طفل لن انساه…ومقابلة على الرصيف

طفل لن انساه…ومقابلة على الرصيف

مارثا فرنسيس

رأيته…. يجلس وحيداً على الرصيف
في ذبول وحزن .. مظهره غير نظيف
نظرت في عينيه …… تألمت , تمزقت
حزن عميق ..إنكسار … رغماً عني ..بكيت
كأن كل هموم الدنيا قد وضُعت على كتفيه
أو كأنه شيخ كبير قد أحنى الحِمل كتفيه
تأملته …… عيناه لاتعرف الإستقرار
تائهة يميناً ويساراً …بدون هدف أو قرار
راقبت حزنه .. فوجدته عميقاً كالبحار
وكأن دموعه بركان ….. ينوي الإنفجار
إقتربت منه .. لم يلاحظني .. لم يشعر بي
وجدت نفسي بتلقائية أخاطبه …صباح الخير
رفع نحوي عينيه بجهد …. كمن يرفع جبلا ً ثقيل
حاولت…. ان أفهم تعبيرات وجهه الجميل
جميل الملامح رغم سحابة الحزن الثقيل
لم يبتسم .. لم يقف … فقد كان جسمه هزيل
وكأنه لم يعرف أبدا معنى الإبتسام, معنى السلام
سألته عن اسمه … أجابني.. فعَرٍفته بإسمي
إقتربت أكثر منه وبكل حنان وضعت يدي على كتفه
إنفجر البركان .. بركان الدموع … بركان الآهات
ماذا فعلت ؟ هل آلمتك هل تعاني من كسور ؟
هكذا سألته بخوفِ….بشعور الأم نحو طفل صغير
أجابني الطفل الذي سيبلغ التاسعة بعد شهور
لا (ياست هانم ) بالعكس فأنا إنسان مكسور
لمستني أيادِ بلا عدد …بلا سبب كانت تهينني
كأني لست إنسانًا ولا حتى حيوان فالحيوان يُدلل
لكن هذه اللمسة غريبة ، ليس بها القسوة التي عرفتها
بل أنا لم أعرفها قبلا ولم أدرك احتياجي لها إلا بعد أن ذقتها
سألني .. ماذا تريدين مني ؟ ماذا تريدين ؟ أراكِ تختلفين !!
كانت إجابتي بسيطة وحقيقية …. أنا أحبك واريد أن اسمعك
حدّق بعينيه غير مصدق .. وكانت عيناي مشجعة له بصدق
قال ليس لي بيت ولا اهل … احتاج للحب أشتاق للدفء
اصبح بيتي الشارع ، ليس لي سقف أو جدران أو أهل
أليس من حقي أن يكون لي أب مثل الآخرين أو أم ؟؟
الا يحتاج من كان مثلي للأمان ، الا يحتاج للنوم والأحلام؟؟
لم أعرف لي أما أو أبًا ، تركوني رضيعاً ….للضياع والُيتم
احتاج حضن أم ، ورعاية أب ، أحتاج أن يكون لي بيت وأهل
كيف استمر هكذا ، كيف أعيش بل أموت بهذا الشكل
ليس لي حاضر ولايبدو هناك مستقبل ماذا أفعل ؟
أسمع عن عائلات بدون أولاد هل هذا صحيح ؟
أجبته … نعم يابني هذا صحيح ….جداً صحيح
هل لي أن أكون إبناً لمن ليس لهم أولاد ؟ ألا يكون هذا مريح؟

هل لديكم حلّ ؟ ماذا يفعل ؟

مثل لواحد من أطفال لهم أباء وأمهات إنصرف كل منهم لملذاته وترك فلذات أكباده

محبتي لأطفال الشوارع

ولكم أيضاً

Posted in فكر حر | 1 Comment

بشار الأسد: هذا الشبل من ذاك الأسد!!

بشار الأسد: هذا الشبل من ذاك الأسد!!

