( صناعة العدو )
في التاريخ القديم جدا تذكرإحدى مروياته كيف أن العرب القاطنين حول مملكة (يهودا) حملوا معهم رؤوس بعض الماشية من الغنم والماعز والتحف الثمينة ليهدوها الى جيرانهم كرسالة حب وسلام ورغبة في التعايش السلمي , كان ذلك قبل ميلاد المسيح عليه السلام ورغم كل الحروب التي عصفت باليهود وعصفت بالعرب أقام اليهود والعرب كجيران وسيقيمون ماأقام عسيب ،حتى عندما تتدخل الارادة الالهية لتأدب طرفي الصراع حين يذيق بعضهم بأس بعض أو تسلط على كليهما قوة خارجية تشردهم كي يقوى ايمانهم ويعودوا الى الشريعة فيكف الله عنهم أيدي العدوان الخارجي ويضل هذا القانون الالهي ثابتا على مر الزمان وتعاقب الاجيال في رحلة الصراع الأزلي الذي لابد ان يكون محوره هو السلام والتعايش (وإن عدتم عدنا) 0
ومؤشر الصراع على البقاء في دائرة الحروب التي لاتصل الى حدود الابادة الجماعية لطرفي الصراع هو في التمكين الذي يقرره الله لأي من الطرفين عندما يشعر أن احد طرفي الصراع اخلوا بميثاقهم (السلمي) مع جيرانهم أو أن جيرانهم نكصوا على اعقابهم فيبدأ الضعف بهم الى أن يقوموا بتسليم (المفاتيح) فالصراع كله صراع على ابواب ومفاتيح لأماكن الانبياء وكنوزهم وهوصراع على (التملك) وليس صراع وجودي يتعلق بعقيدة الفناء والاضمحلال الذي يجب أن يكون للآخر فهذه (المفاتيح) هي لب الصراع وهي تكون في يد القوي لتنتقل منه لحظة تقرير ضعفه وهذا سر (الوجود) في الصراع السياسي لليهود مع غيرهم ليكونا نموذجا (للتمكين) ومحور صراع الارض وتصارع الشعوب عليهما 0
وفي هذا الصراع من المفترض أن التعايش من خلالة استجابة للتحذير(وإن عدتم عدنا) لينشئ عنه مبدأ تداول السلطة سلميا وتكون هناك حفلة لتسليم (المفاتيح) للطرف الأقوى الى أن يأذن الله بضعفه وتمكين الأخر فيقوم الطرف الاضعف بتسليم (الادارة) الى من هو قادر على رعاية مصالح الشعبين دون ان يكلف ذلك اراقة دماء أو ارتكاب مجازر كما حدث ابان الفتح (العمري) للقدس ويظل الصراع السياسي الذي في مظهره ديني هو كيفية تداول السلطة بين المكونات على اساس (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) 0
واعادة الكرة تقتضي ديمومة الصراع بين المثلث الديني (اليهود –المسلمين-المسيحيين ) مع أن (المسيحيين) هم الطرف الأضعف في الصراع لأن عقيدتهم تنأى عن الصراع العنفي وتجعلهم ضحايا في الغالب وتوكل مهمة الصراع والتصارع للآخرين وجوهر الصراع هو على خلافة الارض وإقتسام الثروات وليس بالضرورة ان يكون (دينيا) والا استطاع الدين الجديد ان يلغي الدين القديم الذي حافظ على بقائه وحويته رغم مرور الاف السنين والصراع الاقتصادي والسياسي الذي هو مقتضى عمارة الارض تتطلب امكانيات تنظيمية وبشرية لتنتفي مع الصراع الداخلي داخل منظومة كل ضلع من أضلاع المثلث وتبدأ معها أحقية الطرف الاخر في ادارة (الإعمار) عندما ينحرف الاخر عن حماية نفسه وحماية البقية في اطار القانون الاجتماعي الشامل 0
فلو آمنت البشرية بنظرية تسليم المفاتيح وتعاقب الادوار وإعترفت بأحقية كل طرف بقدرته على إدارة شؤون الارض عندما يقرر الله أن يستخلفه عليها في ظل تداول سلمي للسلطة بمايكقل للجميع حرية الاعتقاد وإعلاء شعائره الدينية مع الحق في الاحتجاج (السلمي) لكي يحدث التوازن (السياسي والاجتماعي) لكي لايستأثر القوي بكل شيئ ويذهب بكل شيئ
وهذا قد يكون مطبق عمليا في الاراضي الاسرائيلية ضمن مايعرف (الخط الاخضر) الذي يقبل بفكرة التعايش السلمي والقبول بحقيقة ادارة القوي وفق ارادته ضمن المحافظة على المكتسبات الوطنية ، رغم أن اسرائيل (الدينية) التي تصر على إرتداء عباءة (التوراة) أحيانا لتحافظ على تميزها العنصري تخشى من نظرية (التعايش) ولديها (لوبي) يستميت وراء فكرة (الحرب) وخلق (عدو مسلح) لأن هذا العدو هو الذي يضمن لها البقاء في ظل القوة الحقيقية التي تمتلكها ،ولذلك اسرائيل هي اكثر الدول تمسكا بمايعرف (محور المقاومة) وتطرب حد الرقص لفرقعات (حماس) على مقربة منها لكي تجعل الشعب اليهودي ينكفئ على ذاته وتجعله يعيش دائما هاجس (الإبادة) وقد يأخذها الحماس الخفي للدفاع عن وجود هذه (المحاور) لتشعر العالم الحر أن شعبها يعيش بمحيط يتربص به الدوائر ،رغم يقينها ان هذا المحيط هو اضعف من أن يجابه (دبابة) واحدة خرجت تستطاد (المقاومين)في أطراف بلدة حدودية ،حتى مايعرف (بالدولة الاسلامية ) لاتخشى إسرائيل من قيامها بل وتشجع على وجود مثل هذه النماذج من حولها لأن وجود مثل ذلك يطيل عمر بقاء اسرائيل لأنها تعرف أن نموذج الدولة الاسلامية أو الديكتاتورية الحزبية لايمكن ان يعيش أكثر من عمر رجل أو رجلين أو حتى ثلاثة ولكن مهمتها الرئيسية هي مقاومة المنظومات الراسخة وليس(أمزجة) الرجال/القادة الذين سرعان مايبدأون بالضعف والانكسار لأن النموذج الاسلامي أو الحزبي /الفاشي عادة يبدأ نتيجة صراع شخصي داخلي وينتهي بالصراع الداخلي أيظا دون ان يشكل خطرا على الاخر ويحمل غالبا تدمير نفسه بنفسه لإنغلاقه وعدم اتساع افقه فضلا عن فكرة الحكم الفاشي تبدأ من فكرة العصبة (المليشيا) وتظل رهينة لها ولا تستطيع ان تتعايش مع فكر الدولة كحال (حماس) و(حزب الله ) في ظل الصراع المعلن مع اسرائيل أو مايسمى محور(المقاومة/الوهم) حتى ايران في ظل ديمقراطية (رجال الدين) المزعومة لاتشكل أي خطر على إسرائيل وتخشى إيران من عدوها الذي تحمله على راسها وهو (العمامة) اكثر من قبعة (اليهود) لأن العمامة لها استحقاقات داخلية تقتضي اسالة الدماء الوطنية أحيانا قبل الوصول الى حدود اسرائيل وهذه الاستراتيجية (الدينية) هي التي تجعل اسرائيل في مأمن مما يسمى الدول الدينية أو حتى الدول (الحزبية) بل قد تستميت على إقامتها على مقربة منها ولاتخشى منها بقدر خشيتها من مشاريع الدول (الليبرالية) التي تتسع لجميع مواطنيها وتعتني بكرامتهم وتعلي بهم قيم المواطنة وحب الارض والاستماتة في الدفاع عنها كماهي قيم المواطنة(المصرية) التي تقاوم فترات (التدمير) من خلال حقبة الحزب الواحد /الشخص الواحد كما تقاوم الان مرحلة التدمير (الممنهج) التي تتبناها (الأحزاب الدينية) في تحطيم (المواطنة) في نفوس عاشقيها وتضعف بها روح المقاومة بل والبحث عن (خط أخضر) يحمي المواطن من (وطنه) عندما يوشك أن يصبح موطنا (للخطوط الحمراء) !!!!!!!
عمري الرحيل –عرعر
-
بحث موقع مفكر حر
أحدث المقالات
كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟
Published by:علي الكاشمباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراث
Published by:مفكر حردراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.
Published by:آدم دانيال هومه** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني ... غدت ضرورية غربية ودولية **
Published by:سرسبيندار السنديالحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولود
Published by:مفكر حر** كيف بلع نظام الملالي ... الطعم ألإسرائيلي **
Published by:سرسبيندار السندي** كيف يسخر ويضحك صبيان محمد الجدد ... على عقول ألمسلمين **
Published by:سرسبيندار السنديالمسيح في فكر الإسلام والعقيدة المسيحية
Published by:صباح ابراهيممن يوميات إمرأة حلبجية
Published by:مفكر حراسطورة الإسراء والمعراج
Published by:صباح ابراهيمالفيلم الألماني " حمى الأسرة"
Published by:طلال عبدالله الخوري** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
Published by:سرسبيندار السنديفيلم ايطالي عام 1959 عن تدمر والملكة العربية زنوبيا … علامة المصارع
Published by:مفكر حر** أمة الكُورد بين ألإسلام … والتخلف والتعصب والاوهام **
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/10
Published by:علي الكاشأفكار شاردة من هنا وهناك/51
Published by:مفكر حرقراءة متأنية في ديوان (قصائد منزوعة السلاح) للشاعر نينوس نيراري
Published by:آدم دانيال هومه** كيف رتبت أل سي اي ايه … لقاء الصحفي تايكر ببوتين ولماذا ألان **
Published by:سرسبيندار السندي** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/8
Published by:علي الكاشأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح( 18-19 )
Published by:حسن محموديأفكار شاردة من هنا وهناك/49
Published by:مفكر حرالانتخاب
Published by:مفكر حر" الاشياء البائسة" Poor Things
Published by:طلال عبدالله الخوريالأدب النسوي ما بين الإبداع والاستغلال
Published by:اسعد عبد الله عبد عليأفكار شاردة من هنا وهناك/48
Published by:مفكر حرالرب يفضح الأنبياء الكذبة
Published by:صباح ابراهيمأخطار تهدد الحياة على الأرض
Published by:صباح ابراهيمكأس عسل
Published by:عصمت شاهين دو سكيسليلة الآلهة
Published by:آدم دانيال هومهأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح ( 16, 17)
Published by:حسن محمودي** محنة العقل في الاديان ومعضلة كتبها … بالدليل والبرهان **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا قصف نظام الملالي الارعن … مدينة أربيل ألان **
Published by:سرسبيندار السندياوبنهايمر
Published by:طلال عبدالله الخوري** مَن سيُحاسب قادة حماس … على جرائمهم بحق غزة وأهلها **
Published by:سرسبيندار السندياسرار #الموساد عن #العراق - ج 1
Published by:صباح ابراهيمالمرأة بين الماضي والحاضر مسيرة كفاح وتنمية ونماذج معاصرة
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/4
Published by:علي الكاشالقاسم الأيمانيّ المشترك :
Published by:مفكر حرعام جديد..
Published by:مفكر حر** قصة مِيلادِ السيّد المَسِيحْ … العجيبة والفريدة **
Published by:سرسبيندار السندي#محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
Published by:محمد الماغوطأفكار شاردة من هنا وهناك/43
Published by:مفكر حرمن هو يسوع المسيح ؟ - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله-
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
Published by:علي الكاشفاطمة الزهراء و غموض تاريخها
Published by:صباح ابراهيم#نزار_قباني: أيها المسيح العظيم هل تقبل دعوتي إلى العشاء .
Published by:نزار قباني** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
Published by:سرسبيندار السنديهل روح الله هو الله ام جبريل ؟
Published by:صباح ابراهيمأُمة فيها العجب
Published by:عصمت شاهين دو سكيتجاعيد وايجار واتهام
Published by:اسعد عبد الله عبد عليتقاسيم على أوتار الريح
Published by:آدم دانيال هومهالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/1
Published by:علي الكاشالدعاء على المسيحيّين
Published by:مفكر حرمباحث في الأدب واللغة/63 الطعام والمطبخ العربي
Published by:مفكر حرأفكار شاردة من هنا وهناك/41
Published by:مفكر حرأحدث التعليقات
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
- س . السندي on فاطمة الزهراء و غموض تاريخها
- س . السندي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- س . السندي on سورة مريم اقتبست من شعر امية بن ابي الصلت
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on #محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
- Mohammad Al Kassab on ضحايا صدام حسين 7
- ابن الرافدين on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- قثيم بن سنحريب الفيروزي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- مسلم on القرآن زور التوراة والإنجيل
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- قثم بن عبد الات القرشي on هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- طوفان البدروسي on ** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية