لا اشد عداوة بين رجال الامن والثقافة

ترى هل هناك علاقة بين دائرة بلدية، وهي دائرة خدمات، وبين جهاز الشرطة او الجيش وهو جهاز امني مهمته المحافظة على الامن والاستقرار.

لانريد ان نقارن بلديات العوراق العظيم مع بلديات العالم الاخر ومنها بلدان الكفار، فالاولى تعتقد ان مهمتها تنظيف وكنس الشوارع وتبليط ما خرب منها بينما تقوم الثانية بدور قلما نجده في بلد عربي،فهي معنية بالثقافة والفنون اذ تنظم معارض نصف سنوية للكتاب وتقيم حفلات التكريم للمبدعين في منطقتها وتنظم المعارض الفنية وتستضيف الفنانين والمفكرين من كل العالم،انها بايجاز مؤسسة خدمية ثقافية بكل ماتعني هذه الكلمة من معنى.

سيضحك القوم حين يقرأوا ذلك ولعلهم يقولون انك بطران ياأخ خلينا على كنس الشوارع افضل.

لماذا هذا التركيز على الجانب الثقافي فقط؟.

في محافظة ميسان تم الاعتداء امس على دار ثقافية بعد ان اقتحم رجال الشرطة مبنى الدار بحجة عدم دفع الايجار.

امر مضحك مو؟؟.

لم نكن نعلم ان الشرطة حريصة على مراقبة دفع الايجارات من قبل المواطنين بانتظام ولم نكن نعلم انها وظيفة للشرطة جديدة بعد ان ادارت ظهرها لمايسمى بالارهاب واصحاب القتل المجاني.

الانكى من ذلك،حلوة الانكى، ان الاوامر صدرت للاقتحام من قبل البلدية

فهل من مستح بعد ذلك من هذا الاجراء؟.

لانعتقد ان المسعولين في بلدية العمارة يملكون ابسط قواعد الذوق والتعامل الانساني خصوصا مع دائرة تهتم بالشؤون الثقافية.

الاميون واجهزة الامن فقط هم الذين يكرهون الثقافة بل ويكرهون كل من يتحدث بلغة عربية سليمة.

وهذا القول ينطبق على اي مسعول بدون استثناء في بلدية العمارة.

لماذا؟.

الامر ببساطة ان مدير البلدية جاء الى هذا المنصب اما عن طريق المحاصصة او العشيرة او “واسطة” معتبرة في المنطقة الصفراء أو سكسوكة مع مسبحة أم”99″ حبة.

وهو بالتالي لايعرف شيئا عن دور البلديات لانه لايؤمن الا بمبدا القوة ورؤية الاخرية يقدمون ولاء الطاعة له. ولاشك انه ديكتاتوري صغير يطمح ان يكون كبيرا في ظل هذه الفوضى ليصبح وزيرا للبلديات ذات يوم.

اتحدى مدير البلدية اياه ان يرد بحجة قوية على هذا الاتهام واذا لم يحدث فاعتقد ان المثقفين في ميسان لن يسكتوا على ذلك.

لقد مارست قوة الشرطة اياها اقذر انواع التعسف حين هدد الضابط المسعول برمي اثاث البيت الثقافي الذي يضم اجهزة ومعدات و سجلات ومطبوعات ثقافية وموجودات الى الشارع مالم يتم الاخلاء الفوري للمبنى

لماذا أخي؟.

لأنهم لم يجددوا عقد ايجار البناية التي تعود لمديرية بلدية العمارة.

حسنا أخي مدير بلدية العمارة.. لنفرض ان هؤلاء الكسالى لم يجددوا العقد فهل تستعين بالشرطة ام ترسل لهم رسالة رقيقة ومهذبة وغاية بالذوق وتطلب منهم تجديد العقد خلال مدة محددة؟ اليس هذا هو الاصول؟.

واذا تحججت بان المبنى عليه”كص” لتنفيذ شارع دجلة فان تلك الحجة مردودة عليك لأن المشروع الغي من ألاساس ووقعت نقابة الفنانين عقد ايجار المبنى اياه معكم.

هل هذا يعني وجود “شي جوه العباية”.

يالله هي بقت عليك.

فاصل وسخ: في كربلاء نصبت شاشتين عملاقتين بكلفة 300 مليون دينار والغرض منها هو تقديم العروض الرياضية واعلام المواطنين بالمشاريع المنجزة او التي قيد الأنجاز.

ولكن…

ياخسارة فقد ضاعت هذه الملايين لأن هاتين الشاشتين عاطلة عن العمل منذ سنيتن.

وبالقرب من احداها نقطة تفتيش خاصة بمنتسبي وزارة الداخلية قرب المكتبة المركزية في مركز المدينة القديمة وقد وجد العاملون فيها ان افضل طريقة للتخلص من مياه المجاري رميها وسط الشارع العام.

طريقة عصرية في بلد عصري يشرف على ادارته رجال عصريون. تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

المولد النبوى: شرك أصغر أم أكبر؟

 نادين البدير

 حتى مولد النبى يخاف منه. الفرح. الابتسامة. كلها مختزلة غائبة فى بنية شخص غضبان من الحياة، ما استطاع أن يحقق إنجازاً واحداً وما كسب أى قضية. مازال ساكناً بين الكثبان، لم تمحُ الأبراج خشيته من الحضارة، انتقل للمدينة رغماً عنه بحكم التوطين. المدنية لم ترق له. كرهها. وعاش حتى ٢٠١٣ حالفاً على البقاء بعيدا عنها. حجة خوفه من التغيير معارضة شرع الله. حجته ليست بهشة. تقف مستندة على ركيزة السيف.

 راقب قبل أيام وحلل تآزراً علمانياً صوفياً. سخر من عبارات التهانى التى تبادلها العلمانيون مع الصوفيين بمناسبة المولد.

 قبل الحديث عن المولد كان يسمع من يحكى عن المواطنة فيقول: حرام. وعن القومية فيقول: حرام. عن الهوية قال: ضلال. والجهات العليا تتبعه خشية غضبه. وفجأة: توالت الأحداث السياسية.

 بعد كامب ديفيد تغاضى عنه السياسى «بعض الشىء» وهو الذى بدأ عقده الأول بتحالف بين القبيلة والدين لا العروبة، تغاضى عنه إذ لابد من بديل عن مصر فى ذلك الوقت لتسلم الدور الإقليمى الأكبر فى المنطقة، وصار واجباً الحديث عن الانتماء للعروبة «ولو بعض الشىء». بعد ١١ سبتمبر تمادى السياسى فى تغاضيه وتحول الحديث عن الهوية والمواطنة والوطنية من كفر إلى حاجة ماسة للأمن القومى بعد فشل الرهان على عمود التشدد الدينى كرابط يضمن التفاف الأفراد حول الدولة مخلصين لها. بدلا عنها التفوا حول «بن لادن» وفكرة الأممية. ثم ولد الإرهاب.

 لا تتحرك الجهات المسؤولة أمام المشاريع الفكرية المتخلفة إلا حين تتعارض تلك المشاريع مع وجودها.

 مثل الاهتمام المتأخر بالانتماء الوطنى، والبدء متأخرين جداً برفع الحظر عن الاحتفال بالعيد الوطنى.

 أما العيد النبوى فلا يزال حبيس أدراج الانتظار. وأتمنى ألا تلتفت الدولة للمذاهب المتنوعة والمختلفة لساكنيها بعد فوات الأوان كالمعتاد.

 رغم الحظر يحتفل كثير من السعوديين بالمولد النبوى فى منازلهم. فمستحيل أن تمنع الأمم الغفيرة من الاحتفال بشخصية قدسية يستقون منها كل شىء حتى مناسكهم اليومية. وما اهتزاز الشوارع العربية والإسلامية نقمة على الإساءة للنبى إلا احتفالا بوجوده فى حياتها.

 يسخر من الموالد وما يحدث بها من ممارسات قائلاً إنها مثال صريح على الشرك بالله. يقاومها، يحارب وجودها. كل وجود لمختلف تهديد لوجوده.

 هو حائر ويجهل المصير: إن كان سيعود يوماً للتنقل بين الصحارى، أم سيبقى عالقاً ببيئته العالمية الجديدة بين أفراد يرونه ذلك الهمجى الذى استوطن بجسده المنزل والشارع وفنادق الخمس نجوم دون أن يعى أن هكذا حياة تتطلب منه أن يحسب حساب «الآخرين».

 كل عام وأنتم بخير.

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment

هل أميركا في انحدار؟

روبرت صامويلسون – الشرق الاوسط

انتهى القرن الأميركي.. ومرحبا بالقرن الأميركي المقبل. تدور النقاشات السياسية الراهنة حول حالة الانحدار التي تعانيها الولايات المتحدة.. افتراض عادة ما يصور على أنه أمر مسلم به؛ فالاقتصاد يفتقد إلى الحيوية، والبطالة التي تقترب من ثمانية في المائة لا تزال في مستويات الركود، والرئيس نادرا ما يتحدث إلى منتقديه من الجمهوريين، والمأزق يبدو بلا نهاية.. ولكن ماذا إن لم تكن أميركا في انحدار؟ ستأتي الإجابة القوية من مكان غير متوقع: إنه «وول ستريت». وأكد المحللون في «غولدمان ساكس» في تقرير لعملائهم أن الولايات المتحدة لا تزال الاقتصاد الأقوى في العالم وستظل كذلك لسنوات، وأن هناك وعيا كاملا بـ«المميزات الجيوسياسية ورأس المال البشري والمؤسسي والاقتصادي الذي تتفوق به أميركا على الاقتصادات الأخرى».

ودليلا على ذلك، قدموا حقائق ضخمة.. بالنسبة للشركات الصغيرة، لا تزال الولايات المتحدة الأضخم عالميا، فالناتج المحلي الإجمالي يقارب 16 تريليون دولار، ويعادل ضعف نظيره الصيني تقريبا، صاحبة المركز الثاني، و2.5 مرة ضعف اليابان التي جاءت في المركز الثالث. أما نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فيقترب من 50.000 دولار، ورغم تفوق 10 دول على الولايات المتحدة في نصيب الفرد من الناتج المحلي، فإنها دول صغيرة؛ على سبيل المثال لوكسمبورغ. لكن حجم السوق الأميركية يجعل منها مكانا جاذبا للاستثمار.

 تأتي بعد ذلك الموارد الطبيعية، ففي عالم نهم للغذاء والطاقة، تمتلك الولايات المتحدة كليهما.. إنها أرض خصبة للزراعة وتفوق حجم الأرض القابلة للزراعة بخمسة أضعاف في البرازيل وهي تساوي ضعف حجم الأراضي في البرازيل. وفتح التقدم في عمليات التكسير والحفر الأفقي الباب لاحتياطات نفطية وغازية ضخمة، كانت تبدو حتى وقت قريب مكلفة للغاية. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تصبح الولايات المتحدة أضخم منتج للنفط في العالم – ولو مؤقتا – بحلول عام 2020. وفي المقابل، سيعزز ازدهار النفط والغاز فرص العمل، ويشير تقدير الدراسة التي أجرتها شركة «آي إتش إس» للاستشارات إلى أنه وفر 1.7 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة. وسيوفر بحلول عام 2020 هذا الازدهار 1.3 مليون فرصة عمل إضافية. وسيشجع الغاز الرخيص والآمن التوسع في عملية التصنيع الأميركية، بحسب تأكيدات «غولدمان ساكس»، وتلك ميزة أخرى.

 عادة ما يشكل العمال غير المهرة مسؤولية اقتصادية أميركية، لكن منظور تقرير «غولدمان» مختلف.. فسيظل العمال الأميركيون أصغر وأكثر حيوية من منافسيهم الذين يتقدمون في العمر سريعا. وبحلول 2050 سيكون متوسط أعمار العمال في الصين واليابان 50 عاما، أي أعلى بعشر سنوات من نظرائهم في الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، تجذب الولايات المتحدة المهاجرين المتحمسين، بما في ذلك أصحاب المواهب من حملة الشهادات العليا. ويشير استطلاع «غالوب» الذي شمل 151 دولة إلى أن الولايات المتحدة كانت الخيار الأول لمن يرغبون في الهجرة، بنسبة بلغت 23 %، وجاءت المملكة المتحدة في المركز الثاني بنسبة 7 %. وأخيرا يتوقع تقرير «غولدمان» أن تظل الولايات المتحدة رائدة الابتكار.. فأميركا تنتج أكبر قدر من البحث والتطوير (31 % من الإجمالي العالمي عام 2012)، ولديها أكبر عدد من أفضل الجامعات (29 من بين أفضل 50 جامعة بحسب أحد التصنيفات البريطانية).

 إلى هنا يبدو الأمر مقنعا؛ فقد تم التهوين من شأن القدرات الأميركية، ومقارنة بأوروبا واليابان – مناطق الثراء في العالم – فالآفاق الأميركية أكثر تفاؤلا. لكن تقرير «غولدمان»، الذي يوصي المستثمرين بمكان استثمار أموالهم، دليل ناقص للمستقبل.. فقد يرجع السبب في انتعاشة الأسهم إلى المستويات التي كانت عليها قبل الأزمة.. لكن الأمر يتعلق بكيفية رؤية الأفراد للانحدار الوطني.

 لو احترق منزل جارك بالكامل، ولم يحترق سوى نصف منزلك فقط، فأنت بذلك في حال أفضل نسبيا من جارك، ولكنك ستكون في وضع أسوأ مما كنت عليه من قبل، وهذا هو المعنى المقصود بالضبط عندما تقول إن أميركا أفضل حالا من أوروبا واليابان، ولكن هذه الميزة لا تمحو الخسائر الاقتصادية الهائلة التي يعاني منها الملايين من الأميركيين، وسوف يرى معظم الأميركيين أن هناك أسبابا مقنعة تدل على أن بلادهم قد بدأت تمر بمرحلة من الانحدار. ونظرا لانخفاض الروح المعنوية للأميركيين، فإنهم سيكونون أقل تأييدا للقيادة الأميركية الاقتصادية والسياسية والعسكرية في الخارج، وهذه هي الطريقة التي يتم من خلالها ترجمة الإحباط المحلي إلى تراجع على المستوى الدولي. ولكن «هل أميركا في انحدار؟» قد يكون هذا السؤال الخطأ.. والحقيقة هي أن معظم دول العالم الغنية – مرة أخرى أؤكد أنها الولايات المتحدة وأوروبا واليابان – تواجه تهديدات مماثلة.

 أولا: حالة الرفاهية في هذه الدول بدأت تنهار، وتواجه المجتمعات التي تعاني من الشيخوخة حالة من التعارض بين الإعانات المالية التي وعد بها، والضرائب المقبولة، فهل يجب الاقتطاع من الأولى أو زيادة الثانية؟ في الحقيقة، تعد السياسة لعبة خطرة للغاية. وقال تقرير «غولدمان ساكس» إن الطريقة التي ستعالج بها الولايات المتحدة ديونها سوف تخلق حالة هائلة من الشك وعدم اليقين. وينطبق الشيء نفسه على الأماكن الأخرى.

 ثانيا: بدأت الإدارة الاقتصادية في الانهيار هي الأخرى. قبل الأزمة المالية العالمية خلال الفترة بين عامي 2007 و2009، كان معظم الاقتصاديين يعتقدون أنه يمكن تجنب الهبوط الحاد وتعافي الاقتصاد بشكل مقبول. وقد أدت هذه الثقة إلى خلافات مثيرة للنزاع، وأصبح يتم وضع السياسات من دون دراسة متأنية.

 ثالثا: الأسواق العالمية بدأت تستبق السياسة العالمية؛ حيث تعتمد البلدان بشكل متزايد على التجارة الدولية وتدفقات الأموال، ولكن التجارة في عالم تسطير عليه العولمة بدأت تواجه مشكلات بسبب الخلافات القومية والعرقية والدينية والسياسية بين الدول.

 ويبدو أن القرن الأميركي الثاني ممكن، ولكنه سيستغرق وقتا، ويكمن السؤال الأصعب فيما إذا كانت الدول الغنية ستتمكن من التغلب على التهديدات المستمرة والعميقة التي تعوق الاستقرار السياسي والاقتصادي أم لا؟

 * خدمة «واشنطن بوست»

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية | Leave a comment

حافظ شيرازي‎

لم تبالِ مناهجنا الدراسية المختلفة بتدريسنا عن شعراء الشرق , ولهذا فبالكاد نعرف شيئاً عن طاغور أو محمد إقبال أو ناظم حكمت أو سعدي أو حافظ شيرازي , مع أننا كنا ندرس أداب أمم كثيرة . أثناء دراستي الجامعية وكنت أعد ( سمنر ) عن أدب الشاعر الألماني ( گوته ) قرأت مجموعته الشعرية المسماة (( الديوان الشرقي للمؤلف الغربي )) وهي مجموعة أشعار في الصوفية والفلسفة والحكمة .. عرفت وقتها أن ( گوته ) وهو الدارس للكثير من اللغات الشرقية وبضمنها العربية والفارسية , والحافظ عن ظهر قلب , بعض آيات القرآن الكريم كان قد كتب ( الديوان الشرقي ) ليعارض به شاعراً فارسياً هو حافظ شيرازي في أشعار له جمعت له من قبل في ديوان أطلق عليه تسمية ( الديوان الغربي ) .

الخواجة شمس الدين محمد حافظ شيرازي , والمعروف كشاعر بإسم ( حافظ ) عاش بين عامي 1315- 1390 ميلادية , وهو واحد من أهم شعراء الفرس , ديوانه موجود في أغلب البيوت الفارسية التي يحفظ أهلها أشعاره عن ظهر قلب ويستعملونها كحكم وأمثال للتعبير عن واقع اليوم , رغم أنها كتبت في القرن 14 أي قبل حوالي سبعة قرون من الآن .

أغراض شعره الرئيسية هي الغزل والخمريات وكشف نفاق الذين يُنصِّبون أنفسهم حراساًً على البشر , وقضاة لتحكيم أخلاق الناس , معتقدين أنهم دون أخطاء ونماذج للإستقامة الأخلاقية .

يتجسد حافظ في الحياة اليومية الإيرانية اليوم من خلال إستعمال أشعاره لقراءة الطالع بما يسمى ( فال حافظ ) حيث ينوي صاحب الطالع نية ثم يفتح ديوان حافظ ويقرأ ما مكتوب في تلك الصفحة من أبيات ويشرحها تأويلاً على النية التي في قلبه .

بسبب الشاعر الألماني ( گوته ) عرفت أوربا حافظ شيرازي وتمت ترجمة أشعاره الى الكثير من اللغات الأوربية كالفرنسية والألمانية والإنكليزية .

رغم كل الشهرة الواسعة التي يحظى بها حافظ كشاعر , لكن تفاصيل حياته غير معروفة بدقة , وبعض الحكايات تتضمن إضافات ( أسطورية ) لا يمكن الوثوق بها أو الإعتماد عليها .

من الوثائق المبكرة التي تحكي عن حياته , مقدمة ديوانه التي كتبها شخصان أصبحا غير معروفين اليوم هما : محمد قزويني و قاسم غني . حيث تتفق معهما أغلب الكتابات عن حياته أنه عاش ما بين عامي 1315 _ 1390 ميلادية .

تعرف حافظ على ( الحجي زيني العطار ) الذي كان يعمل طبيباً في بلاط ( الشاه شجاع ) حاكم الدولة المظفرية بين عامي 1358 _ 1384 وبهذه الطريقة تعرف حافظ على الشاه شجاع نفسه , الذي إشتهر فيما بعد بأنه كان راعياً لحافظ شيرازي , حيث تمكن حافظ من الحصول وقتها على وظيفة معلم في المدرسة القرآنية , لكنه سرعان ما فقد وظيفته عند الإطاحة بشاه شجاع , ثم إستعادها لفترة قصيرة بعد عودة الشاه شجاع الى الحكم من جديد , لكنه إضطر للهرب من شيراز الى ( أصفهان ) ثم ( يزد ) حفاظاً على حياته من شخصيات دينية كان ينتقد في أشعاره سلوكياتها المعوّجة .

بعد حوالي عشرين عاماً أي حين كان عمره 52 سنة إستطاع العودة الى البلاط من جديد حيث أرسل الشاه شجاع في طلبه . وبعد موت الشاه شجاع حصل حافظ على وظيفة أرفع في بلاط الشاه منصور .. لكن ذلك لم يدم طويلاً فقد هاجم تيمورلنك المملكة وقام بأسر وقتل الشاه منصور .

مما يروى عن حافظ أثناء وجود تيمورلنك في شيراز أن حافظ كان معجباً بجارية شيرازية تدعى ( تُرك ) قال فيها تغزلاً :

اگر آن ترک شيرازی بدست‌آرد دل مارا

به خال هندويش بخشم سمرقند و بخارا را

ومعنى ذلك بالعربية : لو أن ( تُرك ) تأخذ قلبي بين يديها .. لوهَبْتُ سمرقند وبخارى لرب الهندوس .

حين سمع تيمورلنك بذلك إستدعاه وقال له : لقد فتحتُ العالم ليكون في خدمة سمرقند وبخارى عاصمتي ملكي , وأنت تهبهما لرب الهنود من أجل حسناء شيراز ؟

فأحنى حافظ رأسه بشدة وقال : للأسف يا أمير .. بسبب هذا التبذير حالي بائس الى هذا الحد .

فضحك تيمورلنك من هذا الجواب , وعفا عنه وأمر له بهدية .

ومما يحكى عن حافظ , أنه قبل أن يلتقي بالحجي زيني العطار ويتعرف بواسطته على الشاه شجاع , كان يعمل في دكان خبّاز , حيث يقوم يومياً بأخذ الخبز وإيصاله الى بيوت الموسرين في حي الأثرياء بشيراز , وفي أحد هذه البيوت رأى ( شاه نبات ) وهي إمرأة آسرة الحسن أحبها من طرف واحد وأراد أن يقابل جمالها بالحب , لكنه وجد أن جمالها أكبر من كل حب , لذلك أحبها بطريقة أفلاطونية تسعى الى تحقيق الوحدة بين ما هو ( روحي ) مع ما هو ( إلهي ) فسعى الى الطرق الصوفية لتحقيق هذا التوازن , حيث لا توجد تجربة مثيلة .. إلا في حب الشاعر الإيطالي ( دانتي ) لحبيبته ( بياتريس ) , وكانت أغلب غزليات حافظ ذات الإطار الصوفي تحكي عن ( شاه نبات ) .

يحكى عن حافظ أن والده أو أسرته كانوا أول من أطلق عليه تسمية ( حافظ ) مع أن إسمه ( شمس الدين محمد ) وذلك لسرعته في الحفظ , لكنه رغم هذا إمتنع عن تنفيذ رغبة والده في حفظ القرآن عن ظهر قلب منذ سن مبكرة ودون أن يفهم معناه , رغم أنه كان يحفظ ذلك الوقت أشعار : جلال الدين الرومي , سعدي , فريد الدين , ونظمي . لأن معنى حفظ الشعر شيء .. ومعنى حفظ القرآن شيء آخر .

من بركات محبته ل ( شاه نبات ) أنه حين أصبح في الستين من عمره , أخذ طريقة صوفية جديدة تعرف بالفارسية بإسم ( چله نشينی ) حيث يقوم المتصوف بنفسه برسم دائرة على الأرض ثم يجلس داخلها أربعين يوماً وليلة دون أكل أو شرب أو نوم , يبقى ساكناً متأملاً فقط حيث يدعي حافظ أنه وصل بهذه الخـلوة الى درجة ( الوعي الكوني ) وبعد ان أتم هذه الأيام والليالي الأربعين إلتقى بصاحبه القديم الحجي زيني العطار الذي قدم له كأساً من النبيذ , فكان تعليق حافظ أنه لكي يعرف المرء معنى النبيذ يجب عليه قبلها أن ( يجلس ) أربعين يومأً وليلة .

توفي حافظ ودفن في حديقة ( المصلى ) في شيراز تاركاً للناس ديوانه الذي يضم 994 قصيدة تشهد على عقلية رجل , وروحية إنسان , عشقت الحياة وتفاعلت معها فكانت عصية على الموت . ميسون البياتي – مفكر حر؟

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

بستان سعدي‎

في خطاب الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما الى الأمة الفارسية لمناسبة إحتفالها ببداية السنة الفارسية ( عيد نوروز ) الذي وافق في آذار 2009 قال : (( هناك من يصرون على أننا نُعْرَفْ بإختلافنا , ولكن دعونا نتذكر الكلمات التي كتبت من قبل الشاعر سعدي قبل سنوات طويلة والتي قال فيها : أولاد آدم عون لبعضهم لأنهم خلقوا من جوهر واحد )) . ولا عجب في سماع هذه العبارة من الرئيس الأمريكي لأن قصيدة سعدي التي وردت فيها تلك العبارة معلقة منذ سنوات طويلة على جدار قاعة الأمم في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك وهي تقول : 

بنی آدم اعضای یک پیکرند

که در آفرينش ز یک گوهرند

چو عضوى به درد آورد روزگار

دگر عضوها را نماند قرار

تو کز محنت دیگران بی غمی

نشاید که نامت نهند آدمي

ومعناها باللغة العربية :

أبناء آدم من نفس الجوهر

ومن خلقهم هو الذي وضع هذه القاعدة

تأثير عضو واحد يكفي

ليجعل بقية الأعضاء تشعر بالأثر

وعدم الإهتمام بمحن الغير

لا يصدر إلا عن وحوش بوجوه بشر .

أبو مصلح بن عبد الله المعروف بإسم ( سعدي ) والذي عاش حوالي 100 عام بدأت في العام 1184 ميلادي , كان واحداً من أهم شعراء الفرس في العصور الوسطى , ليس لجودة شعره وحدها , ولكن لعمق المشاعر الإنسانية الموجودة فيها .

كان الشيخ سعدي مواطناً إيرانياً يعيش في شيراز التي تركها منذ سن مبكرة وذهب الى بغداد ليتعلم الأدب العربي والعلوم الإسلامية , في أشهر مركز للمعرفة كان موجوداً ذلك الزمان وهو ( المدرسة النظامية ) وذلك خلال المدة بين عامي 1195 – 1226 .

الأوضاع غير المريحة التي أعقبت غزو المغول لإيران أدت به الى التجول والعيش في الأناضول , ثم سوريا , وأخيراً العراق . كما أنه يتحدث في أشعاره عن سفره الى الهند ووسط آسيا .

رحلات سعدي التي بدأت منذ العام 1271 وحتى 1294 وضعت في كتاب بعنوان ( رحلات سعدي ) وهذه الرحلات تختلف عن رحلات ( ماركو پولو ) في أن سعدي كان قد تجول خلالها بين عامة الناس وتحسس معاناتهم , بينما رحلات پولو كانت قد تمت في أجواء الثراء والرفاهية .

كان سعدي خلال رحلاته البعيدة يسهر في المقاهي الى ساعات متأخرة من الليل ويتبادل مع التجار والفلاحين واللصوص وأتباع الطرق الصوفية , الأحاديث ووجهات النظر , فيتعلم الحكمة من الجنون , والأمانة من ضياع الحق , ثم يظهر ذلك لاحقاً في شعره .

حين عاد الى شيراز بعد رحلته الطويلة , كان قد أصبح رجلاً مسناً , وكانت شيراز وقتها تحت حكم ( أتابك أبو بكر سعد بن زنكي ) الذي إحترم الشاعر كثيراً وعده من كبراء المدينة , ولهذا فحتى أسم شهرة شاعرنا ( سعدي ) هو إسم منحول عن إسم الحاكم ( سعد بن زنكي ) الذي مدحه الشاعر في قصائد تمجده وتمجد عائلته الحاكمة تم إدراجها في مقدمة مجموعة أشعاره التي تعرف بإسم البستان أو بإسم ( بستان سعدي ) . وقد أمضى سعدي ما تبقى من عمره في شيراز .

أتم سعدي كتابة ( البستان ) عام 1257 ميلادية , وأتم كتابه الآخر ( حديقة الورد ) أو ( الگلستان ) عام 1258 . يتضمن البستان حِكماً كتبها الشاعر على شكل قصائد شعرية تتضمن الحديث عن العدالة والحرية والإعتدال والقناعة , كما يعكس صوراً من حياة الدراويش وممارساتهم الصوفية .

الصفحة الأولى من كتاب ( البستان ) وكان الكتاب قد خطَّ في الهند في القرن السابع عشر الميلادي , كتبت فيها العبارة التالية : (( بسم الله الرحمن الرحيم , خالق الحياة , الحكيم , واهب النطق باللسان , الله العاطي والمانع , الرحيم , غافر الذنب وقابل العذر )) .

الگلستان أو ( حديقة الورد ) مكتوب نثراً ويتضمن القصص والمواقف الشخصية للشاعر , تختلط بها مجموعة من القصائد القصار التي تتضمن الحكمة والنصيحة وبعض السخرية والمرح , يدلل بها سعدي عن وعي عميق بعبثية الوجود البشري , وقدر أولئك الذين يعتمدون على أمزجة ملوك تتغير في كل حين وتتناقض مع حرية الدرويش _ الإنسان .

يعد الدارسون الغربيون ( البستان ) و( الگلستان ) كتباً ذات جاذبية خاصة , ويرون سعدي شاعراً كبيراً في مدائحه وأشعاره الغنائية , وكاتباً لعدد من القصائد المتقنة في تصوير التجارب الإنسانية لعل أشهرها قصيدته في رثاء بغداد بعد سقوطها بيد المغول عام 1258 . كما يثمنون أيضاً غزلياته وقصائده التي كتبها باللغة العربية .

