ج 1 /مفهوم الوعي !- قراءة في كتاب الوعي ,تأليف سوزان بلاكمور

رعد الحافظ

رعد الحافظ

ج 1 / #مفهوم_الوعي !-  #قراءة  في #كتاب الوعي , #تأليف  #سوزان_بلاكمور

مقدمة :
(سوزان بلاكمور)
Susan Blackmore
التي أعرضُ مُلخص كتابها (الوعي) هي من مواليد 1951 باحثة بريطانيّة في الپاراسايكولوجي .
مُحاضِرة في علم النفس ,إشتهرت بكتابها (آلة الميم) .
كتبت وساهمت في أكثر من 40 كتاب و 60 مقالة علمية !
الدراسات الخاصة بالوعي بدأت بالإزدهار فقط في هذا القرن الـ 21 عندما وصلت عِلوم النفس والأحياء والاعصاب الى نقطة يمكن عندها مواجهة بعض الأسئلة المُحيّرة على غرار :
ما الذي يفعلهُ الوعي ؟
هل كان لنا أن نتطوّر من دون الوعي ؟
هل يمكن أن يكون الوعي وهماً ؟
ما هو الوعي على أيّة حال ؟
بعض الغموض مازال قائماً في هذا الموضوع .إنّما التطوّر الذي حدث هو أنّنا بتنا نعرف عن الدماغ مايكفينا للإستعداد لمواجهة المشكلة على نحوٍ مباشر .وبشكلٍ خاص كيف يُمكن لإطلاق النبضات الكهربائيّة من ملايين الخلايا الدماغيّة ,أن يُنتِج تجربة واعية ذاتيّة شخصيّة ؟
***
ص 8 / لُغز الوعي !
هناك كثير من الأشخاص الذين يدّعون أنّهم وجدوا حلاً للُغز الوعي !
بعضهم يقترح نظريات موّحدة عظمى ,ونظريات ميكانيكيّة كميّة, ونظريات روحانيّة حول قوّة الوعي وما شابه .
إنّما أغلبهم يتجاهل الفجوة الكبيرة بين العالَمين المادي والعقلي ,أو الذاتي وغير الذاتي ,(يعني الفرق بين الدماغ والعقل) .
هذا التجاهل لن يساعدهم على فهم الوعي بطريقة صحيحة !
***
ص 9 / تجاربنا الذاتيّة !
فيما يتعلّق بالتجربة الإنسانية العادية ,يبدو أنّه هناك نوعين من الاشياء
مختلفَين تمامَ الإختلاف,دون وجود وسيلة واضحة لربطهما معاً !
هناك تجاربنا الذاتيّة ,مقابل عالم مادي خارجي يتسبّب في حدوث تلك التجارب !
مثلاً مشاعري برؤية المنازل والأشجار البعيدة فوق تلٍ بعيد .أو سماع بوق السيارات على الطريق السريع .أو الإستمتاع بدفء غرفتي وحميميتها .أو مشاعري بصوت خدش الباب الذي تُحدثهُ قطتي محاولةً الدخول الى الغرفة .تلك الأشياء تجارب خاصة لديها طابع لايمكنني نقله الى أيّ شخص آخر .حتى أنّني أتسائل :هل تجربتك مع اللون الاخضر هي نفس تجربتي ؟ هل تشّم للقهوة نفس الرائحة التي أشمّها ؟
أبداً لايمكنني الإجابة عن مثل تلك التساؤلات !
فتلك التجارب (غير القابلة للوصف) هي ما يُطلِق عليه الفلاسفة إسم
“التجارب الواعية الذاتيّة”
***
ص 10/عالم مادي خارجي !
لكن في المقابل فإنّي موقنة تماماً (تقول سوزان بلاكمور),بأنّه هناك عالم مادي خارجي يتسبّب في حدوث تلك التجارب!
قد تراودني الشكوك بشأن تكوين هذا العالَم أو بشأن طبيعتهِ الأكثر تحديداً إنّما لا أشّك في وجوده !
لأنّي لو أنكرتُ وجوده فلن أتمكن من تفسير السبب الذي سيجعل القطة
تندفع على الأرجح الى الداخل إذا فتحتُ لها الباب !
المشكلة أنّ هذين النوعين من الأشياء يبدوان مختلفان عن بعضهما !
فهناك أشياء ماديّة حقيقيّة ذات حجم ووزن وشكل وصفات أخرى يمكن قياسها والإتفاق عليها .
وهناك أيضاً التجارب الذاتيّة مثل الشعور بالألم أو إدراك لون تلك التفاحة التي أراها أمامي الآن !
عموماً فعلى مرِّ التاريخ تبنَّى كثير من الناس قدراً من فكرة الثنائية !
بمعنى أنّهم آمنوا بوجود عالَمَيْن مختلفين فعلًا !
هذا هو الحال في معظم الثقافات(غير الغربية) اليوم .وتشير إستطلاعات
الرأي إلى أنّ هذا الأمر ينطبق على معظم المثقَّفين الغربيين أيضًا !
وتكاد الأديان السماوية الكبرى تكون ثنائيّة تمامًا !
فالمسيحيون والمسلمون يؤمنون بوجود روح غير مادية وخالدة !
والهندوس يؤمنون بمفهوم الإئتمان ,أي الذات الداخلية المقدسة !
البوذية وحدها هي التي ترفض فكرةَ الروح أو النفس الداخلية الدائمة !
لكن حتى بين الأفراد الذي لا يَدينون بأيِّ دين ,تسود فكرةُ الثنائية في الثقافات الغربية!
فنظريات (حركة العصرالجديد) تتحدث عن قوى العقل والوعي والروح كما لو كانت قوًى مستقِلةً عن بعضها .
ويؤكِّد المعالجون بالطبّ البديل تأثيرَ العقل على الجسد كما لو أنّهما كيانان منفصلان .تلك الثنائية متغلغلة في لغتنا الى درجة أنّنا نقول عقلي أو جسدي .وكأنّ (أنا) كيان مستقل عن (كليهما) !
***
ص 11/ الثنائيّة الديكارتيّة !
في القرن السابع عشر إقترح الفيلسوف الفرنسي الشهير رينيه ديكارت (1596 ــ 1650) رسميّاً أشهر نظريّات الثنائيّة ,التي تُعرف بإسم الثنائيّة الديكارتيّة ,والتي تقوم على فكرة أنّ العقل والدماغ يتكونان من مواد مختلفة !
وفقاً لديكارت فإنّ العقل غير مادي وغير ممتد بمعنى أنّه لا يحتل حيّز !
بينما الجسد (وباقي العالَم المادي) ,يتكوّن من مادة ماديّة ممتدّة !
المشكلة في هذه النظرية واضحة / كيف يتفاعل الجانبان ؟
إقترح ديكارت أنّهما يلتقيان في الغدّة الصنوبريّة الدقيقة في منتصف الدماغ .لكن هذا لم يحّل المشكلة لأنّ هذه الغدّة كيان مادي .
مشكلة التفاعل هذه تُفسِد أيّ محاولة لوضع نظريّة ثنائيّة مقبولة !
لذلك يرفض غالبية العلماء والفلاسفة فكرة الثنائية لصالح فكرة الأُحاديّة !
لكن الخيارات المُتاحة قليلة وإشكاليّة في نفس الوقت !
فالمثاليّون (المؤمنين بالأديان والعقائد) يجعلون العقل عنصر أساس .لكن يتحتّم عليهم تفسير وجود عالَم مادي متسق !
أمّا الأحاديّون المعتدلون فيرفضون فكرة الثنائيّة ,لكنّهم يختلفون حول الطبيعة الأساسيّة للعالَم وكيفيّة توحيدهِ !
يوجد خيار ثالث هو الماديّة وهو أكثر المذاهب شهرةً بين عُلماء اليوم!
يعتقد الماديّون أنّ المادة هي الأساس .لكنّهم حينئذٍ يجدون أنفسهم بصدد
المسألة التي يدور حولها هذا الكتاب / كيف يتسنى لهم تفسير الوعي ؟
كيف تنشأ تجارب ذاتيّة من دماغ مادّي موضوعي ؟
يُطلَق على تلك المشكلة إسم “المشكلة الصعبة للوعي”
هذه عبارة صاغها عام 1994 الفيلسوف الأسترالي ديفيد تشالمرز .
عندما أراد التمييز بين هذه المشكلة الخطيرة وباقي المشكلات السهلة .
المشكلات السهلة (حسب تشالمرز) هي تلك التي نعرف حلّها من حيث المبدأ .من قبيل الإدراك الحسّي ,التعلّم ,الإنتباه ,الذاكرة ,كيفيّة تمييز الأشياء ,الإستجابة للمؤثرات ,وكيف يختلف النوم عن اليقظة !
كلّ هذه الأمور هي مشكلات سهلة على حدّ قوله ,إذا ما قورنت بالمشكلة الصعبة حقّاً الخاصة بالتجربة ذاتها !
لكن ليس الجميع متفق مع تشالمرز,فالبعض يزعم أنّ “المشكلة الصعبة” لا وجود لها أصلاً .وأنّها تعتمد على مفهوم خاطيء عن الوعي !
أو على التقليل الكبير من أهميّة المشكلات السهلة !
تُطلِق الفيلسوفة الأمريكيّة (پاتريشيا تشيرتشلاند) على هذا الامر إسم “مشكلة خِداعيّة” ,قائلةً أنّه لايُمكن أن نُقرّر سَلَفاً أيّ مشكلة هي الأصعب حقّاً .وتضيف :إنّ هذه المشكلة تنبع من الحَدَس الخاطيء ,بأنّنا إذا فسّرنا الإدراك الحسّي والذاكرة والإنتباه وباقي التفاصيل الأخرى ,فسوف يتبقى شيء هو “الوعي” نفسه !
***
ص 12 / ما الوعي ؟
لايوجد تعريف للوعي متفق عليه ,لكن بعض الإسئلة تعطينا فكرة عنه.
مثلاً :كيف يكون الحال لو كنتَ خَفَّاشاً ؟
إحتلَّ هذا السؤالُ الغريب أهميّة في تأريخ دراسات الوعي عندما طُرِحَ لأول مرة في خمسينيات القرن العشرين .ونال الشهرةَ على يد الفيلسوف الأمريكي توماس ناجيل عام 1974 .الذي إستخدم هذا السؤالَ لتحدِّي مذهب الماديّة .ولإكتشاف ما نعنيه بكلمة الوعي !
ليرى لماذا يجعل الوعي مشكلةَ (العقل – الجسد) مُعقَّدة الى هذا الحدّ؟
يوّضح (ناجيل) فكرته فيقول :مانعنيه بالوعي هنا ,هو (الذاتيّة)!
فإذا كان هناك حال مُعيّن للكائن الذي يصبح خفاشاً ,(يعني حال يشعر به الخفّاش نفسه من دون غيره) ,إذاً فالخفّاش كائن واعي !
وإذا لم يكن له ذلك الحال المُعيّن ,فالخفّاش غير واعي !
***
ص 13/ لا وعي في الجماد !
فكّر الآن (على سبيل المثال) في الكوب الموضوع أمامك على المكتب .
وإسأل نفسكَ :ماهو الحال لو كنتُ كوباً ؟
ستجيب نفسك بسرعة :لا يوجد أيّ حال على الإطلاق ,لأنّ الأكواب ليست واعيّة !
لكن إنتقل الى البكتريا ,الديدان ,الذباب ,الخفّاش ,وإسأل نفس السؤال .
ستواجهك مشكلة في الإجابة على أيّ حال ستكون !
ذلك أنّه لا يمكنك أن تعرف ,كيف يكون الحال لو كنتَ دودة؟
فكما يقول (ناجيل) :إذا فكرتَ أنّ هناك حال معين عندما تكون دودة ,
فأنتَ تعتقد أنّ الدودة كائن واعي !
لكن (ناجيل) إستخدم مثال الخفافيش كونها مختلفة كثيراً عنّا نحنُ البشر .
فهي تطير ,تعيش معظم حياتها في الظلام ,تتدّلى رأساً على عقب من الأشجار أو في كهوف رطبة ,تستخدم نظام سونار بدلاً من الإبصار لرؤية العالَم ,وذلك عندما تطلق أصوات صرير حادّة متلاحقة أثناء طيرانها ثمّ تحلّل الأصداء المرتدة الى آذانها الحسّاسة لتعرف طبيعة العالّم حولها !
***
ص 14 / المُلغّز ناجيل !
كيف سيكون الحال إنْ كنتَ تدرك طبيعةَ العالم حولَكَ هكذا؟
لا فائدةَ من تخيُّلِ نفسكَ خفَّاشاً ,لأن الخفَّاش الناطق المُثقَّف لن يكون خفَّاشاً طبيعيٍّا على الإطلاق!
وفي المقابل إذا أصبحتَ خفَّاشًا طبيعيّاً ,فليس في مقدورك التفكير أو الكلام ,ولن تستطيع الإجابةَ على سؤالِكَ!
لذا أشار (ناجيل) أنّنا لن نعرف ذلك أبداً ,وخلصَ الى أنّ هذه المشكلة لا حلّ لها .لذا لقبّوه بـ “المُلغّز” !
يشاركه هذا اللقبَ أيضاً الفيلسوفُ الأمريكي (كولين ماكجين) إذ يقول:
نحن البشر مُنغلقون مَعرفيّاً فيما يتعلّق بفهم الوعي !
بمعنى أنّه لا أملَ لدينا في فهم الوعي تمامًا .مثلما أنّه لا أملَ في أن يقرأ أحد الكلابِ الجريدةَ التي يحملها فَرِحاً في طريق عودتهِ من المتجر!
ويتَّفِق معه في ذلك عالمُ النفس (ستيفن بينكر) قائلًا:
إنّنا قد نكون قادرين على فهم معظم التفاصيل الخاصة بكيفية عمل العقل
إنّما الوعي نفسه قد يظلّ بعيدَ المنال عن فهمنا إلى الأبد !
لكن في نفس الوقت هناك الكثير من العلماء لا يشاركون ناجيل نظرته التشاؤمية .مع ذلك فإنّ سؤاله (ماذا لو كنتَ خفّاشاً؟) أفاد في تذكيرنا
بنقطةٍ بالغةِ الخطورة عند الحديث عن الوعي .إذ لا جدوى من الحديث عن الإدراك الحسّي أو الذاكرة أو الذكاء أو القدرة على حلِّ المشكلات
بإعتبارها عملياتٍ فيزيائيةً بحتة ,ثم نزعم أنّنا قد فسَّرْنا الوعْيَ .
إذا كنتَ تتحدَّث عن الوعي حقّاً فعليكَ أن تتعامل بطريقة ما مع الذاتية !
كما يتعيّن عليك أن تحّل المُشكلة الصعبة وتفسّر كيف تنبع الذاتيّة من العالّم المادي ؟
أو يتعيّن عليك (إذا كنت تنكر الوعي وتعتبره وهماً) ,أن تُفسّر لماذا يبدو حاضراً بقوّة هكذا ؟
إنّما في كلتا الحالتين لن تستطيع القول أنّكَ تتعامل مع الوعي إلّا إذا كنت تطرح السؤال : (ماذا سيكون الحال لو كنتَ …..؟) !
يُطلق على هذا المعنى الأساسي للوعي أيضاً إسم الظاهراتيّة أو الوعي
الظاهراتي .وهما مصطلحان صاغهما الفيلسوف الأمريكي (نيد بلوك)!
يقارن بلوك بين الوعي (الظاهري/التلقائي),الذي يتعلّق بالكيفيّة التي تكون عليها عندما تكون في حالة معيّنة ,مع (وعي الإتاحة أو التأمّلي)
الذي يشير الى إتاحة المعلومات الموجودة في عقلنا للتفكير .أو توجيه الأفعال والكلام !
إذاً فالوعي الظاهراتي الذي تحدّث عنه ناجيل هو جوهر مشكلة الوعي !
***
ص 15 / نقطة خلافيّة !
الآن نحن على إستعداد لتناول واحدة من أهمّ النقاط الخلافيّة في الدراسات الخاصة بالوعي ,وهي :
هل الوعي عنصر خارجي نمتلكه (نحن البشر فقط) إضافةً الى قدراتنا الخاصة بالإدراك الحسّي والتفكير والشعور ؟
أم أنّه جزء جوهري أساس لا يتجزّأ في أيّ كائن لديه قدرات الإدراك الحسّي والتفكير والشعور؟(يقصد باقي الحيوانات)!
هذا هو السؤال الأهمّ الذي يعتمد عليه كلّ شيء آخر ,ربّما عليكَ الآن أنْ تُقرّر أيّ خيار ستفكر فيه ,لأنّ تبعات كلا الخيارين مثيرة للدهشة تماماً !
(إنتهى الجزء الأول من تلخيص كتاب الوعي) !
***
الخلاصة :
كلّ شيء يتعلّق بالعِلم والبحث العِلمي ,يقرأه الإنسان العادي ,يفيده في حياته عاجلاً أو آجلاً !
أحيانا تكون الفائدة كبيرة الى حدّ تقرير المصير والسلوك والطريق الذي سوف ينتهجهُ ذلك الإنسان باقي حياته !
كمثال يقرّب فكرتي لكم :
أنا ألاحظ معظم الشيوعيين العراقيين خصوصاً والعرب عموماً ,يبدؤون بإعتناق الشيوعية ومعها الماديّة والإلحاد التام بوجود ألهة من أيّ نوع .
حتى أنّهم يضحكون من أيّ متديّن يؤمن بالماورائيّات!
إنّما بتقدم العمر ,وربّما بإصابتهم بمرضٍ ما ,تراهم يهرولون الى ربّهم طلباً للسماح والمغفرة !
ماذا يعني ذلك ؟
يعني أنّهم لم يفهموا المادية عندما إعتنقوها .بل لم يعتنقوا أفكارهم أصلاً عن قراءة وعِلم وإختبار وتمحيص ,إنّما هي وراثة أو بسبب حالة ظرفيّة أو إقتصادية خاصة !
مثال آخر من واقعنا :
بعد حرب عاصفة الصحراء على العراق بسبب تمادي الطاغية صدام حسين في غيّه على الآخرين ,وجدنا غالبية النساء العراقيّات قد تحجبنّ !
معناها عندما كانوا سافرات ,كانوا في شكّ أنّهم على ضلال مبين ,لكنّهم مستمرين فيه لا أعرف لماذا ؟
الوعي (الذي يشرحه هذا الكتاب) يمكن أن يفيد القاريء في إختيار أحد الطريقين الرئيسين في الحياة .أقصد / العِلم أم الأديان ؟
ولا تقولوا لافرق ولا خلاف بينهم .فالبون شاسع لو تعلمون !
[أداة لجسدكَ هو عقلك الصغير ,هذا الذي تُسميّهِ روحاً .
أدوات ولُعَبْ هما الحسّ والعقل ,خلفهما تكمن الذات] نيتشه !
***

رعد_الحافظ#
19يناير 2016

Posted in فكر حر | Leave a comment

مع الشاعر علي المتنبي الصغير …!!

حاوره حسين محمد العراقي
هناك عوامل عديدة لعل أبرزها البعد الثقافي وصقل الموهبة وحسن الإصغاء للمكان والزمان والتعايش مع المجتمع وهذه العوامل كلها إضافة للرغبة ربما تنتج الشعر المييز إثر اتصال هاتفي أجريته وتم الترتيب للقائي معه بهذا الحوار في بغداد منطقة المتنبي بداية السنة الجديدة وتحديداً يوم الجمعة 1/ 1 / 2016…..
أذكر لي أسماء الأماكن والمناسبات التي ألقيت بهن أشعارك
1_منتدى شباب الحله
2_شارع المتنبي
3_ مهرجان الخطابه والشعر وشاركت على مدى 3 سنوات وحصلت على المركز الاول
3_مهرجان في مدينه الطب بمناسبه اليوم العالمي للتمريض
4_ومهرجانات بمناسبه ولادات الأئمه الأطهار
متى بدأت الشعر وما هو تأريخك الشعري
بدئت الشعر في عام 2008 كان عمري 6 سنوات
الشعر الحقيقي انعكاس لموهبة ، ولكن ذلك لا يكفي لإنتاج ما نصبو إليه من إبداع. ما هي العوامل التي تسهم في تشكيل هذه التجربة….
تأثرت بولدي في الدرجه الاولى وفي الدرجه الثانيه تشجيع من مدرستي وتحديا مدير المدرسه المحترم التي أدرس بها
من هم الروائيون الذين تقرأ لهم؟ وما هي رواياتك المفضلة؟

انا في الوقت الحاضر مشغول في الدراسه فقط ولايوجد عندي أي مجال أقرأ للروائيين مع الأعتذار لهم وأن اصبح المجال عندي فهو للشعر فقط لأن تفاحتين لا تمسكهن اليد

ألا تشعر بالإحباط في هذه الظروف الصعبة والمملة التي نعيشها؟ ألا تشعر بالتعب من كتابة الشعر إلا تشعر بمتاعب الطريق عندما تأتي من محافظة الحلة إلى بغداد …
أحيانا أكون متعب من بُعد الطريق الطويل لكن كتابه الشعر هي عندي رغبة حقيقة ولا أملك سواها وأتمتع بها في أوقات الفراغ …..
كيف تصف المعلم الذي علمك
قم للمعلم وأفده التجليلا ********** كاد المعلم أن يكون رسولا
هل يمكن أن تحدّثنا عن الشعر العربي
هو شعر البلاغه والفصاحه وحسن المعنا والحديث
هل تعبتَ من كتابة الشعر
كتابت الشعر لاتتعبني وأنما اتلذذ بها . لئن الشعر أصبح هو كل شريان في دمي وعروقي
لو لم تكن شاعرا فماذا كنتَ تتمنى أن تكون…
ان لم اكن شاعر فكانت أمنيتي أن أكون معلم
اذكر لي أسماء الصحف والقنواة التي ظهرت عليها وتواريخها

قناة المدى 2015 برنامج ركن الهواة

قناة العراقيه في حدائق الزوراء عيد الفطر المبارك 2015
ما هي كلمتك الأخيرة لهذا الجيل
أتمنى من الله عز وجل أن يصلح حال هذا الجيل إلى مافيه من الخير والاحترام للآخرين وحب الوطن والدفاع عنه…
الأسم الرباعي بالكامل مع اللقب والمواليد مع محل الأقامة
علي محمد جبار زغير الشويلي ***** 11_8_2004******* العراق محافظة الحلة بابل وأخيراً وليس إخراً…….
أن ساحتنا الشعرية في حاجة اليوم لمثل هذا الطفل الشاعر أعلاه إذن الشعر هو تعبير عن الإحساس لكي يشعر أن المستقبل أمامه فأحترمه والوقت معه فأستغله وأنهُ على أستعداد لمواجهة الزمن رغم صغر سنه ممني النفس بأنه يفضي الى ماء سحري سيجعل الميت حياً يرزق علما له عديد من المشاركات بدليل
husseiniraqialmotanaby
هذا الفديو الخاص به…كذلك مسابقه في الخطابه و الشعر في محافضه بابل وكانت بتأريخ 3/1/2016…

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

DNA 18/01/2016 حزب الله..مجموعة ميشال سماحة

DNA 18/01/2016 حزب الله..مجموعة ميشال سماحة
nadimqouteish

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

ترشيح الحكيم لعون بمباركة سعودية

Samir-Geageaمع استغناء سمير جعجع عن ترشيحه لرئاسة جمهورية الموز اللبنانية ، و إعلانه اليوم عن ترشيحه لعدوه اللدود ميشيل عون لاحتلال هذا المنصب ، يكون الحكيم سمير قد ضرب عصفورين بحجر واحد :
الاول : فك ارتباط اكبر مكوّن مسيحي في لبنان عن فريق الإرهابي حسن نصرالله، فرئيس لبنان هو رئيس كل اللبنانيين بحسب الميثاق الوطني اللبناني، و لا يمكنه ان يكون رئيس لجزء من التركيبة اللبنانية ..
و الثاني و هو الأهم : ضمان وصول الحكيم في ٢٠٢٠ لرئاسة الجمهورية اللبنانية بعد ازاحة عدوه العجوز عن طريق السباق الى بعبدا..

بوصلتي السياسية في لبنان هي نديم قطيش ، سأراقبه في الأيام القادمة ، ان تهجَّم على هذا الترشيح سأعترّف ان تحليلي كان خاطئ، و ان بارك او سكت عن هذا الفعل ، فسيكون ترشيح الحكيم لعون بمباركة سعودية أتت في سياق ترتيب المنطقة ..

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

شعبان عبدالرحيم يبكي لإتهام الأزهر له بإزدراء القرآن

وجه ” #الأزهر ” لل #مطرب #المصري #الشعبي ” #شعبان_عبدالرحيم” تهمة “ا#زدراء_الأديان” , جاء فيها “| بأن عبدالرحيم استهزأ بالقرآن الكريم وأنه تلاه بالطريقة ذاتها التي يؤدي بها ” #أغانيه #الهابطة” وفقاً لما قرأه المحامي عن البلاغ القضائي, لذلك قدم #أعتذاره قائلاً:” أنا لا  #كرامتي ولا سني بتسمح لي أتكلم عن ديني.. أنا بسمع إنو عم بستهزئ بالقرآن طبعاً ده ما ينفع كده الواحد بموت نفسه،” وفقاً للمقابلة على قناة “دريم”.. شاهدها

وقد انتشر مقطع فيديو أظهره وهو يقرأ القرآن يرتدي العمامة الازهرية وسط إعجاب من حوله, حيث اشتكى بعضهم بسبب الجو المحيط والضحك, وختم القراءة كما في اغانيه بجملته المعروفة “بس خلاص.” شاهده هنا

biblequranqouts

Posted in الأدب والفن, يوتيوب | Leave a comment

فيديو تقرير خطير حول الكنائس في دول الخليج

#تقرير #خطير حول #الكنائس في #دول #الخليج #دول_الخليج #الكنائس_في_دول_الخليج

نزكي لكم قراءة:كويتيون مسيحيون .. ولكن!! , وايضا: كنيسة دمشق تهدد بقطع العلاقة مع الكنيسة المقدسية

churchQatar

كنيسة سيدة الوردية بقطر


Posted in English, ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

صندوق الاسلام 34 اساطير القرآن، قصة ابراهيم وتحطيم الاصنام Box of islam 34

#صندوق_الاسلام #الاسلام 34 #اساطير_القرآن #اساطير #القرآن، #قصة #ابراهيم و#تحطيم_الاصنام #لاصنام
#Box_of_islam #islam 34
hamedabdelssamad

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, يوتيوب | Leave a comment

مروان مشرقي يطلق النار من شمسيته

nabilaudehعلق مروان مشرقي
(Marwan Misherqi )
على مقالي “شماسي الجبهة تطلق النار على علي سلام” بالكلمات التالية أنشرها كما كتبها الأستاذ مشرقي.
كتب مروان صباح (13 – 01 – 16) وبذلك لا يمكن الادعاء انه لم يكن بكامل قواه العقلية : “كنت اتوقع من السيد نبيل عودة ان يكون على مستوى ارقى من المستوى المنخفض الذي كتب به. هذا البيان البائس يعكس المستوى الذي وصل اليه كتبة البلاط. هذا البيان لم يزد على سلام احتراما وغير جدير بالرد عليه. هنيئا لعلي سلام ولادارة البلدية بهكذا كتبة”
ومروان لمن لا يعرفه محامي نصراوي، عضو في الحزب الشيوعي ونشيط انتخابي في الجبهة وشاطر بالتصفيق والهتاف. كنت أعتبره صديقا واحترمه رغم خلافي مع الطرح الفكري للحزب الشيوعي، طبعا مروان لا في عير الفكر ولا في نفيره.
الحزب الشيوعي عودنا على توجيه الطعنات والتهم لكل من يحاوروه حتى بالعقلانية لأنه يظن ان ما يقرره هي اناجيل مقدسة.. انا اؤمن ان من لا يحترم فكره وعقله هو اشبه بالسمكة الميتة التي يجرفها التيار في طريقه، وهو ما لم اتوقعه من مثقف ويملك عقلا قانونيا مثل مروان مشرقي.. لكن هيهات لمثل هذا التفكير!!
كنت اتوقع ان يكون مروان مشرقي يملك بعض المادة الخام التي تجعل من الانسان قيمة ما ، بدل ترهاته الغيبية وخرافاته الفارغة .. كنت اتوقع ان يظهر مروان كانسان يتقن الحوار ويستوعب واقع جبهته وما ارتكبوه بحق الشيوعيين والجبهويين السابقين واللاحقين، ومقالاتي تكشف الكثير من هذه التفاصيل وهي تملأ المواقع ، لكن يبدو ان فقدان العقل والمنطق اصبح فيروسا سائدا في حزب يمارس الانتحار الذاتي..وهذا الانتحار بارز بفقدان الجبهة لكل مواقعها تقريبا (14 موقعا حتى اليوم) في السلطات المحلية العربية وآخرها في مدينة الناصرة؟ فماذا تبقى للمسكينة حتى تفرح؟
. للأسف نهج الحزب والجبهة هو التنكر لمن انجزوا ابرز ما في تاريخهم الناصع. من المفضل يا مروان ان تكون عاقلا وليس خرقة تمسح اوساخ من لن تنظفهم اشد التركيبات الكيماوية فعالية. اجل واصلوا اطلاق النار من شماسيكم يا اجهل الجاهلين بواقع الناصرة !!
*********
قصة بقلم كاتب البلاط نبيل عودة: صحتين مروان

اختلف جاران على كومة قذارة فعلها مجهول على الحدود المنزلية بينهما. تبادلا الشتائم والاتهامات، متهمين واحد الآخر انه الفاعل لهذا الشيء، بل قال احدهما انه متأكد بأنه إذا أجرى تحليلا مخبريا لهذا الشيء كريه الرائحة سيتبين ان نوع الأكل الذي نتج منه هذا الشيء هو ما يأكله جاره عادة. هدد الآخر بأن يغرق جاره بكل أوساخ بيته ولسانه إذا استمر باتهاماته الباطلة عن مسئوليته عن تلك الكومة ذات الرائحة الكريهة.
تدخل أهل الخير مشكلين لجنة صلح وقرروا ان ينتدبوا ذواق المأكولات الشهير مروان لفض المشكلة بين الجارين.
حضر مروان وسال عن المشكلة. حدثاه، قال ان حلها بسيط وسيفحص لمن هذه الكومة سيئة الرائحة.
أخذوه حيث فعلها مجهول.
التف حول الكومة، تأملها من جميع الزوايا، ركع أمامها، شمها من كل الجهات، ثم تناول قليلا بطرف أصبعه من الجهة اليمنى وتذوق طعم الكومة ذات الرائحة الكريهة والتفكير باد على وجهه، ثم تناول قليلا من الجهة اليسرى بطرف أصبعه أيضا متذوقا ما تناول..
وقف هازا رأسه وقال : أنا متأكد ان هذا الشيء من فعل شخص بائس يعكس المستوى الذي وصل اليه كتبة البلاط عند على سلام أسمه نبيل عودة. وهو غير جدير بالرد عليه. هنيئا لعلي سلام ولادارة البلدية بهكذا كتبة.
سألوه : كيف عرفت؟ هل أنت متأكد؟!
قال: متأكد تماما…لأني انا وجماعتي نأكل منه يوميا منذ وقت طويل!!
nabiloudeh@gmail.com

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

ايران عشية الانتخابات ارقام البطالة المتصاعدة تهدد باسقاط النظام

safielyaseriهدر الاموال وسوء استخدامها والسياسات العشوائية والخاطئة في مضامير المال والاقتصاد والاستثمار والصناعة والمشاريع غير ذات الجدوى كالانفاق الفاحش على النووي وتسليح العملاء في المنطقة العربية واسيا وحماية نظام بشار الاسد ،هي بعض منظومة نشر البطالة بين الشباب الايراني وهرب الادمغة والطاقات الشبابية
وبهذا الشان يقول موقع منظمة مجاهدي خلق المعارضة الايرانية :
لا يمر يوم الا و تتناول فيه وسائل الاعلام التابعة للنظام موضوع البطالة أو تتطرق اليه عناصر ومسؤولو النظام و يبدون خوفهم منه، ولكن لماذا؟
في تقرير حول ما يتعلق بمشروع برنامج التنمیة الخامس وموضوع الاشتغال قالت الشبكة الأولى لتلفزيون النظام يوم 10 يناير الجاري : «الأرقام والاحصائيات الصادرة عن مركز الاحصاء تشير الى أن نسبة البطالة قد زادت عام 2015 بالمقارنة بالعام الذي سبقه وأن 25 بالمئة من سكان البلاد الناشطين من الفئة العمرية 15-24 عاما هم عاطلون عن العمل وأن هذه النسبة من البطالة في بعض المحافظات تسترعي النظر».
وفي محافظات البلاد تتصدر محافظة كرمانشاه قائمة العاطلين عن العمل. وفي مقال تحت عنوان «بطل البطالة في البلاد تعبان من الوعود ولدى كل عائلة في كرمانشاه شابان عاطلان عن العمل» كتبت الصحيفة الناطقة باسم قوة القدس تقول: إن نسبة البطالة بين الشباب من الفئة العمرية 15 -29 عاما في هذه المحافظة 47.4 بالمئة أي يكاد يكون شاب من شابين من كرمانشاه عاطل عن العمل.
وبلغت البطالة في حكم الملالي في ايران حدا حيث لا تدر عوائد للخريجيين الايرانيين حتى أكثر الفروع الدراسية في العالم ايرادا من المال وهذا ما أقر به تلفزيون النظام في حديثه:
«لنلق نظرة الى الاحصائية العالمية لنرى أن ثالث شغل أكثر ايرادا في المال لعام 2015 هو التصميم في البرامج الحاسوبية واجماليا كل الفروع التابعة للحاسوب. وربما بالنظر الى هذه الاحصائيات اجتذب الكثير لهذه الفروع واختيارهم الأول هو مواصلة الدراسة. الطلاب الذين سيتخرجون من الدراسة في يوم ما سيضافون الى قائمة العاطلين عن العمل في ايران ويقال ان فرع الحاسوب في ايران احتل الصدارة في العام الماضي في جدول العاطلين عن العمل وأن نسبة البطالة قد زادت بالمقارنة بالأعوام السابقة. واذا تغاضينا عن عتب الطلاب الذين يقولون ان المواد التعليمية غير حديثة ولا تتوافق مع تطور الساعة ويبدو كأن المشكلة تعود الى مكان آخر في عجلة البحث عن فرصة عمل». (الشبكة الأولى لتلفزيون النظام 10 يناير2016).
الواقع أنه بموازاة التزايد اليومي لتعداد جيش العاطلين، تزداد المخاوف لدى النظام أيضا. ولكن لماذا هذه المخاوف والقلق ازدادت عشية مهزلة الانتخابات؟ يجب البحث عن الاجابة في الطاقة التفجيرية التي يحملها جيش العاطلين عن العمل. تلك الطاقة التي يعترف بها النظام وهي تهدد أمنه وهذا الخطر تتضاعف نسبته عشية مهزلة الانتخابات بأضعاف. وكل طرف في النظام يحاول أن يلقي اللوم على الاخر من خلال الاهتمام بهذه الأزمة في وسائل الاعلام لكي يستحصل لنفسه فائدة انتخابية من جراء هذه الأزمة ولكن الحقائق الصلبة في المجتمع تقول شيئا آخر وتشير الى ارتفاع نبرة الغضب التفجيري لدى الشباب العاطلين عن العمل الذين يشكل الخريجون جزءا كبيرا منهم وهذا ما يزيد من خوف النظام القائم على ركائز الارهاب والتخويف والقمع وانتهاك حقوق الانسان وطامة السلب والنهب .

Posted in فكر حر | Leave a comment

يومي الأول في مدرسة اللغة الألمانية

sinkingpassportفادي جومر

بكامل طفولتي:
جهّزت شطائري، أقلامي، كتابي، ودفتري، ونمت باكرًا، باكرًا جدًا، فغدًا هو اليوم الأول في المدرسة.
لم يغبْ عنّي وأنا ألعب دور الطفل أنني على أبواب الكهولة، ولم تزدني هذه الحقيقة إلا إصرارًا على التماهي مع الدور للآخر، ربما ستكون فرصتي الأخيرة في الحياة لأضحك من القلب، لأشاغب ببراءة، أو أكذب دون خبث.
في الطريق إلى المدرسة تدافعت ذكريات الطرق التي عبرتها عبر سنوات دراستي، الازدحام والهواء الملوث والضجيج، الرعب الهائم في الخيال من عبسات “مدرب الفتوة”، ووجه المدير الذي يقطر سمًّا، الخوف الكامن في العمق من احتمال أن ألتفت إلى صديق أثناء ترديد الشعار المقدس، فخطيئة كهذه قد تكون عقوبتها بضع لسعات من العصا في البرد القارس.
تراكمت جدران المدرسة الرمادية التي تشبه حدّ التطابق جدارن السجن بارتفاعها الشاهق، وحوافها المزينة بالزجاج المكسّر منعًا لهرب الطلاب السجناء، وانفتح في القلب ذلك الباب الأسود الكبير.
حقًا.. ما الذي فعلناه لنستحق طفولة كهذه؟
أنفض رأسي وأعود إلى الطريق الجميل، اللون الأخضر الممتد بلا نهاية على الجانبين، والحياة التي تتسرب رويدًا رويدًا من الأبواب والنوافذ، الهواء البارد النقي يحرّض دورتي الدموية، فتشتغل بأقصى طاقة. أجل أنا مستعد للبدء.
مجددًا:
المدرسة صدمة، والصف صدمة، والسبورة صدمة وجهاز الإسقاط صدمة، ألوان الجدران، اللوحات، المقاعد، تسريحة الأستاذ، ألوان الكتب.. كل شيء مختلف عن كل ما عرفته في حياتي من المدارس. أعود لأنفض رأسي، لستُ هنا لاجترار الماضي، ولكن السؤال يدقّ رأسي كمطرقة: في أيّ جحيم أمضيتُ طفولتي؟؟
أيقظني صوت الأستاذ المبتسم: “غوتن مورغن” وانطلق كالصاروخ..
أحسستُ أن كلّ الجمال والتفاؤل تبخّرا دفعة واحدة، صرت في غيمة من الطلاسم، وضاع حلمي بين الـ “إش” و الـ “إخ” والـ “إس” حتى كدتُ أصرخ هلعًا: “ما الذي أفعله هنا؟ النجدة!!”.
حين بدأ بتعداد الأرقام، شعرتُ بأنني سأفقد كلّ أسناني قبل أن أتقن نطقها. الضغط المضاعف على القواطع لنطق الأحرف الغرائبية سيفقدني القدرة على القضم حتمًا، لن أتذوق التفاح بعد هذا الدرس إلا مهروسًا.
بدأتُ بالتلفّت حولي، كانت الوجوه كلها تائهةً، فالجرعة الطلسمية التي ضخها الأستاذ في رؤوسنا أذهبت ملامحنا كليًا، وبات كل ما فينا عينًا تراقب الساعة بانتظار الفرج، لحظة انتهاء اليوم الأول في نحت الصخرة الألمانية بالإبرة.
مضت الاستراحة الأولى كلمح البصر، ولم تنفع الشطائر ولا القهوة في تخفيف البلاهة التي بدأت تسري في عروقي، ولكنني استجمعت ما بقي من نباهة وعدتُ إلى الصف.
بدأت الجولة الثانية بحذر، كادت عيناي أن تخرجا من محاجرهما من شدّة التركيز، واستحضرتُ كل الأفعال الطيبة التي فعلتها في حياتي عسى أن تشفع لي، وكان أن لاحت في الأفق بوادر الانفراج، وحفظتُ أول كلمة مفردة في اللغة الجديدة، أجل: إنه مشوار الألف ميل.
مع كل مفردة جديدة كنتُ أتخيل دهشة بائع التبغ اللطيف في القرية التي أقيم فيها حين سأطلب منه ما أريد بالألمانية، وتشجيع الموظفة الطيبة المسؤولة عنّي في “السوسيال” حين سأحييها بلغتها أيضًا، بل تمادى الحلم أكثر وتخيلت أنني أترجم لكل اللاجئين الجدد في القرية، واستمتعت حتى بنظرات الطمأنينة في عيونهم. يومًا ما، سأكتب عن درسي الأول باللغة الألمانية، وسيضحك الألمان معي.

*فادي جومر: شاعر سوري

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment