محمد بن سلمان يجدد صورة السعودية وهتلر

بقلم سايمون هندرسون/
في مقابلة تلفزيونية وصف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بـ “هتلر جديد” في الشرق الأوسط. وقد وصل الأمير بن سلمان إلى الولايات المتحدة في نهاية الأسبوع الماضي واجتمع بالرئيس ترامب في المكتب البيضاوي في العشرين من آذار/مارس.
ويعود هذا الوصف في الواقع إلى مقابلة أجراها الأمير بن سلمان مع توماس فريدمان من صحيفة “نيويورك تايمز”، نشرت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وقد سئل ولي العهد عن هذا الموضوع في مقابلة ضمن برنامج “60 دقيقة”
(60Minutes )
على شبكة “سي بي أس” التلفزيونية تم بثها مساء يوم الأحد الثامن عشر من آذار/مارس.
وإذ تحدث الأمير باللغة العربية، شرح أن المرشد الأعلى الإيراني “يريد التوسع عبر إنشاء مشروع خاص به في الشرق الأوسط يشبه إلى حد كبير مشروع هتلر التوسعي في عصره”. وأضاف، “لم تدرك العديد من الدول حول العالم وفي أوروبا مدى خطورة هتلر حتى حدث ما حدث. لا أريد أن أرى نفس الأحداث تتكرر في الشرق الأوسط”.
من المرجح أن تثير التعليقات حول هتلر والتصريح بشأن السلاح النووي المخاوف من تهور الأمير محمد بن سلمان على صعيد السياسة الخارجية
إنها نسخة موسعة قليلا لما قاله الأمير لفريدمان وتعبر عن طريقة تفكيره القائمة على أن إيران الشيعية تشكل خطرا على العالم الإسلامي السني بقيادة السعودية. كما تشير، ويمكن القول بشكل صحيح، إلى أن الولايات المتحدة لم تفهم حقا الخطر الذي شكله هتلر ـ وربما لا تقدر اليوم أيضا الخطر الإيراني الفعلي. إنه تصريح مؤلم!

وكان السؤال التالي خلال المقابلة مع “سي بي أس”: “هل السعودية بحاجة إلى أسلحة نووية لمواجهة إيران؟”. وتجاهلت الإجابة تماما احتمال طلب نوع من المظلة النووية من الولايات المتحدة وافتراض الحصول عليها. فقد قال الأمير إن “المملكة العربية السعودية لا تريد الحصول على الأسلحة النووية، لكن دون شك إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسوف نتبعها في أقرب وقت ممكن”.
غير أن الواقع مغاير، فالسعودية ترغب فعلا في شراء مفاعلات للطاقة النووية ويريد اتحاد من الشركات الأميركية بقيادة “وستنغهاوس” أن يتم اختياره كمزود لها. كما ترغب الرياض في امتلاك تكنولوجيات التخصيب وإعادة المعالجة، وهما الطريقتان المستخدمتان لإنتاج اليورانيوم والبلوتونيوم العالي التخصيب على التوالي، وكلاهما من المواد النووية المتفجرة. ويتساءل البعض عما إذا كان الأمير محمد بن سلمان قد فكر في عواقب تصريحه المقتضب والمباشر هذا قبل الإدلاء به.
إذا حاولت السعودية زعزعة استقرار إيران من خلال تشجيع العصيان، فقد ينكشف ضعف المملكة بسرعة إلى العلن
ومن المرجح أن تثير التعليقات حول هتلر والتصريح بشأن السلاح النووي المخاوف من تهور الأمير محمد بن سلمان على صعيد السياسة الخارجية. فالحياة ليست بسيطة. وسلوك إيران يشكل تهديدا للمملكة، وقد تكون المنطقة أفضل من دون وجود آيات الله في طهران. لكن تحقيق ذلك حافل بالتحديات. فإذا حاولت السعودية زعزعة استقرار إيران من خلال تشجيع العصيان، وفقا لما صرح به الأمير للمحاورين الزائرين في جلسات خاصة، فقد ينكشف ضعف المملكة بسرعة إلى العلن.
اقرأ للكاتب أيضا: هل أن إعدام الأمير السعودي تركي يُعد تقدماً في المملكة الخليجية؟
وفي حين تلقى الإصلاحات الاجتماعية التي يجريها الأمير ـ مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة وتعزيز الإسلام المعتدل ـ استحسانا واسع النطاق على الصعيد الدولي، وتعتبر رؤيته الاقتصادية ضرورية وإن كانت على الأرجح مفرطة في الطموح، إلا أنه ينظر إليه على أنه أقل ثباتا في السياسة الخارجية.
فقد تحولت حرب اليمن إلى مستنقع موحل وسط الصحراء. كما أن فرض حصار على قطر، بالتعاون مع صديقه المقرب ولي عهد أبوظبي من دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، قد فشل في إخضاع جارتهما المجاورة المزعجة بالسرعة التي توقعها الرجلان. كما أن لي ذراع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الذي أدى إلى استقالته لفترة وجيزة اعتبر أمرا سخيفا.
وقد يكون أحد كتاب العواميد في صحيفة “فاينانشال تايمز”، الذي كتب بعد الزيارة الأخيرة لمحمد بن سلمان إلى لندن قد أطلق حكما صائبا حول ما قصده الأمير البالغ من العمر 32 عاما، والذي سيصبح قريبا ملك السعودية، حين قال إنه يجدد صورة المملكة بالكامل عوضا عن إصلاحها.
وبالطبع، إذا ما اقتبس المرء سابقة تاريخية، فهناك دائما خطر أن يذكر باحث أو أكثر العالم بأنه من خلال الحكم على أحداث الحرب العالمية الثانية، فإن موقف السعودية عرضة للنقد. فهي لم تنتظر فقط حتى أيار/مايو 1945 لإعلان الحرب، بل إن أمراء سعوديين، أعمام الأمير محمد بن سلمان، عمدوا إلى زيارة هتلر في أواخر ثلاثينيات القرن المنصرم. وفي السبعينيات، ارتأى الملك خالد أن “الفوهرر” كان “رجلا خبيثا”، وكان الأمير عبدالله الذي أصبح لاحقا ملك السعودية يصدم الدبلوماسيين الزائرين ويعرض عليهم خنجرا أهداه إياه هتلر.
سايمون هندرسون هو زميل “بيكر” ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.
المصدر: منتدى فكرة

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.