مزيج غريب من العطف الإنساني , والسخرية , وروح الدعابة , تجعل من سعدي شخصية محبوبة حتى في أكثر الدراسات تقليدية عن عالم الثقافة الإيرانية .

قام الشاعر الروسي الشهير ( ألكسندر پوشكين ) بالإقتباس عن سعدي في روايته الشعرية المعروفة بإسم ( يوجين وإنجين ) حين قال : (( كما غنى سعدي منذ أزمان بعيدة : بعضهم صار بعيداً جداً , وبعضهم الآن قتيل )) .

يمايز سعدي بين العالم الروحي والجوانب العملية في الحياة الدنيوية , ففي كتاب البستان على سبيل المثال إستخدم الروحانيات لدفع نفسه الى خارج العالم الدنيوي ليعطينا تصويراً حساسا للطبيعة والناس , بينما في كتابه الآخر ( الگلستان ) يخفض من هذه الروحانيات ليتمكن من تقديم رفاقه أبناء السبيل وهو يصور ببراعة الفرق بين شيخ يتعبد في خانقاه أو تكية وبين تاجر مسافر يمر من نفس البلدة , لكن براعة سعدي في عرضه لثنائية الحياة هذه تصور لنا العالمين على أنهما فلقتي حبة لوز تنامان داخل قشرة نواة واحدة .

يوصف النثر الذي كتبه سعدي بأنه من السهل الممتنع ويرتكز على شبكة من الترادفات والتناقضات المكتوبة على شكل جمل ذات سجع , كما لو كان قافية شعرية , وبمهارة فائقة .

تمت ترجمة ( الگلستان ) الى الفرنسية عام 1634 , وبعد عشرين عاماً على ذلك تم نشر ( البستان ) و( الگلستان ) مترجمين الى الألمانية عام 1654 . ومنذ ذلك الوقت كان سعدي شخصية شرقية معروفة في أوربا .

كتب الفيلسوف والباحث والشاعر الأمريكي ( رالف والدو إيميرسون ) الذي كان روحاً متعطشة لكتابات سعدي , وساهم بنفسه في كتابة تقديم بعض طبعات كتب سعدي المترجمة , وهو الذي قرأ سعدي فقط من خلال ما ترجم الى الإنكليزية , بأن كتاباته يمكن أن تقارن بما ورد في الكتاب المقدس ( البايبل ) من حيث الحكمة والجمال في السرد .

توفي سعدي في مسقط رأسه شيراز , ومنذ ذلك الحين أصبح قبره محجة لمحبي الشعر والأدب , تم تجديد القبر أول مرة خلال فترة حكم كريم خان زاد 1750 _ 1779 . ثم أعيد تجديده في عهد الشاه الأخير محمد رضا بهلوي عام 1952 حيث غلف المكان بالمرمر وجعلت له ( رازونتان ) زينتا بالورد وأشعار سعدي , أما الحجر المنتصب عند رأسه فقد زينته إحدى قصائده , وعند قاعدة الحجر خطت عبارة صغيرة تقول : (( ستضوع رائحة الحب من قبر سعدي حتى ولو بعد ألف سنة على وفاته )) وهذه العبارة هي بيت شعر كان سعدي قد كتبه في حياته .  ميسون البياتي – مفكر حر؟

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

شاهنامة الفردوسي‎

حكيم أبو القاسم الفردوسي الطوسي , عاش مابين عامي 935 – 1020 ميلادية وهو شاعر فارسي مجوسي مشهور , قام بتأليف الشاهنامه وهي سلسلة من القصص المروية شعرا بحوالي 60,000 بيت من الشعر تصور الملاحم العظيمة لأمجاد بلاد فارس منذ نشأتها وحتى سقوطها بيد العرب المسلمين في القرن السابع الميلادي .

ولد الفردوسي عام 935 ميلادية لعائلة غنية , والده كان من ملاّك الأراضي الأثرياء , وكانت ولادته في قرية صغيرة تدعى ( باغ ) قرب طوس في خراسان وتقع اليوم في مدينة ( رضوى ) الإيرانية .

أما ملحمته ( الشاهنامه ) فقد أخذت من عمره ما يزيد على 35 سنة لإكمال تأليفها , وكانت أساسا قد كتبت لتقديمها الى أمراء بني سامان في خراسان , وهذا هو سبب المشاكل التي ستقع للفردوسي وشاهنامته لاحقا .

لكي نفهم الطريقة التي سارت عليها أمور الفرس في الدولة السامانية , علينا أن ندخل الى الموضوع من باب تعريف المذاهب الشيعية ( الإمامية الإثني عشرية ) و ( الزيدية ) و ( الإسماعيلية ) فكما هو معروف أن الأئمة الإثني عشر هم :

الإمام علي بن أبي طالب ( الكرار ) إمامته 30 سنة

الإمام الحسن بن علي ( المجتبى ) إمامته 10 سنوات

الإمام الحسين بن علي ( الشهيد ) إمامته 11 سنة

الإمام على بن الحسين ( زين العابدين ) أو ( السَّجاد ) إمامته 35 سنة

الإمام محمد بن علي بن الحسين ( الباقر ) إمامته 19 سنة

الإمام جعفر بن محمد الباقر ( الصادق ) إمامته 34 سنة

الإمام موسى بن جعفر ( الكاظم ) إمامته 35 سنة

الإمام علي بن محمد ( الرضا )إمامته 20 سنة

الإمام محمد بن علي ( الجواد ) إمامته 17 سنة

الإمام علي بن محمد ( الهادي ) إمامته 33 سنة

الإمام حسن بن علي ( العسكري ) إمامته 6 سنوات

الإمام محمد بن حسن ( المهدي المنتظر ) يعتقد الشيعة الإثني عشرية أن إمامته ممتدة لأنه حي ومرتقب الظهور .

ما هو تسلسل الإمام زيد بين هذه الأسماء ؟ هو الخامس بينهم تم خلعه عن الإمامة والعصمة بعدما أقر وهو مكبل بالسلاسل ببيعة أبو بكر وعمر .

من حق كل إنسان أن يقبل أو يرفض , وعليه فأتباع زيد الذين قبلوا بيعته لأبي بكر وعمر , الى يومنا هذا إسمهم ( شيعة زيدية ) أما الذين رفضوا تلك البيعة فتمت تسميتهم ب ( الروافض ) أو ( الرفضة ) والكلمة ليست سُبَّة بل هي توصيف موقف .

كان للإمام زيد 50,000 حليف من أهل الكوفة , ولكن بسبب بيعته لأبي بكر وعمر وجد نفسه مع 300 مقاتل فقط حين التقى الجمعان فكان نصيبه سهم في جبينه ألحقه بركب شهداء أسرته . عندها خلفه على الإمامة أخوه محمد الباقر .

بعد وفاة محمد الباقر حصل إنشقاق كبير داخل المذهب الإثني عشري , حيث ادعى قسم منهم أن الإمامة انتقلت الى ( عبد الله بن الحسن بن علي ) وإبنه ( محمد النفس الزكية ) فيما أصر آخرون على إمامة إبن محمد الباقر وهو ( جعفر الصادق ) ليكون الإمام السادس ضمن الأئمة الإثني عشرية . أعقب جعفر الصادق إبنه الإمام اسماعيل الذي يصر كثير من الشيعة الإثني عشرية أنه مات في حياة أبيه ولذلك لم يورث الإمامة , وحقيقة الأمر أنه لم يمت ,, بل ورث الإمامة عن أبيه لكنه انشغل عن المشاكل التي لطائفته مع الدولة الإسلامية السنّية , بأمور الإفتاء في ممالك وسط آسيا التي وصلتها جيوش المسلمين حديثا مما دفع الى خلعه عن الإمامة والعصمة وتعيين أخيه موسى الكاظم . وطائفة الشيعة الإسماعيلية هي اليوم أكبر الطوائف الشيعية قاطبة وتنتشر في العالم من أواسط آسيا حتى مصر .

بعد هذه المقدمة نعود الى الدولة السامانية التي كانت أول دولة فارسية يتمكن الفرس من تأسيسها في خراسان بعد إندحار ( الدولة الساسانية ) أمام الفتح العربي الإسلامي .

تستمد الدولة السامانية تسميتها من مؤسسها الأول ( سامان خودا ) أما ديانة هذه الدولة الحقيقية فهي المجوسية التي إستعملت ( التقية ) لتغطيتها بعدة إدعاآت , فحرصا على مسايرة الدولة العربية المسلمة الجارة .. كان الحاكم الساماني يظهر الإسلام السنّي , وخوفا من إتهام الدولة السامانية بالردة عن الإسلام فتجلب عليها الحروب , كان الحاكم الساماني يحض مواطنيه الفرس على ( التشيع الإسماعيلي ) لأنه بعيد عن مركز الدولة العربية الإسلامية , ولا خلاف لهذه الدولة العربية الإسلامية مع الشيعة الإسماعيلية مثلما هي على خلاف محتدم مع الشيعة الإثني عشرية و الشيعة الجعفرية , ومع هذا , فرغم إستفحال الخلاف بين المذهبين الشيعيين , الإسماعيلي والإثني عشري , الى حد تبادل الإتهامات والتكفير , إلا أن الدولة السامانية التي كانت تدعو مواطنيها الى التشيع الإسماعيلي , كانت متسامحة جدا مع أتباع المذهب الإثني عشري ولم تعرضهم الى أية مضايقة .

مسايرة الدولة العربية المسلمة الجارة , جلبت الخير للدولة السامانية أيام الخليفة العباسي المأمون الذي كانت تربطه بأخواله الفرس علاقات وثيقة .. حيث قام بتعيين أحفاد سامان خودا الأربعة حكاما من قبله على أرجاء واسعة من المنطقة , فقد عيَّن ( نوح ) حاكما على سمرقند , وعيَّن ( أحمد ) حاكما على فرغانة , وعيَّن ( يحيى ) حاكما على الشاش , وعيَّن ( إلياس ) حاكما على ( حيرات ) , كما عيَّن ( نصر ) إبن أحمد حاكم فرغانة , حاكما على بخارى ونواحيها . ومن بعد نصر تم تعيين أخيه ( إسماعيل ) الذي إستطاع أن يطيح بالصفّاريين في خراسان والزيديين في طبرستان ويضم ممالكهما الى حكمه .

حين أصبح هؤلاء جميعا أمراء على هذه المنطقة الشاسعة , قويت نعرتهم الفارسية وزاد إبطانهم للمجوسية بقدر زيادة إظهارهم للإسلام , ولهذا تم تكليفهم للفردوسي بكتابة الشاهنامة التي تستعرض أمجاد بني فارس منذ النشأة .. حتى السقوط بيد العرب المسلمين في القرن السابع الميلادي كما أسلفنا . ولهذا نجد الفردوسي يتغنى بأمجاد الساسانيين قائلا : 

کجا آن بزرگان ساسانيان زبهراميان تا بسامانيان

ومعناها في اللغة العربية : أين ذهب الساسانيون العظام ؟ كيف تبدل حالنا في عهد بهرام وعهد سامان !؟

يقرن الفردوسي عهد الإمبراطور الساساني بهرام الخامس الذي يسمى أيضا ( بهرام گور ) بعهد أمراء بني سامان ويقارنهما بالعهد الساساني العظيم , لأن دولة الفرس في العهدين كانت قد منيت بإندحارات كبيرة .

بهرام هو الإمبراطور رقم 14 في السلالة الساسانية وحكم للفترة الممتدة بين عامي 421 – 438 وهو إبن الإمبراطور يزدجرد الذي مات فجأة بعملية إغتيال على الأرجح , فتمكن إبنه بهرام وبمساعدة عرب الحيرة المناذرة من الإنتصار على خصومه والتتويج على العرش بعد والده . والدة بهرام تدعى ( شوشاندخت ) وهي يهودية من يهود سبي نبوخذنصر البابلي . إنهزم بهرام في حربه مع الروم في أرمينيا وأدت الهزيمة الى موته بعد وقت قصير .

أما السامانيون فبعد أن جعلهم المأمون العباسي أمراء على أقاليمهم , يذكر المؤرخون أن الأسلوب الغامض دينيا ومذهبيا الذي إتبعه السامانيون أدى الى خراب ملكهم , فقد قدمت الى أقاليمهم القريبة من الأناضول أعداد كبيرة من الترك تقدر مساكنها ب 30,000 خيمة وهذا يعني أن عددهم يقارب الربع مليون شخص .. ويعتبر هذا الرقم كبيرا بالنسبة الى تعداد ذلك الزمان وبدأ هؤلاء الترك يمارسون الإسلام السنّي , فيما قدمت الى أقاليم السامانيين القريبة من أواسط آسيا أعداد كبيرة من الغزنويين الذين كانوا مسلمين من أتباع المذهب الحنفي مساكنهم يفوق عددها 55,000 خيمة , وهذا يدل على أن عددهم كان يزيد على نصف مليون نسمة , وهكذا تمكن الغزنويون بعد فترة من الإستيلاء على مقاليد الحكم في الدولة السامانية وجعلها إقليما من أقاليم الدولة الغزنوية .

كل هذه التحولات ستؤثر على شاهنامة الفردوسي أكبر تأثير , فبعد أن أتم جمع القصص والحكايات من الرواة .. ثم أعاد كتابتها شعرا كان قد بلغ 58 سنة من عمره , أنفق منها 35 سنة لتأليف هذا الكتاب .

حين كان الفردوسي شابا بعمر23 سنة , كان قد عثر على كتاب ( شاهنامه ) مكتوب من قبل ( أبو منصور المعمري ) لكن ذلك الكتاب لم يكن شعريا بل مكتوب نثرا , ويستمد حكاياته عن أمجاد بني فارس الغابرة من مؤلف آخر يدعى ( أبو منصور بن عبد الرزاق ) وكان هذا الإكتشاف حاسما في حياة الفردوسي لأنه أخذ الحكايات وبدأ بصياغتها شعرا في شاهنامته هو .. التي بدأ تأليفها في العهد الساماني الذي إنتهى بسقوط السامانيين بيد الغزنويين عام 999 ميلادي .

بعد 30 عاماً من العمل المضني أتم الفردوسي نظم 60,000 بيت من الشعر هي عدد أبيات شاهنامته , وبقي بعدها سنتين أو ثلاثة لا يدري لمن يتوجه بعمله هذا ومن سيكافؤه عليه !؟ بعد زوال ملك بني سامان .

أخيرا قرر أن يجري إتصالاته مع بلاط السلطان ( محمود الغزنوي ) السلطان الذي إستولى على الحكم من السامانيين ليعرض عليه منظومته , توسط له بعض شعراء البلاط , فوعد السلطان بأن يمنحه دينارا ذهبا عن كل بيت في ملحمته .. ( إن ) أعجبت السلطان . فتوجه الفردوسي بشاهنامته الى ( غزنة ) عاصمة الدولة الغزنوية , وحين عرض شاهنامته لم يستحسنها السلطان للأسباب التالية :

# الشاهنامة تمجد بطولات الفرس القديمة والحديثة , وهذا ما لا يستهوي السلطان الغزنوي الذي لا يرى في الفرس أكثر من ملة محكومة بطاعته ولا تشكل إلا جزءا من إمبراطوريته .

# الشاهنامة تظهر ملامح مجوسية واضحة جدا لا تتفق مع نزعة السلطان المسلم .

# يستهل الفردوسي الشاهنامة بمديح آل سامان وذلك ما أجج غضب السلطان الذي لم يكن يدري لماذا هو مطالب بأن يكافيء شاعرا على عمل يمتدح فيه غيره !؟

# وأخيرا علينا أن لا ننسى الدسائس الحقيرة التي يبادلها ( متعاطو الشعر ) بعضهم البعض في كل زمان ومكان .. فقد نصح بعضهم السلطان محمود وكانوا من بعض مستشاريه : أن مكافأة 60,000 دينار ذهب ربما تؤدي الى موت الشاعر من الفرحة حين يشاهدها .. ولهذا ينبغي على السلطان تقليل المكافأة الى أقل قدر ممكن .

صدر الفرمان السلطاني الغزنوي _ بمكافأة الفردوسي ب 20,000 درهم فضة عن عمل إستغرق 35 سنة من عمره .

فإذا عرفنا أن كل 100 درهم فضة كانت = دينار واحد ذهب ؟

فإن 20,000 درهم فضة = 200 دينار ذهب

ربما يتوقع المرء تحسبا لكل الطواريء والملابسات , أن يقل أجره الى النصف أو الثلث , أو الربع … أو حتى أن يحرم من الأجر . ولكن أن يكافأ بأجر هو 300/1 مما وعد به , فذلك فعلا شيء يثير الغضب والحفيظة , ولا يساوي حتى ثمن الورق والحبر الذي إستهلكه الكاتب في مدة 35 سنة . لكن الملام الأول والأخير على هذه النتيجة هو الفردوسي نفسه , لأن من أول شروط نجاح العمل الإبداعي , أن يتم تقديمه وعرضه لمن يعرفون قيمته ويثمنون مزاياه , وإلا عدَّ ضربا من الجنون الذي قد يجلب الوبال على صاحبه . وبالنسبة الى الشاهنامة , فالسلطان محمود الغزنوي يعتبر أسوأ شخص يمكن أن تعرض عليه , ولهذا فالخطأ هو خطأ الفردوسي وليس غيره .

هناك روايات كثيرة عن رد فعل الفردوسي إزاء هذه المكافأة المجحفة , فمنهم من يقول إنه رفض المبلغ , بينما يقول آخرون إنه تسلم المبلغ ثم أهداه الى صاحب الخمّارة الذي كان يسقيه النبيذ , ثم توجه الى داره في طوس ودخل الغرفة التي كان يكتب فيها , وكتب على حائطها قصيدة هجاء طويلة وجهّها الى السلطان محمود ختمها بالعبارة التي تقول : (( السماء لن تنسى الإنتقام , فإنكمش أيها الطاغية من عباراتي النارية , وإرتعش من غضب الشاعر )) .

ثم هرب من طوس متجها الى ( سيستان ) ثم الى ( مازندران ) ليختبيء فيهما ممن قد يكون السلطان سيبعثهم لتعقبه وإلحاق الأذى به

يقال إن الفردوسي مات في حدود عام 1020 وهو في حالة فقر شديد وكان يبلغ من العمر 85 سنة يلفه التجاهل التام من قبل السلطان وهو الذي كان يتوقع النجاح والشهرة والحظ , وهذا مذكور بشكل واضح في أبياته الشعرية الأخيرة من الشاهنامة .

تذكر إحدى الحكايات أن السلطان محمود الغزنوي لما بلغته قصيدة الهجاء التي كتبها الفردوسي في ذمه صرخ في مستشاريه قائلا : (( جعلتم عرضي في أفواه الشعراء )) وأمر على الفور بإرسال 60,000 دينار ذهب الى الشاعر لإقفال فمه , وحين وصل رسول السلطان الى دار الفردوسي , وجد الشاعر ميتا ومدفونا في حديقة بيته قبل ساعات قلائل . وبعض الحكايات تشير الى أن المبلغ منح الى إبنة الشاعر لأن إبنه كان قد توفي قبله .

لكن بعض الحكايات الأخرى تشير الى أن البنت رفضت تسلم هذا المال .. ولأن السلطان أبى أن يعود المال الى حوزته .. فقد أمر أن يبنى به ( خان ) لراحة المسافرين في منتصف المسافة ما بين مدينتي طوس ومرو . بينما حكايات أخرى تقول إن بنت الفردوسي هي التي أخذت المال وبنت به هذا الخان .

بعد مرور حوالي 900 سنة على هذه الحكاية وبالتحديد في عام 1921 قام ( رضا خان ) بالتعاون مع ( السيد ضياء الدين طباطبائي ) بالتخطيط لإنقلاب ناجح أدى الى الإطاحة بالعائلة الحاكمة القاجارية عام 1925 ليتم في العام 1926 تتويج ( رضا خان ) شاه على الدولة الفارسية وكان حاكما قوميا حاد النزعة وفي زمانه تحول أسم بلاد فارس رسميا الى ( ايران ) المشتق من ( الإريانا والأريامهر ) الساسانية , ومن ضمن الأمور التي حظيت بالإهتمام في عهده .. إعادة بناء قبر الفردوسي .. وإعادة طبع وتوزيع الشاهنامة على نطاق واسع , وتوجيه الأنظار والإنتباه إليها .

الفردوسي كان مجوسيا كما تؤكد كلماته في الشاهنامة نفسها , وكما تذكر المصادر الموثقة عنه , فقد كان يذكر المجوسية بإحترام كبير , في نفس الوقت الذي لم يكن يظهر أي إيمان عميق بالإسلام .. وحالة مثل حالة الفردوسي تدعونا نحن الباحثين التاريخيين والمؤرخين الى أن ننظر نظرة موضوعية الى فتوحات الدولة الإسلامية منذ فتح مكة وحتى فتح الأندلس , ولا نندفع في تقييم جوانبها الإيجابية متناسين سلبياتها التي جلبت على العروبة والإسلام وبال الحركات الشعوبية والعقائد الباطنية , وهذا هو الخراب بعينه .

بينما كان الفردوسي يتكلم عن المجوسية بكل إحترام , ورغم أنه لم يكن مسلما إلا ظاهريا , إلا أنه أظهر تحيزاً للتشيع وكما هو واضح من أبيات الشاهنامه ، معتبرا التشيع هو المذهب الإسلامي الحقيقي الوحيد فقط . وتفسير هذا التناقض في مغالاته بكل من المجوسية والتشيع يكمن في حقيقة أنه خلال القرون الأولى للإسلام ، كانت بلاد فارس أرضا خصبة لكل ما هو معادي للدولة الأموية , حيث إنتشر التشيع جنبا إلى جنب مع نضال الفرس في خراسان ضد الدولة العربية المسلمة . أضف الى ذلك وجود زعماء من قريش ( ليسوا من الشيعة ) ينتسبون الى البيت الهاشمي ويعملون ضد بني أمية منطلقين من بلاد فارس أيضا , وكمثال واضح على ذلك تحالفات ( بني العباس ) عم النبي مع الفرس من أجل تأسيس دولتهم وعاصمتها بغداد , ومن يقرأ كتاب ( مقاتل الطالبيين ) لإبي الفرج الأصفهاني وهو أموي من الفرع المرواني من بني أمية , يدرك أن المجازر التي تعرض لها أولاد وأحفاد ( أبو طالب ) عم النبي سارت على نفس المنوال سواء في الدولة الأموية التي أسسها بنو ( أمية ) عم النبي , أو الدولة العباسية التي أسسها بنو ( العباس ) عم النبي لا بل أن الخلافة في بغداد لم تكن تميز عند تعاملها مع بلاد فارس مابين المجوس , والزنادقة , والقرامطة ( شيعة إسماعيلية ) , والرفضة ( شيعة منشقين عن الإمام زيد ) .

إضافة الى كتاب ( أبو منصور المعمري ) الذي إستعمله الفردوسي منهلا للقصص التي يكتبها شعرا , فإن الشاعر كان قد إستعان بكتب أخرى مثل كتاب ( تاريخ الأرباب ) الذي يحكي قصص الدولة الفارسية القديمة , وقصصه مكتوبة شعرا باللغة الدارية الفارسية مبتدئة من تاريخ 7,000 سنة قبل الميلاد , وتحكي عن حياة الملوك الفرس , والفرسان الفرس , والنظام القانوني الفارسي , والديانات الفارسية , وإنتصارات الفرس ومآسيهم .

كما كان من أهم مصادر الفردوسي لكتابة الشاهنامه , كتاب آخر يدعى ( خوداينامه ) وهو كتاب تم تجميع حكاياته وكتابتها أثناء العهد الساساني , ومنه أخذ قصة المحارب الفارسي الأسطوري ( أزل ) الذي كان والده قد رماه عند سفح الجبل , فجاءت العنقاء وحملت الطفل وربَّته في عشها , لذلك إستمد منها قوته التي لا يستطيع أحد أن يتغلب عليها .

وأخيرا فقد كتب الفردوسي عن معاناته في تأليف الشاهنامة قائلا : (( لقد كنت أموت خلال هذه السنوات الثلاثين ، ولكن كان عليَّ إحياء العجم واللغة الفارسية ، لذلك واصلت الحياة لأن واجبي نشر بذور هذه اللغة وحكاياتها ))  ميسون البياتي – مفكر حر؟

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

شهادة تثبت ان نجاد مختل عقلياُ

هذه المقالة عبارة عن وثيقة رسمية تثبت أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد غير متزن عقلياُ.

الخبر يقول: ” قال نجاد في كلمته الافتتاحية التي ألقاها أمام نحو 300 شخصية حضرت المؤتمر الدولي السادس والعشرين للوحدة الإسلامية إن «حكام أميركا استغلوا أوضاع الحربين العالميتين الأولى والثانية، وفرضوا ورقا باسم الدولار على الاقتصاد العالمي، ثم أصدروا في المطابع الأميركية ورقا بتكلفة 5 سنتات، وكتبوا عليه 100 دولار»، حسبما أوردته وكالة مهر الإيرانية شبه الرسمية.”. أنتهى الإقتباس.

بداية: نحن نعتقد بأن هناك احتمالين لتعليل سبب تصريح نجاد هذا:

الاحتمال الاول: هو أن نجاد يعرف بأن تصريحه عبارة عن هراء, وقد قام به من اجل الاستهلاك المحلي, ودغدغة عواطف جموع المغيبين من البسطاء الايرانيين ومن مؤيدي العنتريات الفارغة للولي الفقيه بالعالم, لكي يظهر نجاد التافه نفسه كنداُ للدولة العظمى بالعالم وهي اميركا, وليظهر بانه هو القادر ان يكشف (خدعها) (بذكائه) الثاقب؟

فإذا كان هذا الاحتمال هو ما حصل فعلاً فهذه مصيبة, لأنه بذلك, فان نجاد والولي الفقيه الايراني ينتهج سياسة سفيهة تعتمد على الهراء وتجييش القطيع المغيب من الشعب الايراني من اجل المحافظة على السلطة, وبالتالي تكون هذه المقالة هي عبارة عن شهادة بأن نجاد والولي الفقيه هم مجموعة رخيصة من السفهاء.

الإحتمال الثاني: أن نجاد يعني ما يقول وأن هذا هو مستواه المعرفي الحقيقي, وهنا المصيبة تكون أكبر, لأنه بهذه الحالة تكون معرفة رئيس الشعب الايراني العريق ذو التاريخ العظيم والذي تضرب جذوره عميقاُ بالقدم, بالاقتصد والمال هي بمستوى شخص مختل عقلياً, وبذلك تكون هذه المقالة هي شهادة بأن نجاد غير صالح عقلياً, وذلك للأسباب التالية: 

أولاً: لم يقل لنا نجاد كيف استغل حكام اميركا اوضاع الحربين العالميتين وفرضوا ورقاُ باسم الدولار على الاقتاصد العالمي؟

لا أحد بالعالم مهما عظم شأنه يستطيع ان يفرض نقدا على العالم هكذا بهذه السهولة! فحسب إعتقاد نجاد, وكأن هذا العالم عبارة عن طفل صغير ويتيم, وامه زوجة ابيه هي اميركا لتستطيع ان تفرض عليه ” ورقا بتكلفة 5 سنتات، وكتبوا عليه 100 دولار” على حد تعبير نجاد!؟ 

وكأن العالم ليس فيه دولة الصين وهي صاحبة الاقتصاد الضخم والقوة البشرية الهائلة القرابة من ربع سكان الارض, لكي تعامله اميركا كطفل يتيم وتفرض عليه ” ورقا بتكلفة 5 سنتات، وكتبوا عليه 100 دولار” على حد تعبير نجاد!؟

وكأن العالم لم يكن به الاتحاد السوفييتي المنهار الجبار السابق, , لكي تعامله اميركا كطفل يتيم وتفرض عليه ” ورقا بتكلفة 5 سنتات، وكتبوا عليه 100 دولار” على حد تعبير نجاد!؟ 

وكأن العالم لم يكن به بريطانيا العظمى التي لم تكن تغيب الشمس عن مستعمراتها, وليس به فرنسا والمانيا وانكلترا وكل الدول الاوروبية, لكي تعاملها اميركا كطفل يتيم وتفرض عليه ” ورقا بتكلفة 5 سنتات، وكتبوا عليه 100 دولار” على حد تعبير نجاد!؟

وكأن العالم ليس به اليابان ذات الاقتصاد الجبار, مع اقتصاد دول شرق اسيا الهائل, لكي تعاملهم اميركا كطفل يتيم وتفرض عليه ” ورقا بتكلفة 5 سنتات، وكتبوا عليه 100 دولار” على حد تعبير نجاد!؟ 

على حسب فهم نجاد, فإن كل العالم عبارة عن اغبياء منذ مئات السنين ولم يكتشفوا بأن اميركا تخدعم ب ” ورقا بتكلفة 5 سنتات، وكتبوا عليه 100 دولار” على حد تعبير نجاد!؟ وجاء الآن نجاد, وهو فريد زمانه بذكائه الثاقب واكتشف هذا الاكتشاف الفظيع؟؟

نعم هذا صحيح ورقة المئة دولار هي عبارة عن ورقة لا تساوي طباعتها خمسة سنتات مصنوعة من الخشب والطلاء, ولكن هذه نصف الحقيقة, وقول انصاف الحقائق هو شئ خطير ومضلل, لأن نصف الحقيقة الثاني هو على الشكل التالي:

من المعروف تاريخيا بأن العالم انتقل الى النقد الورقي لاسباب اقتصادية وعملية اهمها بأن كمية النقد من المعادن الثمينة لا تكفي من اجل تنفيذ الخطط الاقتصادية الانمائية لكل بلد. 

بالواقع اي دولة بالعالم, او أي بنك بالعالم, وحتى أي شخص بالعالم يستطيع ان يصدر عملة ورقية, وفي أغلب المجتمعات يقوم أي انسان بإقراض أي شخص يثق به او يعرفه او يتم التعريف عليه من قبل اشخاص موثوقين, فيقوم بكتابة ورقة بين المدين والدائن يتم التصرح بها بكمية القرض, وكمية الفائدة ومتى يتم التسديد, وربما يتم توثيق هذه الورقة عدلياً, هذه الورقة هي عبارة عن نقد لا تختلف عن ورقة الدولار بأي شئ, وهي ايضا لا تساوي كتابتها خمسة سنتات مثل قيمة طباعة المئة دولار؟

بعلم الاقتصاد النقد الورقي هو مرادف لكلمة الوثوقية, بمعنى أنه عندما يصدر شخص ما او حكومة ما او بنك ما عملة ورقية او سند دين بمبلغ معين, هذا يعني التالي: 

بأن الجهة التي التي حصلت على هذه الورقة النقدية او السند المالي تثق بأن البنك الذي طبع الورقة النقدية او الجهة التي اصدرت السند المالي بأن لديها من الوثوقية لكي يتم ابدال هذه الورقة النقدية او السند المالي بأي وقت من الاوقات بما يوازيها من المنتجات او ما يساويها من المعادن النفيسة؟

اذاً الموضوع ليس موضوع ورقة بخمسة سنتات كما يهرف نجاد المختل عقليا, ولكن الموضوع هو موضوع ثقة و كسب ثقة الناس على مدى مئات السنين من الزمن, ولذلك فان جميع الناس بكل العالم  وثقت وتثق وستثق بالدولار على مدى مئات السنين السابقة وحالياُ ولمئات السنين القادمة وذلك للأسباب التالية:

أولاً: في أي زمان ومكان في داخل اميركا او خارجها, يستطيع اي انسان ان يشتري بقطعة المئة الدولار النقدية حوالي عشرة غرامات من الذهب, ويستطيع ان يثق اي مركز لبيع الذهب بأن ورقة المئة دولار التي حصل عليها يستطيع ان يستبدلها بأي وقت من الاوقات وفي اي مكان بالعالم بمنتجات يحاجة لها هو ومساوية بالقيمة لكمية الذهب التي اعطاها للمشتري. 

ثانياُ: في اي زمان او مكان في داخل اميركا او خارجها, يستطيع اي انسان ان يشتري بالمئة دولار حوالي عشرة كيلوغرامات من اللحم. او طقم من الثياب, او ما يقارب ثلاثين ليترا من الحليب, او خمسة كيلوغرامات من الجبن, او عشرة كيلوغرامات من الخبز, او بطاقة سفر بالطائرة, او جهازا للتلفاز او للتلفون, او بطاقة مسرح او مبارة رياضية, او سيارة او طائرة يتنقل بها, او اي شئ اخر من المنتجات الموجودة بأي سوق من الاسواق بالعالم

ثالثاً: في اي زمان او مكان في داخل اميركا او خارجها, يستطيع اي انسان ان يدفع مبالغ من فئة المئة دولار لشراء أي قطعة ارض او منزل بأي منطقة بالعالم, ويستطيع ان يبيع هذه الارض او المنزل بنفس كمية المبلغ الذي اشتراها بها.

من هنا نرى بان قيمة النقد تأتي من ثقة الناس بالنوتة البنكية التي يصدرها بنك ما, وهذه الوثوقية تأتي من خلال الخبرة والتجربة على مدار مئات السنين ومن قبل مليارات الناس من البشر, فاذا استطاعت هذه النوتة البنكية ان تكسب ثقة الناس فان الناس تقبل على استخدامها, ولو ان أي شخص ما على سبيل المثال لم يستطع ان يحصل على منتجات بحاجة لها مقابل النوتة البنكية للمئة دولار في اي وقت من الاوقات او مكان من العالم, لكانت اهتزت ثقة الناس بالدولار ولخسر قيمته, ولاصبح لايساوي حتى الخمسة سنتات تكلفة طباعته.

اذا قيمة الدولار تأتي من ثقة الناس به, والتي كسبها على مدار مئات السنين من خلال ضمان المقابل له من النتجات المتوفرة باسواق العالم, وليس كما يهذي نجاد بأن الحكومة الاميركية فرضته وعلى حد تعبيره:«حكام أميركا استغلوا أوضاع الحربين العالميتين الأولى والثانية، وفرضوا ورقا باسم الدولار على الاقتصاد العالمي، ثم أصدروا في المطابع الأميركية ورقا بتكلفة 5 سنتات، وكتبوا عليه 100 دولار». ولو كان الامر بهذه البساطة التي يتفوه بها هذا المعتوه لفعلت الشئ نفسه كل حكومات العالم وكل بنوك العالم.

للأسف بأن الكثير من اليساريين العرب يشاركون نجاد بفهمه هذا,وبالتالي هذه شهادة بأن نجاد وكل نظام الولي الفقيه وال 300 شخصية التي حضرت المؤتمر الدولي السادس والعشرين للوحدة الإسلامية مضافا اليهم بعض اليساريين العرب الذي يشاركوهم بنفس الافكار عن الدولار الاميركي هم مختلين عقلياً.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | 2 Comments

الملكة وسيارة “الرنج”!

بدرية البشر

حظي خبر القبض على سيدة تقود السيارة في أحد شوارع المدينة المنورة بتعليقات ساخرة من جمهور «تويتر»، فتساءل عن غرابة القبض على سيدة تقود سيارة بصحبة أطفالها وزوجها في حين لا يقبض عليها حين توجد مع رجل غريب يقود سيارتها عنها! ثم تساءل فريق آخر عن التهمة الموجهة للمرأة، فجاءه الجواب ساخراً «خلوة غير شرعية مع سيارة». يتجدد الحديث عن قيادة المرأة السيارة في السعودية كلما ظهر خبر من هذا النوع، لا سيما أنها لا تتوقف، فمرة نقرأ عن امرأة تقود سيارة كي تنقذ زوجها المصاب، ومرة تُضبط سيدة «حامل» تقود السيارة بعد أن دهمتها الرغبة في قيادة السيارة نتيجة تغيرات هرمونية تسمى «الوحام»، أو حين تعرضت مراهقات لحادثة مرورية في الصحراء وهن يتدربن على قيادة سيارة. حتى الإعلام الغربي دخل معنا على الخط وصار يراه موضوعاً قابلاً للسخرية، فقد اقترحت إحدى القنوات الفرنسية في مشهد تصويري إلباس السيارة التي تقودها المرأة «عباءة» سوداء، وهكذا نكون قد حصلنا على سيارة محجبة أيضاً، كما أطلقت التباشير بحل هذه المعضلة بعد الإعلان عن اختراع سيارات لا تحتاج لسائق بل تقود نفسها.

 وقد طرحت على جمهور «تويتر» سؤالاً قد يواجهنا حال استيرادنا هذه السيارة وهو «أين ستركب المرأة في هذه السيارة في المقعد الأمامي أم في المقعد الخلفي؟»، فجاءني الجواب الحقيقي من المعارضين قيادة المرأة السيارة «تجلس في البيت».

 أزمة منع المرأة من قيادة السيارة ليست هي الأزمة الحقيقية التي قد تنتهي عندها مشكلات النساء كما يتحجج بعض الناس وهذا صحيح، فوجود المرأة لا يتجاوز 13 في المئة في قوة العمل السعودية، بمعنى أن البطالة في قوة العمل النسائية هي 87 في المئة، كما أنها لا تحصل على الأجر نفسه في سلم الرواتب، وفي سلم القضاء لا تتساوى المرأة والرجل، فديتها نصف دية الرجل، وحين تَقتُل المرأة زوجها تُقتَل، لكن حين يَقتُل الرجل زوجته لا يُقتَل، ويحق للوالد أن يزوج ابنته حتى ولو كانت طفلة قاصراً، وحتى وهو لا يصرف عليها قرشاً واحداً، ولا تزال المرأة ناقصة الأهلية، فلا تتعلم ولا تعمل ولا تتزوج ولا تتنقل إلا بموافقة من ولي أمرها حتى ولو كان ا‍بنها، بسبب كل هذا غدت رؤيتها تمسك بمقود السيارة أمراً مثيراً للرعب بل ومستحيلاً!

 احتاجت هذه القضية في فترة توغل الخطاب الصحوي لمعالجة فلسفية شعبية، لا سيما بعد قرار منع ومعاقبة الأربعين سيدة اللاتي قدن سياراتهن في شارع بالرياض في عام 1990، فظهر خطاب يثني على القرار ويفسره ويؤكد أنه ما جاء إلا لتكريمها، وقال أحد الخطباء في خطبة مسجلة إنه عندما سئل في الغرب لماذا لا تقود المرأة السيارة لديكم، أجاب: وهل الملكة لديكم تقود سيارة؟ المرأة لدينا لا تقود سيارة لأننا نعاملها كملكة، وقد أعجب هذا الجواب الكثيرين، فراحوا ينادون المرأة السعودية منذ ذلك اليوم بالملكة، لكن طبعاً هذه الملكة لو أرادت أن تدرس أو تتعلم أو تسافر فإنها لا بد من أن تأخذ إذناً من الأمير فيليب أي زوجها، وإن غاب فا‍بنها، وإن غاب الاثنان فلا بأس بالسائق، فقد أخبرتني إحدى السيدات أن الشرطة أمسكتها تقود السيارة وزوجها غائب، فجعلوا السائق يوقّع تعهداً بعدم السماح لها بقيادة السيارة التي هي سيارتها طبعاً. أمس عثرت على صورة لملكة بريطانيا وهي تسوق سيارتها «الرنج روفر» فنشرتها في «تويتر»، وأعلنت سقوط حجة أن الملكة لا تقود سيارة، لكن جمهور «تويتر» انشغل بالحديث حولها وقال عنها حلوة… السيارة طبعاً!

