يتصدر الاخوان المسلمون سائر المعارضات السورية لنظام الاسد الهمجي, قائمة من يتقن استدعاء الماضي و بالنتيجة لخسارة المستقبل. ربما هذه الحقيقة الوحيدة التي عرفها السوريون منذ احداث الثمانينيات من القرن الماضي و حتى يومنا هذا, دون أدنى أمل في تغيير من المنهج أو الهدف او العقلية الاخوانية.
من التاريخ, لم يفهم الاخوان المسلمون لماذا لم يقف السوريون معهم في التمرد على نظام حافظ الأسد رغم كل الاستبداد و الدموية و التآمر الذي عرفناه من حافظ الأسد منذ كان وزير للدفاع و كيف سلم الجولان على طبق من ذهب للصهاينة و هذه القصة معروفة للجميع و سيعاد كشفها مع سقوط هذا النظام العار, عاجلاً أم آجلاً.
كنا كسوريين من مختلف الانتماءات, امام خيارين لا ثالث لهما, إما استبداد و دموية نظام الأسد الملتحف برداء العلمانية دون وجه حق و بين استبداد و دموية و طروحات حركة الاخوان المسلمين الطائفية و الاقصائية و غير المنطقية لواقع سورية كشعب متعدد الانتماءات و الرؤى لشكل دولته و وطنه, فوقف معظم السوريين مع نظام حافظ الأسد كنوع من أهون الشرين فدفع كل السوريين ثمن هذا الموقف غالياً بسبب استغلال حافظ الأسد لفرصة تاريخية قدمها الاخوان المسلمين له, دعمه رفض السوريين للاسلوب الدموي و الطائفي الفاضح لممارسات الاخوان و وقوفهم القسري مع نظام الأسد كشكل شرعي لسلطة الدولة السورية.
لم و لن يفهم الاخوان المسلمين, كحركة سياسية, ان عليهم أن يقدموا الاعتذار الواضح و الصريح عن تسببهم بتلك الكارثة الوطنية التي من نتائجها سحق حافظ الأسد الحياة السياسية السورية من جذورها و كرس نظام حكمه الهمجي لعائلته, تحديداً.
حادثة كلية المدفعية المشينة التي كان بطلها النقيب ابراهيم اليوسف حيث قام كضابط أمن المنشأة العسكرية و مدرب لطلابها بتجميع الطلاب ليلاً و فصل الطلاب العلويين عن السنة ثم قتل العديد منهم بعد سهل عملية تسلل عناصر مسلحة من الطليعة المقاتلة لحركة الاخوان المسلمين. الحدث هز الشارع السوري في العمق و استنكرنا جميعاً هذا العمل اللاوطني و اللااخلاقي و بصراحة الجبان حيث شباب سوريون يدرسون العلوم العسكرية يقوم مدربهم بقتلهم لدوافع طائفية لا يقبلها السوريون بأي حال من الاحوال, لكن الحادثة لم تكون سوى بداية حالة من العنف الدموية المبررة وطنياً بتصفية حركة الاخوان المسلمين سياسياً و غير المبررة وطنياً بتصفيات طالت كل من اشتبه بانتمائه للاخوان أو تعاطف أو استنكر همجية النظام نفسه. تبعها مجزرة تدمر و بعدها مجزرة جسر الشغور و ريف ادلب و مناطق من حلب و بعض احياء اللاذقية لينتقل الطاغية الأسد لتصفية كل معارضيه السياسيين من يساريين و يمينيين فخلت الساحة السورية من اي كوادر سياسية معارضة و حتى غير معارضة و صار الجميع أسديون علانية فالدولة تحولت لدولة الأسد و المؤسسات تابعة لعائلة الأسد و خزائن الدولة و رصيدها المالي و الثقافي و الاقتصادي صار ملك لعائلة الأسد و زبانيته.
في بداية الثورة الشعبية السورية 2011 تنطح الاخوان المسلمون للمشهد و مارسوا الاقصاء المعهود لكل وجهة نظر سياسية وطنية مستقلة لا توافقهم و اعتبروا أن هذه الثورة ثورتهم وحدهم و صرحوا سراً و علانية بحقهم دون أحد في تيوء الصدارة و استلام السلطة بعقلية الغنائم و عقلية الاقوى تنظيماً, لم يكونوا سوى الوجه الآخر للاستبداد الأسدي بشكله الديني و المتعصب المتلحف برداء الدين و عقوبة مخالفة شرع الله.
رغم كل الفشل الذي مارسوه في المجلس الوطني ثم الائتلاف الوطني و في احتكارهم للوظائف و للمشاريع الاقتصادية و المالية و لللأقنية الاعلامية المعارضة و الخليجية, لكن دائماً لديهم القدرة على استعادة الفشل بكل ظرف أو مكان يسمح لهم بذلك.
معركة حلب اليوم هي معركة مفصلية بتاريخ الحدث السوري و على احتمال دخول النظام المجرم و مليشياته الطائفية المتوحشة و حجافل العسكر الايرانيين و الروس و عناصر حزب الله اللبناني لها, فإن ضربة قاصمة للثورة السورية و أحرارها و ثوراها سندفع ثمنها جميعاً دماً و تدميراً و عودة لنظام كان في عداد الساقط عالمياً و الميت وطنياً, بشكل اكثر تشبيحاً و وضاعةً.
وقوف معظم الفصائل المقاتلة ضد اتمام عملية حصار حلب و صدهم للقوات الأسدية المحتلة و ذئابها المسعورة, كان مطلب الحلبيين و كان أمل السوريين منذ تحول العمل السياسي السلمي الشعبي إلى عمل عسكري محض, إلى أبعد الحدود. يتفق السوريين و يختلفون على كنه كل فصيل مقاتل و يعتبر وجود بعضها على الأرض السورية هو مصيبة حاضرة و مستقبلية لا مناص من ابعادها بالقوة في يوم من الأيام لكن وجود نظام الأسد يمنع ذلك, كخيار من أهون الشرين, بين نظام الأسد وبين التنظيمات المقاتلة الاسلامية المتطرفة.
كان أملنا أن نشهد قيام جيش وطني حقيقي يكون بديل عن جيش الأسد و عن الفصائل و الجيوش غير الوطنية التي تعج بها سورية و لكن و بشهادة الكثير من المعارضين السياسيين و الضباط الاحرار المنشقين, كان لحركة الاخوان المسلمين الايادي السوداء من منع قيام جيش سورية الوطني, لأنهم لا يستطعون أن يخرجوا من دائرة استنساخ استبداد ميليشات نظام الأسد باستبداد ميليشيات نظام الاسلام السياسي الاخواني.
قد يعتبر البعض أني احمل على حركة الاخوان المسلمين لأسباب قد لا تكون منطقية و لكني انتقد من باب الرؤية الوطنية و الحرص على اشقاء في الوطن علينا أن نعمل له و من اجله فقط قبل أن يعمل البعض لمصالحهم الشخصية أو الحزبية أو الدينية.
يأتي اليوم الدليل على عبثية تغيير حقيقي في عقلية حركة الاخوان المسلمين, يتجسد بنكرانهم تضحيات السوريين المدافعين عن حلب السورية و تصدرهم اعلامياً باطلاقهم و تسويقهم لمعركة كلية المدفعية بحلب باسم النقيب ابراهيم اليوسف و كأنه استدعاء لبطل لم يكن, وطنياً, سوى في حكم المجرمين و القتلة و الطائفيين و بالتالي هو استدعاء احمق للتاريخ لتصدر مشهد استكمال الغباء و التفرد السياسي و تأكيداً لتصدر نبش القبور المتعفنة و فتح الجروح و شق الصفوف المتصدعة اصلاً.
بصدق و بأمانة, لا اتأمل الكثير في تغير حقيقي في العقول المغلقة و في النفوس المريضة و أصحاب المصالح الضيقة على حساب مصلحة ثورة عظيمة و مستقبل وطن يتداعى و ينهش منه القريب و البعيد, لكني لن أوفر فرصة لمخاطبة أصحاب الضمائر الحية و العقول النيرة من كل القوى السياسية المعارضة السورية و خاصة الاخوان المسلمين, من أجل سورية و من اجل شعبها الصابر الصامد الذي مازال محكوم بأمل الحرية و دولة الحق و القانون و المواطنة.
لن تنتصر الثورة السورية و هنالك قوى سياسية معارضة لا تفكر سوى بأبعد من أنوفها و تعتبر الثورة حصان طروادة لوصولها للسلطة و غنائم السلطة و التاريخ البعيد و القريب يخبرنا بأن القضايا الوطنية الناجحة لا يقوم بها ولا يقودها سوى الوطنين الاحرار المخلصين.
-
بحث موقع مفكر حر
أحدث المقالات
كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟
Published by:علي الكاشمباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراث
Published by:مفكر حردراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.
Published by:آدم دانيال هومه** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني ... غدت ضرورية غربية ودولية **
Published by:سرسبيندار السنديالحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولود
Published by:مفكر حر** كيف بلع نظام الملالي ... الطعم ألإسرائيلي **
Published by:سرسبيندار السندي** كيف يسخر ويضحك صبيان محمد الجدد ... على عقول ألمسلمين **
Published by:سرسبيندار السنديالمسيح في فكر الإسلام والعقيدة المسيحية
Published by:صباح ابراهيممن يوميات إمرأة حلبجية
Published by:مفكر حراسطورة الإسراء والمعراج
Published by:صباح ابراهيمالفيلم الألماني " حمى الأسرة"
Published by:طلال عبدالله الخوري** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
Published by:سرسبيندار السنديفيلم ايطالي عام 1959 عن تدمر والملكة العربية زنوبيا … علامة المصارع
Published by:مفكر حر** أمة الكُورد بين ألإسلام … والتخلف والتعصب والاوهام **
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/10
Published by:علي الكاشأفكار شاردة من هنا وهناك/51
Published by:مفكر حرقراءة متأنية في ديوان (قصائد منزوعة السلاح) للشاعر نينوس نيراري
Published by:آدم دانيال هومه** كيف رتبت أل سي اي ايه … لقاء الصحفي تايكر ببوتين ولماذا ألان **
Published by:سرسبيندار السندي** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/8
Published by:علي الكاشأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح( 18-19 )
Published by:حسن محموديأفكار شاردة من هنا وهناك/49
Published by:مفكر حرالانتخاب
Published by:مفكر حر" الاشياء البائسة" Poor Things
Published by:طلال عبدالله الخوريالأدب النسوي ما بين الإبداع والاستغلال
Published by:اسعد عبد الله عبد عليأفكار شاردة من هنا وهناك/48
Published by:مفكر حرالرب يفضح الأنبياء الكذبة
Published by:صباح ابراهيمأخطار تهدد الحياة على الأرض
Published by:صباح ابراهيمكأس عسل
Published by:عصمت شاهين دو سكيسليلة الآلهة
Published by:آدم دانيال هومهأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح ( 16, 17)
Published by:حسن محمودي** محنة العقل في الاديان ومعضلة كتبها … بالدليل والبرهان **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا قصف نظام الملالي الارعن … مدينة أربيل ألان **
Published by:سرسبيندار السندياوبنهايمر
Published by:طلال عبدالله الخوري** مَن سيُحاسب قادة حماس … على جرائمهم بحق غزة وأهلها **
Published by:سرسبيندار السندياسرار #الموساد عن #العراق - ج 1
Published by:صباح ابراهيمالمرأة بين الماضي والحاضر مسيرة كفاح وتنمية ونماذج معاصرة
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/4
Published by:علي الكاشالقاسم الأيمانيّ المشترك :
Published by:مفكر حرعام جديد..
Published by:مفكر حر** قصة مِيلادِ السيّد المَسِيحْ … العجيبة والفريدة **
Published by:سرسبيندار السندي#محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
Published by:محمد الماغوطأفكار شاردة من هنا وهناك/43
Published by:مفكر حرمن هو يسوع المسيح ؟ - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله-
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
Published by:علي الكاشفاطمة الزهراء و غموض تاريخها
Published by:صباح ابراهيم#نزار_قباني: أيها المسيح العظيم هل تقبل دعوتي إلى العشاء .
Published by:نزار قباني** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
Published by:سرسبيندار السنديهل روح الله هو الله ام جبريل ؟
Published by:صباح ابراهيمأُمة فيها العجب
Published by:عصمت شاهين دو سكيتجاعيد وايجار واتهام
Published by:اسعد عبد الله عبد عليتقاسيم على أوتار الريح
Published by:آدم دانيال هومهالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/1
Published by:علي الكاشالدعاء على المسيحيّين
Published by:مفكر حرمباحث في الأدب واللغة/63 الطعام والمطبخ العربي
Published by:مفكر حرأفكار شاردة من هنا وهناك/41
Published by:مفكر حرأحدث التعليقات
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
- س . السندي on فاطمة الزهراء و غموض تاريخها
- س . السندي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- س . السندي on سورة مريم اقتبست من شعر امية بن ابي الصلت
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on #محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
- Mohammad Al Kassab on ضحايا صدام حسين 7
- ابن الرافدين on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- قثيم بن سنحريب الفيروزي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- مسلم on القرآن زور التوراة والإنجيل
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- قثم بن عبد الات القرشي on هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- طوفان البدروسي on ** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية