الأستاذ نشأت أبو منذر الذي تم فصله من عمله بتهمة انه معارض سلبي

Adham Amer

 الأستاذ نشأت أبو منذر .. شاهد قرار فصلة بالضغط على هذا الرابط: ما هي تهمة المعارض السلبي وما هي عقوبته لدى نظام الأسد الإجرامي؟
أعرفه شخصياً بما يكفي لأقول بأنه كتلة متحركة من الضمير الحي والأخلاق العالية.
نشأت ليس أول الضحايا المغدورين في سلك التعليم .. ولن يكون آخرهم، فقد سبقه إلى شرف تصنيفه ” كمعارض سلبي ” كثيرون ممن كان لي شرف معرفتهم بشكل شخصي، أذكر منهم على سبيل المثال – لا الحصر -:
الأستاذ جاد الكريم الجباعي
الأستاذ مفيد مراد
الأستاذ رفيق عامر
السيدة هدى هنيدي

في عام ١٩٧٥ ، وفي ملحق مدرسة ( الثورة ) في مدينة السويداء، وعلى طريق قنوات تحديداً .. دخل إلى شعبة الصف السابع، أحد أكفأ مدرسي اللغة الإنكليزية، إنه الأستاذ القدير مفيد مراد، كنت حينها من الطلاب المحظوظين الذين تتلمذو على يديه في السنة اليتيمة التي مارس فيها شرف المهنة، قبل أن يصدر القرار التعسفي بفصله من مهنة التعليم بسبب ميوله الشيوعية كما أُشيع في ذلك الوقت، كانت صدمة حقيقية لنا، ولم يستطع المدرس المصري، ولا سواه من الذين خلفو الأستاذ مفيد، في سد الثغرة التي تركها غيابة.. أما هو ، فقد غادر إلى دولة الإمارات العربية، و أصاب فيها نجاحاً لافتاً يليق بإمكاناته.

في بداية الثمانينات وفي عز سطوة النظام، سطع نجم المفكر المعروف الأستاذ جاد الكريم الجباعي، وكان في ذلك الحين يمارس مهنة التدريس في ثانوية الشهيد إبراهيم زين الدين في شهبا، كمدرس للغة العربية، كنت في صف البكالوريا أدبي حين كان يدخل على شعبتنا التي لم تخلو يوماً من الشغب، فكان لزاماً على المدرسين، الإستعانة بالموجهين، لضبط الصف، وكان الإستثناء الوحيد هو حصص الأستاذ جاد الكريم، فكاريزما شخصيته الهادئة، الواثقة، الوقورة، وصوته الخفيض، كان لهم تأثير السحر حتى على عُتاة الشغب في الثانوية، و دروسه كانت محط اهتمام الجميع، وقد بلغت شعبيته أوجها حين حمله الطلاب على الأكتاف في إحدى المناسبات، تم بعدها فصل الأستاذ جاد الكريم من سلك التعليم، ثم نقلوه إلى وظيفة في احدى مؤسسات أرياف دمشق.

تكرر الأمر مع مدرس اللغة الإنكليزية رفيق عامر … تم فصله من سلك التعليم أيضاً بسبب ميوله الشيوعية، فغادر إلى السعودية.

الظلم والإجحاف طال أيضاً السيدة المدرسة القديرة، هدى هنيدي، ابنة البيت العريق، المعروفة بعطاءاتها المتميزة، فقد كانت تقتطع من وقتها، ووقت زوجها، و أولادها، لكي تعطي دورساً خاصة مجانية للطلاب المحتاجين .. تم فصلها أيضاً من سلك التعليم بسبب ( المعارضة السلبية ) على ما يبدو.

و ليحتفظ بوظيفته، كان جديراً ( بالمعارض السلبي ) نشأت أبو منذر، أن يكون ( معارضاً ايجابياً ) بدرجة مُخبر، على شاكلة لؤي حسين أو قدري جميل، أو على الأقل كعضو من أعضاء ( الجبهة الوطنية التقدمية ) التي ( ترعب وترهب ) النظام ( بمعارضتها الإيجابية الشرسة ) وتقاريرها المنتظمة.

هذه إحدى شرائح النٌخب الفاعلة التي يستهدفها النظام، لأنها قادرة على بلورة الوعي وتعزيز الأخلاق، وإذكاء شعلة الكبرياء، وهذا ما يخالف ويعاكس سياسة التجهيل والتركيع التي ينتهجها بشكل مدروس نحو ( قَطْعَنَة ) الناس، ليسهل اقتيادها و ركوبها.

يأتي قرار فصل الأستاذ نشأت أبو منذر بالتزامن مع الإحتفاء ( بكرخانة القبيسيات الإيجابية ) التي ستحرص على تفريخ الحمير الملتحية اللازمة لبقاء المستبد.

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.