 نقلاً عن صحيفة “الحياة”

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

أين يباع السحر وما علاقته بالجن؟

عبدالله بن بخيت

أجري هذه الأيام بحثا عن السحر وعلاقته بالجن. بحث مهم جدا سوف يظهر قريبا.

 طرحت بعض الأسئلة وقررت الوصول إلى اجاباتها بأي ثمن.

 السؤال بشقيه: من أين يلج الجني في الإنسي؟ مع أي من فتحات الجسد؟ وإذا ولج في الجسد أين يستقر: في الدماغ، في البطن، في الفخذين، في القفص الصدري، في الشرايين… الخ؟

 نسمع بكثرة أن السحرة يعملون سحرا. يأخذون شعرا من المرأة أو الرجل ثم يضيفون عليه مادة ويقرؤون بعض التعاويذ.. الخ. السؤال الذي يلح علي باستمرار: ما هي مادة السحر هذه؟ من يعالجها؟ من أين تستخرج؟ وما هي الدول أو المنظمات أو الأجهزة التي تسيطر على تجارة هذه المادة؟

 إذا بدأنا من البداية علينا أن نسأل الأسئلة التالية: ما هو شكل المادة التي تستخدم في السحر؟ هل هي مادة صلبة كالحجر أم مادة سائلة كالماء ام مادة رخوة كالجلي ام مادة غازية كالهواء؟ وما لونها؟ ثم كيف يحصل عليها السحرة؟ هل يشترونها من أسواق خاصة؟ وإذا كان الامر كذلك أين تقع هذه الأسواق؟ من يبيعها وإلى أي القوانين تخضع أسعارها؟ هل تواجه عرضا وطلبا كأي سلعة رأسمالية؟ هل ثمة بورصة معينة؟ ما هو الشكل الذي تباع فيه؟ هل تباع بالوزن (نصف كيلو، ربع كيلو) أم بالتنك أم في قواطي مثل الصلصة والتونة أم تقاس بالملاس والمغرفة مثل الجريش والمرقوق أم تباع بعدد الحبات مثل الفياجرا والسيالس؟ إذا حصل عليها الساحر هل تكون جاهزة للعمل الفوري أم تحتاج إلى معالجة مثل الأرز لابد من إعداده قبل استخدامه؟

 البحث في مادة السحر يدفعنا إلى أسئلة إضافية: من أين تستخرج هذه المادة؟ هل هناك مناجم خاصة كمناجم الذهب والفضة أم تعصر من مكامن معينة كما يعصر النفط من الصخور؟ من هم العمال الذي يعملون في هذه المناجم؟ هل العاملون في هذه المناجم سحرة أم جن أم خليط؟ هل يعمل معهم أحد من جن السعودية أو إنسها؟ هل أمتنا العربية لها إسهام في تجارة وصناعة هذه المادة أم مجرد نحن أمة مستهلكة كالعادة؟ إذا كانت فعلا مناجم، فمن يسيطر على هذه المناجم؟ دول كفرنسا وبريطانيا أم منظمات مثل الصهيونية العالمية والماسونية؟ هل مادة السحر مادة مستدامة أم ناضبة مثل النفط يتطلب الأمر ترشيدا في استخدامها من اجل الأجيال القادمة؟ ما مقدار الكمية التي تحتاجها العملية السحرية الواحدة من هذه المادة وكم تحتاج من الوقت للتفعيل؟ وهل هناك مادة سحرية خاصة بالرجال وأخرى خاصة بالنساء (تتفق مع فطرتها كما يؤكد دعاتنا الأفاضل في كل شيء يخص المرأة)؟ والمهم ما علاقة هذه المادة بالجن؛ هل هي اختراع إنسي أم اختراع جني أم مشروع جني إنسي مشترك مثل الايرباص في أوروبا؟ إذا تلقى المسحور جنيا في داخله؛ هل انزلق هذا الجني في تجاويفه مدفوعا بهذه المادة أم بدعوة خاصة أم استدرج بعملية مخادعة؟ هل الجني المولج في الإنسي يعمل بإرادته؛ وإذا كان الأمر كذلك؛ ما هي مصلحته؟ ما هي مكاسبه من الدخول في الإنسي والبقاء فيه. هل يستلم راتبا معينا لقاء الجلوس في الإنسي والقرقعة في تجاويفه ويحصل على امتيازات وعلاوات وإجازات مدفوعة؟ وفي حالة التعطل يستلم راتبا من حافز أم أن السحرة بالتعاون مع شيوخ الجن يفرضون على شباب الجن الدخول في الإنس كالتجنيد الإجباري في بعض الدول؟

 بعد هذا كله ألا تحصل أخطاء؟ أن يتعاقد المرء مع ساحر لاستمالة امرأة حلوة (انجلينا جولي مثلا) ثم تحدث لخبطة في العينات فيجد المرء نفسه في أحضان غوريلا. من يعرف الأجوبة يدلني عليها ومن لا يعرف ينتظرني.

 نقلاً عن صحيفة “الرياض”

Posted in الأدب والفن, فكر حر | 1 Comment

آكيو

جهاد الخازن

تلقيت الكلام التالي عبر الإنترنت، وليس لي فيه فضل سوى الترجمة لأنني لم أستطع مقاومة إغراء نقله إلى القراء العرب، فأعتذر وأطلب الرأفة.

 هناك صف للصغار في مدرسة أميركية والمعلمة تقول لطلابها: دعونا نراجع بعض التاريخ: مَنْ قال: أعطني الحرية أو الموت؟ ورفع آكيو، وهو ولد ياباني في المدرسة ضمن برنامج دولي لتبادل الطلاب، يده وقال «باتريك هنري عام 1775».

 وقالت المدرّسة جيد جداً، وسألت مَنْ قال: حكومة من الشعب، وبالشعب (أي أن الشعب ينتخبها) ومن أجل الشعب؟ وصمت الطلاب إلا آكيو الذي قال: «أبراهام لنكولن عام 1863».

 وقالت المعلمة: عظيم، وأكملت بأنها ستحاول جعل الأسئلة أصعب، وسألت: مَنْ قال: «لا تسألوا ماذا سيفعل وطنكم لكم. اسألوا ماذا ستفعلون لوطنكم؟». ومرة أخرى لم ترتفع غير يد آكيو الذي قال: «جون كنيدي عام 1961».

 وبَّخت المعلمة الطلاب الأميركيين على جهلهم، وقالت إن آكيو طالب صغير غريب ومع ذلك يعرف عن التاريخ الأميركي ما لا يعرف الأميركيون. واستاء الطلاب إزاء هذا التوبيخ وقال أحدهم: «ليذهب اليابانيون إلى الجحيم». وسألت المعلمة بغضب: مَنْ قال هذا؟ وردّ آكيو: «الجنرال مكارثر عام 1945».

 وسألت المعلمة هل يعرف الطلاب مَنْ قال: عندي حلم. وصرخ آكيو: مارتن لوثر كنغ عام 1963 خلال زحف على واشنطن لأنصار الحقوق المدنية.

 وقالت المعلمة حسناً، ولكن هل تعرفون مَنْ قال: بليون دولار هنا، بليون دولار هناك. بعد قليل سيصبح الحديث عن فلوس حقيقية. ومرة أخرى قفز آكيو وسط صمت الطلاب وقال: السيناتور إيفرت ديركسون خلال حرب فيتنام (الأرجح أن ديركسون لم يقل هذه العبارة التي تُنسَب إليه، وهو صرَّح يوماً بأن صحافياً نقلها عنه خطأ وأعجبته فلم ينفها).

 وعلَّق طالب أميركي على ردود آكيو بالقول: أشعر بأنني سأتقيأ. وسألت المعلمة مرة أخرى وقد زاد غضبها: مَنْ قال هذا؟ ورد آكيو: جورج بوش الأب لرئيس وزراء اليابان عام 1991.

 وثار أحد الطلاب وخاطب آكيو هازئاً: هل هذا صحيح تعال إليّ يا جميل وسأريك… ورد آكيو: بيل كلينتون لمونيكا لوينسكي عام 1997.

 الأولاد الأميركيون في الصف هاجوا وماجوا، وقال أحدهم للولد آكيو: يا حثالة… إذا قلت شيئاً آخر سأقتلك. وصرخ آكيو بأعلى صوته: مايكل جاكسون للأطفال الذين كانوا يشهدون ضده، بتهمة التحرش، في المحكمة.

 المعلمة أغمي عليها واجتمع الطلاب حولها وهم لا يدرون ما يفعلون، وقال واحد منهم: يا ساتر، وقعتنا مهبِّبة. وصرخ آكيو مرة أخرى: الشعب المصري بعد أربعة أشهر من انتخاب محمد مرسي رئيساً.

 ما سبق طرفة، إلا أن الأسئلة والردود عليها جزء من التاريخ الأميركي، وهي ذكرتني بخفة دم المصريين في هتافاتهم وشعاراتهم في ميدان التحرير ضد حكم حسني مبارك.

 وأكمل بمقارنات سمعتها من زملاء وهم يخطفون دقائق لتدخين سيجارة في الشارع والحرارة في لندن دون الصفر.

 الصومالي موجود ليبدو السوداني ثرياً بالمقارنة.

 السوداني موجود ليبدو المصري ثرياً بالمقارنة.

 كان معمر القذافي موجوداً ليبدو كل زعيم عربي إماماً عادلاً بالمقارنة.

 الثورة في ليبيا موجودة ليبدو تغيير الحكم في اليمن أفضل بالمقارنة.

 اللبناني موجود ليبدو الأردني معتدلاً ومنطقياً بالمقارنة.

 الأردني موجود ليبدو العراقي باسماً سعيداً بالمقارنة.

 النظام السوري موجود ليبدو نظام آيات الله في إيران مسالماً بالمقارنة.

 الثورات العربية قامت لنبكيَ على الأنظمة الراحلة (ورب يوم بكيت منه فلما / صرت في غيره بكيت عليه).

 إسرائيل موجودة ليحمّلها كل نظام عربي مسؤولية فشله إزاء شعبه.

 *نقلا عن صحيفة “الحياة” اللندنية.

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا | Leave a comment