الحياة العامة في الأردن-1978-1988

jihadalawna

أيام ﺯ-;-ﻣ-;-ﺎ-;-ﻥ-;- التلفزيون كان بلونين أبيض وأسود, وكانت برامج الأطفال الفيلم الكرتوني(سندباد) سندباد تاجر من بغداد هو وعلي بابا والعم علاء الدين وياسمينه الأميرة التي مسختها الساحرة إلى عصفورة, كنت نجلس أمام التلفاز دون رياء ولم نكن نشاهد التلفزيون إلا بعد الساعة السادسة مساء ويوم الجمعة من ال 10 العاشرة صباحا وفي رمضان من الساعة ال2 الثانية ظهرا أو كما يقال مساء, أما الراديو فلم يكن يسكت لا في الليل ولا في النهار كانت لمة الأطفال فيها البهجة والسرور ولم تكن كل الناس تملك تلفزيون في بيتها, احنا مثلا كان في عندنا تلفزيونات 3 في البيت 2 أبيض وأسود وآخر ملون ألماني 40 بوصه وكان حجمه كبير وبقي عندنا مدة طويلة حتى بعد ما خرب تحول إلى مطوى نطوي عليه الأغطية اللحفة والحرامات وتم إتلافه فقط منذ 10 سنوات تقريبا أو أقل على حسب ما اذكر ..وما كان في حدى من أهل الحارة عندهم ولا حتى تلفزيون واحد وأغلب الأطفال كانوا يأتوا إلى بيتنا لمشاهدة كرتون الأطفال وكانت أمي تتعب كثيرا بسبب كثرة الضيوف وكانت تقول لجدتي رحمها الله: أنا ما بديش تلفزيونات يلعن أبو اللي اخترعهن.
وكان العشاء خفيف جدا عبارة عن جبنة بيضاء وبندورة مسطحة بالسكين ولم نكن نعرف الحمص مطلقا, كان صحن الحمص قد دخل قريتنا هو والفلافل في منتصف الثمانينات وأول من أدخله المصريون إلى قريتنا والأردن كله رغم أن المصريين لا يأكلون الحمص مطلقا بل الفول ومعه الطعمية وكان في بلدتنا مطعم واحد لصناعة الفلافل ومن ثم صار يصنع الفلافل وبعد لك الحمص وقد تأثرنا بالحمص من لبنان وإسرائيل أولا حيث هم من يملك براءة اختراع صحن الحمص في بلاد الشام, بعدها أو لنقل قبلها كان فطورنا عبارة عن زيت وزعتر ولبنة مدحبرة وشاي ولكن بعد دخول الحمص والفلافل تراجع صحن زيت الزيتون والزعتر واللبنة وترك المجال لصحن الحمص والفلافل ومن بعده الفول, وحتى اليوم يفطر 95% من الشعب الأردني على الحمص والفلافل وأحيانا الفول غير أن الفول في البيوت لا يتواجد بكثرة كما هو بالمطاعم.

ولم يكن في بيتنا ولا في بيوت الجيران الاختراع المذهل الذي كانوا يسمونه المروحه, كنا في القرية عندما يحل العصر نخرج من بيتنا للجلوس في قاع الدار تحت الدالية أي دالية العنب ذات المُعرش الكبير أو تحت ظل التينة أو شجرة الزيتون الرومية طبعا كلُ حسب ما ببيته, أما نحن فكنا نجلس تحت معرش الدالية, كنا لا نعرف أيضا ماتور الماء, كنتُ أنا أو أمي أو أبي رحمه الله ننشل الماء من البير بواسطة الدلو والدلو كان مصنوعا إما من الكاوشوك وإما من الحديد حيث كنا نملء الدلو الكبير بواسطة الدلو الصغير ومن ثم نسكب الماء تحت معرش الدالية ونقوم بالشطف للتنظيف لكي نفرش الحسيرة والفرشات, ولم نكن ندخل البيت في أيام الصيف لننام به كنا نمضي طوال الليل تحت دالية العنب حتى ننام وكنا نستمتع بالنوم رغم أننا لم نكن نملك المروحة, كانت أغلبية البيوت مصنوعة من الحجر والطين ولم تكن بيوت الإسمنت المسلح معروفة بكثرة إلا ما ندر, وكان بفناء بيتنا غرفة من الإسمنت المسلح ولكن لم نكن ندخلها بالصيف أبدا لشدة حرارتها المنبعثة من هدرجة الماء والرمل والإسمنت , كنا ننام نومة واحدة حتى تطلع علينا الشمس قبل أن نتعارف على المراوح, كانت الحياة جميلة جدا, كنا نستيقظ على صوت جدتي وهي تغتسل من أجل أن تؤدي صلاة الفجر قبل أن يعرف الضوء طريقه إلينا.

ولم يكن يسمح المعاليم في المدارس لنا بأن نكتب بقلم الحبر, كنا ننتظر أن ننتقل إلى الصف السادس لكي يسمح لنا بذلك وكما قال الفيلسوف: حين يكبر الإنسان يكتب بقلم حبروليس بقلم رصاص لكي يتعلم أن محو أخطائه لم يعد سهلا.

ولم يكن أيام زمان يحق لكل فرد من أفراد الأسرة بأن يحمل بيده ساعة, كانت ساعة واحدة في البيت ولم نكن نعرف لها جيدا, أما نحن فقد كانت في بيتنا ساعتان واحدة أمام أبي بجانب سريره والأخرى تلبسها أمي بيدها وما زلت أذكر لونها حتى اليوم كان لونها فضيا لامعا جدا وكنا نسأل أمي: كم الساعة؟ فتجيب بسخرية: الساعة قد إمبارح(البارح) قد اليوم, فكنا نعيد ونسأل ونتولول ونقول: ول ول ول ول يا يمه قديش الساعه؟ شو يعني قد إمبارح قد اليوم؟ فتقول لنا عنها, وكنا ننبسط عند الإجابة عنها وكنا نسأل عن الساعة فقط لنعرف كم تبقى على موعد افتتاح التلفزيون.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.