القمني و مناوراته

sayedelqomniسيد القمني مفكر نحترمه.و صولاته و جولاته أنارت بعضاً من العقل الجمعي المصري و له دور تثقيفي موضع تقديرنا. هو رجل بالإضافة إلي دراسته الجامعية ثقف نفسه بنفسه. كالعقاد و الحكيم.و وسع مداركه بأبحاثه.لذلك حين ننتقده فنحن ننتقد ما ذهب إليه فكره مما نراه خطأً و لا ننزلق إلي مهاترات تمس شخصه الذي هو عندنا بغير تحفظات شخص كريم و راقٍ و عزيز.
حين قرأت عن دراسات و أبحاث و مؤهلات الأستاذ سيد القمني و هو ليس دكتوراً و لا يهم أن يكون ففكره أرقي من أساتذة جامعات كثيرة.لكنني فقط أبرر لماذا أقول أستاذ و ليس دكتور.لم أجد في أبحاثه أو دراساته ما يمت بصلة للكتاب المقدس.لا تاريخه و لا جغرافيته و لا منهجه و لا تواتر النبوات فيه و لا مصداقية أحداثه و لا أدلة صدقه المادية و التاريخية و الأثرية فقط رأيت مزيجاً من معلومات جمعها بإتقانه المعروف و قلمه المتفرد فكتب عن قصة الخلق و عن إبراهيم النبي والتاريخ المجهول.لذا فكل مقال له أو تعليق أو نقد في (الكتاب المقدس )لا يعد دراسة أكاديمية حيث لا يتبع أي منهج علمي و لا يستند علي أية مرجعيات ثقات لكي يبرر لنا آراءه أو شرحه كما فهمه هو.
لذلك فإنني أكاد أجزم أن القمني ليست لديه معرفة علمية كتابية و لا دراسات أكاديمية كتابية.و إلا فعليه أن يذكر أين و متي و ما محصلة هذه الدراسات إن وجدت.و بالتالي سنعتبر كل آراءه التي ذكرها أو سيذكرها مجرد إجتهادات فكرية قاده إليها عقله المستنير في مناحٍ كثيرة -ليس منها الكتاب المقدس – مما ورطه في آراء و هجوم لم يكن لها أى داع لكن إن وضعنا موقفه الحرج و القضايا المرفوعة ضده في الحسبان لأنه يتكلم دون تريث مما يجعله متورطاً دائماً فإننا يمكن أن نتفهم سر هذا الإندفاع نحو مهاجمة الكتاب المقدس و أعتبرها أحد مناوراته.و سيد القمني رجل ذكى يجيد المناورة
أذكر له رسالة كتبها لأم النور و نشرها 2002 و قد تسببت في إشاعة إعلان مسيحيته و هذا ما نفاه سريعاً في حينه .
كذلك مناورته مع تنظيم الجهاد و أنا أتفهم خوفه علي أسرته و علي نفسه سنة 2005 حين تلقي تهديدات بالقتل وقتها قدم إعتذاراً للإرهابيين الذين ناضل ليمحُ فكرهم الظلامى و قدم لهم إستتابة و توسل إليهم معتذرا و مقرراً أنه سيتوقف عن الكتابة تماماً و نشر له البيان الصحفي المخضرم نبيل شرف الدين.
و أحب أن أعرف الأستاذ سيد القمني بأن كاتب هذه السطور ضمن مائة إسم مستهدفين من تنظيم القاعدة تلقوا تهديدات مثله أقول هذا حتي لا تظن أنك مكافحاً وحيداً ضد
هؤلاء. http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=468068.0
لكن واحد منا لم يتغير موقفه و لا توقف عن رسالته و لم يقدم إستتابة لتنظيم القاعدة.
– أما و قد ظننت أنك كما تنتقد كل شيء يحق لك أن تنتقد الكتاب المقدس فأحب مع تقديري لشخصك أن ألفت نظرك أن نقدك الذي تجيده و أمضيت عمرك تكافح في توصيله و صناعة أتباع يؤمنون به لم يكن مصادفة فأنت درست و بحثت و تعمقت في تلك المناحي التي تخص الإسلاميات و تاريخ الأئمة و تاريخ الإسلام عامة و العلمانية أيضاً لكنك حين تتجه إلي نقد الكتاب المقدس فأنت تقف أمامه عارياً بلا أدوات أو دراسة أو مقدرة .هنا الأمر يختلف.أنظر لما أقول فأنا هنا لست كما إتهمت أحد المعلقين أنهم مثل السلفيين .نحن لا نكفر أحداً مثلهم و لا نرهب أحداً مثلهم و لم نهددك بالقتل مثلهم.نحن فقط نقول لك يحق لك أن تنتقد الكتاب المقدس كيفما تشاء فقط قدم لنا مراجعك العلمية و أدواتك البحثية حتي نحترم ما تصل إليه من نتائج أليس هذا هو المنهج العلمي.
– أما و قد إتهمت بعضاً مما علقوا علي كلامك أنهم يتعاملون بالإيمان الأهطل و تطلب منهم و هم يلعنوا معاوية أن يحذفوا البابا بنيامين من البطاركة.فأحب أن اشاركك الرأي أن البابا بنيامين أحد أسباب وجود الإسلام بمصر.ليس لأنه دعا معاوية كما تقول الروايات المغلوطة.لكن لأنه إختبئ في موقف كان يتطلب الشجاعة و المواجهة.و نحن في كنيستنا ننتقد البابا لكن لا نشطبه من سجلات البابوات إلا لو سقط في هرطقة و حكم عليه من مجمع الكنيسة كلها.و أما البابا بنيامين فلم يسقط في هرطقة لكنه سقط في ضعف و تصرف خاطئ خوفاً من الكنيسة البيزنطية و قد إستغل معاوية خوف الأقباط في غزوته.لكن هناك تفاصيل أخري أكثر من ذلك لا داع لها الآن.فقط أردت أو أوضح لك متي نشطب أسم من سجل البابوات.مع ملاحظة أننا لا نلعن معاوية.بل فقط نعتبره قاتل الأقباط و مدمر الوجه الحضاري لمصر.فنحن هنا نصف أفعاله و لا نلعنه لأن إنجيلنا علمنا أن لا نلعن أحداً .
– و الآن لنأت إلي هجومك علي نبي عظيم هو إشعياء النبي و قد وصفت نبوءاته أنها حاقدة و ضد بلادك(مصر) و أنت تعرف أنها بلادنا (مصر) و قلت أنك ترفض أن واحد مسيحي يفهمك بإيمانه الأهطل. و أنت كمفكر عظيم تؤمن بفكرك و برسالتك فهل يحق لأحد منتقديك أن يقول أن إيمانك بفكرك أهطل؟ و هل هذه لغة رجل بمقدارك يليق به أن يجيد أحلي الألفاظ لكي يقدم نموذجاً للمفكر الذي يرتقي بلغة المجتمع.
– بعيداً عن هذا أحب أن أعرفك أنني أكاديمي و إيماني ليس إيماناً أهطل لذلك سأرد علي نقدك لإشعياء النبي و نبواته علمياً و أكاديمياً و ليس بكلام روحاني إيماني.فأنت إتهمته أنه في نبواته حاقد علي مصر..فلننظر إلي النبوات التي رأيتها حاقدة علي مصر و تاريخها.كان لإشعياء النبي مهمة شاقة و هي التنبؤ علي الممالك .و قد بدأ نبواته علي مملكة يهوذا و أورشليم في الإصحاح الأول فهل كان حاقداً علي بلاده حيث يعيش و يتعبد و يتنبأ و يوصل رسالة إلهية؟ و ستجده في أربعة إصحاحات كاملة يصف مآسي سيتعرض لها الشعب كنتيجة لبعده عن وصايا الله و تأديبا و إنذاراً لعله يستفيق و يتوب.فهل كان حاقدا علي وطنه كل هذا الحقد أم أنه كان نذيراً لعل النائم يفيق و الساهي ينتبه.هل لما القمني ينتقد الأزهر و التعليم المنحول و بيوت الثقافة المتخاذلة و الإعلام المتطرف في مصر يكون حاقداً علي مصر أم أنه ينبه و يحذر و يوعي لعل أحداً يستجب و تتحسن الأوضاع لا أن تسوء إلي ما هو أكثر إنحداراً؟ ما رأيك أستاذ سيد؟
– في الإصحاح الثامن تبدأ نبوات أصعب علي الجزء الشمالي من إسرائيل أي السامرة لأن إشعياء النبي يعد من الأنبياء القلائل الذين خدموا في الإقليمين الجنوبي ( يهوذا و أورشليم) و الشمالي( السامرة و الجليل) و كليهما مملكة إسرائيل لكنه إنشقت لأسباب تاريخية في عهد رحبعام إبن سليمان بن داود.فهل إشعياء النبي كان حاقداً علي كل إسرائيل جنوبها و شمالها؟ هل هكذا تقرأ الأحداث؟ أم تقرأها من خلال دور النبي أي نبي .إنه رسول يوصل رسالة إلهية قد تكون لفرد أو أفراد كما فعل في الإصحاح السابع أو تكون لأجل شعوب كما في بقية الإصحاحات. دون أن يملك سلطة تغيير بنية هذه النبوة لأنها ليست من عنده و لا يملك سلطة علي كلمة الله أو وحي الله.
– نأتي إلي تفسير نبوة إشعياء النبي عن مصر و أحب أن أشير أنك تحفظ آية من سفر إشعياء و تفتخر بها دون أن تهاجم إشعياء النبي وربما دون أن تعرف أنه هو الذي سجلها بالوحي في كتابه.إذ قال (مبارك شعبي مصر ) إشعياء 19 : 25 فهل كان إشعياء النبي يجامل المصريين علي حساب الحق؟ أم أنه يتنبأ أن شعب مصر له بركة معلنة من الله بواسطة إشعياء النبي. توجد آيات كثيرة مطمئنة لأجل مصر تنبأ بها إشعياء أنظر إش 19: 1 حين يتنبأ بإبادة أوثان مصر بدخول المسيح فهل هو محب لمصر أم كاره لها؟ و إش 19: 25 الذي يبارك الرب فيه مصر ببركة خاصة يبارك شعبها (مبارك شعبي مصر) و يدعو أهل مصر (شعبي) و هو لقب لم يطلقه الله إلا علي أمتين ( اليهود و المصريين) فهل كان إشعياء النبي وطني جداً كيهودي و كمصري في ذات الوقت في نفس السفر؟ و أما التأديبات التي تنبأ بها علي مصر فهي متعددة لكن إشعياء النبي يعطي بنبوته مفتاح الحل (ويضرب الرب مصر ضاربا فشافيا فيرجعون الى الرب فيستجيب لهم ويشفيهم) إش 19: 22 أي أن كل هذه التأديبات جراحة ماهرة تقوم بها يد الله لتستأصل الداء من الجسد المصري فما داموا سيرجعوا للرب بسبب التأديبات فهو سيستجيب و يشفيهم فهل كان إشعياء النبي مجاملاً أم أن هذا هو منهج سماوي يمارسه مع كل الأفراد و الشعوب لأنه يريد عودتهم إلي ما هو حق و شفاء. كنت أود أن أكتب تفسيرات أكثر و أعمق عن رمزية الآيات التى تذكر فرعون مصر.أو بحر مصر.أو مصر كشعب.فالتفسيرات أكثر مما تستوعبها المقالة و هي ليست هدف المقالة لكن الرد علي هجومك هو الهدف.
– أذكرك أن الأستاذ توفيق الحكيم حين إستعصت عليه آية في الكتاب المقدس و هي (ما جئت لألقي سلاما بل سيفاً )سأل عنها و قد أجابه البابا شنودة وقتها و السؤال بالإجابة متاحين في مواقع كثيرة.فكان أجدر بك و أنت قامة رفيعة أن تسأل فيما لم تعرفه لا أن تستخدمه وسيلة للهجوم فليس الهجوم نقداً علمياً و لا فكراً حضارياً .الهجوم وسيلة العاجز و ما أظنك هذا العاجز لكنك فقط عجزت أن تأخذ مكان التلميذ و تسأل عما لا تعلم بينما لو فعلت هذا لإزداد قدرك بدلاً من الهجوم الذي أسقط كثيراً من أحباءك في حيرة لكي يجدوا لكبوتك مبرر.
– ختاماً نحن نحبك و نغفر لك هذه الإساءة.فقط كما إعتذرت للإرهابيين تستطيع أن تعتذر للمحبين لك من المسيحيين .

About Oliver

كاتب مصري قبطي
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.