حضن الأم .. الشاعر القروي رشيد سليم الخوري 1887- 1984

birthJesus تصوَّرَ الشاعر قد مات وانتقل الى السماء استقبلته الملائكة و القديسون بالترانيم والموسيقى و الغبطة على وجوه الجميع ولكن بعد فترة وجيزة تسرب الملل الى نفس الشاعر ، و سأل احدَ الملائكة .. كيف يعود الى الأرض؟ استغربَ الملاك السؤال وقال له ان الطريق هنا في اتجاه واحد ولا عودة الى الأرض فانفجر الشاعر بالبكاء و علا صياحه فأزعج السماء ومن فيها .. دعاه رب السماء يستوضح الامر منه وسأله لماذا لا تعجبك جنتي ؟ هل يضايقك احد ؟ اجابه الشاعر :كلا .. ولكني اريد ان اعود الى الأرض ..! استغربَ الأله هذا الطلب والاصرار … وطلب معرفة السبب .. قال الشاعر : انت الاله العظيم القدير الكريم الجليل وو .. وو .. ولكن .. ولكن .. ولكن ينقصك شيء .. ولن تستطيع فهمي .. مهما حاولتُ او شرحت لك .. أنت ليس لك أم ولا تعرف فرحةَ أن تقول يا ماما ! فأطرق رب السماء، كما تقول القصيدة … أمعقول هذا؟ اوَ تكون على الأرض سعادة ينعم بها الإنسان، وفي السماء لم يعرفها ولم يسمع بها رب السماء؟ وللحال امر بجلسة طارئة لمجلس شورى السماء .!  ولكي يذوق الله طعم الامومة ولد يسوع المسيح الله من العذراء مريم

روى الراوون أن عَثروا بمِصرَ … على دَرْج غَريبِ الخَطِّ مُبهَمْ
فحاولَ فهمَهُ العُلماءُ لكن… بَدا لِجماعةِ العُلماء طِلسَمْ
إلا أن حَلَّهُ الشعراء شِعراً… ومَن بالشعرِ كالشُعراءِ يَفهمْ
وذَلكَ أنه من قَبلِ عيسى… توفِّي شاعرٌ في الشرق ِمُلهَمْ
أضاعَ العُمرَ في طلبِ المَعاصي… يُحلِّلُ ما كِتابُ اللهِ حَرَّمْ
فَكادَ إلى اللَّظى يُلقَى جزاءً… لما من سيِّئ الأعمالِ قَدَّمْ
ولكن برَّهُ الأبوَينِ غطَّى… مساوئه فخُلِّصَ من جَهَنَمْ
وجازاه الإله جزاء عبدٍ تقيٍ … حسب ما في الكتــب علم
فَنامَ بحضنِ إبراهيمَ لكن… قُبَيلَ الفجرِ شاعِرُنا تَبَرَّمْ
وقامَ لربِّهِ يَشكو ويَبكي… بُكاءً صَيَّر الفردوس مَأتَمْ
فهدَّأ رَوعَهُ وحنا عَليهِ… وطيَّبَ قَلبهُ بِحنانهِ الجَمْ
ووسَّدَهُ يديهِ ورُكبتيهِ… ومالَ عَليهِ بالتَقبيلِ والضَمْ
وقالَ لِعبدِهِ داوودَ رَنِّمْ… لهذا البُلبُلِ الباكي فَرَنَّمْ
فَنامَ بحُضنِهِ الأبَويِّ حيناً… وعادَ يُساقطُ العَبراتِ عِندَ مْ
إلى أن ضَجَّ أهلُ الخُلدِ غَيظاً… وصاحَ اللهُ من غَضَبٍ إلى كَمْ
أُطيقُ تَذمُّراً مِن عَبدِ سوءٍ… يُجَرَّعُ كَوثَراً فَيقولُ عَلقَمْ
تَظلَّمَ في الثَّرى من غَيرِ ظُلم… وحتى في النَّعيمِ مَعي تَظَلَّمْ
أرى الشُعراءَ جازوا الحَدَّ إني… أكادُ لِخَلقِيَ الشعراءَ أندَمْ
عَلامَ بُكاكَ يا هذا وماذا… دَهاكَ فلا تَنى تَشكو, تَكَلَّمْ
أصَفحي عَنكَ قد أبكاكَ أم ما… جُزيتَ بهِ منِ الإِحسانِ أمْ.. أمْ؟
فَصاحَ : العفوَ يا مَولاي من لي… سِواكَ ومَن سِوى الرحمَنِ يَرحَمْ
أتَيتُكَ راجياً نَقلي لِحضن… أحبُّ إليَّ مِن هذا وأكرَمْ
لِحضنٍ طالما قد نِمتُ فيهِ… قَريرَ العَينِ بينَ الضَمِّ والشَّمْ
أما ألقَيتَ رأسكَ فوقَ صدرٍ… حَنونٍ خافقٍ بمحبَّةِ الأمْ؟
فَدَعني مِن نَعيمِ الخُلدِ إني… نَعيمي بَينَ ذاكَ الصدرِ والفَمْ
تُربِّتُني كعادَتِها بِرفقٍ… وتُنشدُ نَمْ حبيبي بالهنا نَمْ
فَأصغى سَيدُ الأكوانِ لُطفاً… لشكوى شاعِرِ الغبراء ِواهتَمْ
وقالَ لِنفسهِ هذا مُحالٌ… أيَعلمُ شاعِرٌ ما لَستُ أعلَمْ
أيَنعمُ خاطئٌ في الأرضِ قَبلي… بما لَستُ في الفِردَوسِ أنعَمْ
لأكتَشِفَنَّ هذا السرَّ يَوماً… ولو كُلِّفتُ أن أشقى وأُعدَمْ
وكانَت لَيلَةٌ وإذا صَبيٌّ… صَغيرٌ نائِمٌ في حضنِ مَريَمْ

About رشيد سليم الخوري

رشيد سليم الخوري ( 1887م - 1984م)، المعروف بـ "الشاعر القروي" و"شاعر العروبة" وله أخ يدعى قيصر ويعرف باسم الشاعر المدني. ولد الشاعر رشيد في قرية البربارة سنة 1887، من الشعراء العرب في القرن العشرين، وقد هاجر الشاعر إلى البرازيل في عام 1913 برفقة أخيه قيصر. وتولّى رئاسة تحرير مجلة "الرابطة" لمدة ثلاث سنوات، ثم رئاسة "العصبة الأندلسية" عام 1958م، فكان رئيسها الثاني بعد ميشال معلوف، وظل في المهجر مدّة خمسةٍ وأربعين عاماً؛ حيث عاد إلى وطنه (الذي قضى فيه ثلاثة وعشرين سنة) وكان ذلك في عهد الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958. له من الشعر "السمكة الشاكرة".
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.