الثورتان السورية والأوكرانية: عناق وفراق

طلال عبدالله الخوري  23\2\2014 : مفكر حرsyrukr

مما لا شك فيه بأن الأحداث التي تجري في اوكرانيا الأن, وعناق الثورتين السورية والاوكرانية ضد الاستبداد, ووقوف ديكتاتور روسيا بوتين الطامح في توسيع نفوذه على حساب حرية وكرامة الشعوب, الذي يعادي هاتين الثورتين, له تأثير إيجابي على تقدم الثورة السورية وانتصارها الحتمي.
وبتحليلي الشخصي فأن احد اسباب (واضع خطين تحت احد) عدم استعجال الغرب بوضع حل للمأساة السورية هو وضع مصيدة لبوتين, لأنهم كانوا يعرفون بأن احداث اوكرانيا آتية لا محالة, بينما كان يسعى بوتين في الجهة المقابلة بتسريع انهاء الوضع السوري لصالح حليفه بشار الأسد والقضاء على الثورة السورية لكي يتفرغ للقضية الاوكرانية, وهذا سبب سخاء بوتين اللامحدود بدعم نظام عائلة الأسد الاجرامية.

ما هي مشكلة بوتين مع حرية الشعوب؟

مما لا شك به بأن بوتين انسان مريض نفسياً, يظن نفسه بأنه عظيم وأنه ند لأميركا والغرب, ويريد ان يثبت ذلك بكل ما لديه من قوة!؟ ولكن نحن نتسآل ما هي الوسائل التي يملكها؟

أميركا لم تقل قط لأحد بأنها دولة عظمى, ولكن اميركا بواسطة اجواء الحرية وحقوق الانسان التي تتبعها, أصبحت اقوى اقتصاد بالعالم, واكبر دولة منتجة بالعالم, و لديها افضل الصناعات بالعالم, ولديها افضل الجامعات بالعالم, وتنتج كل الاختراعات العلمية في العالم تقريباً, لهذا تسعى كل دول العالم لكي تحذو حذوها وللتحالف معها, والتعاون معها لكي تستفيد هذه الدول من التعاون مع الدولة العظمى في العالم والمتطورة بكل المجالات!؟

وعلى النقيض ليس لدى بوتين اي شئ يجعله عظيماُ, فاقتصاد روسيا اقل من اضعف دولة اوروبية؟ والصناعات الروسية متخلفة جداُ, والجامعات الروسية ضعيفة جداً, وهو يقود بلاده بواسطة الاستبداد والقمع والحديد والنار, لذلك هو يبحث عن كل الانظمة الاستبدادية في العالم من امثال نظام عائلة الاسد الاجرامية في سوريا, او نظام الولي الفقيه الثيوقراطي في ايران, لكي يتحالف معهم, ولكي يشكلوا جبهة ضد مبادئ الغرب في الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان, ومع ذلك هو يصيح في كل مكان مثل المريض النفسي “انا عظيم وقائد عظيم”, وهو يظن بأن استضافة الالعاب الاولومبية تجعله عظيماُ؟ مع انها كلفت كاهل شعبه المليارات من الدولارات التي كان يمكن ان يستخدمها في تحسين معيشة مواطنيه المزرية, ونحن ليس لدينا ادنى شك بأن الشعب الروسي سينتفض عاجلاُ ام آجلاً ويسقط هذا الطاغية “بوتين” ومعه نظامه.

نعم لا احد ينكر التاريخ المشترك لكل من الشعب الروسي والاوكراني, وانهما ينتميان عرقياً للشعوب السلافية, ولكن هذا لا يعن بان على الشعب الاوكراني ان يعيش بمقاييس الاستبداد التي يفرضها الطاغية بوتين على الشعب الروسي!؟ فقد ذاق الشعب الاوكراني مر الاستبداد خلال الحقبة السوفيتية, وهو يرفض العودة للحظيرة البوتينية, وهو ينظر الى نظام الحياة الاوروبية, وهو اختار الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان على نمط ابناء قارته الاوروبية, فالشعب الاوكراني ليس اقل من بقية الشعوب الاروبية بشئ للوصول للعيش بكرامة, ولكي يسير بوطنه نحو التحضر والازدهار.

