أضلاع مشويه من فوكلاند Rack of Lamp with Honey

المقاديرlamp-honey
أضلاع غنم مقطوعه بشكل منتظم حوالي كيلو ونصف
ملعقتان زبد
ثلاث ملاعق نعناع مفروم ناعم
ثلاث ملاعق عسل
ملعقه قشر ليمون مبشور
ملح وفلفل

العمل
نخلط جميع مواد التتبيل جيداً في طاسه صغيره . نضع قطع الأضلاع في كيس نايلون ونسكب عليها خليط التتبيل . نقفل كيس النايلون بإحكام من الأعلى مع ترك مساحه كبيره من الكيس فارغه . ندوّر قطع الأضلاع داخل الكيس بحيث نتبلها من جميع الجهات . نضع الكيس في صحن ونضعه في الثلاجه الى اليوم التالي مع تقليبه بين الحين والحين لنضمن أن جميع الأضلاع ستتشرب التتبيل بنسبة متساويه . في اليوم التالي نسخن الفرن الى درجة حرارة 300 مئويه ونصف الأضلاع في صينيه ونشويها الى أن تنضج ويفضل أن تكون درجة حرارة الفرن غير عاليه لكي لا تحترق الأضلاع من الخارج بينما باطنها مازال نيئاً . تغرف في صحن التقديم وتقدم مع السلطه والخبز أو الرز أو البطاطا المقليه .. شهيه طيبه

Posted in طبق اليوم \د. ميسون البياتي, مواضيع عامة | Leave a comment

مهلبية خبز من جماياكا Jamaican Bread Pudding

breadjamaykaالمقادير
رغيف توست مقطع الى شرائح بائت ليوم أو يومين
ربع كوب زبد
خمس بيضات
أربعة أكواب حليب عادي
نصف كوب سكر
ملعقة شاي ( دارسين ) قرفه مطحونه
نصف ملعقة شاي جوز الطيب
ربع كوب رم أو عصير فاكهه
ثلث كوب زبيب
نصف كوب حليب مكثف

العمل
نسخن الفرن الى درجة 200 مئويه . ندهن صينية شوي مربعه تصلح للتقديم على المائده طول ضلعها 9 إنج بالزبد . نقشر رغيف الخبز من جميع الجهات ثم نقطعه الى مربعات رقيقه . نخلط الخبز والسكر والقرفه وجوز الطيب والرم والزبيب والزبد الذائب في طاسة تحضير . نصب الخليط في صينية الفرن . نخلط الحليب المكثف والحليب العادي والبيض ونصب الخليط على خليط الخبز الذي في صينية الفرن . نضع الصينيه في الفرن ونخبز مدة ساعه وربع . نختبر العجين بغرس عود صغير في الخليط فإذا أخرجناه نظيفاً فإن عملية الشي تمت أما اذا ظهر وعليه بعض العجين فمعناها أننا نحتاج الى وقت إضافي للخبز . نخرج الصينيه من الفرن ونتركها تبرد . تقدم دافئه أو بارده مع الآيس كريم والعصير أو المشروبات الغازيه .. شهيه طيبه

Posted in طبق اليوم \د. ميسون البياتي | Leave a comment

الشاعر التشيكي جان نيرودا

jan-nerodaد. ميسون البياتي

ولد جان نيرودا عام 1834 وتوفي عام 1891 وهو صحفي تشيكي وشاعر وكاتب من أشهر رموز الأدب الواقعي في بلده , وهو عضو بارز في ( جماعة مايس ) التي تأسست في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وتضم نخبه من الكتاب والمؤلفين والروائيين المعنيين بالأدب الواقعي

ولد جان نيرودا في بوهيميا , والده كان عطاراً صغيراً في أحد أحياء براغ , درس الولد الفلسفه وعلم اللغه وأصبح معلماً مارس المهنة حتى عام 1860 . بعد هذا التاريخ عمل في الصحافه الحره

في عمله مع الصحافه كان نيرودا يدعو الى فكرة إستعادة الروح الوطنيه التشيكيه , وشارك في جميع النضالات الثقافيه المركزيه والسياسيه لجيله في ذلك الزمان وإكتسب سمعة ( ناقد حساس ) . يعد جان نيرودا الى جانب ( فاتسلاف هالك ) من أبرز الممثلين للإتجاهات الأدبيه الجديده في الأدب التشيكي

جان نيرودا معروف بأدبه الساخر من البرجوازيه الصغيره في براغ ومجموعته القصصيه ( حكايات من حي وقت الفراغ ) هي الأكثر شهرة في هذا المجال ترجمت الى الإنكليزيه عام 1877 من قبل الروائي ( إليس بيترز ) وهي مجموعة قصص تأخذ القاريء الى حي وقت الفراغ في قلب براغ ليقص علينا قصصاً من شوارع الحي وساحاته ومحلاته التجاريه ومطاعمه ومنازله

رغم أن جان نيرودا كان يهوديا ً إلا أنه بلا حرج ولا تحفظ كان معادياً للساميه , رسم في قصصه صور المرابين اليهود الجشعين , بالضبط كما تحدثت مادلين أولبرايت في كتابها ( شتاء براغ ) عن نفس الحاله مما يمنحنا تصوراً أن معاداة الساميه كانت تشكل ( رأي عام ) وليس مجرد ظاهره فرديه في ذلك الزمان

لم يتزوج نيرودا طيلة حياته لكنه كان على علاقة وثيقه مع ( كارولينا زفلتا ) توفي عام 1891 وهو بعمر 57 سنه ودفن في براغ . بعد وفاته تمت تسمية أحد شوارع ( حي الفراغ ) في براغ بإسم شارع جان نيرودا تكريماً له ولمجموعته القصصيه

الشاعر التشيلي ( نفتالي ريكاردو رايس ) إقتبس إسم نيرودا أسم شهرة لنفسه فأصبح يعرف بإسم ( بابلو نيرودا ) . أما رائد الفضاء ( أندرو ج . فوستيل ) فقد حمل معه الى الفضاء نسخه من مجموعة جان نيرودا الشعريه ( الأغاني الكونيه ) في الرحله إس تي إس _125
كما توجد العديد من المدارس المتوسطه والثانويه في جمهورية التشيك تحمل إسم جان نيرودا

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

DNA- الرد الروسي على إسقاط الطائرة- 26/11/2015

DNA- الرد الروسي على إسقاط الطائرة- 26/11/2015
nadimqouteish

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (45) جوجل ويوتيوب محركات كراهية وأدوات عدوان

mostafalidawiدخلت شركة جوجل العملاقة ومعها شركة يوتيوب الضخمة الحرب إلى جانب العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ووظفتا معاً قدراتهما الجبارة وأدواتهما الخلاقة وانتشارهما الواسع ونفوذهما الكبير لصالح العدو الصهيوني، وهم جزءٌ أصيلٌ منه، الذي طلب منهما محاربة الفلسطينيين والتضييق عليهم، ومنعهم والعرب ومن يؤيدهم من استخدام محركاتهم العملاقة في نشر الكراهية والعنف، والتحريض والدعوة إلى محاربة الإسرائيليين، وتشويه صورتهم وفضح أسرارهم، وطالبتهما بمنع نشر وتداول الصور والمشاركات التي ينشرونها ضد شعب وحكومة إسرائيل، ودعتهما إلى عدم تقديم أي خدماتٍ أو تسهيلاتٍ إلى الجهات المشبوهة والمتهمة بالتحريض على العنف والإرهاب.

نائبة وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي تسيفني حوتوفيلي، المعروفةُ بتطرفها وتشددها، ومواقفها العنصرية الحاقدة ضد الفلسطينيين، التي تحمل الحكومة الإسرائيلية التي هي جزء منها، المسؤولية عن ضياع حقوق الشعب اليهودي، وتتهمها بأنها تتنازل عن الإرث اليهودي المقدس، وتحرم الشعب من حقه في أن يقيم حيث يشاء في أرض يهودا والسامرة، قامت مؤخراً بتوقيع اتفاقية مع شركتي جوجل ويوتيوب تلزمهما بتطبيق إجراءات جديدة وقاسية لمواجهة مظاهر التحريض الإليكتروني الفلسطيني، وحملتهما في حال عدم التزامهما بالاتفاق المسؤولية عن تأجيج الأحداث وتوتير الأوضاع في البلاد، والإضرار بالمصالح الإسرائيلية، وقد رأت أن الصورة والخبر التي تنقلهما شركات الإنترنت تساهم في المعركة بصورة سلبية، وتخدم الجانب الفلسطيني على حساب المواقف الإسرائيلية.

اتهمت الحكومة الإسرائيلية في معرض دفاعها عن قرارها، وتأكيدها على طلبها، جهاتٍ فلسطينية وعربية بأنها ترعى الإرهاب، وتزوده بأفكار ومفاهيم عنصرية، وأن خطر هذه الجهات أشد وأكبر من خطر الممولين أو المنفذين والمخططين، لأن هذه الجهات أصولية العقيدة، ومتطرفة الفكر، ومنغلقة على نفسها والمجتمع، وترى في الآخرين جميعاً أعداءً لهم ولشعبهم وأمتهم، ولهذا فإنهم يجيزون لأنفسهم وغيرهم أعمال القتل والاعتداء التي تمارس على الشعب اليهودي، ويستغلون ما تتيحه شركات التواصل الاجتماعي المختلفة، وشركات الإنترنت العملاقة، من أدواتٍ وآلياتٍ في نشر مفاهيمهم، وتعميم أفكارهم، وتوسيع شبكاتهم، وتجنيد عناصرهم، فضلاً عن استغلالهم لها في اختراق المؤسسات الإسرائيلية، والسطو على أسرارها وسرقة بياناتها ومعلوماتها، والدخول على الحسابات الفردية للمواطنين.

استجابت على الفور إدارة الشركتين إلى الطلب الإسرائيلي، وبدأتا تنفيذ سياسة حازمة ضد المشاركات العربية والفلسطينية المصنفة بأنها معادية للكيان الصهيوني، وحرضت على إلغاء استضافتهم وتزويدهم بالخدمة، وبدأت المخابرات الإسرائيلية تزود إدارة الشركتين بما توفر لديها من عناوين ومساهماتٍ، وحساباتٍ ومجموعاتٍ، ومواقع ومراكز، يرون وجوب شطبها، ولزوم إخراجها من الشبكة العنكبوتية وصفحات التواصل الاجتماعي، لأنها تضر بأمن كيانهم، وتحرض على العنف ضدهم، وتعرض مصالحهم للخطر، وقدمت الجهات الإسرائيلية المعنية إلى الشركة نماذج صارخة من المساهمات الفلسطينية، ودعمتها بالصوت والصورة المنشورة، وكشفت عن الحسابات النشطة والجهات الراعية والممولة.

كما طالبت الحكومة الإسرائيلية هذه الشركات بضرورة إزالة الصور ومقاطع الفيديو والتسجيلات الصوتية المختلفة، التي تبرز العنف الإسرائيلي، وتكشف عن جرائمهم، وتبين اعتداءاتهم الفاضحة، وتظهر حقيقة إعدامهم وقتلهم المتعمد للفلسطينيين، خاصةً صور المستوطنين الذين يعتدون على منفذي عمليات الطعن أو المشتبه بهم، فيقتلونهم بمسدساتهم أو يعتدون عليهم بعد قتلهم ويسيئون إليهم بوسائل مختلفة، ويتظاهرون بإساءاتهم علناً، ولا يخفون اعتداءاتهم، وترى الحكومة الإسرائيلية أن بعض هذه الصور تسيئ إلى سمعة كيانهم لدى المجتمع الدولي، وتشوه صورتهم النمطية الديمقراطية الإنسانية التي يدعون اتصافهم بها.

في الوقت الذي تستجيب فيه شركات الإنترنت العملاقة إلى المطالب الإسرائيلية، وتغلق حسابات، وتشطب صفحات، وتلغي اشتراكاتٍ، وتسحب مساهماتٍ، وتحجب معلومات، وتعطل محركاتٍ، فإنها تسهل عمل مجموعات السايبر الإسرائيلية، وهي مجموعات طلابية كبيرة جداً، تديرها المخابرات الإسرائيلية، وتستخدم فيها القطاعات الطلابية على اتساعها وانتشارها، وتستفيد من أصحاب الطاقات والخبرات والمواهب، وتوظفهم جميعاً، ذكوراً وإناثاً في متابعة صفحات التواصل الاجتماعي، وخلق صداقاتٍ جديدة مدروسةٍ وهادفةٍ مع نشطاء عربٍ وفلسطينيين، وتدفعهم لتشويه الصورة وتغيير القصة، وإعادة نسج خيوط الحكاية، بما ينسجم مع الرواية الإسرائيلية ويخدم أهدافها، وبما يتعارض وينسف الرواية الفلسطينية ويضر بها، أو يشطب مكاسبها ويلغي منافعها.

الحكومة الإسرائيلية التي تنادي بوقف خدمة الإنترنت كلياً عن الفلسطينيين، وقد أعلنت أنها تأذت من نشاط العرب والفلسطينيين والمؤيدين للقضية الفلسطينية على الشبكة العنكبوتية، فهم يشاركون ويساهمون، وينقلون وينشرون، ويتقنون كل اللغات، وينشطون في كل البلاد والساحات، وعندهم جيوشٌ تطوعية تعمل بلا كللٍ ولا مللٍ، ربما أنها تعمل بلا تنسيقٍ أو تنظيم، ولكن كثافة المساهمات وكثرة الاشتراكات تقلقهم، والصور التي ينشرونها والأخبار التي يبثونها تضر بهم وتضعف روايتهم.

هذه ليست المرة الأولى التي تتقدم فيها الحكومة الإسرائيلية بطلبٍ إلى شركات التواصل الاجتماعي المختلفة، وإلى شركة جوجل تحديداً، للتضييق على الفلسطينيين وتحجيم نشاطهم وفعاليتهم على الشبكة العنكبوتية، بل تقدمت إليهم بطلباتٍ كثيرةٍ مشابهة، وقد استجابت لهم الشركات كثيراً، ونفذت رغباتهم بتفاوتٍ فيما بينهم، وأصغت إلى نصائحهم وتوجيهاتهم، ولكنها اليوم تواجه خطر استمرار الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، التي يعني استمرارها الإضرار بمصالحهم، والانشغال بها عن قضاياهم الأخرى، وتدهور اقتصادهم، وتوقف مرافق حياتهم المختلفة، فضلاً عن إحساسهم بأنهم سيكونون في نهاية المطاف في حال استمرار الانتفاضة، مضطرين إلى دفع أثمان باهظة إلى الشعب الفلسطيني، لذا فإنهم يطلبون العون من هذه الشركات، التي تستطيع أن تؤذي وأن تضر، وأن تحجب الصورة وتغير الحقيقة، وتخفي الأدلة والقرينة.

بيروت في 27/11/2015

Posted in فكر حر | Leave a comment

القنصل الاميركي بتركيا تزوج مثلياً من شاب تركي

concilusmryturkishتنقالت الصحف التركية خبر زواج القنصل الأميركي في إسطنبول ” تشارلز هينتر” من شاب تركي  اسمه ” رمضان تشايسفر” قال إنه تعرف عليه في إحدى الاحتفالات بشبه جزيرة القرم العام الماضي, فعرض عليه الزواج وذلك بعد حصوله على موافقة من وزارة الخارجية الأميركية، وعقب موافقة جهة عمله، ثم أعلن عن الخبر في 27 نوفمبر/تشرين أول الماضي، في الولايات المتحدة, وانه سيتم إجراء حفل الزفاف وعقد الزواج في واشنطن، حيث تسمح القوانين في الولايات المتحدة بزواج المثليين.

الف مبروك وهذا اهم عقد دبلوماسي يتم بين اميركا وتركيا اي ليس فقط حلفاء بالناتو وانما للعظم

Posted in فكر حر | Leave a comment

صحيفة – الوقت- البحرينية تحاور الدكتورة ميرا جميل:العالم العربي والإسلامي لا زال خارج التاريخ البشري

ميرا جميلmeara_jameal

صحيفة ” الوقت” البحرينية تحاور الدكتورة ميرا جميل:
العالم العربي والإسلامي لا زال خارج التاريخ البشري

* التسامح الديني يبدأ من مناهج التربية والتعليم * رافضي التقدم الحضاري يستهلكون الإنتاج الحضاري في دفاعهم عن تخلفهم * أبرز ممثلي التيارات الإصلاحية يواجهون بطش السلطة والمؤسسة الدينية المتحالفة معها * حتى المسيحيون العرب يدافعون عن الإسلام في الغرب رغم أنهم اضطروا للهرب من القمع الديني *

حاورها : نادر المتروك ( الوقت )

في التمهيد للحوار، وعند عرْض محاوره، كانت (الباحثة الفلسطينية في علم الاجتماع) الدّكتورة ميرا جميل في موقفٍ متردّد. تعترف بأنها ترددت كثيراً في الإجابة ، رغم أن أسئلة الحوار، كما تقول مهمة وخطيرة على صورتنا ومستقبلنا وعقلنا ، ومن الواضح أنّ هذا الموقف مرتهن بالمضايقات التي تعرّضت لها الدكتورة جميل بسبب أفكارها، حدّ التشكيك في حقيقة اسمها وصورتها ووجودها، فكانت تميلُ، أوّل الأمر، إلى عدم الردّ ابتعاداً عن إثارة غضب الكثيرين ، فالأسئلة صعبة، عن واقع صعب، ولن تكون الأجوبة مريحة أو أقل سهولة، إذا التزمت الصدق والحقيقة. هل أقول ما يطرب السمع، أم تريدون حقيقة ما أراه من واقع لا يبشّر بخير؟ . لا شك أنّ الأسئلة الحضاريّة مؤرقة، خصوصاً إذا تفرّعت عن السؤال المزمن : لماذا تقدم الغرب وتأخر المسلمون؟ بالنسبة لميرا جميل، فإنّ الغرب يتقدّم بسرعة الطائرة ونحن نتراجع إلى الخلف باستمرار، فلماذا ينتصر العقل في المجتمعات الغربية، وفي مجتمعاتنا ينتصر النقل والتأويل والإيمان بالخوارق؟! لماذا يغيب الإبداع من مجتمعاتنا ونركن مطمئنين للاتباع؟ تسأل جميل بدورها. بعيداً، قليلاً، عن الشكوك والطعون، قد تكون هناك فائدة في قراءة هذا الحوار.

– يعاني المسلمون اليوم من أزمة حضارية، ولازال سؤال لماذا تقدّم الغرب وتأخّر المسلمون السّؤال المصيري، ولكن العالق بلا إجابات إحيائيّة. من منظورك الأكاديمي، كيف تقاربين أزمة المسلمين الحضاريّة اليوم؟ هل لها علاقة بطبيعة الانتماء الدّيني لهذه المنطقة؟ أم هي ذات صلة بما يُسمّيه محمد أركون بالشروط الاجتماعيّة المتخلّفة؟

– عامةً لا أحبّ صيغة أزمة المسلمين الحضارية ، وأميلُ نحو صيغة أزمة العرب الحضارية ، ولكن سيطرة الفكر الدّيني المتعصّب، الذي يرفض الصّيغة القومية للانتماء، ويتمسّك بصيغة الانتماء الدّيني، لم يترك مناصاً، حتى للمعارضين لفكرة القومية الدّينية ؛ إلا تكرار هذه الصيغة الهلامية الشّاملة للكثير من المتناقضات والفروقات الثقافية، الفكرية، الاقتصادية، والاجتماعية، والتي لا تحدّد هوية وطنية داخل إطار جغرافي محدّد. وهذا من دلائل الفكر الضيّق والمنعزل، الذي لا يمكن أن يرقى لمستوى حضاري في تفكيره، أو أن ينفتح أمام التيارات المعرفية الحديثة، بل يظلّ يدور في عالم قديم لا يتجاوز الصّحراء العربية وربعها الخالي في معارفه وبُعد رؤيته وفهمه لواقعه الاجتماعي! وكلّ محاولة لدفعه نحو الخروج إلى مساحةٍ أكثر اتساعاً، تقابل برفض عنيفٍ وبالمزيد من التقوقع. وأذكرُ، ربما ليس بدقة كاملة، خطاباً لجمال عبدالناصر ألقاه في دمشق، بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا، قال فيه: إنّ العربي المسيحي في سوريا أقرب إليّ آلاف المرات من المسلم في باكستان . اليوم نعيش حالاً معكوسة. ابنُ الوطن المختلف دينياً وجنسيا وثقافة، هو عدو لدود ومنبوذ، لا ينتمي لما يُسمّى الأمة الإسلامية !

– من الواضح أنكِ تمتعضين من مصطلح الأمّة الإسلامية ! ما مبرّرات ذلك؟

– كلمة أمة أصلها عبريّة (اوما يهوديت)، أي الأمة اليهودية، باعتبار أن كلّ يهوديّ، في أي مكان في العالم، تابع لمفهوم الأمة اليهودية. وعلمياً هذا غير صحيح بسبب الفروقات الاجتماعية، الثقافية، العادات، العقائد، ومستوى الرّقي واللغة، فبأي حقّ نرفض مفهوم الأمة اليهودية، ونصرّ على مفهوم أمة إسلامية ؟

الانتماء الدّيني انتماء هلامي

– ومن هذا المنظور أيضاً ترفضين الانتماءات الدّينيّة؟

– الانتماء على قاعدةٍ دينية محض هو انتماءٌ هلامي. هل يتوقع أحد أن يشهد مثل هذا الانتماء رقيّاً اجتماعياً، اقتصادياً، علمياً وغِيرة وطنية (بمفهوم الانتماء إلى مجتمع بشري ثقافي اقتصادي لغوي في إطار الدّولة المحدّدة) ونشْر العدالة الاجتماعية وبناء نظام ديمقراطي بمؤسساتٍ مستقلة، أم سينشغل بحروبٍ داخلية وخارجية، بالسّر أو بالعلن لا فرق، أولوياتها ليست التطوّر والرقي، بل كيف تُصلّي وماذا تلبس، وكيف نعزّز إيماننا بكراهيةِ المختلف وقمعه وذمّه. إنّ ما يتعلق بمكانتنا في سلّم الحضارة (أي الإنتاج الاجتماعي المادي والروحي) غير وارد في حساباتنا. ما لدينا يكفينا لأبد الآبدين! إن مصطلح الحضارة يشمل مختلف أنشطة الإنسان التي لا تعتبر انعكاساً فطريّاً أو غرائزياً، إنما نشاطاً واعياً خلاقاً، وتشمل اللغة، الدين، الأخلاق، القوانين، الاقتصاد، العلوم، الأدب، الفن، والصناعة وكل ما يُشكّل ضرورة للمجتمع البشري. ويؤسفني أن أقول إن ما يسود المجتمعات العربية، والإسلامية.. هو حال شديدة من الاغتراب عن منجزات الحضارة. هل لنا دول قومية؟ هل لنا انتماء قومي؟ هل لنا دولة حديثة؟ هل نحن شعب متماسك، مندمج في النشاط الإبداعي للتطوّر والرّقي واللحاق بركب الحضارة المنطلق إلى رحابٍ تتسع باستمرار؟

– هل يمكن إيراد بعض الشّواهد والدّلائل حول ذلك؟

– مثلاً، في كتب التعليم السّعودية (وكتب الأزهر لا تختلف في المضمون) جاء في كتبٍ للتعليم الثانوي: القومية العربيّة هي دعوة جاهلية الحادية، تهدف إلى محاربة الإسلام، والتخلّص من أحكامه وتعاليمه . وأيضاً ورد: الفكر القومي العربي يُسْقط الدين من اعتباره.. بل إنه يعتبر الدين عائقاً في سبيل القومية وأيضاً: فكرة القومية ردّة إلى الجاهلية . و الانتماء للأحزاب الجاهلية والقوميات العنصرية ردة إلى الجاهلية . مثل هذه النصوص التربوية ستخلق جيلاً جديداً من الانعزاليين المغتربين عن عالمهم، وغير المؤهّلين ليكونوا مواطنين قادرين على إيجاد رابط ليس مع مجتمعهم فقط، إنما مع عصرهم أيضا! يفهم علم الاجتماع الاغتراب على أنه شعور يسيطر على الفرد أو الجماعة، يجعلهم غير قادرين على تغيير الوضع الاجتماعي الذي يخضعون له، ويفتقدون للهدف الأبعد من العقائد الضيّقة التي تُحدّد آفاق حياتهم. وبالطبع هناك تعاليم لا تقلّ خطورة مثل: ينبغي على المسلم الذي يسافر إلى بلاد الكفرة للتعلّم أو يتاجر أو يتطبّب أن يقيم بينهم وهو يُضمر لهم العداوة ! منْ يُجبرك على السفر؟! ألا تملكون كلّ العلوم وكلّ الطبّ في القرآن؟! إذا لم يكن ذلك تحضيراً عقلياً للإرهاب، فهو إفراز واضح بالتخلّف والانغلاق وكراهية المختلف.

التخلّف والشّروط الاجتماعيّة للأزمات

– إذاً.. هل هي أزمة حضارية للمسلمين، أم أزمة حضارية للأنظمة الفاشلة الاستبدادية؟ وهل يمكن بمثل هذه العقلية البناء والتقدم وتحقيق إنجازات حضارية أسوة بدول العالم قاطبة، أم سنظل مجموعة بشرية تفتقد لتعريف الهوية الجماعية، أسوة بكلّ شعب صغير أو كبير.. وتقبع خارج التاريخ الإنساني؟ خارج الحضارة بكل منجزاتها العلمية، الاقتصادية، والإنتاجية؟

– لا يمكن أن نقول عن الحضارة الأوروبية إنها حضارة مسيحية. المسيحية في وقتها وقفت في معارضة عصر النهضة (الرينيسانس) ورفضت العلوم والقومية وأنشأت محاكم التفتيش، وحوكم مثلاً كوبرينك بسبب اكتشافه العبقري عن الكون، والتي أثبت فيها مركزية الشمس وليس مركزية الأرض حسب تعاليم التوراة (العهد القديم). وكذلك رُفضت نظريات غاليليو (وقضت عليه بالانعزال) لأنه أصرّ على اكتشافه حول دوران الأرض حول الشمس وصمّم المنظار الفلكي وميزان الحرارة وبرع في علوم الفيزياء. وكذلك نظرية داروين التي اعترف الفاتيكان فيها أخيراً. وقد أنجزت حضارة أوروبا على حساب إسقاط مكانة الكنيسة المسيحية، وسيطرتها الفكرية والسياسية، وعزْلها في مساحةٍ دينيةٍ روحية ضيّقة لا تأثير ملموساً لها على التطوّر الصّناعي والتقني والعلمي.. بل وقامت حركة تصحيحية داخل الكنيسة متمثلة بمارتن لوثر (اللوثرية) رأت أهمية الجمْع بين الكنيسة والاقتصاد الرأسمالي الناشئ. وعملياً، يمكن تسمية اللوثرية بمسيحية عصر الثورة الصناعية.

– ألا ترين أن هناك ما يؤشّر على أن العالم العربي والإسلامي في طريقه نحو هذا النمط الإصلاحي؟

– لا أرى أن العالم العربي والإسلامي يتقدّم نحو مسار مشابه. في مرحلة الثورات العربية التي بدأت بثورة الضباط الأحرار في مصر، بدأنا نلمس إمكانات للتحوّل، غير أن الواقع اليوم عاد بنا إلى الخلف مراحل كبيرة، تجاوز حتى فترة التنوير العربية التي بدأت في مطلع القرن العشرين برفاعة الطهطاوي، طه حسين، سلامة موسى، شبلي شميل، أحمد أمين، بطرس البستاني، علي عبدالرازق، فرح أنطون، وعبدالرحمن الكواكبي وآخرين. من مراجعة الجهود الفكرية التي بُذلت في الثقافة العربية المعاصرة من أجل غرس أفكار الحداثة في المجتمعات العربية (الإسلامية كما يصرّ البعض) نرى أن الجهود فشلت فشلا ذريعاً، خوفاً على التقاليد العتيقة والبالية، بل ووُجهت بمقاومة المجتمعات المتخلّفة للحداثة، لذا ليس بالصدفة أن يرى مفكرٌ كبير بمستوى محمد أركون علاقةً وثيقة بين التطور والشروط الاجتماعية المتخلّفة.

البقاء خارج التاريخ البشري

– السؤال هنا: هل يمكن خلق شروط اجتماعية أرقى في ظل سيطرة العقلية السلفية وثقافة كراهية المختلفين؟
– أنا لا أرى ذلك! المستهجن أن رافضي التقدّم الحضاري لا يتردّدون في استهلاك الإنتاج الحضاري في دفاعهم عن تخلّفهم ونشْره، وتبرير رفضهم للفكر الحضاري الذي أنتج الآليات التي يعارضون بها الحضارة، ويحرّضون بأسلوبٍ بالغ في التخلف على الانتماء الديني لمنتجي الحضارة. يريدون علومهم وطبّهم ومنجزاتهم، التي بات من المستحيل تصوّر الحياة من دونها، وذمّهم وعداءهم بالوقت نفسه. لا يمكن تجاهل التمسّك بأشكال التنظيم الاجتماعي والسياسي المتوارث منذ قرون. فهل بالصدفة أن مثل هذه المجتمعات لم تجد طريقها للتنمية وتطوير العلوم والتقنيات، بل ظلّت على هامش الحضارة؟ واليوم أرى أن النفط وحقبته يُشكل كارثة للعرب والمسلمين وليس خيراً، إذ لم يُستغل إلا في استيراد الضرورات الاستهلاكية، من دون أن نرى بذل جهود لتطوير صناعات وطنية تحلّ مكان النفط مستقبلاً، وتطوير مرافق علمية وبحثية وإنتاجية. دول تأكل ما لا تنتج، وتلبس ما لا تصنع؛ هي دول مصيرها أن تبقى خارج التاريخ البشري. والسؤال ماذا ينتظر هذه الشعوب بعد حقبة النفط؟

– وكيف تحلّلين الموقف من الحداثة، في الوقت الذي يتمّ استقبال المنتج العلمي لها؟

– يرفضون الحضارة ويذمّونها لأنها حضارة صليبية استعمارية، ويرفضون الحداثة التي هي نتاج التطور الحضاري، متجاهلين أن الحداثة بحدّ ذاتها هي صيغة مميّزة للحضارة، تعارض جميع الثقافات السابقة والتقليدية. من هنا لا أرى إمكانية، مع التمسّك بالمفاهيم الدينية بنصّها وليس بملاءمتها للعصر، ورفض كلّ فكر علمي حداثي، إمكانية لإحداث أيّ تغيير في المدى القريب أو حتى الأبعد. لا أعرف.. هل هي أزمة حضارية فقط ؟ أم غياب مع سبق الترصّد والإصرار، ومن دون وعي، للنتائج المدمرة مستقبلاً على الواقع العربي (الإسلامي) في حركة التاريخ البشري؟! إذن هل هي صدفة أن أفضل العقول العربية، ومن أفضل الاختصاصات في العالم، تهجر أوطانها؟!

– في نهاية المطاف.. أليست هي أزمة حضارية إذن؟

– الواقع أكثر سوءا من مجرّد أزمة حضارية. نحن نواجه رفضاً للتنوير والنهضة، وتمسّكاً بالانعزال، والتمسّك بخطابٍ مبني على العداء للآخر، وتكفير المختلف حتى في الملة نفسها، وتسليط سيف الردة على رقاب المتهمين بإنكار المعلوم من الدين، والممارسات القمعية والإرهابية بالنار والدم. اليوم هناك تقدم عاصف في التقنيات الدقيقة (الهايتك).. أين نحن من التقدم الصناعي البسيط أولاً؟ أين نحن من التقدم العلمي والتعليمي؟ هل بمجتمع أكثر من نصفه أميون ستبني حضارة وعلوما..؟ هل في أحضان أمهات جاهلات سينشأ جيل المستقبل؟ هل ببطالة مدمرة تصل إلى 30 مليون عاطل عن العمل، وترتفع الأرقام بصورة مذهلة في العالم العربي (قد تصل إلى 40 مليونا قبل أن تنشر نص المقابلة!) سينهض العرب والمسلمون من تخلفهم وسباتهم الطويل؟
-بات الإصلاح الدّيني واقعة مميّزة في الحركة الإسلاميّة المعاصرة، ولكن بعض الباحثين لازال يتردّد في الاحتفاء بها، باعتبار أنها غير ناهضة، وتجري من داخل المقولات الدّينيّة نفسها. ما تقييمك للإصلاح الدّيني المعاصر؟

– لا يمكن تجاهل التيار الإصلاحي، وبالوقت نفسه لا يمكن التفاؤل بقدرته على مواجهة التيارات السلفية المسيطرة وقوتها المالية والفكرية في غسيل دماغ بسطاء الناس، بل وغسيل دماغ مثقفين وأكاديميين. والأهم تحالفها مع الأنظمة الاستبدادية. التيار الإصلاحي في رأيي هو رافد آخر يلتقي في الكثير من المحطات المهمة مع التيار الإصلاحي العلماني العربي، ويُشكّل معه تياراً متنوّراً مهماً. هذا على الأقل الوجه المضيء. السؤال هل بإمكان التيارات الإصلاحية، التي تواجه قمع الأنظمة أيضاً، أن تقف أمام التحديات الهائلة التي تواجهها؟ هناك اندماج مستهجن بين التيارات السلفية والأنظمة التي تتميّز كلّها بغياب مؤسسات الدولة المستقلة وبأنظمة استبدادية، خصوصا اندماج التيار الوهابي الأكثر ماضوية وانعزالاً مع النظم الحاكمة، والذي يكاد يكون التيار السائد عربيّاً اليوم، وليس في العربيّة السعودية فقط. والسبب بسيط للغاية، هذا التيار يحضّ على طاعة أولي الأمر. أي أننا أمام ظاهرة تحالف بين الاستبداد السّياسي والمؤسسة الدينية الأكثر تطرّفا، بينما التيارات الإسلامية الرّاديكالية الأخرى تدعو لإسقاط الأنظمة، وتطرح فكرها بديلاً عنها.

التّيارات الإصلاحيّة بين نقيضين

-هل تجدين نماذج معيّنة جديرة بالانتساب إلى مدرسة الإصلاح والتجديد الدّيني اليوم؟

– من المؤسف أن أبرز ممثلي التيارات الإصلاحية، يواجهون بطش السلطة أيضاً، وليس تهديدات التصفية الأصولية فقط، وكنا شهوداً لتصفيات وتهديدات بالتصفية ومحاولات تصفية. ولا أكشف سرّاً بالقول إن أبرز ممثلي الفكر التنويري والإصلاحي يعيشون خارج مجتمعاتهم، وبالكاد يصل صوتهم لأبناء مجتمعهم. الظاهرة البارزة هنا أن التيارات القومية الثورية، والتيارات الماركسية، فقدت وتفقد مكانتها باستمرار لصالح السلفية الدينية، ولم تعد تشكّل تحدّياً سياسيا، أو بديلاً للواقع القائم، إنما حركات تتهمّش باستمرار. بعض التيارات الإصلاحية تدور في نفس فلك الفكر السلفي في محاولةٍ لتأويله من جديد. ولا أظن أن هذا التيار قادر على مواجهة مئات محطات التلفزة، ومواقع الانترنت، ومليارات الدورات، والجوامع التي تشكل أفضل من أيّ تنظيم سياسي أو وسيلة إعلامية، للتأثير على الجماهير. إن شيخاً بلا ثقافة يستطيع أن يُحرّك مئات الآلاف، بينما آلاف العلماء والمثقفين الأكاديميين المسلمين لا يستطيعون إقناع متديّن واحد بتفسير مختلف لنصّ ديني.

العلمانيّة هي العلاج ولا بديل عنه

-يطرح جورج طرابيشي، ومفكرون غيره، العلمانية باعتبارها علاجاً لأزمة الطائفية في العالم العربي والإسلامي. وهو منحى بدأ يتبلور بقوّة في بعض أوساط النخبة الخليجية، مثل الموقف الذي تطرحه الأكاديمية الكويتية ابتهال الخطيب. بيد أنّ التبشير بالعلمنة في عالمنا الإسلامي يغفل السياق الإسلامي وطبيعة الخيارات الاجتماعيّة التي تميّزه، وهو ما جعل من العلمنة شعاراً متحدّياً، وباعثاً لمزيد من الممانعة ضده. ما رأيك؟

– جورج طرابيشي من أبزر المفكرين التنويريين المعاصرين العرب، وطرحه بأن العلمانية هي العلاج لأزمة الطائفية في العالم العربي والإسلامي هو طرح صحيح، ولا بديل عنه، لليس فقط في مجال علاج الأزمة الطائفية، إنما أيضاً في مجال دفع العالم العربي نحو الاندماج بالرقي الحضاري والعلمي. الخليج العربي قدّم للفكر التنويري والإصلاحي الحديث مجموعةً مهمة من المثقفين التنويرين والإصلاحيين، وأصحاب الرؤية النقدية الجريئة والمهمة والمؤثرة في الفكر العربي المعاصر. ولكني ما زلت عند قناعتي أن تأثير هذه التيارات هامشي في المجتمعات العربية.

؟- في رأيك، هل يمكن تعويم العلمنة في العالم الإسلامي، ومن خلال مواءمة غير نافرة مع الإسلام؟

– من المستحيل تعويم العولمة في ظل التشدّد الديني، والغربة، والانعزال. كما أنه من المستحيل البقاء خارج العولمة. مثلاً نجد أن آليات العولمة أضحت ضمن أسلحة التشدّد الديني، وفي خدمة العداء للعولمة، والعداء الدّيني للمختلف والآخر. يشتمون الغرب بما وفّره لهم من وسائل تقنية متطوّرة. يتمتعون بديمقراطيته، ويعملون لأسلمته على نسق دولهم التي هربوا منها بسبب القمع الديني والاجتماعي والسياسي. هل هو فلم هزلي؟!

واقع المجتمعات الإسلاميّة المعاصرة

– من خلال اختصاصك في العلوم الاجتماعيّة، ما هي ملامح المجتمع الإسلامي المعاصر؟ ما الذي يميّز المسلمين، اجتماعياً، عن الجماعات الدّينية الأخرى؟

– في البداية لا بد من الإشارة إلى أن ما يجري في العالم العربي هو إفلاس لمشروع الدولة القومية التي سقطت مع انتهاء العهد الناصري وصعود السّادات. وبنفس الوقت لا يمكن أن نتجاهل أن مشروع الدولة القومية الذي طُرح أمام الجماهير العربية، تحت شعارات الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتطور، تحوّلت إلى دولة تسلطية قمعية أحدثت تراجعا حتى عن الفكر النهضوي العربي، فكان من نتيجة ذلك رفضها بدل نقدها، وطرْح شعار الدولة الدينية مكانها. وقد تحالف النظام القومي في مصر في عهد السادات، مع الإخوان المسلمين ضد التيارات القومية الناصرية والليبرالية واليسارية، وسرعان ما تحوّل التحالف إلى صراع قاد إلى مقتل السادات نفسه.

– ألا ترين أنّك تبالغين في نقد مجتمعاتنا العربية والإسلاميّة.. بحيث يصبح كلامك مليئاً بالتجريح؟

– يؤسفني أن أقول إني باعتباري عربية أولاً ومسلمة ثانياً، أشعر بألم كبير عندما أضطر إلى الحديث عن المجتمعات العربية والإسلامية بسلبية ونقد حاد. ما يرتسم من ملامح المجتمع الإسلامي هي صورة مؤلمة جداً، بهزالها وبدائيتها. في حديث مع مجموعة من الزملاء الأكاديميين الأجانب، عبّروا عن عدم فهمهم بين التناقض الكبير للواقع المتخلف للمجتمعات الإسلامية، والغنى الفاحش للدول الإسلامية الغنية بالنفط، وخصوصا الدّول الخليجيّة. وأشاروا إلى شخصيات إسلامية أكاديمية في الغرب لها مكانتها العلمية والمهنية الراقية جداً، وكيف يجوز أن يفرز مجتمع متخلف مثل هذه العقول، ويظل محافظا على تخلفه. وطرحوا مثلا أسماء أطباء من الصف الأول، العاملين في الغرب (أمريكا وكندا وأوروبا) بينما أوطانهم تفتقد لخبراتهم وقدراتهم المهنية. والمستهجن أن قادة الدول العربية يتلقون علاجهم في مستشفيات الغرب، التي يرأس بعض أقسامها المهمة أطباء عرب ومسلمون. وكان السؤال: ما الذي يمنع من إنشاء مؤسسات صحية بمستويات المؤسسات الغربية ما دامت توجد العقول القادرة، ولا ينقص العرب الأموال؟ حسب إحصائية لا أذكر مصدرها، هناك 500 اختصاصي مصري من أبرز الاختصاصات في مجالها عالميا، تركت مصر وتعمل في الدول الغربية. كم هي الخسارة من هجرة هذه العقول؟ وماذا تصنع الدول العربية لإعادتها إلى أوطانها والاستفادة منها؟

ما علاقة الدّين الإسلامي بالإرهاب؟

– هل هناك نقاش حول واقع العلاقة بين المسلمين وأصحاب الديانات والأيديولوجيات الأخرى ضمن النسيج الاجتماعي، والبعض يرى أنّ هذا النسيج مهدّد بالانهيار والتفكّك. ما رأيك في ذلك؟

– أنا شخصيا أتلقى يوميا عشرات الإيميلات المليئة بالتحريض والشتائم السّوقية على النصارى والمسيحيين واليهود؛ ويشعرني ذلك كم هي ضحلة ثقافتنا وتربيتنا، وكم هي مأساوية للأجيال الصاعدة. في وجودي الطويل في الغرب لم أسمع غربيّاً يتحدث بالشتائم على المسلمين. يُقلقهم بالطبع الإرهاب الإسلامي ، والسّؤال الوحيد الذي يُقلقهم: ما هي علاقة الدين الإسلامي بالإرهاب؟ بالطبع كلّ المثقفين العرب، وبغض النظر عن انتمائهم الديني، أي حتى العرب المسيحيون (النصارى)، يُدافعون عن الإسلام، ويُبرّئونه من الإرهاب، ويلقون تبعة الإرهاب على جماعاتٍ متطرفة تلحق الضرر بالدين والمسلمين. وأعرف أن بعض المسيحيين العرب، اضطرّوا للهجرة هرباً من القمع الديني و الإرهاب الإسلامي . ومع ذلك لم يتحوّلوا إلى أعداء للدين الإسلامي، بينما تزرع مدارسنا الكراهية والعداء للعرب النصارى، وليس للغرب فقط، كجزءٍ من الإيمان بالإسلام!

– ولكن ألا يُوحي ذلك بالمبالغة العكسيّة؟! الغرب لم يتوقّف عن إنتاج الظواهر المتطرّفة ضد الإسلام والمسلمين؟

– التسامح الديني، وتحمّل الآخر هي ثقافة منتشرة في الغرب، إلى جانب أن القانون يعطيها قوة وحماية، ولكن ليس هذا هو الأساس، إنما أسلوب التربية على التسامح وقبول المختلف. متى يفهم القيّمون على التربية والتعليم أن هذا النهج لا بد منه لخلق جيل له اهتماماته العلمية والمهنية، وليس حمل لواء ذمّ المختلفين دينيّاً، وكأنه الحلّ الوحيد للمشكلات المستعصية في نهضة الدّول العربية والإسلامية ولحوقها بالركب الحضاري للشعوب.

– من السّهل الخروج بخلاصة في أنّك لا ترين مستقبلاً باهراً ويبعث على الفخر لمجتمعاتنا؟

– الصورة المتجلية للعالم العربي والإسلامي لا تبعث على الفخر؛ مجتمعات عربية تتحول إلى مسرح للصراعات الطائفية والإثنية والقبلية، لدرجةٍ تستحيل معها الوحدة الوطنية، والوئام الاجتماعي، ممّا يُضعف فكرة الدّولة المدنية، بل يلغيها. وغنيّ عن القول إن هذه الحال تُهدّد معظم الدول العربية والإسلامية بالانهيار والانقسام والصراعات الدموية الأهلية المدمرة للمصير العربي.

– ماذا عن الإيجابيات.. عن المناطق المضيئة.. ألا يوجد شيء من ذلك؟

– من خلال الصورة التي قدّمتها أنظر للمجتمع الإسلامي المعاصر، ولا أرى ملامح إيجابية تلوح في الأفق. الديمقراطية تُنفى وتُكفر. الدولة المدنية مرفوضة، الأمية تتنامى بأرقام كونية. البطالة تستفحل. التنمية غير واردة على أجندة الأنظمة، إلا بما يتلاءم ومصالح القطط السمان حسب التعبير المصري للمتنفذين في المجتمع والدولة والاقتصاد. التعليم يتهاوى وتسيطر عليه العقلية السلفية الإرهابية. الانعزال يصبح حالاً اجتماعية مرضية، كارثية. واقع المرأة العربية حدّث ولا حرج! ما زلنا نفتي أن قيادة المرأة للسيارة توازي ارتكابها للزنا المستوجب لحد الرجم، ويزيد الطين بلة فتوى إرضاع الكبير التي تحوّلت إلى مهزلة، واستعراض فتاوى السنة الأخيرة فقط يجعلنا نضحك ونبكي! نضحك من مستوى الفتاوى الصبياني، ونبكي لأن صورة مجتمعنا تُشوّه وتُظهرنا مجتمعاً معزولا يفصل بينه وبين المجتمعات البشرية المتطورة مئات السنين. هذه هي الصورة المرتسمة لملامح المجتمع الإسلامي!

Posted in الأدب والفن, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية | Leave a comment

شاهد هذا المتطرف سيصبح رئيسا لأميركا يهزأ من صحفي معاق

دونالد ترامب الاوفر حظا ليكون رئيس الولايات المتحدة الأميركية القادم عن الحزب الجمهوري يستهزأ من إعاقة جسدية لصحفي اميركي, وهو ضد استقبال اللاجئين السوريين.. تطرف بعض المسلمين حفز صعود المتطرفين القوميين

صورة ارشيفية لترامب وزوجته وطفله

صورة ارشيفية لترامب وزوجته وطفله

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

هذيك الأيّام

صورة قديمة للقدس - بين 1800 الى 1900 م

صورة قديمة للقدس – بين 1800 الى 1900 م

سليمان جبران: .. ماذا سيقولون في القرية؟!
لست من يؤمن بالقضاء والقدر. وأنّ كلّ ما تراه العين مكتوب مُسْبقا على الجبين. مع ذلك تسوق الأيّام المرء أحيانا إلى أصقاع لم يقصدها، ومواقعَ لم تخطر له على بال. لا أحدَ منّا يعرف ما سيأتي به الغد. أنا مثلا كنت كلّ سنة أقدّم طلب انتقال إلى إحدى مدارس حيفا أو الكرمل لدخول الجامعة، فلا يتحقّق لي ذلك. لكنْ خدمتني الظروف أخيرا، ولم أتحمّل جميل أحد، فانتقلت إلى العمل معلّما في دالية الكرمل.
خدمتني المصاقَبات – اجتماع الشروط المواتية يعني- فانتقلت من حرفيش إلى التعليم في دالية الكرمل، والالتحاق بجامعة حيفا، قبل أن تغدو جامعة مستقلّة. “المعهد الأكاديمي” كان اسمها يومها، وكانت تابعة للجامعة العبريّة. بل كان معظم المحاضرين فيها يأتونها من القدس. يُلقون على طلابها محاضراتهم ثمّ يعودون في اليوم ذاته غالبا.
في آخر السنة الثانية، بعد ظهور نتائج الامتحانات كلّها، استدعاني رئيس قسم اللغة العربيّة إلى غرفته. لا بدّ لي هنا من القول إنّي لم أكن في الجامعة طالبا عاديّا. جئت الجامعة بعد سنوات من العمل في المدارس، وليالٍ كثيرة وطويلة من التحضير الجادّ لموادّ التعليم، والقراءة في المراجع، وفي كتب الأدب الكلاسيكي والحديث. بل كنت أطمح إلى أن أكون شاعرا. لم تكن موادّ التدريس، في اللغة بوجه خاصّ، غريبة عليّ. ولم أكن أتأخر عن أداء ما يُطلب منّا إذا كان جديدا عليّ. لذا، كانت علاماتي، في اللغة بالذات كاملة كلها. ولا غبرة يعني.
الأستاذ المذكور إسرائيليّ الجنسيّة، لكنّه كان ألمانيّا تماما: اسما وفكرا ومسلكا. لا يعرف من الحياة خارج الجامعة شيئا، ولا من الخطوط غيرَ الخطّ المستقيم. جلست إليه في غرفته الصغيرة، فأخبرني أنّه يرغب في إلحاقي مُعيدا بقسم اللغة العربيّة في جامعة حيفا. فاجأني الرجل باقتراحه، لكنّي أجبته دونما تردّد أنّ عرْضه المذكور يسرّني طبعا، وأرجو أن أكون على قدْر توقّعاته. غاية طموحي كانت أن أعمل معلّما للغة العربيّة في مدرسة ثانويّة، قلت للدكتور الألماني.عرْضك مقبول طبعا، وأنا لك شاكر على مقترحك المذكور من كلّ قلبي. أرجو أن أكون على قدْر توقّعاتك.
بعد أيّام التقيت بالأستاذ الألماني، فبلّغني أنّهم في الجامعة لم يرضَوْا بتعيين طالب بعد السنة الثانية مُعيدا في القسم. تنهي السنة الثالثة أوّلا، ثمّ تبدأ العمل معيدا كما اتّفقنا، قال لي بثقة وهدوء.
لم أشكّ في حرف من كلام الدكتور. عرفت الرجل لا يقول غيرَ ما يُضمر، فلماذا أشكّ في أقواله، فأفتّش عن أسباب خفيّة لهذا التأجيل. ننتظر سنة كما اقترح الأستاذ الألماني علينا. لعلّ في التأجيل نيل المأمول. قد يكون التأجيل المقترح لصالحنا آخر الأمر. ثمّ إنّ الدكتور الألماني لا يقول شيئا ويضمر غيره. الشكوك في أقواله ومواقفه عيب، وقلّة أدب أيضا !
في آخر السنة الثالثة، بعد امتحانات السنة والامتحانات النهائية في العربيّة، كانت نتائجي خيرا مما توقّعت . جرتِ الرياح بما اشتهتِ السفن، بل خيرا مما اشتهتْ. وصلنا آخر محطّة، قلت في نفسي، والحظ خدمَنا هذه المرّة. لم يبقَ عليك سوى مقابلة الدكتور الألماني، لتعمل يا ابن البقيعة محاضرا في الجامعة !
لكنّ الدكتور الألماني لم يستدعِني إليه، ولم أستطعْ سؤاله وجها لوجه. كانت جامعة حيفا يومها بناية واحدة طويلة لا غير. “البناية المتعدّدة الأغراض” ، أطلقوا عليها. فكان الأستاذ إذا لمحني من بعيد في الممرّ الطويل يغيّر طريقه، فيختفي في إحدى الغرف الجانبيّة. فهمت أنّه يخجل من ملاقاتي، وقد وعدني بما لم يقدر على الوفاء به.
رأيت الدكتور الألماني يتهرّب من ملاقاتي والحديث إليّ. لا بدّ أنّ الأكمة تُخفي وراءها ما يخجل الأستاذ من البوح به إليّ. أكتبُ إليه رسالة، قلت في نفسي، فيُجيبني بما عنده. لن يخجل من الورق الأبيض إذا كتب لي مكنونات صدره. هكذا كتبت إليه رسالة أسأله فيها عمّا كان بيننا قبل سنة منِ اتّفاق. كان ردّه سريعا ومقتضبا. قال في رسالته إنّ الجامعة لا ترغب هذه السنة، لأسباب مادّيّة، في تعيينات جديدة. نصحني أيضا بالعمل في المدرسة الثانويّة التي كنت حدّثته عنها في جلستنا السابقة.
لكنْ لماذا يغيّرالألماني طريقه لئلا نلتقي مواجهةً، إذا كان كلّ شيء كما ذكره لي ؟ ليس له من ذنب، ولا هو أساء إليّ. لعب الفار في عبّي. لكنّي لم أشكّ في الرواية التي كتبها إليّ. لا مجال إلى الشكّ في موقف الرجل وصدقه.
الشكوك كلّها والهواجس انجلتْ بعد أسابيع، ومن جهة لم أتوقّعْها قطّ. انضمّ في تلك السنة إلى التدريس في حيفا دكتور فرنسي أيضا. إسرائيلي هو أيضا، لكنّه أنهى دراسته في فرنسا، وعاد إلينا حاملا خبرة واسعة في الأدب الكلاسيكي، واستقامة أكاديميّة فرنسيّة خالصة. لم يجد الدكتور الألماني من يبوح إليه بما يُثقل صدره سوى ذلك الدكتور الشابّ، سليلِ الفكر الفرنسي الحرّ. أفضى إليه بكلّ ما جرى له مع سلطات الجامعة، وأراح ضميره المثقل بالأوزار.
ضمّ الدكتور الفرنسي حكايتي، كما سمعها من رئيس قسم العربيّة في حيفا، إلى حكايتين أخريين مشابهتين، لطالبين عربيين، ونشر ما جمعه في تقرير مُغفل، دونما توقيع يعني، في أسبوعيّة هعولام هزه/ هذا العالم المناهضة للسلطة، بعنوان: “جامعة يحكمها الشين بيت”. هناك فقط تعرّفنا حكايتنا بالتفصيل، فأدركنا الدلالة الخفيّة لسلوك الألماني، رئيس القسم. تماما مثل القصص البوليسيّة: لا تتكشف ملابسات أحداثها الأولى إلا حين نبلغ فصلها الأخير !
تبيّن لنا، من التقرير المذكور، أنّ الدكتور الألماني لم يقنع بالردّ الرسمي. قابل رئيس الجامعة الإداري، وكان شخصيّةً مبائيّة معروفة. بعد نقاش مطوّل أبلغه رئيس الجامعة أنّه لا يعرف الطالبَ المذكور، وأنّ المعارضة في الواقع مصدرُها المخابرات بالذات. ذهب فقابل رئيس الشين بيت في الشمال أيضا. كيف تعارضون تعيين المذكور مُعيدا في معهد أكاديمي، وهو معلّم في مدرسة ابتدائيّة تابعة لوزارة التربية، سأل الدكتور الألماني متحدّيا. صحيح، أجاب رئيس الشين بيت في الشمال. ليس للمذكور نشاط سياسي يُذكر. لكنّ أهله في القرية شيوعيّون كلّهم. ماذا سيقولون هناك في القرية إذا عمل المذكور في الجامعة؟
لست من يؤمن بالقضاء والقدر، كما أسلفت. لكن من يدري ؟ أوصدوا في وجهنا أبواب الجامعة في حيفا، فانفتحت أمامنا أبواب تل أبيب، دونما جهد منّا أو معرفة. لكنْ تلك حكاية أخرى، لإطار آخر.
لست من يؤمن بالقضاء والقدر. لكن من يدري ؟!

ِ

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

الثورة … وبعض عواقب قبول الحل السياسي و ” التنحي ” .

ahrarbenish1من الواضح أن النظام العالمي عبر الأنظمة والحكومات الإقليمية وأدواتها التي طبقت سياسات الأحتواء على الثورة السورية كما غيرها من ثورات بلدان الربيع العربي وساهمت في التدمير والإنهاك الممنهج بشكل مباشر وغير مباشر مع النظام والإحتلال نجح إلى حد كبير حتى الساعة في مساعيه لجعل الموقف المبدأي الأولي من ثورة الكرامة السورية المعادي لها والرافض لإنتصارها ونجاحها بالمطلق هو واقع حال وخيار وحيد متاح للسوريين بعد قرابة خمسة أعوام من الثورة .

ويختصر الموقف الدولي في إعادة إنتاج النظام وتأهيلة من جديد كنظام مركزي وبالتوازي مع ذلك ساهمت عمليا تلك الأنظمة والدول بشكل مباشر وغير مباسر في تنفيذ التقسيم ميدانيا على أرض الواقع وهيئت الظروف للمرحلة الأولية منه وأسست له ووضعت قواعده وإن تشدق مسؤوليها بالتصريحات الإعلامية في خطابهم السياسي بسعيهم للمحافظة على وجدة الجغرافيا السياسية لسورية شكلا … لأن جل المعارك العبثية الدائرة منذ قرابة ثلاثة أعوام عبثية حصرت ضمن نطاقات محددة بخطوط حمراء وحتى الآن تصب في تهيئة الميدان والمجتمع السوري وتوفير البيئة وتجهيز الأرضية للتقسيم مع العمل على تحسين الموقع التفاوضي لكل طرف وكسب أوراق لا أكثر … أضف لذلك يتم التوافق مبدئيا على تقاسم النفوذ والمصالح وتبادل الأدوار وتوزيع الحصص والمكاسب وإن كان لم يستقر الوضع النهائي لذلك بعد .

كل ذلك يجري في ظل غياب كلي لأي رأي فاعل وعمل مؤثر فيما يحدث ومجريات الأمور وهامشية أي دور فعال للثوار الأحرار المجاهدين في سورية إلا كأدوات تنفيذ للأجندات عبر وكلاء للغير بينما يدفع الشعب السوري عامة والمسلمين خاصة – السنة – ثمن التمرد على النظام العالمي وتنزل بهم أقسى العقوبات المشددة – القتل والتدمير والتهجير الممنهج – جزاء ثورتهم – جريمتهم – ضد الإستبداد والإحتلال من أجل التحرر والتحرير والإستقلال لنيل الكرامة والذي إن تحقق لهم يشكل تهديدا مباشرا للأنظمة العربية والإقليمية وخطرا داهما يؤدي إلى زعزعة أمن وإستقرار النظام الدولي أجمع …

وقد تجلى الموقف الدولي والإقليمي واضحا جليا في ثمرة جهود الأطراف – أصدقاء وأعداء – المجتمعة لفرض ذلك والمخرجات التي توافق على خطوطها العريضة المتآمرون المؤتمرون في بيان ” فيينا ” … دعاة الحل السياسي المزمع تطبيقه كحل للـ ” الأزمة ” في سورية وينادون به من اليوم الأول للثورة ويردد ورائهم وكلائهم وصنائعهم من ما يسمى ” المعارضة السياسية ” و الفصائل المسلحة – المصطنعة والمدجنة – المنضوية مؤخرا رسميا تحت جناحها ببقبول وتبني ” الحل السياسي ” الذي يخالف منطق الأشياء – الثورات ضد الإستبداد والإحتلال – ولا يحقق الحد الأدنى الأولى والمبدأي من أهداف الثورة في أيامها الأولى إبان إنطلاقتها المباركة .

وقبل الحديث عن تبعات القبول بتمرير ” الحل السياسي ” المزعوم وفق السقف الجديد الذي حددته مخرجات ” فيينا ” في سورية والذي إنخفض كثيرا عن سقف مبادرة ” جنيف ” المرفوضة أصلا وما يشاع من تنحية لرأس النظام بعد فترة انتقالية – بصرف النظر عن مدتها – وبعيدا عن خيانة الدماء والشهداء والقضايا الأخلاقية والوطنية والدينية وغيرها من القضايا الأدبية والإعتبارية لا بد من الإشارة بإيجاز إلى قضية بالغة الخطورة تتعلق بالنظام الإستبدادي الشمولي الطائفي الذي إغتصب السلطة والدولة السورية منذ قرابة خمسة عقود بإنقلاب على الشرعية في حينه تبعه إنقلاب آخر على الإنقلاب الأول وتلسيط الضوء على تطوير النظام آليات الإستبداد في المرحلة الأخيرة من تسلطه لتناسب وتواكب عصرها في كل حقبة مقبلة .

فالنظام الإستبدادي الأسدي مر بعدة أطوار ومنذ منتصف الثمانينات وبعد الهزة التي كادت تطيح به لولا تداعي الجميع – النظام الدولي – لنجدته وتغاضيهم عن جرائمه بدأ الإعداد والتحضير لطور جديد يتناسب مع التطورات المتوقعة مستقبلا ويعتمد بشكل رئيس تدريجيا على الإستبداد عبر الإقتصاد … وكانت الفترة لغاية العام 1989 تحضيرية لهذه المرحلة حيث بدأ سياسة الإنفتاح الإقتصادي بعد أن سيقتها مرحلة التجويع الممنهج وتوجها بقانون الإستثمار رقم 10 في العام 1991 .

ودخلت السياسات الجديدة مرحلتها التنفيذية النهائية في العقد الأخير بعد نفوق المقبور وتوريث الإبن في العام 2000 وتسارعت وتيرتها قبيل إنطلاق الثورة حيث بلغت الذروة وإستحوذ النظام على كل ثروات البلاد وتحكم في مفاصل الإقتصاد وتحولت الدولة إلى ملكيات وإقطاعيات خاصة به بشكل مباشر أو عبر وسائط و واجهات مالية … وبالتالي فإن ” الحل السياسي ” المزعوم ومنه إجراء ” تنحي ” رأس النظام بعد فترة إنتقالية يعني مبدأيا ما يلي …:

1- التنحي يعني شرعية كل ما قام به الأسد ونظامه قبل الثورة وبعدها منذ إعتصاب السلطة قبل خمسة عقود .
2- منح الحصانة للنظام ومجرمي الحرب مع الإحتفاظ بمكاسبهم المادية .
3- شرعنة وجود العصابات الشيعية والعرقية المتعددة الجنسيات في سورية الغازية ومراعاة مصالحها وصيانة إستثمارتها .
4- المصادقة على جميع إلتزمات النظام والإتفاقات التي عقدها قبل وبعد الثورة وشرعنتها .
5- شرعنة المال العام المنهوب خلال خمسة عقود وتبيضه لاحقا عبر إعادة الإعمار وإلغاء أي إمكانية أو إحتمال لإستراجعها.
6- المصادقة على الإمتيازات التي منحها لإيران وروسيا وغيرهما من شركائه المباشرين وحلفائه .
7- الإلتزام بعقود التسليح التي أبرمها النظام وقتل بها السوريين ودفع المستحقات المالية المترتبة عليها .

خلاصة القول …:
بصرف النظر عن الثمن الباهظ الذي دفعه السوريون عامة والمسلمين ـ السنة – خاصة في سبيل الحرية والكرامة على كافة الصعد يكون النظام قد نجا بفعلته ونجح في إكمال طوره الجديد – الإستبداد عبر الإقتصاد – … بضمان إحتفاظه بكل مكاسبه من الثروات العامة والخاصة المنهوبة خلال عقود وفوقها ما سلبه بعد الثورة والإقرار له بذلك كحق مكتسب وإسباغ صفة شرعية عليه وعلى حلفائه وشركائه في الجريمة على صعيد الأفراد والأنظمة مع تدمير ما لم يستطيع إغتصابه وتملكه، وبالطبع سيقابل ذلك شرعنة طبقة أمراء الحرب – صغار كسبة نسبيا – ووكلاء الطرف المقابل من المعارضة السياسية والمسلحة التي جنت ثروات في الثورة وسيعود نظام الإستبداد من باب واسع عبر بوابة الإقتصاد وتحت شعار إعادة الإعمار ” الإستعمار ” ورهن مستقبل سورية – المقسمة – لعقود قادمة إن لم يكن للأبد

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment