وفجأة ينبطح نظام العنتريات السوري

ايلاف

يرسل النظام رسائل استجداء لنواب البرلمانات البريطانية والفرنسية واعضاء الكونغرس الأميركي. اسلوب هذه الرسائل يدل ان شركات علاقات عامة متخصصة قامت بكتابة النص نيابة عن النظام. كيف يهدد النظام ويتوعد وفي الوقت ذاته يتوسل للغرب بأن لا يوجه ضربة عسكرية لنظامه؟

بسرعة البرق وافق نظام دمشق على التخلي عن مخزونات الترسانة الكيماوية ليتجنب ضربة عسكرية قد تؤدي الى سقوط النظام. سيفسرها الاعتذاريون بتكتيك سياسي او مناورة ديبلوماسية وغيرها من التسميات. الحقيقة ان الهلع والخوف هو الدافع الرئيسي لهذا التنازل المفاجيء.

الدرس الذي تعلّمه السوريون خلال العقود الأربعة الماضية ان نظام الشعارات القومية يتراجع بسرعة أمام أي تلويح بالقوة العسكرية من الخارج. لكنه على استعداد لمحاربة شعبه بكافة انواع الأسلحة.

تراجع حافظ الأسد عام 1998 عندما هددت تركيا سورية بالحرب إذا لم تسلّم عبد الله اوجلان، رئيس حزب العمال الكردستاني، وهرعت دمشق بتسليمه.

انسحب الجيش السوري من لبنان بطريقة مخزية أمام التهديد الدولي عندما اغتيل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق وفيق الحريري عام 2005 أي نفذ بيومين انسحابا من احتلال استغرق 3 عقود.

تهافت النظام على المبادرة الروسية لوضع أسلحته الكيماوية تحت رقابة دولية وتفكيكها ما هو الا خوف وهلع وخنوع من نظام اعتاد على المكابرة والتهديد والصراخ بشعارات مقاومة وصمود وما الى هنالك من الأكاذيب.

هذا الخنوع هو اعتراف بان النظام السوري يمتلك فعلا اسلحة خبيثة واعتراف انه ارتكب جريمة بحق الانسانية.

ماذا قال عناترة النظام ومؤيديه؟

هذه مجرد أمثلة بسيطة وسريعة لعنتريات شهدناها وسمعناها وقرأناها خلال فترة لا تزيد عن ثلاثة اسابيع. لا يوجد مجال لسرد كل التهديدات والعنتريات الصادرة من حناجر ازلام النظام والمعجبين به وبشعاراته.

ابادة اسرائيل بالاف الصواريخ:

خذ مثلا زكريا أبو يحيى أو يحي ابو زكريا المؤيد لمحور الممانعة الحنجرية الذي صرخ مؤخرا على الفضائية السورية:” يا أوباما يا حقير يا من تخليت عن شرفك ولم تنتقم للسود الذين ظلمهم البيض، يا أوباما هنا سوريا فخفف لهجتك، يا حقير خفف لهجتك فليست سورية التي تهزم. إذا حاولت أمريكا ضرب سورية، فالمقاومة ستأخذ الجليل وستغلق إيران مضيق هرمز وصواريخنا جاهزة، وقد قررت القيادة العسكرية أن تبيد “إسرائيل” إذا تعرضت سورية لأي هجمات.

وآخر يدعى بسام أبو عبد الله هدد على التلفزيون السوري أن كل صاروخ سيسقط على دمشق سنرد عليه بمائة صاروخ على تل أبيب.

وآخر يدعى وئام وهاب الذي هدد على قناة المنار إن كل طلقة تطلق على سورية سيُرَد عليها بعشرة آلاف صاروخ على المدن الفلسطينية في اليوم الأول فقط. يا للهول. اسرائيل ترتعد والعالم يرتجف خوفا.

ثم يخرج علينا الرئيس السوري بشار الاسد ذاته ليحذر من خطر اندلاع حرب اقليمية في حال توجيه ضربة عسكرية غربية الى بلاده، وقال الاسد لصحيفة ‘لوفيغارو’ أواخر أغسطس 2013 ان ‘الشرق الاوسط برميل بارود والنار تقترب منه اليوم. الجميع سيفقدون السيطرة على الوضع حين ينفجر برميل البارود. وكرر أن خطر اندلاع حرب اقليمية موجود. ثم يهدد بفيتنام جديدة ووزير اعلامه يهدد بحرق المنطقة وكلنا نعلم ان هذه التهديدات تفتقد للمصداقية ولا معنى لها.

تهديدات ايرانية بازالة اسرائيل من الخارطة:

ومن ايران حذر قائد الحرس الثوري الإيراني من أن أي ضربة عسكرية أميركية تستهدف سوريا ستؤدي إلى ردود فعل “تتجاوز” الأراضي السورية.

وقال محمد جعفري”أن الأميركيين واهمون إذا اعتقدوا أن التدخل العسكري سيكون محصورا داخل الحدود السورية، لأنه سيتسبب بردود فعل تتجاوز هذا البلد”. وفي أغسطس هدد قادة عسكريون ايرانيون بازالة اسرائيل من الوجود واستهداف المملكة العربية السعودية.

مسعود جزايري، نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، قال قبل عدة ايام: “أميركا تعلم حدّ الخط الأحمر للجبهة السورية، وأي تجاوز للخط الأحمر السوري سيكون له عواقب وخيمة على البيت الأبيض”. أي عواقب وخيمة؟ فمنذ عام 2006 ومحمود احمدي نجاد يهدد بمسح اسرائيل من الخارطة. ثم يهدد قادته العسكريون بتدمير اسرائيل وباغلاق مضيق هرمز ثم يتراجعون ويفسرون التراجع بأنه تم اساءة تفسيرما قالوه باللغة الفارسية

ثم التهديدات العراقية:

هددت ميليشيا في العراق تطلق على نفسها اسم “جماعة النجباء” بمهاجمة المصالح الامريكية في العراق والمنطقة إذا وجهت واشنطن ضربة عسكرية لدمشق. وذكرت وكالة رويترز ان جماعة النجباء تضم تحت مظلتها مسلحين عراقيين عبروا إلى سوريا للقتال في صفوف قوات الرئيس السوري بشار الأسد وتضم الجماعة مقاتلين من عصائب الحق وكتائب حزب الله وميليشيات عراقية اخرى.

وارجو من العنتريين والمطبلين والمزمرين والمهددين ان يجيبوا على اسئلة بسيطة وهي:

اولا: لماذا يهرع النظام للتنازل عن سلاحه الاستراتيجي الكيماوي بسرعة فائقة؟

ثانيا: لماذا فشل خلال عامين ونصف من هزيمة الثوار واخماد الثورة؟

ثالثا: لماذا لم يطلق رصاصة واحدة على جبهة الجولان المحتلة لأربعة عقود؟

كل هذه التهديدات سمعها الشارع العربي من صدام حسين والقذافي ويسمعها الآن من بشار الأسد. هناك عنصر مشترك او قاسم مشترك بين الطغاة الثلاثة حسب كتاب بعنوان “المجانين في سدة الحكم” الذي صدر باللغة الانجليزية بتاريخ 13 حزيران 2013 وبشار الأسد من ضمن المعتوهين الخمسة. القاسم المشترك بين الطغاة هو الغباء والجهل وعقدة الجنون والمقدرة الغريبة على التهديدات بالزلازل والصواعق والبراكين.

ولهذا قلنا في مقالات سابقة أن تهديدات المعلم ومقداد وبشار الأسد ومحور الممانعة الشفهية والمقاومة اللفظية يجب ان لا تؤخذ على محمل الجد.

لندن

 

About نهاد إسماعيل

كاتب عربي ليبرالي يعيش بلندن
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.