من هنا نرى بان الثورتين السورية والاوكرانية تلتقيان وتتعانقان بسعيهما الى التحرر من الاستبداد والعيش بكرامة, وان روسيا متمثلة بالمستبد” بوتين” في كلتا الحلتين هي التي تضع العقبات في وجهيهما مستخدمة كل ثرواتها الضخمة التي تجمعها من بيع المواد الاولية كالنفط والغاز والذهب من مناجم سيبيريا.

الان: اين تفترقان الثورتان السورية والاوكرانية:

سبب كتابتي لهذا المقال هو لكي ابين الاختلاف بين الوضع السوري والاوكراني بطريقة موضوعية, لكي اسد الباب على انصاف المثقفين من المعارضة السورية اللذين بدأوا يندبون ويلومون الغرب بانه يهتم بأوكرانيا اكثر من سوريا لقربهم لهم جغرافيا وعرقيا ودينيا, ولكن الموضوع اعمق من ذلك كما سأوضح ببقية المقالة:

اولا: المعارضة الاوكرانية تتبنى مبادئ: الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان المطابقة للثقافة الغربية, وتريد ان تنضم اوكرانيا للأسرة الاوروبية, بينما المعارضة السورية الى الأن, وبعد اربع سنوات على بدء الثورة, لا احد في الخارج او في الداخل يعرف ما هي هويتها, عدا عن كلمات ومبادئ فضفاضة تخرج من هنا او من هناك, ولقد كتبنا عدة مقالات ندعو بها المعارضة السورية بتحديد هويتها لكي تطمأن الداخل والخارج, ولكن للأسف لم تستطع فعل ذلك لانها مشتتة بين الاسلاميين واليساريين واجندات الدول التي ترعاها.

ثانياً: الجيش الاوكراني له شخصيته المستقلة وعقيدته الوطنية بعدم التدخل في النزاعات السياسية الداخلية وحصر مهمته بالدفاع عن الوطن ضد الاعتداء الخارجي, ينما الجيش السوري هو جيش فاسد من العبيد الذين يخضعون وينفذون اوامر الطاغية بشار الاسد, لذلك يستطيع الطاعية  ان يستخدم كل الجيش السوري واسلحته في مصلحة نظامه بينما لا يستطيعوا ذلك في اوكرانيا.

ثالثاً: في اوكرانيا مجلس شعب منتخب بشفافية من قبل الشعب وهو يمثل الشعب تمثيل حقيقي بمختلف توجهاته ومشاربه, بينما مجلس الشعب السوري عبارة عن موظفين عبيد تم توظيفهم عند الطاغية بشار الاسد وهو يحركهم باصبعه.

رابعاً: الحكومة الاوكرانية تمثل كل الاطياف الحزبية باوكرانيا, بينما الحكومة السورية هم موظفين عبيد يختارهم الطاغية بشار الاسد لكي يخدموه وينفذوا اوامره.

خامساُ: في اوكرانيا يوجد حياة سياسية واحزاب حرة, بينما في سوريا لا توجد حياة سياسة منذ أربعين عاما على حكم عائلة الاسد وجميع المعارضين اما تم قتلهم او سجنهم او اجبروا على الهرب للعيش في قهر المنفى.

كل الاسباب السابقة جعلت مهمة فكتور يانكوفيج رئيس وزراء اوكرانيا في فرض طريقة الحياة الاستبدادية على النمط البوتيني في روسيا صعبا للغاية, بينما في المقابل جعل من مهمة الثورة الاوكرانية اسهل بكثير من الثورة السورية.

وفي الختام نحن ليس لدينا اي شك بان الثورة السورية ستنتصر كما الثورة الاوكرانية فلا احد يستطيع قهر الشعوب عندما تنشد الحرية والكرامة.

مواضع ذات صلة: 

مشكلة الهوية للثورات العربية 

مخاوف الاقليات ومعالجتها!

About طلال عبدالله الخوري

كاتب سوري مهتم بالحقوق المدنية للاقليات جعل من العلمانية, وحقوق الانسان, وتبني الاقتصاد التنافسي الحر هدف له يريد تحقيقه بوطنه سوريا. مهتم أيضابالاقتصاد والسياسة والتاريخ. دكتوراة :الرياضيات والالغوريثمات للتعرف على المعلومات بالصور الطبية ماستر : بالبرمجيات وقواعد المعطيات باكلريوس : هندسة الكترونية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.