبة الحياة في زمن الحرب وحالة البؤس التي تسيطر على المشهد العام . المشهد لا يخلو من صور ووقائع، تبعث على الأمل والتفاؤل. تكاد لا تخلو قرية من مزارع جميلة و منشئات اقتصادية. تجد من يعمل ويخطط لما بعد الأزمة، لغد أفضل. محافظاً عن أسباب ومقومات الوجود والبقاء والاستمرار والنهوض بالحياة من جديد في هذه المنطقة. (ملعباس) نبض الحياة فيها لم يتوقف ، بفضل عائلات عديدة(خلف بولص شرو.. كورية حوشو .. ماروكي حبصون .. عيسى يوسف الباقسياني.. شمعون رشو.. احفاد المختار ابراهيم يعقوب. لحدو الياس .. ايناء وأحفاد ايليا قمصو ..) عائلات صمدت ،أبقت جسور العودة قائمة، لمن يرغب من ابنائها ممن غدرت بهم الحرب ودفعتهم مكرهين للهجرة وترك ارضهم ووطنهم . (كرشامو)، التي تغنى بها شاعرها(نينوس آحو) ومطربها( نينيب لحدو)، انقطعت فيها الحياة لسنوات طويل ما قبل الأزمة، عاد نبض الحياة اليها من جديد بفضل من تبقى من ابناءها ، حيث استحدثت فيها مزارع و منشأة اقتصادية. يبقى الأجمل والأكثر مبعثاً على الأمل والتفاؤل، وسط هذا المشهد، أن تجد في هذه القرى من يعشق ويحب في زمن الحرب. .. ما يلفت الزائر للمنطقة، حواجز مليشيات افرزتها الحرب . اختفاء صور لـ”دكتاتور سوريا العربي”، بعد أن هزت الحرب عرشه، وضعضعت اركان حكمه. لتحل مكانها صور لـ”دكتاتور كردي” غير سوري، مبجلاً بشعارات ومقولات وخطابات ونياشين كردية. تحولات ، تثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل منطقة، بدأت تخلع “ثوب العروبة” المهترئ، لتلبس “ثوباً كردياً” مزركشاً، ببعض الرموز السريانية الآشورية والارمنية. الاختفاء التام لـ”علم الدولة السورية” ، يعزز الشكوك بفرص بقاء هذه المنطقة الحيوية، جزءاَ من سوريا الجديدة. أنه “انقلاب في حركة التاريخ”!. انقلاب، قد يفجر مشكلات وصدامات بين الأهالي والميليشيات ،وبين الميليشيات نفسها. ميليشيات، بمختلف هوياتها وانتماءاتها وخلفياتها وأجندتها، تسعى لملء فراغ (أمني، سياسي ،اداري ، خدمي)، خلفه انحسار سلطة الدولة وانسحابها من كامل الريف. القضية الساخنة والأكثر إشكالية وقلقاً لابناء المنطقة، هي “مشكلة الأراضي الزراعية والأملاك والعقارات” للأسر المهاجرة،التي لم يبقى لها ابناء أو ورثة. تسعى الميليشيات استغلال هذا الفراغ، لوضع يدها بالقوة على هذه الأراضي والعقارات، من غير وجه حق، وبطريقة غير قانونية، وخلافاً للأعراف والتقاليد السائدة في المجتمع .
سليمان يوسف

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.