وفاء سلطان

قالوا لي بأنّك طبيب، فقررت أن أصدّق الكذبة!
قالوا لي بأنّك قضيت تسعة أشهر في التحصيل العلمي الطبّي في جامعات ومستشفيات بريطانيا، فقررت أن أصدّق الكذبة، علما بأنّها كانت أكبر!
قراري بتصديق تلك الأكاذيب لم يكن وفقا لقناعاتي الطبيّة ولا منسجما مع أمانتي العلميّة، أعترف بذلك! لكنّه كان قرارا اضطراريّا ولم يكن لديّ خيارٌ غيره.
********
تاريخ والدك، ياسيّدي الرئيس، غنيّ عن التعريف. ولكنك لا تستطيع أن تقرأ ذلك التاريخ بنفس الطريقة التي تقرأه بها وفاء سلطان، التي شبّت في ظلّ حكم والدكم المفدّى!
سنة 1985 كنت أحد أعضاء لجنة فحص الموظّفين الطبيّة في مدينة اللاذقيّة. كنّا ثلاثة أطباء، الرئيس وعضوين.
أحد الأيام غير المباركة دخل موظّف اللجنة الى غرفتنا نحن الأطباء وهو يرتجف، وبصوت مبحوح قال: هل تعرفون من هنا؟
لم يكن رئيس اللجنة قد وصل بعد، فتساءلت وزميلي العضو الآخر: من؟!!
ـ اخت الرئيس حافظ الأسد! تريد توقيع وثيقة ما، اياكم أن تطالبوا بفحصها، أنصحكم بتوقيع الوثيقة على بياض!
وركض مسرعا ليعود الينا بالسيدة عمتك.
امرأة قصيرة مربوعة القامة، لا يتجاوز طولها المتر. تنظر الى وجهها فتراه صورة فتوكوبيّة عن وجه السيد والدك!
لم يكد بصري يقع على ملامح ذلك الوجه حتى سرت في جسدي قشعريرة ارتعشت لها كلّ مفاصلي! وهمست في سرّي:
ـ يا إلهي! إنّه هو بشحمه ولحمه!
الدكتور صلاح عجّان من أهذب الأطباء الذين قابلتهم في حياتي وأرفعهم خلقا. ينتمي إلى عائلة من عوائل اللاذقيّة المشهورة بسمعتها الطيّبة وبحب أفرادها للموسيقا وابداعهم بالعزف على العود.
وقف الدكتور صلاح بلمح البرق وسحب لها كرسيّا:
أهلا بك ياخالة! تفضّلي بالجلوس!
جلست السيّدة عمتك، فتابع الدكتور صلاح:
أنا والدكتورة وفاء ـ مشيرا اليّ ـ سنوقع لك الوثيقة، ولكن الدكتور رئيس اللجنة قد تأخر اليوم وسيكون هنا في الحال!
فأشارت برأسها موافقة، دون أن تنبس ببنت شفة.
لم يمض على هذا الوضع سوى دقائق خلتها ساعات حتى دخل الموظف ليرى ماحدث.
عندما عرف بأننا ننتظر رئيس اللجنة قال لنا: لقد أرسلنا الوثيقة الى بيته كي يوقعها أولا والآن لاتحتاج إلاّ إلى توقيعكما.
ولم يكد ينهي عبارته تلك حتى انتفضت تلك السيّدة كالوحش الكاسر، وقفت قبالة الدكتور صلاح وقد وضعت كفيّها على خصرها وجعرت ككلب أصيب لتوه بطلقة:
ولك ياحقير نطرتني عالفاضي؟!! أنت بتعرف من أنا؟!! وخبطت بقدمها على الأرض، ثم تابعت:
أنا الله ولاك!! أنا الله ولولا يقولوا جنت لمسحت فيك الأرض!
هل صحيح بأنّكم الله ياسيّدي؟!! لكنّ الله لايمسح بعباده الأرض!!
********
لم يكن الدكتور صلاح هو المواطن السوري الوحيد الذي مسحت به “عائلتك الكريمة” الأرض. فلقد توقّف ابن عمك الميمون، والمعروف “بنبل أخلاقه” فواز الأسد يوما آخر غير مبارك في مدينة بانياس، المدينة التي ولدتُ وترعرت بها، في طريقه من اللاذقيّة الى دمشق. دخل المقهى الوحيد في تلك المدينة الهادئة والجميلة، حيث يجتمع رجال الحي بعد انتهاء العمل ليتسامروا، علّهم يخففون من أعباء الحياة التي فرضها العيش في ظل السيّد والدك.
دخل وعصابته مدجّجين بالسلاح وصاح بالحضور:
اوقفوا ياعر……..ات وإلاّ خرطشتكم بالرصاص!
وقف الرجال مذعورين، فصاح:
اقعدوا…….اوقفوا…….اقعدوا…….اوقفوا…..اقعدوا.. واستمر في جعيره، وحراسه يحيطون به شاهرين أسلحتهم، حتى ملّ. خرج مومئا لزبانيته فتبعوه.
********
مرّة اخرى أعود لتجربتي كطبيبة في لجنة فحص الموظفين. حدث ذلك في الفترة التي غضب به السيّد والدك على عمك ملعون الذكرـ السيّد رفعت ـ بعد أن تهاوشا على المصالح والمطامع والغنائم!
اتصل الدكتور محمد معروف بدر ـ الله لا يذكره ولا يذكر أمثاله بالخير ـ مدير صحّة اللاذقية، بالطبيب رئيس اللجنة التي كنت أعمل بها وأمره أن يرسل الطبيبة العاملة باللجنة ـ أي حضرتي ـ الى بيت رفعت الأسد لفحص إحدى “بعلاته” والتأكد من صحة التقرير الطبّي الذي منحها حق التغيّب عن وظيفتها كمعلمة للمرحلة الابتدائية لأسباب صحيّة.
وكانت البعلة المقصودة السيّدة سلمى مخلوف ابنة عم السيدة “الاولى” انيسة مخلوف!
وهنا قد يستغرب القارئ ويتساءل: وهل سلمى مخلوف، زوجة رفعت الأسد وابنة عم السيدة “الأولى” أنيسة مخلوف، تشتغل معلمة للمرحلة الابتدائية، وراتب المعلمة في ذلك الوقت لم يكن يتجاوز الألف ليرة سورية؟!!
لم يكن استغرابي أقلّ من استغراب أيّ انسان يسمع بهذا الكلام، ولكن عندما شرح لي أحدهم السر تلاشى استغرابي.
كانت زوجات رفعت ومن لف لفيفهن يشتغلن بالاسم وليس بالفعل في الكثير من وزارات الدولة وتتقاضى الواحدة منهنّ اكثر من راتب من أكثر من وظيفة، وهي تجلس بالبيت. عندما تم الخلاف بين شلة اللصوص، تظاهر السيّد الوالد بحرصه على احترام القانون! فأمر بعودتهن الى وظائفهن كي يضيّق الخناق على أخيه رفعت!
*********
ركبت سيارة مارسيدس كان يقودها أحد الشبيحة، نقلتني من مركز اللجنة المقابل لمبنى مديريّة الصحة إلى حيّ الأمريكان في مدينة اللاذقيّة.
لا أستطيع أن أصف مشاعري في تلك اللحظة! كلّ ما أتذكره إنني همست في اذن إحدى الموظفات: سلمي على زوجي وقبّلي لي مازن وفرح!
وقفت بنا السيارة أمام بناية من ست طوابق، حيث أحيط المبنى بالكولبات العسكرية.
كانت خادمة تنتظرني على البوابة، ثم رافقتني الى الطابق الرابع حيث تقيم السيدة مخلوف.
ألقيت عليها التحيّة بصوت خافت يكاد لايسمع ومددت يدي مصافحة فمدت يدها، وهي ماتزال جالسة على كرسي هزّاز، وأومأت اليّ كي أجلس على الكرسي المقابل.
كنت طبيبة غرّة وفي مقتبل العمر، لم تكن تجارب الحياة قد علمتني بعد كيف أتصرف في مواقف كهذه. جلست وأنا أرتجف، وبصوت منكسر قلت:
سيدتي! لقد أمرني مدير الصحة بالقدوم لتصديق التقرير، ولكنني متأكدة من صحته. ثم ذيلته أمامها بتوقيعي، فردّت:
لايهم.. ليكن مايريد هؤلاء الخونة! واعلمي ياحضرة الدكتورة بأن راتبي الشهري لايشتري لي هذا الحذاء، مشيرة الى حذائها الذي رفعته حتى حاذى وجهي!
ـ أعرف.. أعرف ياسيّدتي! ثم وقفت وهممت بالخروج، فوقفت وأشارت بيدها الى مائدة من الحلوى والفواكه تتوسط الغرفة:
ـ تفضّلي وتناولي بعض الحلوى!
بطرف عيني رأيت من ضمن مارأيت طبقا من الموز. وكانت قد مضت أكثرمن ثمان سنوات على عدم وجود موزة واحدة في الأسواق السوريّة.
في إحدى المرّات أقسمت لي معلمة ابتدائي بأن طلابها لايعرفون تسمية الموز عندما يرون صوره في الكتاب!
تمنيت في تلك اللحظة أن أتجرأ الى الحدّ الذي يمكنني عنده من أن ألتقط واحدة منها وأحملها في حقيبتي نصفها لمازن والنصف الآخر لفرح، ولكن كرامتي المجروحة حالت دون ذلك فخرجت وأنا أتمتم: شكرا شكرا عليّ أن ألحق بالوقت!
*********
راتب زوجة عمك ياسيّدي الرئيس لايكفي لشراء حذائها، ولكن يكفي لشراء موز وحليب لطفليّ!
أنا طبيبة، ياسيّدي الرئيس، والطبيب في بلاد العالم التي تحترم نفسها يعيش في وضع يليق بانسانيّته! لاشكّ بأنّك لاحظت ذلك وأنت تتلقّى علومك الطبيّة في مستشفيات بريطانيا (!!!).
هناك مثل انكليزي يقول: لاتستطيع أن تحاور رجلا له بطن وليس له اذنان!
لقد التهمت بطونكم الموزة بقشرتها!
كيف سأحاوركم؟ لكم بطون وليس لكم آذان!!!
*********
في منتصف الثمانينات وصلت الأوامر الى جميع المحافظات للقيام بمهرجانات شعبيّة على كافة المستويات احتفالا بذكرى إعادة انتخاب السيّد والدك.
في جامعة اللاذقية قام بعض رجالكم باطلاق النار تعبيرا عن الفرح. أصابت رصاصة طائشة أحد الطلاب فقتلته على الفور.
شاءت الأقدار أن يكون ذلك الطالب من عائلة فقيرة جدا، وهو وحيد والديه.
في زيارة الوفد الطلابي الذي نظّمها اتحاد الطلاب في الجامعة للقصر الجمهوري أو “قصر الشعب” كما يحلو لكم أن تسمونه، في تلك الزيارة أخبروا السيّد والدك بالحادث وشرحوا له ظروف عائلة ذلك الطالب الضحيّة، أملا في أن يأمر لعائلته ببعض التعويض المادي.
كانت صدمتهم كبيرة عندما أجاب ببرودة أعصاب، لايستطيع أكبر مجرم في العالم أن يبديها أمام حدث كهذا، أجاب:
ـ ماالقضيّة؟!! لم يكن الطالب الوحيد الذي استشهد، فلقد مات مواطن في الحسكة وآخر في حلب وثالث في.. وفي مناسبة وطنيّة وقوميّة كهذه ليس قضيّة كبيرة أن يستشهد بعض الناس!
عاد الوفد بخفّي حنين وبحرقة قلب وانكسار نفس!
*********
سنة 1986، وخلال دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي استضافتها مدينة اللاذقيّة، كنت وزوجي وأطفالي خارجين من مسبح أفاميا عندما تناهي إلى سمعنا صراخ امرأة تستجير بالحجر!
التفتنا الى مصدر الصوت وإذ بسيارة مارسيدس سوداء تقف وقد ترجل منها شاب وراح ينهال ضربا على امرأة ترتدي أسمالا بالية ويركلها برجليه، والدم ينفر من كل بقعة في جسدها:
ـ دخيلكم..أتوسل اليكم أن تنجدوني..
تجمهر الناس، هذا ينظر بألم وذاك يحاول أن يغطي عينيه بيديه، دون أن يتجرأ أحد على الإقتراب لحماية تلك المرأة المسكينة.
سألت أحد المارة بعد أن أعياني مارأيت:
من هذا الرجل ولماذا يضرب تلك المسكينة؟!!
ـ إنّه هارون الأسد وعصابته، وهي امرأة فقيرة متسولة تسأل المارة عن بعض النقود. عندما رآها انقضّ عليها بحجة أنها تسيء الى وجه سوريّة السياحي!!
*********
ماأكبر شهامتكم ياسيّدي الرئيس!!
امرأة فقيرة متسوّلة تسيء الى وجه سوريّة السياحي، أمّا جرائمكم فلا تسيء الى وجه سوريّة الحضاري؟!!
يقول شكسبير: أنت عظيم عندما تملك قوّة الأسد، ولكنّك مجرم عندما تستعملها كما يستعملها الأسد.
لقد امتلك هارون الأسد قوة الأسد، لكنّه استعملها كما يستعملها الأسد!
إنّه مجرم!!
*********
أهكذا يعالج الفقر بالضرب واللكم والإعتداء على حرمة الناس؟!!
عندما مات “العقيد الركن الفارس البطل الشهيد الدكتور المهندس” باسل الأسد اثر حادث سيارة، كتبت الصحف الغربية عن أرصدته التي تجاوزت الأربع بليون دولار في بنوك سويسرا، والتي رفضت السلطات السويسريّة لأي من أفراد اسرته بنقلها الى حسابه، بحجة أنه لم يكن متزوجا وليس لديه أولاد كي يرثوه ولم يترك وصية لأحد من بعده!!
وصلت غطرستكم الى الحدّ الذي لاتصدّقون عنده بأن الموت قادر على أن يحصدكم!!
أربعة بلايين دولار، جمعها المهندس باسل بعرق جبينه دولارا دولارا من المشاريع التي هندسها للوطن الأم، أربعة بلايين دولارا ذهبت هباء الريح!!
أربعة بلايين دولار كانت كافية لغسل فاقة ثلاثة أرباع الشعب السوري التي ترزح تحت خط الفقر المدقع!!
ثلاثة أرباع الشعب السوريّ ترزح تحت خطّ الفقر المدقع، لكنّها مازالت تهتف، وفوق رقبتها يعلو حذاؤكم العسكري:
بالروح.. بالدم نفديك ياحافظ!!
********
في زيارتي الأخيرة للوطن التقيت بأحد اصدقائي القدامى، وأثناء الحديث تطرقنا الى قطعة أرض كان يملكها وينتظر كي تتحسن أحواله كي يبني عليها بيت العمر. غصّ بالبكاء وقال:
تفاجأت أحد الأيام بشخص يخابرني ليسأل عن المشروع الذي بدأته على تلك الأرض، فسألته: أيّ مشروع تقصد؟ أنا لم أبدأ بعد بمشروعي!!
ـ ولكنني رأيت هذا الصباح العديد من آليات الحفر والجرافات والعمال!!
وبسرعة البرق استقليت سيارة اجرة وكنت هناك لأفاجأ بالمنظر الذي وصفه لي ذلك الشخص. اقتربت من سائق جرّافة وصرخت في وجهه:
ـ قف.. قف ماذا تفعل يارجل؟ إنّها ارضي.. إنّها ارضي!!
توقف السائق ونظر اليّ مستغربا وكأنه أدرك اللعبة:
ـ بل إنّها أرض جميل الأسد وقد كلفنا ببناء مشروع عليها. أنا آسف ياسيّدي.. أقدّر احساسك ولكن لاشيء بإمكاني أن أفعله!!
اتصل صديقي بمحام مشهور وخبير بتلك القضايا، ولكن المحامي اعتذر اذ لاشيء بامكانه أن يفعله!
والآن صديقي ينتظر، وهو مازال متمسكا بسند التمليك، ويأمل أن ينتهي كابوسكم كي يستعيد امتلاك حقه المسلوب!
متى سينتهي هذا الكابوس ياسيادة الرئيس؟!!
********
أبو أحمد ضابط سوري ذو رتبة عالية زجّه السيد والدك في السجن لمدة ست سنوات دون أيّة تهمة. في أحد المرات تقدم بطلب للحصول على سجل عدلي. سأله طفله ذو الثمانية أعوام:
بابا لماذا كتبوا في سجلّك العدلي “لاحكم عليه” ولم يكتبوا سُجن لمدة ست سنوات؟!!
فردّ ابو أحمد:
يابني، الست سنوات تُكتبُ في السجل العدلي لحافظ الأسد وليس في سجليّ!
سيديّ الرئيس!
اذا أردنا أن نكتب في سجّل والدك العدلي كلّ السنوات التي ضاعت من عمر الشعب السوري، سيدخل كتاب جينيس للأرقام القياسيّة كمرتكب أكبر عدد من الجرائم!
********
ماذكرته ليس الاّ غيضا من فيض ما عاشته مواطنة سوريّة واحدة، ما رأيك لو أردت أن أذكر ما تعرفه بقيّة العشرين مليون سوريّ؟!
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن:
هل يعقل بأن الانسان الذي يعيش ويتربّى ضمن هذه الطغمة الموبؤة الملوثة والمشوّهة أخلاقيا وضميريّا لديه الملكات العقلية اللازمة والكافيّة لدراسة الطب، ناهيك عن قيادة بلد تمّ تدميره كليّا وعلى مدى قرابة أربعين عاما؟!!
هل يعقل إنّ الانسان الذي يمت بصلة لحافظ الأسد أو رفعت الأسد أو السيّدة عمتك أو السيّدة أنيسة مخلوف أو سلمى مخلوف أو السيّد فواز الاسد أو السيّد جميل الأسد أو السيّد هارون الأسد، هل يعقل بأن الانسان الذي يتربى في حظيرة هؤلاء المجرمين مؤهل عقليا وأخلاقيا ليكون طبيبا؟!!
الطبّ ياسيّدي مهنة انسانيّة، بل هو أرقى المهن الانسانيّة! ولايعقل أن يجيدها انسان لم تسلّحه تربيته بالقيم والملكات والمفاهيم اللازمة لاجادتها!
لايستطيع انسان على سطح الأرض أن يقنعني بأن شخصا ما قضى حياته في تلك الفوضى، حيث لا تحكمه ضوابط قانونيّة أو منطقيّة أو أخلاقيّة، يستطيع أن يتفرغ لدراسة الطب والإبحار في محيطاته، الذي يتطلب صبرا واستيعابا وجهدا وقدرة على ضبط النفس وتخزين العلم ثمّ تطبيق ما خزّنه!
سأروي لك قصة قد تساعدك على استيعاب ما أقوله:
قام عالم نفسي امريكي بفصل مجموعتين من الجرذان حديثي الولادة.
وضع المجموعة الأولى في قفص مجهّز بكلّ ماتحتاج اليه لتعيش، درجة
حرارة ثابتة.. كميّة وافرة من الأطعمة.. مياه للشرب.. أدوات للعب.. الخ
بينما أطلق سراح المجموعة الثانية في الطبيعة المحيطة لتواجه التحديّات التي تفرضها تلك البيئة، كندرة الطعام والماء وقساوة المناخ ومصائد الانسان.. الخ
بعد سنة جمع المجموعيتن وأجرى عليهما بعض التجارب في مخبره. أهم الحقائق التي توصل اليها كان ما أكده بأن القشرة المخيّة لدى الجرذان التي اطلقت في الطبيعة كانت أثخن وأكثر تمايزا من القشرة المخيّة لدى الجرذان التي عاشت في القفص.
معروف علميّا بأن القشرة المحيطة بالمخ هي التي تحوي مراكز الحس والحركة والتفكير والقدرة على المحاكمة وصنع القرار. التحديّات التي واجهتها تلك الجرذان أجبرتها على استعمال حواسها والتركيز على حاجاتها باضطراد، الأمر الذي أدى الى تكاثر ونمو خلايا القشرة المخية بطريقة سريعة. بينما لم تواجه الجرذان التي عاشت في القفص أيّ نوع من التحديات، الأمر الذي لم يجبرها على استعمال مراكز الحس والحركة في قشرتها المخيّة فتوقفت خلايا تلك القشرة عن التكاثر والنمو وضمرت مع الأيام حسب القانون الطبيعي الذي يؤكّد بأن العضو الذي لا يستعمل يضمر!
********
هناك مثل افريقي يقول: اكثر التجارب قدرة على صقل الرجل تلك التي يصطدم خلالها مع الجبل!
هل اصطدمت مع جبال كي يساهم تفاعلك معها في صقل شخصتك؟!!
أيّ نوع من التحديات واجهتها، ياسيدي، وأنت تكبر في قصرك الملكي؟!! عقيد يقودك بالسيارة الى المدرسة ولواء يعود بك الى البيت!!
هل نمت يوما جائعا؟!!
هل ارتفعت يوما حرارتك ولم تجد السيّدة والدتك طبيبا يقبل أن يعالجك في نصف الليل؟!!
هل أرهقك الوقوف بانتظار الحصول على حصتك التموينية من الزيت والسكر والرز على باب مؤسسة استهلاكيّة؟!!
هل جئت يوما الى وظيفتك لتواجه المشاكل التي يسببها لك العاملون معك في نفس الدائرة؟!!
هل جربت أن تحصل على أيّة وثيقة ما من دائرة حكوميّة في مدينة اللاذقيّة؟!!
هل ركبت باصات النقل الداخلي؟!!
هل اضطررت يوما أن تستخدم مرحاضا في أحد المرافق العامة؟!!
هل حاولت الحصول على قرض عقاري من بنك سوري؟!!
هل فكّرت كيف ستدفع فواتير التلفون أو الماء أو الكهرباء، أو كيف ستشتري لابنك حذاء وقد نضب راتبك منذ اليوم الأول للشهر؟!!
هل جلست قبالتك سيّدة، وحذاؤها يحاذي وجهك، وهي تستهتر براتب الموظّف الذي لايساوي قيمة ذلك الحذاء؟!!
هل أكلت لكما وضربا من مجرم يستعمل قوته كما يستعملها الأسد؟!!
هل حلمت بموزة كي ترضي بها معدة طفليك؟!!
هل نمت على باب إحدى السفارات في دمشق أملا بالهروب من جحيم حكومتك؟!!
اذا ماهي التحديّات التي واجهتها وساهمت في نمو وتكاثر خلايا قشرتك المخيّة كي تصل الثخانة والتمايز المطلوبان لتمكينك من استيعاب الطب وعلومه؟ ناهيك عن القيادة ومسؤولياتها؟!!
عندما أطلق العالم الجرذان التي عاشت في القفص الى الطبيعة ماتت بعد عدّة أيام لأنها لم تكن تملك القشرة المخيّة اللازمة لمواجهة تحدّيات البيئة الكثيرة والصعبة!
الجرذ الذي يعيش في القفص مغمورا بكل مايحتاج اليه لن يكون قادرا على مواجهة أيّ تحد، ناهيك عن قيادة عشرين مليونا آخر!!
ثق تماما، ياسيّدي الرئيس، بأن أيّ رجل يعيش في شوارع دمشق او حلب او أي مدينة سوريّة اخرى، يصارع تحديّات الحياة كي يعود بلقمة عيش نظيفة لعائلته، لقادر أكثرمنك على قيادة وطنه، لأنّه تعلم من تجاربه والتحديّات التي واجهها في حياته أكثر بكثير مما تعلمت!
المرة الأولى والأخيرة التي رأيتك بها تتحدث كانت خلال مقابلة أجراها معك صحفي لبناني لاأذكر اسمه.
لم انتبه وقتها الى ماقلت بقدر ما انتبهت الى حركاتك، التي إن دلّت على شيء إنّما تدلّ على ارتباكك وتوتّرك واحساسك بأنك في مأزق لاتعرف كيف تخرج منه!
هذا تصرّف طبيعيّ لشخص لم يخض أيّة تجارب كي يتعلّم كيف يواجه أيّ تحد!!
أشفقت يومها عليك، وأشفقت أكثر على هذا الشعب المسكين الذي توهمه بأنّك قائده!
********
قرائي يحتجّون عليّ، ياسيادة الرئيس!!
يدّعون بأنني أتجاهل الأزمة التي تمرّ بها سوريّة الآن، حكومة وشعبا، ويدّعون بأنني لا أتفاعل بمسؤوليّة مع أحداث الوطن. لك وللقراء الأعزاء أقول:
الأزمة الحاليّة التي افتعلتها جريمة اغتيال السيّد الحريري لاتخرج، بالنسبة لي، عن كونها لعبة سياسية لا أعرف أسبابها وأبعادها ومداخلاتها. لا تعنيني تلك الأزمة أكثر ماتعنيني الأزمات اليوميّة التي يعيشها الشعب السوريّ منذ أربعين عاما.
الحريري انسان، يحزنني موته كما يحزنني موت أيّ انسان آخر. لا أستطيع أن أميّز بين حياته وحياة تلك المرأة السوريّة الفقيرة التي كانت تتسوّل على شاطئ اللاذقيّة فانتهك حرمتها أحد مجرميّ السلطة. لافرق عنديّ بين حياة الاثنين!
المجرم واحد والضحية، من حيث الحياة كقيمة، واحدة!
الأزمة التي يعيشها الشعب السوري اليوم، لاتختلف عن ازمات البارحة!
المجرم نفسه والضحايا تتساوى في قيمتها!
واذا كان الشعب السوري يرتكس لتلك الأزمة بطريقة مختلفة، لا لأنها بنظره أكبر ازماته ولا دفاعا عن حكومته، بل لأنّه يتساءل في سرّه: لماذا الآن؟ لماذا يحتج المجتمع الدولي على قتل الحريري ولم يحتج منذ أربعين عاما على قتل شعب بأكمله؟!!
المجتمع الدولي متمثلا بمجلس الأمن مدين للشعب السوري بالجواب، كي يثبت حسن نواياه!!
هل كان المجتمع الدولي يبحث عن قشّة كي يقصم بها ظهر البعير؟ ألم تكن جرائم هذا البعير، الذي بعّر ورفس حتى خرّب البلد بأكمله، ألم تكن كافية لقصم ظهره من زمن بعيد؟!!
لقد تفاقمت الأزمات في حياة الشعب السوريّ حتى صارت طريقة حياة!
لقد استفحل الظلم الذي مارسته طغمتكم الحاكمة، ياسيّدي الرئيس، وصارت حقوق الشعب السوريّ، للتحرر من أغلال تلك الطغمة، ديونا مستحقّة الدفع منذ زمن طويل!
********
صرح نيرون دمشق، السيّد آصف شوكت، صهر العائلة الحاكمة والمتّهم باغتيال الحريري مؤخرا:
أحرق دمشق ولا أسلم نفسي!
يحرق دمشق؟!!
من هو كي يحرق دمشق؟!!
دمشق، ياسيّدي الرئيس، مهما احترقت ستخرج من الرماد كالعنقاء وستجرّكم أيدي الشعب على أرصفتها، هذا مارواه لنا التاريخ عن مصير حكّامه الظالمين!
********
عندما تُكتب كلمة أزمة في اللغة الصينيّة، تتألف الكلمة من مقطعين. مقطع يعني “خطر” والمقطع الثاني يعني “فرصة”.
أتمنى أن يكون الشعب السوري قادرا على أن يقرأ الأزمة التي يمرّ بها الآن على الطريقة الصينيّة.
هي تحمل مخاطرا، لكنها في الوقت نفسه تحمل فرصا!
أريده أن يفعل مابوسعه لتجنب مخاطرها واستغلال فرصها.
الخطر الأكبر الذي قد تحمله الأزمة الحاليّة امكانيّة سقوط الوطن في فخ الإرهاب الاسلامي، لكنّ الفرصة مواتية ايضا لأن يتحرر الوطن من طغمة البعث وينتقل الى قيادة علمانيّة تفصل بين الدولة والدين وتتبنى سلطة القانون.
********
خمس سنوات مضت، ياسيادة الرئيس، ونحن نصدّق الكذبة على أمل أن تثبت لشعبك بأنّك على حقّ وبأننا نحن الكاذبين، خمس سنوات لم تثبت خلالها الاّ أنك ابن أبيك!!
**********************************

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

من عجائب السلفيين

 

من عجائب السلفيين

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

خلف جدران الصمت

خلف جدران الصمت

رعد الحافظ

هذا هو عنوان الفلم الذي يُسلّط الضوء على إساءة مُعاملة الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة , أو المُعاقين جسدياً أو عقلياً .
 قامت ال BBC , عبرَ الصحفيّة  البطلة حنان خندقجي , بتصويرهِ بكاميرة سرّية , عن كثب .
تخيّلوا هذا يحصل في الأردن , فماذا في باقي دول المنطقة ؟
يقول مقدّم الشريط مايلي :
في الأردن رصدت الصحفيّة حنان خندقجي أثناء تحقيق أجرته لإذاعة البلد في عمّان , شكاوى أهلٍ قالوا أنّ أبنائهم المعوّقين تعرضوا لسوء معاملة داخل دور رعاية خاصة .
هل يُضحككم شيء لشعوركم بمفارقة ما ؟
دور رعاية … يحدث فيها سوء مُعاملة , أين نذهب إذاً ؟
تعالوا شوفوا دور الرعاية في الغرب الكافر الصهيوني العميل  !
وأيّ نوع من سوء المعاملة ؟ ومع مَنْ ؟
مع مَنْ لا يقوى بالدفاع عن نفسهِ , بل لايفهم غالباً لماذا هو يُضرب ويُصفَع ويُلكم  ويُسحَل وتُساء مُعاملتهِ ويُحرم من الطعام !
إي والله , كلّ هذا وأكثر جرى مع أؤلئك الأطفال , وكلهم مستسلمين للضرب لايملكون وسيلة للدفاع البتّة .
أعزائي المستمعين / لمن تشتاق عينيه للبكاء والدموع فليضغط الرابط التالي , أنا شخصياً مررتُ بهِ سريعاً , أعترف بضعفي الشديد على المطاولة مع هكذا مشاهد حقيرة .
http://www.youtube.com/watch?v=SzVgAitXWdI&feature=youtu.be
حنان قضّت عاماً كاملاً تُحقق في تلك الشكاوى .
قرّرنا بعدها  ( يقول مذيع ال بي بي سي ) , أرسال فريق من صحفيّين للعمل كمتطوعين في تلك الدور وإستخدام كاميرات سريّة للحصول على أدّلة , لكشف الحقيقة  !
ما صوّرناه هناك , لقطات صادمة لسوء المُعاملة والإهمال والعنف الذي يُمارس في ظلّ فشل الرقابة وحماية الأطفال المعوّقين .
*****
المثير للأعصاب , أنّ اللواتي يقمنّ بالضرب والتعذيب لهؤلاء الأطفال وهم بلا حَول ولا قوّة , نساء محجبّات .
ماشاء الله على هكذا تدّين !
آهٍ .. كم رغبت نفسي  لحظتها بتسليمهنّ لوهابي سادي .
لكن ربّما هذا الغبي الذي يقوم بقطع يد سارق رغيف خبز , لن  يُعاقب هكذا ملعونة وربّما سيشجعها على المزيد من الضرب .
(ثقافة / وإضربوهم وإضربوهنّ )  !
ستجدون شريط الكتابة يقول على لسان إحداهنّ ( الظاهر زميلتها طلبت منها قليل من الرأفة مع الأطفال )
تُجيبها / لاتتحدثي معي بهذه الطريقة , هؤلاء لايجدي معهم .
لا داعي للإستمرار بشرح تفاصيل الشريط
لا أقصد إثارة عواطفكم بقدر وضع أسئلتي الخاصة لنعرف أصل المشكلة
والسبيل الى الحلّ أو العلاج .
1 / هل السبب الدولة وقوانينها ومنظماتها ؟
2 / أم  السبب الثقافة والدين وإدعّاء الأخلاق في المجتمع عموماً , بينما القسوة هي الحاضرة دوماً ؟ وما فائدة الدين بلا رحمة ؟
3 / هل ينظر المجتمع لهؤلاء المُعاقين المساكين نظرة رحمة وشفقة في الظاهر , لكن نظرة دونية وخجل حتى من ذكر وجودهم غالباً ؟
ولماذا وكيف صارت الأمور الى تلك الدرجة ؟
وللأطفال الذين بلا أهل , لماذا حُرّمَ ومُنع التبنّي ؟
ملاحظة / طريقة الكاميرة الخفيّة , صارت مفيدة ليس فقط لإضحاك الناس بل لإبكائهم أيضاً وتحريك الضمير .
وبالأمس عرضت القناة السويدية الأولى برنامج عن المساجد في السويد
وأكثر من نصفها يدعون ويؤيدون تعدد الزيجات وضرب الزوجات وإجبارهن على الفراش ( هذه جريمة إغتصاب حسب القانون السويدي ) وغير ذلك كثير .( رابطه في نهاية المقال )
والحلوة أنّ أحد المشايخ يُدافع عن زملائهِ قائلاً / لقد نصبوا لهُ فخاً  !
ههههههههههههههه معناها يقصد بهذا الفخ / أنّهم وضعوا في رأسهِ هذهِ الأفكار والطبائع الغريبة القادمة من المريخ وليس من أصل دين وثقافة البلد الاُم , وجعلوه يتحدّث بها أمام كاميرة خفيّة .
لا .. والأجمل قال الشيخ محمود في الختام / هذا يحدث بسبب قلّة المساعدات التي نحصل عليها ( يعني قلب دفاعهِ الى مُطالبة وإستجداء)  يقصد الملايين التي يعرفها الجميع لاتكفيهم , ويُطالب بالمزيد , ربّما للقضاء على تلك الافكار المُخالفة لقوانين الشعب السويدي إزايّ معرفش ؟
رابط البرنامج السويدي
http://svt.se/ug/har-ar-moskeerna-som-avradde-fran-anmalan

تحياتي لكم
ولا عزاء لنا , ما لم نعترف بأصل الداء

رعد الحافظ
17 مايس 2012

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

أنت يا مصر … يا أم الدنيــــــا

   أنت يا مصر … يا أم الدنيــــــا

سرسبيندار السندي

أنت يامصر يا أم الدنيـــا                أنت الروح والروح غاليــة

أنت يامصر ألله حـــــباك                 وشعبك كمان لأنك راقيــة

واللي يحبك هو إبنــــــك                  واللي يضرك إبن زانيــــة

فيك الثورة قيم أحـــــرار                 مش تهريج وقيم باليــــــــة

واحد عنك يقول طــــــــز                      والأخر كلب وإبن غانيـــــة

ذيل الكلب عمرو مايعدل                      مادام أمه سيباه ونائمـــــة

أنت يامصر يا فرعونيــــــة                  يأصل الدنيا وأغلى هويـــة

مجدك راح يسرى ويمنــى               وشرق وغرب ورايتك عاليــة

واليوم ناسك جائعة وشاكية             وحتى نيلك والدلتا باكيــــــة

 أنت يامصر ألله بيعـــــزك              وبكرة كلابك خائبة وجاريــة

***                                                                      

هذه القصيدة مهداة لرئيس مصر القادم الفرعونيـــــــــــة

ولروح كل شهيد سقط على طريق الكرامة ومذبح الحرية

وهو غير نادم لأنه طريق الثوار وخبز ألإنسانيـــــــــــة 

من مواطن يعشق مصر لكونها شاء البعض أم أبى أم الدنيــــــــــــا

 ولكونها منبع العطاء ألأول لكل البشريــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة

 

 سرسبيندار السندي

مواطن عراقي يعيش على رحيق الحقيقة والحرية

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | 2 Comments

تأملات…. انا أقلية

تأملات…. انا أقلية

رعد موسيس

 تسألني كل مرة.. اين أسكن؟
سؤال يحيرني ويحزنني جوابه… لكني سأقول لك..
انا يا صاحبي اسكن في بلاد بعيدة..بعيدة
انا اعرف شمس بلادي تنثر اشعتها ..كل شروق
… باحثة عني… تغرب ودموعها في عينيها
انا ابكيها هنا…. وهي تبكيني هناك
أفتقد دفئها…الشمس هنا باردة….باردة
لا أحس بدفئها….حرارتها ليست لي
هل سمعت عن غابات وادغال شمال كندا…انا هناك
هل سمعت عن محميات الهنود الحمر… سكان كندا الاصليين..انا هناك
هم ينعمون بالاحترام والحقوق والخيرات
وأنا محروم منها في بلدي..انا من سكنته الاصليين.

اذا لم تصلك رسائلي لفترة من الزمن.. فاعلم ياصديقي اما اكون في بطن ذئب… او دب.
ليس من السهولة التعامل مع السكان الاوائل هولاء وفي قمة تمردهم وغضبهم نظراتهم وعباراتهم لا تخلو من ازدراء وكأني بهم يقولون لنا ماذا تفعلون هنا ارجعوا من حيث اتيتم رغم احتياجهم الشديد لخداماتنا.
اين ارحل ياصاحبي فأنا أقليّة…اينما ذهبت انا أقلية
ولدتني امي بغير ذنب اقلية…عشت وساموت اقلية
من بلاد الرافدين..الى القطب الشمالي انا اقلية
دوراناَ الى القطب الجنوبي رجوعاً الى بلاد سومر انا اقلية
قل لي يا صاحبي هل بعد الموت هناك اقلية فإذا كان الامر هكذا؟؟
أفضّل ان ابقى حياً اقلية مع الذي اعرفه افضل من الذي لا اعرفه
في وطني قلت لهم انا عراقي ولست هندي
اجابوا انك لست محمدي بهذا تتساوى مع الهندي
الدين عباءة بالنسبة لي البسها انزعها امزقها اخيطها اغيّر الوانها لكن ماذا افعل بجيناتي وكينونتي وثقافتي اذا كنت ارمنياً او سريانياً؟
أأمسخها هذه كلها لأصبح أغلبية؟
ايّ قهرٍ هذا؟
يقتلونني يذبحونني يرفضونني يطردونني ولكني….
لن اتنازل عنهم مهما فعلوا بي لانهم اهلي وأحبائي وهم لا يدرون ما يفعلون.
الان احسست بعمق ألآم هذه التسمية….بعد هذا
لن ألوم قوم بعد اليوم لانهم انشئوا لهم وطناً يحميهم من هذه التسمية
الاقلية اصبحت اكثرية والاكثرية اصبحت اقلية فليشربوا من الكاس
التي اذاقوها لغيرهم.
آه… لو يعرفون كم الغنى الروحي والوجداني والانساني والثقافي
والعلمي والاجتماعي الذي املكه..وكم احب ان يشاركونني به وافيض
به عليهم..ولكنهم انّى لهم ان يعرفوا هذا؟؟
آه… لو يعرفون كم حبَتْني الطبيعة بخاصية النحل
احوِّل مرارتهم عسلاً كما حوَّل المسيح الماء خمراَ
آه… لو يعرفون قدرتي كالخميرة القليلة تخمِّر عجيناً كثيراً
آه… لو يعرفون كم هؤلاء الاغراب الذين اعيش بينهم يستنزفونني من العظم الى الجلد فأنا كنزٌ بالنسبة لهم
وألمي كيف وطني يتركني.

 تحياتي

رعد موسيس

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

غوار الطوشة لاينقصه الا الكرامة يا يابي

غوار الطوشة لا ينقصه الا الكرامة يا يابي

طلال عبدالله الخوري 15\5\2012

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

أنا وفالانتينا 2 (ثقافتها وثقافتي)؟

أنا وفالانتينا 2 (ثقافتها وثقافتي)؟

أديب الأديب

عندما كنا نتسامر بعد الفترات الحميمة, كانت تقول لي فالانتينا: اشكرك يا حبيبي لانك كرمتني وزدتني شرف, فلدينا يقولون بأن الرجل الذي ينكح المرأة يكرمها ويشرفها…

لقد كنت اخجل من هذا الاطراء لانني, و بحسب ثقافتي, فقد قمت باستغلال هذه الفتاة, وقمت باغرائها  لكي تأتي معي الى الفراش, وانا اعرف بأنه ليس لدي اي نية بالزواج منها, لآنني لم استطع ان اتخيل بان تكون أم اولادي فتاة, قد كانت مع رجال من قبلي. فانا اعرف باني سأعود الى بلدي بعد ان انهي دراستي وسأتزوج زواج رسمي من فتاة عذراء من بيئتي وعاداتي وتقاليدي.

 فقلت لها ذات مرة: بثقافتي, الرجل الذي يكنح المرأه خارج الزواج يدنسها ويجلب العار لها ولامها ووالدها واخوتها وكل عائلتها, لاجيال واجيال,  ولن يمح هذا العار الا باراقة دم المرأة بيد ابيها او اخيها.

 ولكي يكرم الرجل المرأة, بثقافتي: فيجب عليه ان يطلبها رسميا من اهلها, وان يشنشلها بالحلي والذهب. وكلما زادها حليا و ذهباُ, فيكون قد زادها كرماُ وشرفاُ بعيون الناس والمجتمع؟ فشتان ما بين ثقافتي وثقافتك.

لقد قالت لي فالانتينا ذات مرة ونحن نمارس الحب: أنا اعرف لماذا تسقيني الشامبانيا قبل ان تقبلني بفمي….  فأنت تسقيني الشمابانيا لانك تريد ان تغسل فمي بعد ان مصصت عضوك,.. فأنت تقرف ان تقبلني بفمي بعد ان مصصت عضوك,… لذلك ان تسقيني الشمابانيا وتتظاهر بانك تكرم على بالشمبانيا!

كنت اظن نفسي باني ذكي جداُ, واستطيع ان اخدع فالانتينا وهي الخبيرة بالحياة اضعاف اضعاف خبرتي بالحياة, وأنا القادم من مجتمع مغلق ومريض ومليئ بالتابوهات والمحرمات والعقد الشرقية.

أنا اذكر عندما انسحبت فالانتينا من تحتي وقلبتني على ظهري, ثم اخذت وضعية فوقي, و بدأت تقبلني مبتدأة  من فمي, ثم رقبتي, وبعدها صدري وبطني حتى وصلت الى المنطقة القذرة.. وقبلتني هناك.. ثم اخذت عضوي وبدأت تقبله… ثم بدأت تمصه…

لاول مرة بحياتي اعرف بان مص العضو هو جزء صحيح وصحي من الممارسة الجنسية الطبيعية,….. كنت اظن بأن مص العضو هو عبارة عن شتيمة فقط, يشتم بها الشباب بعضهم بعض من اجل الاهانة…..ولم اتخيل ابدا بان فتاة رائعة الجمال ستمص عضوي فعليا, وهي  تحب وتستمتع بهذا.. لا بل ومسرورة, ولم يبد عليها اي اهانة.

انا اذكر عندما كنت بالسنة الاولى من الدراسة الجامعية, ذهبت الى بيت زميلي بالدراسة من اجل ان نتعاون بالدراسة. وبالصدفة كانوا اهله قد خرجوا من البيت لزيارة احد اقاربهم,

 فقال لي صديقي: يجب ان نستغل عدم وجود اهلي بالبيت ولنشاهد مقطع فيديو سيكس!

فاحمر وجهي من حساسية المفاجأة… ولم اصدق بأني سأرى مقطع سيكس على الفيديو,… لانه  في ذلك الوقت كان حلمي ان ارى بالضبط كيف يمارس الرجل الحب مع المرأة,… اما ممارسة الحب الفعلية فكانت ابعد من احلامي لاني اعرف بانه لن يكون قريباً في بلد تحكمه العدات والتقاليد.

لسوء حظي, كان المقطع عبارة عن ممارسة للجنس بالفم,.. ولم افهم شيئا, … لم افهم ماذا يفعلون,!  لم افهم لماذا يقومون بذلك!,…… لاني لم اعرف بان ممارسة الجنس بالفم هي ممارسة صحيحة,….  وكانت  هذه الممارسة, بالنسبة لي , ليس لها اي معنى او اي فائدة.., فأصبت لذلك بخيبة امل كبيرة جدا, …لانني كنت امن النفس بمشاهدة ممارسة الجنس الحقيقية كما اشتهيها انا,! اما الذي رأيته فلم يكن له اي معنى.

بعد انهاء دراستي الجامعية, وبعد ان علمت باني مرشح للذهاب الى روسيا من اجل تحضير شهادة الدكتوراة, انتصب عضوي الذكري وتهيجت, وانهيت بسروالي وانا واقف بوزارة التعليم العالي, لاني كنت اعرف بان كل الطلاب الذين ذهبوا قبلي ناموا مع البنات هناك.

عندما مارست الحب مع فالنتينا لاول مرة شعرت حينها باني ملك العالم, واصبحت انظر الى اصدقائي نظرة فوقية, فكنت اعتقد خاطئا بان ما انجزته لم ينجزه اي من اصدقائي الذين لم يسافروا الى روسيا وان ما قمت به هو اعجاز.

ولكن عندما مصت فالانتينا عضوي الذكري لاول مرة, شعرت باني حتى اكثر من ملك العالم, …… لقد استمتعت بذلك جدا وقذفت عدة مرات اضافية…..

ولكن مشكلتي بدأت عندما انهت فالانتينا مص عضوي واقتربت من فمي لكي نتابع بقبلة من الفم………

ماذا؟؟  اقبلها بفمها, بعد ان كان عضوي الذكري بفمها…..ما هذا القرف….

ولكني خشيت ان تشعر بأني اقرف من ان اقبلها بعد ان مصت عضوي, ويحصل لي ما حصل معي بالسابق عندما قرفت من الشرشف المبلل بمائها الانثوي….

 وهي تقترب مني لتقبلني من فمي…. نظرت الى اليمين لكي اتجنب فمها, فوجدت كأس الشمبانيا الذي كنا نحتسيه سوية قبل البدء بممارسة الحب, …. وبسرعة البرق جائتني فكرة …, وظننت انها فكرة  ذكية للوهلة الاولى…, ولكي اتجنب تقبيل فالانتينا مباشرة, أخذت كأس الشمبانيا وجعلتها تشرب من الشمبانيا عوضا عن تقبيلي…., وبهذه الطريقة اكون قد غسلت فمها من اثار عضوي, … فيكون تقبيلها بعد ذلك مقبولا نوعا ما..

ولكن اخر شئ كنت اتوقعه هو ان تصارحني فالانتينا وتقول لي بالضبط كيف افكر ؟؟؟ وتقول لي بالضبط كيف قمت بخديعتها .. وان هدفي لم يكن  ان اسقيها الشمبانيا, وانما كان هدفي غسل فمها من اثار عضوي…. وشعرت باني صغير جدا بجانبها بعد ان كنت اشعر باني ملك العالم.

يتبع

الجزء الاول:

أنا وفالانتينا

انا وفالانتينا 3 (أستاذتي بفن الجنس)؟

أديب الأديب (مفكر حر)؟

Posted in الأدب والفن | 1 Comment

بلاغ عاجل للإنسانية

بلاغ عاجل للإنسانية

مارثا فرنسيس

لم اعرف لمن أقدم بلاغي الخطير، ولم أجد من يهتم بإيقاف هذه الجريمة التي تتم على مرأى ومسمع كل الناس ومن بينهم المسئولين أيضا! واتعجب من جريمة تتم بتأييد رجال الدين في محاولة لتجميلها وصبغتها بصبغة دينية لعلمهم إن اضفاء الصبغة الدينية لأي فعل مهما كان إجراميا- سوف يخرس السنة الناس مهما كانوا متألمين ورافضين ويتم خداعهم المستمر لثقتهم العمياء في شيوخهم وقادتهم الذين يحللون ويحرمون ويتكلمون نيابة عن الههم، وحقا يهلك الآنسان لعدم المعرفة.
أُقدم بلاغي للإنسانية لعلها تنصف بريئات يتم تشويه أجسادهن بل وأهانتهن أمام الجميع بما في ذلك تصوير هذه الجريمة وهي الحملات الجماعية لختان الفتيات الصغيرات بصعيد مصر الذي تقوم به قافلة الإخوان المسلمين!!
أُقدم بلاغي للإنسانية بعد أن تحجرت قلوب البشر، فهناك من يقبلون ذبح بناتهن مقابل تقدمات مادية أو مقابل بعض المواد الغذائية، وقد تم استغلالهم بسبب فقرهم وأيضا جهلهم! وهناك من يشاهدون بأعينهم جريمة ذبح الفتيات وتشويه اجسادهن ولكنهم يلتزمون الصمت والاستسلام.

أقدم بلاغي للإنسانية التي دُهست وتشوهت وأصبحت كلمة جوفاء ليس لها معنى في هذا الزمن الردئ الذي أصبحت فيه الجريمة عملية تجميل وأصبح فيه الذبح موافقا لتعاليم الدين!
أقدم بلاغي حتى لو لم تقو الإنسانية على صد كل الجرائم الموجهة ضدها، وحتى لو لم يتحرك أي مسئول، وحتى لو لم تتم إفاقة البشر المغشى عليهم والذين تم تغييب عقولهم، فأصبحوا غير قادرين على التمييز بين الخطأ والصواب وبين كلام الله وكلام من اعتبروا أنفسهم آلهة!

أقدم بلاغي فهل يجدي؟ لعل وعسى ان يأتي اليوم الذي يتم فيه التحقيق في البلاغ ولعل وعسى ان يأتي اليوم الذي تجد فيه الإنسانية إجابة لسؤال حائر وهو لماذا يعُتبر جسد المرأة هو الشغل الشاغل للإسلاميين بما في ذلك الفتيات الصغيرات،ولماذا لا يهتمون بنفس القدر بنفسية المرأة وقيمتها كما يهتمون بجسدها؟ لعل وعسى ان يأتي اليوم الذي تتم فيه معاقبة كل من تسبب في إهانة انسان وليس المرأة فقط وذبح ملايين آخرين بطرق وأشكال مختلفة.

محبتي للجميع

Posted in الأدب والفن, فكر حر | 1 Comment

الإخوان المسلمون: بلغ نفاقهم حدّ إرهابهم!

الإخوان المسلمون: بلغ نفاقهم حدّ إرهابهم!

وفاء سلطان

استطاع بعض قراصنة الإنترنيت، من حيث لا أدري ولا يدرون، أن يخدموني خدمة جليلة لمدة عدّة أسابيع.
استولوا على ايميلي، وبذلك أعطوني وقتا كافيا لأن أخلد إلى راحة كنت بأمس الحاجة اليها. طلقت الإنترنيت وغرقت في بحر من الكتب الذي طالما استهواني الإبحار فيه.
غيّروا كلمة السر وبروفايلي، وبذلك لم أتمكن من الدخول ريثما تمّ إقناع العاملين في “ياهو” على صحة هويتي.
لم يكن في الإيميل ما يثير قلقي، لكنّ الأمر أثار امتعاضي لأنه قطع الإتصال بيني وبين قرّائي الذين أكنّ لهم كلّ الحبّ والودّ واعترف لولا رسائلهم ـ بحلوها ومرّها ـ لتوقفت عن الكتابة منذ أن بدأت.
لقد اكتشفت فيما بعد وبمساعدة الأخصائين على أن كومبيوتري كان مصابا بـ “فيروس التجسس”، وقاموا على الفور بتنظيفه وزرع عدة برامج مضادة للفيروس لحماية الإيميل الجديد.
بين الحين والآخر يحتاج الكاتب، وخصوصا ذاك الذي يعتبر الكتابة عملية تلقيح وحمل ومخاض عقلي وفكري وروحي وليست مجرد ثرثرة لسان، يحتاج ذلك الإنسان إلى فترة استرخاء نفسي يستعيد بها قوته ويحقن عقله بمعرفة جديدة ومفيدة.
كانت قد ظهرت عليّ علامات الإعياء، لكنني وكأيّ جنديّ عنيد، كابرت حتى جاء استسلامي من حيث لا أدري.
بطبعي أميل إلى الإعتقاد بأنّ للكون أسراره ولا شيء يحدث عبثا، وبطبعي أيضا أميل إلى تفسير كلّ ما يحدث لي على أنه لصالحي، وغالبا يُثبت لي الزمن صحة تفسيراتي.
قفلت كمبيوتري واتخذت مقعدا لي في أول مركب متوجه إلى جزيرة كاتالينا التي تغفو على مشارف كاليفورنيا في حضن المحيط الهادئ.
كان البحر عبر تلك الرحلة التي امتدت أياما صديقي الوحيد، قايضته أسراري بأسراره وخرجت من تجربتي معه أكثر عمقا وأصفى ذهنا.
لم تنته رحلتي كما أردت لها أن تنتهي، فعويل النساء في غزّة قض مضجعي وزاد من شدّة غيظي على أمة منكوبة في عقلها وضميرها وأخلاقها.
صرخت على مقتل ثلاثة أخوة صغار كما لم يعوِ ذئب جائع، لكن هدير المحيط الذي يصفونه ظلما بـ “الهادئ” ابتلع صراخي!
كان الإرهابيون الذين سرقوا إيميلي وراء هربي إلى كاتالينا، وكانوا أيضا بسرقتهم لصفائي وراء هربي منها.
غادرت بقلب حزين، أجرّ حقيبتي وقهرا لا تتسع له حقائب الأرض.
………
لقد سبقني صديقي العزيز الدكتور عبد الخالق حسين إلى التنبأ بأن الإنتهازيين من الكتاب العرب، الذين تسللوا خلسة إلى مهنة الكتابة، سيستغلون أيّ موقف لنا نحن أصحاب الكلمة التي تعبر عن حقيقة مشاعرنا ليبعوننا بعضا من عواطفهم الرخيصة والمبتذلة، فعلى أكتافنا اعتادت البغاث أن تستنسر!
لا يهمني، ومتى كان يهمني، أن أرضي فلانا مقابل أن أتجنب اتهاماته أو شتائمه؟!!
حماس، باختصار شديد جدا، إفراز اسلاميّ إرهابيّ لا يرقى إلى مستوى حكومة بامكانها أن تواجه مسؤولياتها تجاه شعبها بحكمة وأخلاق!
ومتى استطاعت شرذمة إسلاميّة عبر التاريخ الإسلامي أن ترتقي إلى مستوى مسؤولياتها؟!!
لست هنا في صدد الدفاع عن “اسرائيل” ولا يهمني شأنها، فعندما قامت لم يسألني اليهود عن رأي في أرضهم الموعودة، ولو فعلوا لنصحتهم أن يحرقوا كتبهم الدينية ويفروا بجلودهم، فالمسلمون أمة متصحرة العقل والضمير وسيتصحر كل من يجاورهم في عقله وضميره.
قبل قيام اسرائيل لم يذكر التاريخ الموثق بأن اليهود قادوا معركة، ولا أذكر أنني قرأت في التاريخ عن قائد عسكري يهودي واحد، أما المسلمون فهم وفي كل ثانية من تاريخهم أهل حروب، القتل والقتال بالنسبة لهم هوية وطريقة حياة، إن لم يجدوا عدوا يقاتلونه صنعوا من أنفسهم ذلك العدو!
هل تستطيع أمة تقنع رجالها منذ نعومة أظفارهم بأن “يَقتلوا أو يُقتلوا” كي يكسبوا رضى الله، هل تستطيع أن تعلمهم في الوقت نفسه أن يؤمنوا بالحياة كقيمة وبأن يقدروا تلك القيمة؟!
عندما استعدت إيميلي بعد غياب دام أسابيع وجدت رسائل كثيرة من قرّاء مسلمين تسألني عن رأي بما يحدث في غزّة.
لست معنية بالجواب بقدر اهتمامي بالدوافع النفسية وراء تلك الأسئلة. هل استنكار هؤلاء القرّاء لما يجري في غزة هو السبب الوحيد لمعرفة رأي بالأمر؟ طبعا لا!
فمن يستنكر ما يجري في غزة، من منطلق ايمانه بالحياة كقيمة، يُفترض أن يسألني ذلك السؤال لدى كلّ حدث يهدد الحياة كقيمة!
………
ربع مليون جزائري قتلوا على أيدي اسلاميين من أبناء جلدتهم بأبشع أنواع القتل، لكن لم يسألني قارئ مسلم واحد عن رأي بتلك المجزرة!
من خلال تقرير كان قد نشر مؤخرا على موقع “آفاق”، أكدت بعض النساء الجزائريات اللاتي تعرضن للإغتصاب من قبل الجماعات الإسلامية بأن الإسلاميين كانوا يكبّرون ويصلون على نبيهم قبل أن يبدأوا بافتراس ضحيتهم.
قرأ التقرير الكثير من المسلمين، لكن لم يتساءل أحد عن مدى أخلاقية هؤلاء البرابرة، فلماذا يسألونني عن رأي بأحداث غزة؟!!
أكثر من عشرين ألف مواطن سوري فقدوا حياتهم بسبب جرائم الإخوان المسلمين وردود فعل السلطات السورية، لكن لم يتفضل قارئ مسلم واحد بسؤالي عن رأي حيال تلك الجرائم.
التفجيرات التي حدثت في فنادق أردنية وقتلت بشرا يحتفلون بعرس، وهي أقدس لحظات الإحتفال بالحياة كقيمة وحق، لم تدفع قارئا مسلما واحدا ليعرف رأي بخصوص تلك الجرائم!
هاجم الإرهابيون قرية الكشح المصرية وقتلوا واحد وعشرين فلاحا قبطيا، لم تحرك الحكومة المصرية ساكنا ولم يسألني مصريّ مسلم واحد عن رأي بتلك المجزرة!
دفن صدّام حسين أكثر من ثلاثة مائة ألف شيعي وكردي أحياء، ناهيك عن الذين حرقهم بالسموم الكيمائية، لكن لم يتجرأ مسلم واحد على سؤالي عن رأي بما ارتكبه صدام من جرائم!
حتى وفي ذروة تصاعد ما يجري في غزة قامت امرأة مسلمة، من أمهات المؤمنين، بتفجير نفسها قرب مسجد شيعي وقتلت مايزيد عن أربعين شخصا، لكن معظم المواقع والمحطات العربية تجاهلت الحدث، ناهيك عن قيام أحد من القراء بسؤالي عن رأي!
منذ أشهر قليلة قتلت حماس أحد عشر شخصا من عائلة واحدة بحجة أنهم ينتمون إلى فتح، لم أتلق سؤالا من قارئ يشكّ في أخلاقية تلك الجريمة!
لا قيمة للحياة عند المسلم، وإلا لاستنكر كلّ انتهاك للحياة، بغضّ النظر عن متى وأين وكيف تمت عملية الإنتهاك!
المسلمون يولولون على ضحايا غزة، ليس من منطلق حزنهم واحترامهم لأرواح تلك الضحايا أبدا وإنّما من منطلق إستنكارهم لهوية القاتل!
لو كان القاتل حماس أو فتح أو أي خليفة مسلم لكان الأمر لدى أيّ مسلم عاديّا للغاية!
……….
على تلفزيون الـ CNN ظهرت امرأة فلسطينية تضرب وجهها، تولول وتتساءل: ماذا فعل لهم أطفالنا كي يقتلوهم؟!!
من يدري؟ قد تكون هي نفسها الأم الفلسطينية التي ظهرت منذ عامين عندما فجر ابنها نفسه في مطعم اسرائيلي وهي تزغرد وتقول: “الحمد لله الذي شرفني باستشهاده، لدي ثلاثة أبناء وأتمنى من كل قلبي أن يتبعوا نفس الدرب”
الأم التي سقطت بها عقيدتها إلى ذلك المستوى لا تحزن ولا تعرف قيمة الحياة، وإلا لبكت لمقتل ولدها الذي فجرّ نفسه بنفس الصدق الذي تبكي به على مقتل أولادها تحت طائلة الصواريخ الإسرائيلة. مهما تعددت طرق الموت يبقى الموت مرفوضا، وتبقى الحياة جديرة بأن نبكي عليها.
كيف تريدونني أن أتعاطف مع أمّ تزغرد لأنّ ابنها فجر نفسه، وتبكي لأن اليهود قتلوا ابنها الآخر؟
في كلا الحالتين خسرنا حياة كانت جديرة بأن تصان، ولا أستطيع أن أقبل زغاريد أم ودموعها في آن واحد، لأنني ببساطة أشك في تلك الحالة في صدق مشاعرها وأمومتها.
للموت شكل واحد ـ وهو قبيح للغايةـ وخصوصا عندما يتناول فلذة أكبادنا، شكل نرفضه ونكرهه ولا يمكن أن نزغرد له!
لا فرق عند المسلم بين أن يُقتل وبين أن يَقتل. بناء على جوهر العقيدة المحمدية في كل الحالتين يُحظى المسلم بالجنة، فلماذا ينتف المسلمون شعورهم على أهل غزة؟!!
أو بشكل آخر: لماذا يولولون على أهل غزة ولم يذرفوا دمعة واحدة على ضحايا العراق ومن قبله ضحايا سوريا ومصر والأردن والجزائر؟!!
عندما تزنّر أمّ نفسها بحزام ناسف وتحيل جسدها في ثوان إلى شظايا تفتك بعشرات الأبرياء، لماذا لا يحتج أتباع محمد على عمل بربري كهذا، علما بأن الضحية منهم، ألأن القاتل منهم أيضا؟!!
لقد مزقوا أشلاء بعضهم البعض، وبطريقة لم يمارسها مجرم في تاريخ البشرية، لكن أحدا لم يحتج على ذلك!
الذين يسألوني عن رأي، يفعلون ذلك من أحد منطلقين:
إمّا أملا أن أقول شيئا يستطيعون أن يدينوني من خلاله، وإمّا أملا أن أقول ما لا يستطيعون أن يقولوه.
…………….
برهان طفل فلسطيني من الضفة الغربية، كان عمره أربعة عشر عاما عندما انفجر به لغم وأدى إلى قطع يديه ورجليه وأفقده معظم حاستيّ البصر والسمع.
حدث ذلك منذ حوالي عشر سنوات، وقامت عندها جمعيّة الناصرة الخيريّة في جنوب كاليفورنيا باستقدامه كي تقوم بعرضه على أطباء أمريكان في محاولة لإسترجاع ولو جزء من بصره أو سمعه.
أقامت الجمعية حفل عشاء خيري دعت إليه أبناء الجالية العربية كي يعود ريعه إلى مساعدة عائلة برهان التي تضم اثني عشر طفلا ودفع تكاليف علاجه.
كنت أحد ضيوف الحفل، جلست بجوار أمّ برهان ورحت أستمع إليها وهي تروي ظروف الحادث وتعبّر عن مخاوفها على مستقبل أولادها الآخرين.
دخلت القاعة سيّدة فلسطينيّة معروفة جيدا باعتبارها أحد أكبر أغنياء الجالية العربية، كانت ترتدي معطفا من الفراء الثمين وتبدو كنجمة من نجوم هوليوود. اقتربت تلك السيّدة من برهان ووضعت يدها على كتفه ثم راحت تموء:
“بوورهان….إنتا بتل يا بوورهان…إنتا بتل…إحنا فخورين فيك يا بوورهان…
ثم أردفت تقول:
لازم ترجع عالبلاد يا بوورهان….مش لازم نترك الوتن للسهاينة يا بوورهان”
لا تريد سيدتنا “أمّ الفراء” أن تترك الوطن للـ “السهاينة”، وتريد من برهان الذي لم يبق منه سوى كتلة من اللحم الفاقدة لمعظم حواسها، تريده أن يرجع كي يحمي لها “الوتن”!
هي مضطرة أن تبقى في أمريكا كي تحرس ملايينها، تعيش في أفخم القصور وتركب أحدث السيارات وترسل أولادها الثلاثة إلى أفضل جامعات العالم، بينما يعود برهان كي يحمي لها الوطن.
يا له من نفاق!
ذكّرني بتلك السيّدة قادة حماس وهم يتنافسون على شاشات التلفزيون، بهاماتهم الضخمة والشبيهة بالأبقار الهولندية المعلوفة والمحقونة بكميات كبيرة من الهرمونات، يتنافسون كي يتشدّقوا بأرواح أطفالهم ونساءهم مقابل كسب سياسي خسيس لن يقودهم أبعد من كروشهم المندلقة وفي أفضل الأحوال أبعد من موائدهم العامرة!
…………
لم يكد خالد مشعل يطلّ علينا من مكان إقامته في إحدى فيلل دمشق الفاخرة، حتى حسده على منظره المعافى رئيس عصابة الإخوان المسلمين السوريّة فأصدر على الفور بيانا يعلن فيه وقف نشاطه المعارض للحكومة السوريّة بحجة “رص الصفوف ضد العدو الصهيوني”، وطالب من خلال بيانه الحكومة السورية بالمصالحة مع شعبها.
يا له من نفاق!
لا تستطيع حكومة على سطح الأرض أن تتصالح مع شعبها قبل أن يتصالح ذلك الشعب مع نفسه!
لم يبق أمامَ أيّ ضمير حي في تلك الأمة، إن بقي فيها ضمير، إلا أن يسأل ذاك الرجل:
وهل تصالحت أنت مع الأمهات اللاواتي أحلت أبناءهن إلى أشلاء عندما أوعزت إلى مجاهديك أن يزرعوا متفجراتهم وأحقادهم في البنايات المكتظّة بالسكان وفي قطارات وباصات كافة المدن السورية في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات؟!!
هل تصالحت مع عائلات الدكتور محمد الفاضل والدكتور يوسف اليوسف والدكتور علي العلي والدكتور عبد الرحمن هلال والدكتور نزار الحمصي والدكتور محمود شحادة وغيرهم كثيرين من الذين اقتحمت جحافلك مكاتبهم وعياداتهم لتحيلهم برصاصها الغادر إلى أشلاء وهم يكبرون ويصلون على نبيك؟!!
هل تصالحت مع عائلات ضحايا مجزرة مدرسة المدفعية في حلب، يوم دخل زلمتك المجرم ابراهيم اليوسف وكان مدرسا في تلك المدرسة إلى صفه وأحال المئات من طلابه في ثوان إلى بقايا بشر؟!!
هل انطوت جرائكم يومها تحت لواء “رصّ الصفوف ضد العدو الصهيوني”؟!!
هل ندّدتم يوما بما فعلته “طلائعكم” في الجزائر وما يفعلونه اليوم في العراق؟!!
هل ندّدتم يوما بقتل أكثر من ألف وخمسمائة شيعي على جسر الأئمة الذي نسفه جنودكم البواسل عملا بوصايا نبيكم “نبيّ الرحمة”؟!!
هل ندّدتم يوما بقتل وتهجير المسيحيين في العراق؟!!
هل ندّدتم يوما بما حدث ويحدث للأقباط في مصر كلّ يوم؟!!
لن نسألكم عن غزوات نبيكم ومجازر بني قريظة وبني خيبر، فالحوادث رغم بشاعتها تموت مع القدم ولا نريد أن نفتح الآن ذلك التاريخ القذر، مع أننا مازلنا “بجهودكم” نعيشه!
كيف نصدّق مشاعر ذلك الرجل حيال أطفال غزّة طالما لم يتورّع عن قتل أطفال وطنه الأم عندما اقترفت عصابته مجزرة حي الأزبكيّة في دمشق؟!!
كيف نصدق مشاعر رجل لا يتورع أن يغدر بطلابه عندما يكون معلما ومسؤولا عن سلامة هؤلاء الطلاب؟!!
هل فعلها يهودي بطلابه؟!!
كيف نصدق مشاعر الشارع العربي الذي خرج منددا بما يحدث في غزة، ولم يخرج يوما منددا لما حدث ويحدث في العراق من مجازر اقترفها اسلامييون يسيرون على خطى نبيهم ويطبقون أحكام شريعته؟!!
كيف نصدّق شيعيّا في ايران يتباكى على أطفال غزّة أو فلسطينيا من حماس يهلل لحزب الله، طالما لا يتورع السنة والشيعة عن قتل بعضهم البعض بطرق أبشع بكثير مما حدث ويحدث على أيدي الإسرائيلين عبر تاريخ الصراع العربي ـ الإسرائيلي؟!!
لو تسنى لحماس أن تمتلك ـ لا سمح الله ـ ما لدى اسرائيل من تقدم عسكري وتقني هل ستتورع لحظة عن مسح فتح من تاريخ الوجود، ناهيك عن مسح شيعة ايران؟!!
لو تسنى لإيران أن تمتلك ـ لا سمح الله ـ ما لدى اسرائيل من تقدم عسكري وتقني هل ستتورع عن مسح السنة العرب من تاريخ الوجود؟!!
…….
قابلت أثناء تواجدي الصيف الفائت في ولاية تكساس رجل دين هندوسي كبير في السن، كان قد زار أمريكا بغية حضور أحد المؤتمرات التي تناولت موضوع الحرب على الإرهاب.
دار بيننا حديث حول أحداث الساعة، ففاجئني بقوله:
اسمعي يا سيدتي! كلّ حرب عبر التاريخ البشري كان فيها صراع بين الخير والشر إلاّ تلك الحرب، يجب على العالم كله أن يتراجع ويترك الشرّ نفسه يقضي على نفسه!
لم أفهم قصده، وعندما سألته عن مزيد من التوضيح قال:
“أنا ضد التواجد الأمريكي في العراق وأفغانستان. يجب أن يُترك الأمر للشيعة والسنة فهم قطبا الشر في تلك المعادلة. ستقوم حروب أهليّة بين هذين القطبين وسيتفرع عنها حروب كثيرة بين أفراد القطب الواحد، وستؤدي تلك الحروب لاحقا إلى نهاية الإسلام كعقيدة تدعو إلى الإرهاب. إن مازرعه الإسلام من حقد في قلوب أتباعه يكفي للإطاحة برأس الإسلام، هذه هي الطريقة الوحيدة التي تضمن للبشرية سلامتها من الإرهاب الإسلامي”
بناء على ما قاله ذلك الرجل الحكيم، أعتقد بأنّ اسرائيل تمدّ اليوم بعمر الإسلام فهي ـ من حيث لا تدري ـ تساهم في إجبار المسملين على تجاوز خلافاتهم ورأب الصدع بينهم، لكنّ ذلك الرأب مزيّفٌ وهشّ إذ لا يقوم على نوايا سليمة وصادقة!
في أيلول الأسود عام 1970 قام الملك حسين بتصفية الفلسطينين بطريقة وحشيّة لم يشهدها التاريخ. قالت لي سيّدة فلسطينية كانت قد شهدت عملية التصفية بعينيها:
“رأيت من نافذة غرفتي دبابة أردنية تسحل جثة لرجل فلسطيني، ثمّ ترجل سائقها وراح يحشو فم ذلك الرجل بأوراق جريدة كانت في يده”
قد تحرق دبابة اسرائيلة كلّ ما تصادفه في طريقها بلا رحمة، ولكنني لم أسمع في حياتي بأن جنديّا اسرائيليا قد مثل بجثة رجل فلسطيني، ناهيك عن رجل يهودي!!
كان مجاهدو الإخوان المسلمين في سوريا يلطخون آياديهم بدماء ضحاياهم ثم يكتبون بها على الحيطان: الله أكبر والعزّة للمسلمين!
لم أسمع بأن يهوديا واحدا قد لطخ يديه بدماء يهودي آخر وكتب على حيطانه: العزة لليهود!
يقول مثل إنكليزي: اللسان البذيء يعضّ نفسه!
يبدو، أقولها والألم يعتريني، أنه لم يبق أمام العالم ما يفعله حيال الإرهاب الإسلامي سوى أن يتراجع عن المواجهة، ويهيأ الظروف المناسبة لتلك الأمة كي تعضّ نفسها!
…………
قال الرحالة الكندي المعروف Bernard Weber في مطلع كلمته التي ألقاها كرئيس لمؤتمر “حماية البيئة” عام 2007:
” لاتستطيع أن تحمي شيئا مالم تؤمن أولا بقيمة ذلك الشيء وتقدر تلك القيمة”.
لن يستطيع هؤلاء الإرهابيون حماية أطفالهم، لأنه لا قيمة لحياة الطفل في تعاليمهم وأعرافهم ومفاهيمهم!
في محاولة دنيئة ليستدروا شفقة العالم وليوهموا الشارع العربي المغفّل والمغيّب عن الوعي بسمو أهدافهم، يطلقون صواريخهم الخلبيّة من غرف نوم أطفالهم ثم يولولون عندما تدكّ آلة الحرب الإسرائيلية بلا رحمة معاقلهم غير آبهة بالضحايا البريئة التي استخدمها ذويها درعا لهم!
اجتمعنا يوما بوزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس، وكنا طلابا في جامعة حلب. لن أنسى ما قاله في ذلك الإجتماع، بلع ريقه كي يستجمع نفاقه ثم قال:
” يا رفاق! اسرائيل يُرهبها الموت وترتعد خوفا عندما نقتل لها جنديّا واحدا، أما نحن فرجالنا كثيرون ولا نأبى الموت”.
وهنا يكمن الفرق بيننا وبينهم، لقد شهد طلاس يومها على ذلك الفرقٍ، كما يشهد عليه اليوم قادة حماس.
عندما يؤمن الإنسان بالحياة كقيمة ويقدّر تلك القيمة يسعى بكل جهده لتحسين نوعية تلك الحياة.
الفرق بين موقف اليهود من الحياة كقيمة وبين موقف المسلمين يتجسّد في الفرق الواضح بين نوعية الحياة التي يعيشها اليهودي في اسرائيل وبين نوعية الحياة التي يعيشها المسلم في أي بلد اسلاميّ آخر!
طبعا اسرائيل، ومن منطلق ايمان اليهود بالحياة كقيمة، تهتمّ بحياة كل فرد من أفرادها ولذلك تضرب بلا رحمة عندما تتهدد حياة ذلك الفرد. أما هؤلاء الإرهابيون فلقد ألفوا الإستهتار بحياة الإنسان ولذلك لا يقيمون لحياة أطفالهم وزنا!
يقول مثل عربي: اقتلني ومالكا!
يجسّد ذلك المثل عقليّة البدوي الذي لا يقيم للحياة وزنا، فهو لا يهمّه أن يُقتل طالما يقتلون معه مالكا!
موت كلّ أطفال غزّة لن يحرك ساكنا عند أيّ قائد إسلاميّ، طالما يتسنى له أن يستعرض عضلاته ويتبجّح بقتل جندي اسرائيلي واحد!
لا يستطيع أيّ رجل يتربى وفق عقيدة تصرّ على أن الهدف الأسمى من الوجود هو أن يقاتل في سبيل الله حتى يَقتل أو يُقتل، لا يستطيع ذلك الرجل أن يخرج إلى الحياة إنسانا يؤمن بالحياة ويقدّرها كقيمة.
لو عرف محمد بأن اليهودي سيحلّق يوما بطائرة الـ F 16 وليس وراء شجيرة الغرقد لوفر على أتباعه مهمة مطاردة اليهود وقتلهم إلى يوم الدين، كي يوفر لهم حياتهم!
لكن ألم يحن الوقت لهؤلاء الأتباع كي يدركوا خطورة تلك العقيدة ويفعلوا شيئا رحمة بأجيالهم القادمة؟!!
يقول غاندي: إذا أردت أن تغيّر العالم ابدأ بنفسك!
على المسلمين في القرن الواحد والعشرين أن يبدأوا بأنفسهم، فعندما ينبذون ثقافة العنف التي غصّ بها تراثهم وكتبهم الدينيّة ويتبنون ثقافة تحترم الحياة وتقدّرها سيكونون قادرين على حماية أطفالهم.
عندها، وعندها فقط، لن يكون لهم أعداء!
فمن يحبّ طفله أكثر ممّا يكره عدوه سيكون قادرا على مهادنة ذلك العدو خوفا على حياة ذلك الطفل.
هربت إلى أمريكا خوفا على مستقبل أطفالي يوم كنت لا أملك شبرا من الأرض فيها، وهكذا كان حال سبعة مليون مسلم فيها، ناهيك عن الذين هاجروا إلى بلدان أخرى.
لم تكن الأرض ضالتي ولم تكن ضالتهم، وإلا لقبلنا الظلم والهوان الذي مارسته حكوماتنا علينا ولتشبثنا بأرض الوطن، بل كان البحث عن حياة أفضل لأطفالنا تلك الضالة.
لا يمكن أن تعادل الأرض قيمة الحياة، والعرب هم أقل البشر حاجة للأرض وأكثرهم إنتهاكا للحياة!
فمتى تصبح الحياة كقيمة ضالة المسلم، ومتى يُدرك ذلك المخلوق المغيّب عن عقله بأنّ الإنسان، أيّ إنسان، لا يمكن أن يملك من الأرض مساحة أكبر من موضع قدميه؟!!

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment