تعيش العشوائية في ظل الغوغائية

girl_transcript_pulloutفي معظم بلدان الدنيا،ماعدا العراق طبعا، البرلمان هو اعلى جهة رقابية ومهمة اعضاؤه مراقبة اداء الحكومة واستجواب أي مسؤول حكومي لايؤدي واجبه بشكل كامل.
لانريد ان نصل الى مرحلة السويد حيث قدمت احدى الوزيرات استقالتها لأنها استعملت البطاقة النقدية المصروفة لها من الحكومة في تعبئة سيارتها بالبترول،ووجه لها البرلمان تنبيها شديد اللهجة رغم انها اعادت المبلغ الذي صرفته في اليوم التالي مما اضطرها الى تقديم استقالتها فاراحت نفسها واراحت الاخرين.
هذا النموذج بعيد عن جغرافية العراق من شماله الى جنوبه وحين يسمعها احد المسؤولين(الخضراويين) سيقول انها من القصص الخرافية التي تنتمي الى الاساطير السومرية.
اسوق هذه المقدمة وانا اتطلع الى ظاهرة العشوائية واحتلال مساكن الناس في غيابهم.
*هناك مليون ونصف المليون يسكنون في بيوت عشوائية على اطراف بغداد.
*هناك اكثر من مليونين يسكنون في بيوت ليست من حقهم في معظم المحافظات.
*هناك اكثر من مليون لم يجدوا بيوتا فحملوا (التنك) الى الصحراء ليعملوا منها بيوتا يستظلون بها.
*كل هؤلاء وغيرهم لايريدون الكهرباء ولا الماء الصالح للشرب،فقط ان يتنازل عضو البرلمان ليزورهم ويقدّم لهم الحل الامثل.
يتساءل الكثيرون منهم ماذا يفعل البرلمان ونحن نعيش هذا الوضع المزري؟يجيبه البعض :انهم لاهين في ضبط حساباتهم المصرفية استعدادا للرحيل في الوقت المناسب.
الذي ظهر على السطح هو سرقة 166 مليار دولار سرقت خلال السنوات الماضية وهي تبني الآف البيوت في طول العراق وعرضها،انه مبلغ لايستهان به فهو يعادل ميزانية الدول العربية ماعدا الدول النفطية في الخليج.
شعار(آنه شعلية)هو المسيطر على قبة البرلمان.فهم مثل القطط السمان.فطورهم وغذائهم وربما حتى عشائهم تحت هذه القبة والكثيرون منهم يحملون مالذ وطاب من هذه القبة الى بيوتهم فلماذا اذن “يدوخون”رؤوسهم في سفاسف الامور.
السارق لايمكن له،ماعدا زورا،ان يقدم مساعدة لمن انتخبه بل هو اصلا استمات من اجل الحصول على كرسي البرلمان لينعم في الخيرات التي حرم منها طيلة عمره فهل بعد هذا يتنازل،بعد قضى عمره يبيع الفلافل، ويصافح او يربت على كتف من انتخبه ويقول له سأجعلك تعيش عمرك الحقيقي؟لا ابدا بل سيقول له :صبرا فمثواك الجنة.
كلما تلتقي باحدهم سيقول لك لنهزم داعش ثم نتفرغ للقوم وهي كذبة كبيرة وكبيرة جدا بل ومفضوحة والكل يعرف ذلك.
اذا كانت السياسة في العراق هي سرقة الناس فقد حان للمرجعيات ان تعالج ذلك ولا نعتقد انه امر جلل اذا ارادت ذلك.
ارجوكم لاتلوموني اذا قلت ان مرجعياتنا تقف الان متفرجة رغم اني اسمع اصواتا تصرخ ان المرجعيات خط احمر.
ليكن هذا الخط احمر او اصفر او بنفسجي المهم ات تسعى الى حل مشاكل هؤلاء الفقراء بعد ان عجزت عن حلها حكومة الصعاليك وبرلمان آخر زمان.
لا ادري من اصدر فتوى تحريم دخول رجال الدين غمار السياسة ولو دروا ان الامر سيصل الى حد هوان العراقيين لما اصدروا مثلها.
ولكنهم لم يعلموا ان هذا اليوم سيأتي ومع هذا فكل الفتاوى الدينية قابلة للنقض والتعديل من اجل مصالح الناس.
المسؤول الديني الذي يعرف السارق ولا يفعل شيئا فهو شريك السارق في جريمته،اما قالوا الساكت عن الحق شيطان اخرس.
لينبري لي احدهم،شيعيا كان ام سنيا،ليقول ماذا فعلوا مع هذا الشعب الغلبان؟حينها سأكسر “الكي بورد” واعتزل الكتابة.
ميزانية اسبانيا من واردات السياحة تعادل ميزانيات كل الدول العربية وهي بلد كافرة لها ملك قدموا ابنه وزوجها للمحاكمة بتهمة الرشوة والفساد مؤخرا.
ولعلي شديد الوثوق من القول ان واردات كربلاء والنجف تعادل وحدها ميزانية اسبانيا ولكن لعن الله الطائفية والمحاصصة وادمان الدولار الذي اوصلنا الى هذه الحال.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.