نشهد منذ زمن طويل في تاريخ الديانات الابراهيمية ومجتمعاتنا الشرقية بتنوعها لهذا اليوم حوارات تقارب على الصعيد العقائدي والصعيد الاجتماعي بين الأديان والأقليات والاكثريات.
باستخدام الوسائل المختلفة. الندوات المؤتمرات البرامج الفضائية والإعلامية والنشاطات الخيرية للأديان.
ومن هذه الأطراف تتواجد بالشخصيات المختلفة الدينية واللاهوتية والفكرية والثقافية والسياسية والعلمانية. التي ينتمي إليها هؤلاء الأطراف من الأديان المٌختلفة.
لتهدف هذه الحوارات والمساعي لتحسين الواقع الذي يجمعهم والتحسين من سبله في الاندماج والتعايش المشترك بين هذه الجماعات.
رغم هذه الجهود المبذولة مازلنا نراوغ في هذا الشأن دون جدوى وكل النتائج هي مٌخيبة للأمال ومبعث للأحباط والفشل.
ولا أعتقد أنه يوجد تغيير حقيقي في هذا الشأن حتى يومنا هذا لان واقعنا الشرقي تسوده الصبغة الدينية والانتماءات الدينية الطائفية المبنية على العقائد بما تحمله من سلبيات واخطاء وشوائب.
أن الأديان الابراهيمية لا يمكنها أن تتحاور رغم أنها تنبع من إله واحد. وان الحوار الذي يهدف الى تقرب النظريات اللاهوتية ومرجعية اللاهوت التي يحملها هؤلاء كإيمان لديهم ولدى الجماعات التي يمثلونها لم يعد صالح لواقع اليوم.
حتى أن جماعات من نفس الدين هم مٌتصارعين ويوجد بينهم انقسامات مختلفة تؤثر على الوضع الاجتماعي والسياسي وبناء الدولة وعلى حقوق ومصير الأفراد كما يحدث وكما هو الوضع الحالي في لبنان والعراق.
وأدى هذا الانقسام الى تقسيم واقع البلاد إلى أقلية واكثرية وتقاسم ينبع من طائفية في السلطة والحقوق تتمثل بأحزاب سياسية. وهذا يعدم مفهوم الديمقراطية في اقامتها في البلاد ومن تحقيق عدالة ومساواة في الواقع او الدستور والعرف الاجتماعي. ويبعد عن مفهوم واقعية بناء الدولة الحديثة.
وان الذين يذهبون لتلك المؤتمرات ويشاركون بها من نخب فكرية وثقافية ولاهوتية وعلمانية هم مشاركين بهذه الفوضى وهذا التخبط الذي لا يجدي نفعا ًويقدم لنا حلول حقيقية وناجعة فكيف هٌنا بحال العامة إذاً التي تصغي وترشدها تلك النحب فالتخبط والفوضى بهذا الصدد ستزداد في مسيرة وواقع هذه المجتمعات والشعوب لا يوحي ابداً لغد أفضل.
يوجد حقيقة علينا الاعتراف بها وهي تفرض نفسها علينا على مصير الافراد والشعوب. هي اننا نعيش في عصر العولمة وعصر المجتمعات الحديثة وروحها ومابعد الحداثية التي يكون لكل حضارة لها روح بها وتقترب من فهم ذاتها بشعوبها للتغيير والتواكب مع مسيرة العالم الحديث.
أي أن هوية الفرد سواء كان ضمن الجماعة الدينية او خارج الجماعة هي هوية ذاتية مستقله تكفلها دولة القانون بالعقد الاجتماعي الحديث وليس تكفلها دولة الطائف أو التصنيفات الطائفية في الدولة المبنية على رؤيا وفكر لاهوتي وعقائدي يقوض الفرد وهويته الذاتية وحريته بواقع الأديان والطوائف بطروحاتها الحالية والنقاش والحوار كما هي بوضعيتها المتصلبة والمنغلقة. كما نلاحظ هذا في إيران والسعودية. وطروحات بعض الأحزاب السياسية الممثلة للجماعة الدينية في بعض الدول.
يجب أن يسود في ممثلي هذه الديانات والمهتمين بهذا الشأن في الحوار والتقارب رغبة وعمل حقيقي وجاد في إيجاد فكر واحد يجمع هذه الديانات بهوية لاهوتية يؤسس عليها الفرد لانتماء كوني وجودي وليس لانتماء لدين وطائفة وتقاليد ميتافيزيقية وتزرع بذهنه عقيدة الولاء والبراء وحزب الشيطان وحزب الله. وتخرجه من عقلية سني وشيعي وحنبلي وشافعي وأرثوذكسي وانجيلي. وعربي ويهودي. وكردي وعربي. اشوري وعربي. سني علوي. ……الخ من تصنيفات نجدها تعتمد على الدين او القومية المصطبغة بالدين والعقائد الدينية والتقاليد الموروثة بنظريات لاهوتية وفقهية.
علينا الاعتراف بأن الحوار في هذا الشأن من التقارب في الرؤى التقليدية والجامدة لم يعد يجدي نفعاً لتحقيق واقع أفضل. وكل مرة نجد أن هذه الجهود واللقاءات زائفة بالنتائج التي نحصل عليها على ارض الواقع والسجالات الدينية والاعلام وارتفاع أصوات الاصوليات الدينية ونشاطها على الأرض.
أن هذه اللقاءات ماهي إلا عبارة عن ابتسامات ومجاملات ولو كان يسودها النوايا الطيبة. فالنوايا الطيبة دون تحقيق تغيير يزيد من شأن هذه المنطقة لا قيمة لها ونحن نتكلم عن هدف التغيير وتحقيقه لبناء انسان حٌر وواقع جميل متنوع.
يجب أن يكون لدينا هوية روحية جامعة تقترب من روح العصر تسود منطقتنا وبنفس الوقت متنوعة بناء على الذات الفردية وخصوصيتها يسودها قيم سامية وتجمع الافراد والجماعات في إعلاء شأن الواقع والعدالة والمساواة والخروج من ضوابط الدين والمعتقد التي تكون بأغلب الأحيان يسودها الشوائب والأخطاء المتراكمة عبر التاريخ.
علينا أن نُعيد النظر في هذه التجارب والحوارات المخيبة للأمال. التي نتصورها ونحلم بها بفرد حٌر ومنطقة خالية من الصراعات المذهبية والطائفية والقومية والتصنيفات العنصرية.
فالدين هو معاملة والانسان يجد ذاته وهويته بقيمه الروحية التي تعبر عن الجمال والتنوع وليس للتعصب بحدود الدين وثقافته وضوابطه الصارمة. لنخرج من فكرة الأقلية والأكثرية وندخل لمفهوم الانسان لأخيه الانسان بقيمه السامية والأخلاقية والروحية بانتماء وجودي فاعل سواء كان في ذهنية الفرد أو ثقافة الجماعة واسسها وتقاليدها وموروثها.
-
بحث موقع مفكر حر
أحدث المقالات
كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟
Published by:علي الكاشمباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراث
Published by:مفكر حردراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.
Published by:آدم دانيال هومه** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني ... غدت ضرورية غربية ودولية **
Published by:سرسبيندار السنديالحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولود
Published by:مفكر حر** كيف بلع نظام الملالي ... الطعم ألإسرائيلي **
Published by:سرسبيندار السندي** كيف يسخر ويضحك صبيان محمد الجدد ... على عقول ألمسلمين **
Published by:سرسبيندار السنديالمسيح في فكر الإسلام والعقيدة المسيحية
Published by:صباح ابراهيممن يوميات إمرأة حلبجية
Published by:مفكر حراسطورة الإسراء والمعراج
Published by:صباح ابراهيمالفيلم الألماني " حمى الأسرة"
Published by:طلال عبدالله الخوري** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
Published by:سرسبيندار السنديفيلم ايطالي عام 1959 عن تدمر والملكة العربية زنوبيا … علامة المصارع
Published by:مفكر حر** أمة الكُورد بين ألإسلام … والتخلف والتعصب والاوهام **
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/10
Published by:علي الكاشأفكار شاردة من هنا وهناك/51
Published by:مفكر حرقراءة متأنية في ديوان (قصائد منزوعة السلاح) للشاعر نينوس نيراري
Published by:آدم دانيال هومه** كيف رتبت أل سي اي ايه … لقاء الصحفي تايكر ببوتين ولماذا ألان **
Published by:سرسبيندار السندي** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/8
Published by:علي الكاشأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح( 18-19 )
Published by:حسن محموديأفكار شاردة من هنا وهناك/49
Published by:مفكر حرالانتخاب
Published by:مفكر حر" الاشياء البائسة" Poor Things
Published by:طلال عبدالله الخوريالأدب النسوي ما بين الإبداع والاستغلال
Published by:اسعد عبد الله عبد عليأفكار شاردة من هنا وهناك/48
Published by:مفكر حرالرب يفضح الأنبياء الكذبة
Published by:صباح ابراهيمأخطار تهدد الحياة على الأرض
Published by:صباح ابراهيمكأس عسل
Published by:عصمت شاهين دو سكيسليلة الآلهة
Published by:آدم دانيال هومهأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح ( 16, 17)
Published by:حسن محمودي** محنة العقل في الاديان ومعضلة كتبها … بالدليل والبرهان **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا قصف نظام الملالي الارعن … مدينة أربيل ألان **
Published by:سرسبيندار السندياوبنهايمر
Published by:طلال عبدالله الخوري** مَن سيُحاسب قادة حماس … على جرائمهم بحق غزة وأهلها **
Published by:سرسبيندار السندياسرار #الموساد عن #العراق - ج 1
Published by:صباح ابراهيمالمرأة بين الماضي والحاضر مسيرة كفاح وتنمية ونماذج معاصرة
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/4
Published by:علي الكاشالقاسم الأيمانيّ المشترك :
Published by:مفكر حرعام جديد..
Published by:مفكر حر** قصة مِيلادِ السيّد المَسِيحْ … العجيبة والفريدة **
Published by:سرسبيندار السندي#محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
Published by:محمد الماغوطأفكار شاردة من هنا وهناك/43
Published by:مفكر حرمن هو يسوع المسيح ؟ - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله-
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
Published by:علي الكاشفاطمة الزهراء و غموض تاريخها
Published by:صباح ابراهيم#نزار_قباني: أيها المسيح العظيم هل تقبل دعوتي إلى العشاء .
Published by:نزار قباني** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
Published by:سرسبيندار السنديهل روح الله هو الله ام جبريل ؟
Published by:صباح ابراهيمأُمة فيها العجب
Published by:عصمت شاهين دو سكيتجاعيد وايجار واتهام
Published by:اسعد عبد الله عبد عليتقاسيم على أوتار الريح
Published by:آدم دانيال هومهالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/1
Published by:علي الكاشالدعاء على المسيحيّين
Published by:مفكر حرمباحث في الأدب واللغة/63 الطعام والمطبخ العربي
Published by:مفكر حرأفكار شاردة من هنا وهناك/41
Published by:مفكر حرأحدث التعليقات
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
- س . السندي on فاطمة الزهراء و غموض تاريخها
- س . السندي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- س . السندي on سورة مريم اقتبست من شعر امية بن ابي الصلت
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on #محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
- Mohammad Al Kassab on ضحايا صدام حسين 7
- ابن الرافدين on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- قثيم بن سنحريب الفيروزي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- مسلم on القرآن زور التوراة والإنجيل
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- قثم بن عبد الات القرشي on هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- طوفان البدروسي on ** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية