ابكي على الحيران لو جفت دموعه

iragisomeriانها فعلا حيرة تلف العراقي وهو يرى بعض مواطنيه غارقين في الفساد بكل اشكاله.
هل من المعقول ان هذا العراقي كان يتحين الفرصة ليكون فاسدا اخلاقيا وعديم الشرف ويضحك في سره من هولاء الذين يتشدقون بحب الوطن ؟.
ويبدو ان هولاء كانوا يتسترون بغشاء الطهارة والورع تحينا للفرصة التي اتتهم في عقر دارهم.
كنا نفتخر ومعنا هولاء حين نقف ونحن على وشك عبور شارع عام احتراما لتنزيل العلم في وقت المغرب.
كان الشعب كله من اقصى محافظة الى اقصى محافظة يقف احتراما لهذا ،اما العسكري وحين يكون في مكان عام فانه يوءدي التحية للجنازة العابرة، انه تقليد لم يفرضه سوى حب العراق .
ترى اين ذهبت دروس التربية الوطنية التي كانت تدرس في المدارس وتتم تفضيلها على الكثيره من الدروس المهمة الاخرى؟.
وحين نكبر لم يخطر ببالنا ان المسوول الكبير يمكن ان يكذب ، واذا حدث فاننا نلقي باللوم على الاخرين.طيلة عشرة سنوات ونحن نعيش الفساد بكل اشكاله حتى بات بعضنا يراه جزءا من حياتنا اليومية وبدونه لاتستقيم الحياة.
وللعزاء يقول البعض :دعهم يسرقون وينهبون ويغشون ولكن لايكذبوا علينا مثل هذا الكذب الفاضح معتقدين اننا مازلنا في مرحلة الحبو ومن السهولة ان تنطلي علينا اكذوباتهم.
تصوروا ان نايب ريس الجمهورية افتتح جلوسه على الكرسي بكذبة لم تنزل بها ايه ولم يدعمها دليل ولم يسعفها الا التخبط في كهوف الجهل.
حين تم تنحية سعادة ريس الوزراء نوري المالكي وجد نفسه ابتعد كثيرا عن الاضواء وكان لابد،رغم انه استلم منصب نايب ريس الجمهورية،ان يظهر للناس ويثبت وجوده مخافة النسيان وهو الذي قاد البلد الى العز والاستقرار والامان طيلة عشرة سنوات ماضية.امس خرج علينا بتصريح الغاية منه حين قراءته ان نتعلم اللطم ليس بايدينا ولكن بقباقيب تشبه قباقيب غوار الطوشي ونضرب بها اما رووسنا او حيطان سجننا في البيت.
استهل تصريحه الخرطومي،مستقاة من خرطوم الفيل الذي يطير،ع بالقول:
نهنئ الشعب العراقي على ماحققته القوات الامنية والحشد الشعبي وأبناء العشائر من انتصارات على عصابات داعش الاجرامية في قرى ومدن ديالى وصلاح الدين وطوز خرماتو ومحيط آمرلي وذراع دجلة وجرف الصخر”.
بلعناها وسكتنا وقلنا اننا خبراء في تصفيط الكلام.
ولكننا لم نستطع ان نبلع الثانية التي قال فيها.
أن “عصابات داعش الارهابية بدأت تنسحق في منطقة بعد اخرى وقرية بعد قرية وتتقهقر بفعل ضربات قواتنا الامنية “،و ان “العد التنازلي للقضاء على عصابات داعش بدأ منذ يومين”.
الله ،الله على هذا الكلام الحلو الذي لايجد سوى تفسير واحد وهو ان قواتنا لم تبداء عملياته الا قبل يومين تاركة داعش تقتل الالاف وتهجر الملايين من اول من احتلالها للموصل وتفرجت عليه وهو يحتل عشرات القرى والمناطق السكنية بانتظار ان تبداء ساعة الصفر حتى تبداء صولات الفرسان.
ياناس منذ يومين فقط استهلت قواتنا عملياتها العسكرية؟ ام نايب ريس الجمهورية يمازحنا بمناسبة عيد الفطر المبارك؟.
ولابد لخاتمة التصريح ان تستضيف قليلا من توابل العنتريات المشهورة في اسواق العشار بالبصرة والكاظمية وسوق مريدي في بغداد.
فقد قال حفظه الله ورعاه ان “العراق سيكون مقبرة لهم وسيبقى يحتفظ بأمنه وسيادته التي لا يمكن التفريط بها، وسيبقى سيداً مرفوع الرأس ويملك شعبه كامل ارادته وسيادته حتى تطهير اخر شبر من ارضه الطاهرة التي دنسها الظلاميون ومن يقف وراءهم “.
ماذا سيكون الاختلاف حين ننقل هذه الفقرة الى صايب عريقات الناطق الرسمي لمنظمة او ننقلها الى المعلم في سوريا او جعجع في بيروت؟ الاتكون هي،هي، نفس الفقرة التي تحتفل الان بعيد ميلادها الخمسين؟.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.