الوحش يحتضر

مفكر حر 19\10\2012

الوحش بشار الاسد يحتضر ويغرس مخالبه وانيابه بكل شئ طري ويفجر الأشرفية ببيروت

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

هكذا قرأتُ القرآن ١٠ سورة الفجْر- ثانياً

رياض الحبيّب

هو ذا القسم الثاني (والأخير) من الضوء الذي ألقيت في القسْم الأوّل على ما تقدّم في سورة الفجر (والفجْرِ ١ وليَالٍ عَشْرٍ ٢ والشَّفْعِ والوَتْرِ ٣ واللَّيْلِ إذا يَسْرِ ٤) فإنه لعمري بعض الضوء، لأنّ مؤلف القرآن بقوله: {ألمْ ترَ كيف فعَلَ رَبُّكَ بعَادٍ ٦ إرَمَ ذاتِ العِمَادِ ٧ الَّتِي لمْ يُخْلقْ مِثلُهَا فِي البلَادِ ٨ وثمُودَ الَّذِين جَابُوا الصَّخرَ بالوَادِ ٩ وفِرْعَوْن ذِي الأوتادِ ١٠ الَّذِين طغوا في البلادِ ١١ فأكثرُوا فِيهَا الفسَادَ ١٢ فصَبَّ عَليْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ ١٣ إنَّ رَبَّكَ لبالمِرْصَادِ ١٤… إلخ} قد تعرّض للتاريخ بدون أن تكون لديه فكرة كافية عن تاريخ الأقوام القديمة (وهي هنا: عاد وثمود وفرعون) وأنماط الحياة المختلفة التي عاشوها فمرّ عليهم مرور سحابة صيف وذكرهم بتسلسل تاريخي مغلوط- ما سأثبت بعد قليل. ولا أدري ما كان المؤلّف متأكّداً من معلوماته ومُقيماً وزناً لثقافات سامعيه في وسط كشبه جزيرة العرب متعدّد الثقافات؛ هل كانت معلوماته دقيقة ولدى سامعيه معرفة بتفاصيل حياة تلكم الأقوام، إن كان الجواب بـ نعم، إذاً لم يأتِ سامعيه بجديد! ولا أحسب قوله (ألمْ ترَ كيف فعَلَ رَبُّكَ بعَادٍ… أو: ألمْ ترَ كيف فعَلَ رَبُّكَ بأصحاب الفيل- سورة الفيل: ١) سوى مناجاة بينه وبين ربّه لا دخل للآخرين بها، لأنّ له مطلق الحرّيّة فيما يرى ويتأمّل. أمّا الجواب بالنفي فاٌستوجب أن يكون المؤلّف (الرسول المُرسَل) عالـِماً بما يُلقي على أسماعهم من مواعظ وعِبَر ودقيقاً في علومه ومُستعِدّاً للإجابة على كلّ سؤال، بصدر رحب وثقة مطلقة بمصداقيّة ما أوحِيَ إليه وبنفسه، بصفته رسولاً مُرسَلاً من السّماء- أي من الله فائق الطبيعة والزمان. فإن افترضنا أنّ غالبية الذين أصغوا إلى المؤلّف (أو المُحَدِّث) من الجَهَلة بالتاريخ فعليه ان يكون أميناً معهم. أمّا لو كان في ذهنه القضاء على معارضيه من الأقليّة العارفين بتاريخ تلكم الأقوام- وهم تحديداً من أهل الكتاب- فقد حان الوقت الآن (وكلّ أوان) للكشف عن الخفايا في رسالته ما أمكن. ومعلوم أنّ البحث في التاريخ القديم يحتاج إلى مصادر موثوق بها أي معتمَدة من سلسلة المؤرّخين ومتفق عليها. ولقد ساعدت التقنية الحديثة لعلم الآثار في الكشف عن مخلّفات الحضارات القديمة وسبر أغوارها لتقصّي الحقائق ما أمكن. فأكتب بالمناسبة رابطاً لموجز مفصّل عن علم الآثار متضمناّ أسلوب الدراسة فيه والبحث- بلغات عدّة منها العربيّة wikipedia \ Archaeology

ألمْ ترَ كيف فعَلَ رَبُّكَ بعَادٍ – الفجر: ٦
يا ليت شعري متى وأين كيف؟ فأرِني لو سمحت! لقد ذكر مؤلّف القرآن عاداً وقومه في السُوَر التالية- هود: ٥٠-٥٤ وإبراهيم: ٩ (ألمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِين مِنْ قبْلِكُمْ قوْمِ نُوحٍ وعَادٍ وثمُودَ…) [لاحظ أنّ المؤلّف وضع عاداً مباشرة بعد نوح] والأحقاف: ٢١ والن جم: (وأنَّهُ أهْلكَ عَادًا الأُولى ٥٠ وثمُودَ فمَا أبْقى ٥١ وقوْمَ نُوحٍ مِنْ قبْلُ إنَّهُمْ كانُوا هُمْ أظْلمَ وأطغى ٥٢) وفصِّلتْ: ١٣-١٦ والعنكبوت: ٣٨ والحاقـّة: ٤ و ٦ والشعراء: (فأنجَيْناهُ ومَن مَعَهُ فِي الفُلْكِ المَشْحُونِ ١١٩ ثُمَّ أغْرَقْنا بَعْدُ البَاقِين ١٢٠ إنَّ فِي ذلِكَ لآَيَة ومَا كان أكثرُهُمْ مُؤمِنِين ١٢١ — كذَّبَتْ عَادٌ المُرْسَلِين ١٢٣) والأعراف: (لقدْ أرْسَلنا نُوحًا إلى قوْمِهِ فقالَ يَا قوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لكُمْ مِنْ إلهٍ غيرُهُ إنِّي أخافُ عليْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيم ٥٩ — وإلى عَادٍ أخاهُمْ هُودًا قالَ يَا قوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لكُمْ مِن إلهٍ غيْرُهُ أفلَا تتَّقون ٦٥ — أوَعَجبْتُمْ أنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ واذكُرُوا إذ جَعَلكُمْ خُلفاءَ مِن بَعْدِ قوْمِ نُوحٍ وزادَكُمْ فِي الخلْقِ بَسْطة فاذكُرُوا آَلاءَ اللهِ لعَلَّكُمْ تُفلِحُون ٦٩) [خلفاء: أي عاد- في التفاسير] بالإضافة إلى الفجْر: ٦ -٨ والآن سأكتفي في هذا البحث بالتحرّي عن عاد فقط، تاركاً للقرّاء الكرام التحرّي عن ثمود وفرعون المقصود من بين فراعنة مصر، ذلك كي لا أطيل- فأمامي أربع وتسعون سورة ما بعد سورة الفجر وليس في وسعي تخصيص أزيد من مقالتين كحدّ أعلى لإلقاء الضوء على كل منها.

غلط القرآن إزاء قوم عاد تأريخيّاً:
حدّثنا د. رأفت عمّاري- الأستاذ في التاريخ- مشكوراً عن المؤرّخ اليوناني كلاوديوس بطليموس

Claudius Ptolemaeus

(المتوفى في الاسكندرية سنة 161 م) أنه الأوّل الذي ذكر قبيلة عاد باٌسم عوديتو أو عوديتا على أنها موجودة شمال غربيّ شبه جزيرة العرب في حدود القرن الثاني للميلاد أي في زمن حياة المؤرّخ بطليموس نفسه- هنا من جديد رابط الحديث برامج ودراسات

وأردف د. رأفت عمّاري: لم يكنْ لـ عاد أيّ ذكر في كتب المؤرّخين من اليونان المستشرقين ولا الرومان قبل القرن الثاني للميلاد والذين أحصوا جميع قبائل العرب في شبه الجزيرة- بدون إشارة ما إلى قوم عاد أو قبيلته. أمّا العرب فلم يبدأوا بكتابة التاريخ قبل عام الفيل (حوالي 570 م) أي الربع الأخير من القرن السادس الميلادي. وقد وصف الرصافي حال العرب الثقافية في كتابه الموسوم “الشخصيّة المُحمّديّة” في باب “الرواية والعرب” ص 52-53 بما يأتي:
{كان أهل الجاهلية في عهد محمد أميّين لا يكتبون ولا يقرأون، وكان الذين يُحسِنون القراءة والكتابة منهم قليلين يُعَدّون بالأصابع، وكانوا يعتمدون فيما يعْلمونه على الرواية لا غير، ولذا كان لكلّ شاعر منهم راوية يحفظ شعره ويرويه عنه للناس، فالشعر الجاهلي كله إنما جاءنا عن طريق الرواية وأخذناه من الرواة لا من الصحف المخطوطة، ولذا كان فيه ما ليس منه، وسقط منه ما كان فيه وبعبارة أخرى كان من المنحول والمنسي… والمفقود. واستمر هذا الحال- أعني الإعتماد فيما يعلمونه على الرواية- بعد الإسلام إلى أوائل القرن الثاني في عهد العبّاسيّين، فلم يدوّنوا في الكتب طول هذه المدّة شيئاً من علومهم التي جاء بها الإسلام، ولم يخطّوه في الصحف ولا سيّما الذي يتعلق بسيرة محمد فإنه إنما كُتِبَ ودوِّن في الصحف على عهد أبي جعفر المنصور- الخليفة الثاني من العباسيين، والذي كتبه هو محمد بن إسحاق صاحب المغازي والأخبار، ومنه أخذ مَن جاء بعده من الرواة وكتّاب السِّيَر، فكلّهم فيما كتبوه عيال عليه. فمحمد بن إسحاق [المولود في المدينة سنة 85هـ/703م والمتوفى في بغداد سنة 151هـ/ 768م- ويكيبيديا] لم يدوّن ما دوّنه من أخبار السِّيرة المحمدية إلّا بعدما مرّ عليها من الزمن ما يزيد على مِائة سنة، وقد كانت هذه الأخبار في هذه المدة كلها تتناقلها الرواة وتلوكها ألسنتهم فكانت موضع خبطهم وخلطهم، ملعب أهوائهم ومسرح تحزباتهم المذهبية والسياسية، حتى وقع فيها من الزيادة والنقص ما وقع، وجرى فيها من التغيير والتبديل ما جرى، وحصل فيها الإضطراب والتناقض ما حصل، حتى أنك لتجد للأمر الواحد روايات متعددة متخالفة ومتباينة، وتجد في الأمر الواحد روايتين إحداهما تقول بالنفي والأخرى بالإثبات… إلخ} انتهى

أمّا مؤلّف القرآن فقد أدرج قوم عاد تاريخيّاً بعد قوم نوح (الأعراف: ٦٩ إذ جَعَلكُمْ خُلفاءَ مِن بَعْدِ قوْمِ نُوح) علماً أنّ موسى النبيّ (يُقدّر ظهوره في حدود 1350-1250 ق.م) كتب في التوراة السلالات القديمة من قبائل وأقوام بأسمائهم وأنسابهم، ما عُدّ دليلاً مُعتمَداً لدى المؤرّخين من بعده وما أيّدت الإكتشافات الآثاريّة معالم وجودهم وحضاراتهم- ولا تزال أعمال الحفريّات قائمة إلى يومنا لاكتشاف المزيد، لكنّ موسى لم يذكر عاداً أو قوم عاد إطلاقاً وليست له أيّة مصلحة في إهمالهم إمّا وُجـِدوا! فلو كان قوم عاد بعد نوح (نوح الذي يُقدّر زمن ظهوره ما بين القرنين الستين والخمسين قبل الميلاد- بحسب د. رأفت عمّاري) لما توانى موسى عن ذكرهم وذكر ثمود من بعدهم.
واللافت في عدم مراعاة مؤلّف القرآن التسلسلَ التاريخي- بالمناسبة- أنّه في مكان ما حين آثر ذكر عاد بعد نوح وقبل ثمود كما في سُوَر التوبة ٧٠ (ألمْ يَأْتِهِمْ نَبَأ الَّذِين مِنْ قبْلِهِمْ قوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقوْمِ إبْرَاهِيمَ وأصْحَابِ مَدْيَن…) وإبراهيم ٩ وغافر ٣١ وفصّلت ١٣ قام في مكان آخر بإدراج ثمود قبل عادٍ كقوله في سورة الحاقّة: كذبت ثمود وعاد بالقارعة ٤ فأمّا ثمود فأُهلِكوا بالطاغية ٥ وأمّا عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ٦ — إنهُ لعَمْري ضربٌ من الفوضى في القرآن.
ولكي يُداري المسلمون غلط القرآن عسى أنْ يجدوا مخرجاً لهذا الإلتباس (وغيره) قام محمد ابن إسحاق بمحاولة تزوير سلسلة مواليد سام بن نوح في التوراة- إن صحّ نسب “شرف” هذه المحاولة لاٌبن إسحاق- فحَشـَرَ اسمَ عادٍ بينها ليصبح مؤلّف القرآن مُصيباً، علماً أنّه أوّل مؤرّخ عربي وصاحب أوّل كتاب في السيرة المحمّدية “سيرة رسول الله” فلقد ذكر القرطبي (وابن كثير) في معرض تفسير سورة الأعراف: ٦٥ ما يأتي: {قالَ اِبْن إِسْحَاق: وَعَاد هُوَ اِبْن عَوْص بْن إِرَم بْن شالخ بْن أرْفخْشَد بْن سَام بْن نُوح عَليْهِ السَّلَام} ومعلوم أنّ هذه الأسماء توراتيّة صرفة، كان الأولى بابن إسحاق (والذين أتوا من بعده) أن يحترم حدوده فيدوّن روايات التاريخ الإسلامي- ابتداءً بعام الفيل- وينشغل بسرد السيرة المحمّدية لإخراجها كما هي فيحظى برضى ربّه وأمّته وفي مقدّمتها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور (الذي وفـّر له الدعم اللازم لكتابة السيرة المحمّدية المعروفة بـ سيرة ابن إسحاق) بدون أن يتعدّى على عقائد الآخرين وشرائعهم، لكني لست هنا لألومه بل ألوم نبيّه الذي رَخـّصَ لنفسه (ولغيره) الكذب في ثلاث.

أمّا في السّيرة، الروض الأنف، ج 1 ص 37: {قال ابن هشام: وحَدّثني… عن قتادة بن دعامة أنه قال: إسماعيل بن إبراهيم- خليل الرحمن- ابن تارح- وهو آزر- بن ناحور بن أسرغ بن أرغو بن فالخ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قاين بن أنوش بن شيث بن آدم- صلعم} انتهى [قيل: آدم (صلعم) لأنّ محمّداً ظنّ آدم من الأنبياء ويا ليت شعري ما هي نبوّة آدم وما رسالته؟]
تعليقي: واضحٌ ألّا وجود لاٌسم “عاد” في سلسلة النسب المنسوبة لابن هشام- مع تحفظي على الغلط الذي فيها، إنّ السلسلة مسروقة من كتاب أهل الكتاب (لأنها مدوّنة بدون إشارة إلى المصدر، علماً أنها افتقدت حتى الأمانة في النقل) وأهل الكتاب أدرى بكتابهم منه ومن نبيّه! فواضح أنها أسماء توراتية بل أسيء نقلها. فالتسلسل الأصلي هو ما دوّن موسى النبي في التوراة، سفر التكوين- الفصل العاشر، علماً أنّ سلسلة النسب عينها مذكورة في سِفر أخبار الأيّام الأوّل، الفصل الأوّل:
تكوين 10: 21-24 {وسَامٌ أبُو كُلِّ بَنِي عَابـِرَ أخو يَافـَثَ الكبيرُ وُلِدَ لهُ أيْضاً بَنُون. بَنُو سَامَ: عِيلاَمُ وأَشُّورُ وأرْفـَكْشَادُ ولُودُ وأرَامُ. وبَنُو أرَامَ: عُوصُ وحُولُ وجَاثـَرُ ومَاشُ. وأرْفكْشَادُ وَلـَدَ شَالـَحَ وَشَالحُ وَلدَ عَابرَ} انتهى. وانتهينا من معرفة حقيقة مُرّة إسلاميّاً هي أنّ عاداً ليس ابْن عَوْص بْن إرَم! ليس هذا فحسب، بل نظرتُ في قاموس الكتاب المقدّس وفي قاموس المحيط الجامع ما كانت هناك كلمة مقاربة للفظة “عاد” فتوصلت إلى ما يأتي- أتبه باختصار شديد:
* عُود (1) آلة للطرب، وجدت منذ عهد قديم. (2) من أنواع العطور الشرقية الثمينة قوية الرائحة (مزمور 45: 8 ونشيد الأنشاد 4: 14) وكان يستعمل لتبخير البيوت ولتحنيط الموتى (يوحنّا 19: 39) عند كثير من الشعوب الشرقية وخصوصاً المصريين والعبرانيين
* عُوديد: اسم عبري معناه ((أعاد)) وهو (1) أبو النبي عزريا الذي هدد الملك آسا وحمله على نزع الرجاسات (2 أخبار 15: 1ـ 8) — (2) نبيّ المملكة الشمالية في أيام الملك فقح، وقد قابل جيش المملكة الشمالية وهو عائد من الحرب ومعه أسرى من مملكة يهوذا، وعددهم مئتا ألف امرأة وصبيّ وبنت، فندّد بعملهم وحملهم على إطلاق سراح الأسرى (2 أخبار 28: 9ـ 15)
* عادان: منطقة خضعت للحكم الأشوري مع جوزان و حاران وراصف (2ملوك 19 :12؛ أشعياء 37 :12) مدينة أشورية في بيت اديني المنطقة التي تمتدّ على ضفتي نهر الفرات.
* عَادِين: اسم عبري معناه ((رفيق)) رأس عائلة عادت من السّبي في بابل مع زَرُبَّابل وعزرا (عزرا 15:2 و 6:8) وقد وقـّع رئيسهم الميثاق الذي قطعه نحميا لخدمة الربّ (نحميا 16:10)
ومن أراد مزيداً من البحث في قامُوسَي الكتاب المقدّس والمحيط الجامع يجد عبر الرابط http://www.albishara.org

أمّا بعد وبالعودة إلى قوله (ألمْ ترَ كيف فعَلَ رَبُّكَ بعَاد) ذهبْتُ- كالعادة- إلى تفسير أحد الإئمّة ممّن تفضّلوا بما لديهم فاخترتُ القرطبي: {“رَبّك” أيْ مَالِكُك وخالِقك “بعَادٍ ” قِرَاءَة العَامَّة “بعَادٍ” مُنَوَّناً. وقرَأ الحَسَن وأبو العَالِيَة “بعادٍ إِرَم” مُضَافاً. فمَنْ لمْ يُضِفْ جَعَلَ “إرَم” اِسْمه، ولمْ يَصْرِفهُ؛ لأنَّهُ جَعَلَ عَادًا اِسْم أبيهِمْ، وإرَم اِسْم القبيلة وَجَعَلهُ بَدَلًا مِنهُ، أوْ عَطْف بَيَان. ومَنْ قرَأهُ بالإضافة ولمْ يَصْرِفهُ جَعَلهُ اِسْم أُمّهمْ، أو اِسْم بَلدَتهمْ. وتقديره: بعَادٍ أهْل إرَم. كقولِهِ: “واسْألْ القرْيَة” – يُوسُف: ٨٢ ولمْ تنصَرِفْ- قبيلة كانتْ أوْ أرْضاً- للتَّعريفِ والتَّأنيث. وَقِرَاءَة العَامَّة “إرَم” بكسْرِ الهَمْزة}

تعليقي: هل موضوع القراءة مزاجيّ ليقرأ كلّ قارئ كما يشاء ولتستمرّ النغمة على أنه «قوله تعالى» وأنْ “لَا تبْدِيلَ لِكلِمَاتِ الله” يونس: ٦٤ و“لَا مُبَدِّلَ لِكلِمَاتِ الله” – الأنعام: ٣٤ والكهف: ٢٧؟ ليس ذلك فحسب، بل أضاف القرطبي:
{وعَن الحَسَن أيْضًا “بعَادَ إِرَمَ” مَفتُوحَتيْنِ، وَقُرِئَ “بعَادَ إرْم” بسُكُونِ الرَّاء، عَلى التَّخْفِيف كمَا قُرِئَ “بوَرْقِكُمْ” وقرِئَ “بعَادٍ إرَمِ ذات العِمَاد” بإضَافةِ “إرَم” إلى “ذات العِمَاد ” والإرَم: العَلـَم. أيْ بعَادٍ أهْل ذات العَلـَم. وقرِئَ “بعَادٍ إرَمَ ذات العِمَاد” أيْ جَعَلَ الله ذات العِمَاد رَمِيمًا. وقرَأ مُجَاهِد والضَّحَّاك وقتادة “أرَمَ” بفتح الهَمْزة. قالَ مُجَاهِد: مَن قرَأ بفتحِ الهَمْزَة شَبَّهَهُمْ بالآرَامِ، الَّتِي هِيَ الأعْلَام، وَاحِدها: أرَم. وفي الكلام تقديم وتأخير أيْ والفجْر وكذا وكذا إنَّ رَبّك لبالمِرْصَادِ ألمْ ترَ. أيْ ألمْ يَنْتهِ عِلْمك إلى مَا فعَلَ رَبّك بعَادٍ. وهذه الرُّؤية رُؤيَة القلب، والخِطاب للنَّبيِّ- ص- والمُرَاد عَامّ}

تعليقي: يدلّ اختلاف القراءات بألـْسِنة الصحابة أنفسهم على أنّ المقروء من تأليف بشري محض، أمّا لغويّاً فالإختلاف يضادّ البلاغة. ولو كان المقروء في كتاب غير القرآن لما اهتمّ به أحد ولكان الذي في يد القارئ- حين يصِل بقراءته إلى هذا الحد- هو آخِر ما يقرأ للمؤلّف، إنْ لم يُلقِ بالقرآن جانباً ليقرأ عن رواية عادٍ في كتاب معانيه أوضح والعلم الذي فيه أرقى وأشمل.

وأردف القرطبي: {وكان أمْر عَادَ وثَمُود عِنْدهمْ مَشْهُورًا إذ كانُوا فِي بلَاد العَرَب، وَحِجْر ثمُود مَوْجُود اليَوْم. وأمْر فِرْعَوْن كانوا يَسْمَعُونهُ مِنْ جيرَانهمْ مِنْ أهْل الكِتاب، واسْتفاضَتْ بهِ الأخبَار، وبلَاد فِرْعَوْن مُتَّصِلَة بأرْضِ العَرَب. وقد تقدَّمَ هذا المَعنى فِي سُورَة “البُرُوج” وغيْرها “بعَادٍ” أيْ بقوْمِ عَادٍ. فرَوَى شَهْر بْن حَوْشَب عَن أبي هُرَيْرَة قالَ: إن كان الرَّجُل مِنْ قوْم عَادٍ ليَتَّخِذ المِصْرَاع مِن حِجَارَة، ولو اِجْتمَعَ عليهِ خمسُمِائةٍ مِن هذِهِ الأُمَّة لمْ يسْتطِيعُوا أنْ يُقِلُّوهُ، وإنْ كان أحَدهمْ ليُدْخِل قدَمَهُ فِي الأرْض فتدْخُل فِيهَا} انتهى

تعليقي: إنْ (كانوا يَسْمَعُونهُ مِنْ جيرَانهمْ مِنْ أهْل الكِتاب، واسْتفاضَتْ بهِ الأخبَار) فلم يأتِهم محمّدٌ بجديد- كما أسلفت- إن لم يأتِ بالغريب.

أمّا الإمام ابن كثير فاقتطفت من تفسيره: {وهؤلاء كانوا متمّردين عتاة جبّارين خارجين عن طاعته مكذبين لرسله جاحدين لكتبه [ما الدليل] فذكر تعالى كيف أهلكهم ودمرهم وجعلهم أحاديث وعبراً [ما الدليل على أنّ تعالى هو المسؤول عن فنائهم- إمّا فنوا حقّاً] فقال “ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد” وهؤلاء عاد الأولى وهم ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح. قاله ابن إسحاق} انتهى

تعليقي أيضاً: هل نقل ابن كثير تسلسل النسب عن ابن إسحاق بدقة؟ الجواب: لا. ولو سلّمْنا بصحّته فكيف توصّل إليه ابن إسحاق؟ وقد أسلفت أنّ ابن كثير ذكر النسب عينه في معرض تفسيره سورة الأعراف: ٦٥ أمّا القرطبي فقد نقل عن ابن إسحاق (أي المصدر عينه) أنّ عَوص هو ابن إرم (أي بخلاف ما روى ابن كثير) وأضاف القرطبي في معرض تفسير سورة الأعراف: ٦٥ التالي {وكانتْ عَاد فِيمَا رُوِيَ ثلَاث عَشْرَة قبيلة؛ يَنزِلون الرِّمَالَ، رَمْل عَالِج. وكانوا أهْلَ بَسَاتِين وزرُوع وعِمَارَة، وكانتْ بلَادهمْ أخْصَبَ البلَاد، فسَخِطَ الله عَليْهِمْ فجَعَلهَا مَفاوِز. وكانتْ فِيمَا رُوِيَ بنوَاحِي حَضْرَمَوْت إلى اليَمَن، وكانُوا يَعْبُدُون الأصْنام. ولحِق هُود حين أُهلِكَ قومه بمَن آمَن معه بمكة، فلمْ يَزالوا بها حتى ماتوا} انتهى

تعليقي: 1. المطلوب من رجُل الدين توفير الدليل العقلاني على وجود عاد بنواحِي حَضْرَمَوْت إلى اليَمَن وليس عرض ما رُوِيَ من قيل وقال.
2. ليس هدفي في ما تقدّم تبيان غلط تسلسل النسب في تفسير ابن كثير ولا وضع النقاط على حروف الإختلاف بينه وبين غيره من المفسّرين، لكنّ الغريب واللافت في آن معاً هو انصراف مفسّرين كبار- إسلاميّاً- وراء النقل على حساب العقل والتشبّث بفرع من المعلومة على حساب الأصل.
_____________________

في الحلقة القادمة قراءة في سورة الضّحى

رياض الحبيّب

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | 1 Comment

هكذا قرأتُ القرآن ١٠ سورة الفجْر – أوّلاً

رياض الحبيّب

قرأت فجْر يوم أمس سورة الفجر، قلتُ لعلّ قراءتها فجراً يُساعد في فهمها، إذ وجدت ترتيب “التنزيل” الصّحيح ١٠ وذلك بحسب الموقع الإسلامي التالي
الفهرس الكامل لترتيب سور القرآن

ولكنّ ترتيبها ٨٩ في المُصْحَف العثماني. وذكرت في الحلقة السابقة كيفية اختيار أسماء السّوَر القرآنية، لذا رجّحتُ أن يكون مرجع تسمية هذه السورة بـ الفجر عائداً إلى أنّ كلمة “الفجر” مذكورة في أوّل السُّورة. هنا أوّلاً ما تقدّم من السّورة: {والفجْرِ ١ وليَالٍ عَشْرٍ ٢ والشَّفْعِ والوَتْرِ ٣ واللَّيْلِ إذا يَسْرِ ٤ هَلْ فِي ذلِكَ قسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ٥ ألمْ ترَ كيف فعَلَ رَبُّكَ بعَادٍ ٦ إرَمَ ذاتِ العِمَادِ ٧ الَّتِي لمْ يُخْلقْ مِثلُهَا فِي البلَادِ ٨ وثمُودَ الَّذِين جَابُوا الصَّخرَ بالوَادِ ٩…} إلخ

وذكرت في الحلقة السابقة أنّ في ذهني التركيز على جوانب من السورة قد لا يركّز عليها غيري وهو يقرأ، لأنّ لكلّ قارئ أسلوباً خاصّاً في التفكير وتالياً في القراءة والكتابة. علماً أني حريص على الإختصار؛ لأنّ بعض السور القرآنية طويلة نسبيّاً وليس من أهدافي القيام باستعراض كلّ ما جمع المفسِّرون من شاردة وواردة لشرح جملة قرآنية ما أو سورة، إنما تبيان بعض معالم هذه المُقدَّسات منذ أربعة عشر قرناً ما استطعت إلى ذلك سبيلاً- ومن جهة أخرى، حاولت جهدي لتفادي الملل من القراءة.
سأبدأ بتفسير الإمام الطَّبَري لجملة القسَم الأولى “والفجر”: {هذا قـَسَمٌ أقسم ربّنا جلّ ثناؤه بالفجر، وهو فجر الصبح. واختلف أهل التأويل في الذي عُنِيَ بذلك، فقال بعضهم (ابن عبّاس- مثالاً) عُنِيَ به النهار. وعن ابن عبّاس {أيضاً} يعني: صلاة الفجر! وعن عبد الله بن الزبير قال: الفجر: قـَسَمٌ أقسَمَ الله به} انتهى

تعليقي: 1 أؤكد على ما ذكرتُ من قبل بأنّ الخالق لا يحتاج إلى قسَم وإذا ما أقسم فلا يُقسِم بشيء دونه، قيمة ومرتبة. ولم أرَ في الشعر “الجاهلي” قسماً يُشبه الذي في القرآن، كان قسَمُ الشاعر آنذاك معروفاً إمّا بحياته أو حياة محبوبته أو حياة أبيها؛ لـَعَمْري، لعَمْرُكَ، لعَمْرُكِ، لعَمْرُ أبيكِ… من الأمثلة. 2 لاحظت اختلاف أهل التأويل على أبسط مدلول- في نظري- لجملة قرآنية معيّنة 3. لاحظت تأويلين مختلفين منقولين عن الشخصيّة نفسها- كالأقوال المنسوبة لابن عبّاس {حَبْر الأمة وفقيهها وإمام التفسير- ويكيبيديا} عن كلمة واحدة بعينها أو جملة. أمّا رأيي فيما تقدّم فهو أنّ القول “والفجر” هو قول مؤلّف القرآن وليس قوله تعالى! وقد اتخذ منه المؤلّف بداية لأسجوعته، كقوله (والضُّحَى ١ وَاللَّيْلِ إذا سَجَى ٢) ، (واللَّيْلِ إذا يَغْشَى ١ والنَّهَارِ إذا تجَلَّى ٢) ، (والشَّمْسِ وَضُحَاهَا ١ والقمَرِ إذا تلَاهَا ٢) … إلخ لذا لا يجوز أن يُنسب ما يقوم به الإنسان كالسّجع إلى قوله تعالى! وإنْ كان {تعالى} يسجع في القرآن فبماذا تميّز سجعه عن سجع الكواهن والكهّان؟

أمّا معرض تفسير الطبري لجملة القسم الثانية “وليَالٍ عَشْرٍ” فاقتطفت منه: {اختلف أهل التأويل في هذه الليالي العشر أيّ ليالٍ هي؟ فقال بعضهم: هي ليالي عَشْر ذِي الحِجَّة – [ابن عبّاس وعكرمة ومجاهد] وعن ابن عباس أيضاً [وقتادة والضّحّاك]: عَشْر الأضْحَى؛ قال: ويُقال: العشر: أوّل السَّنة من المحرم. و{عنهُ} أيضاً: هنّ الليالي الأُوَل من ذي الحجّة. وعن عبد الله بن الزبير: أوّل ذي الحجّة إلى يوم النحر. وعن أبي إسحاق قال: عشر ذي الحجة، وهي التي وَعَدَ الله موسى- صلعم- قاله مجاهد أيضاً. والصواب من القول في ذلك عندنا [أي عند الطبري] أنها عَشر الأضحى، لإجماع الحجّة من أهل التأويل عليه، وأنّ عبد الله ابن أبي زياد القطواني: 28726 – حدثني… عن جابر، أنّ رسول الله- ص- قال: «والفجر وليال عشر، قال: عشر الأضحى»} انتهى

تعليقي: بما انّ أهل التأويل اختلفوا- كما جرت العادة- على الليالي العَشر وقد غاب عنهم موضوع {القافية} فيُخيَّل إليّ؛ لو أوحِيَ إلى أحد الأنبياء الكذبة- قبل محمّد أو بعده- أسجوعة فتلاها على مسامع صِدِّيقـِيه لاٌضطرّ إلى تمشية القافية في زمنٍ عجّ بالأوزان وبالقوافي؛ فإنْ بدأ الأسجوعة بـ “والشفعِ” مثالاً للزمَ الأمر أن يُردف بـ “وليال تسعِ” فرُبّما أكمل هكذا:
{والشفعِ* وليالٍ تسعِ* وطلولِ ذلكُمِ الربْعِ* والسّاعِ في غزوةٍ وقمْعِ* غير آبهٍ لما يباغتُ في البيداء من ذئبٍ وسبعٍ وضبعِ* إنّ الإنسان لميّالٌ إلى تحصيل الرزق والنفعِ* لكنّ ربّهُ أدرى بحاله والوضعِ* وما أدراهُ بالمشروع وبالشّرعِ*… إلخ} — سَمِّها ما شئت، كأسجوعة الشفعِ- بفتح الشّين وتسكين الفاء.
أمّا لو وضع في باله خمْسَ ليالٍ أو بدأ بقافية سِينيّة (شمس أو قِسّ وسواهما) فرُبّما لزم الأمر بأن يردف هكذا:
{والشمسِ* وليالٍ خمسِ* والعُذريّ مُرْهَفِ الحِسِّ* أنعِمْ بليالي الأنسِ* يَومَ تسألُ معشوقة ٌ معشوقها حديث الهَمْسِ* ويفضِّلُ العاشقُ لغة اللّمْسِ* إنّ غدَ العشّاق ليس كما الأمسِ* يعزفون نشازاً بقيثارةِ الرّوح والنّفسِ* أفبَعْدَ شكٍّ ولبْسِ* يتفوّق السّبانخُ على الخسِّ* إنّا أنهَيْنا داحِسَ والغبْراءَ بهزيمة بني عَبْسِ* وأحْكمْنا قبضتنا على المُنكـَر والرّجسِ* فتأمّلْ في ما تقرأ من مقدَّسٍ وما تنشدّ إلى قـُدْسِ* وحَذار مِن أسجُوعة نحْسِ* وَمِن كلّ خسـِيسٍ وجـِبْسِ* … إلخ} – سَمِّها ما شئت، كأسجوعة الأنس- بضمّ همزة القطع- وعلى ما تقدّم فليختلفْ أهلُ التأويل في حياته أو بعد وفاته. أمّا المطلوب بالدرجة الأساس فهو بذل الجهد لإيهام الناس بصواب مشروعيّة الرسالة عبر تصويرها قادمة من السّماء، أي عبر ربط موضوع السّورة بالسّماويّات والغيبيّات على أملٍ في ألّا تصدّ الرسولَ لومة لائم وأقاويلُ شاتم وإلّا فلا حيلة له ولا حجّة ولا وسيلة لفرض دينه وسلطته سوى الصّارم وما يلي من اصطياد الفرائس والإستيلاء على ما تيسّر من “الغنائِم” و{على قدر أهل العزم تأتي العزائم – قول المتنبي} فبماذا اختلف الرجُل الحالِم عن قطّاع الطرق وعن مختلف مُحلّلي المحارم؟

وبمناسبة ذكر الشفع عدتُ إلى معرض تفسير الطبري لقوله “والشَّفْعِ والوَتْرِ” أي الفجر: ٣ فوجدتُ اختلافاً جديداً في التأويل: {قالَ بَعْضُهمْ [اِبْن عَبَّاس وعِكْرِمَة والضَّحَّاك] الشَّفْع: يَوْم النَّحْر [أي الذبْح] والوَتر: يَوْم عَرَفة. وقالَ آخرُون [اِبْن زَيْد] الشَّفع: اليَوْمَانِ بَعْد يَوْم النَّحْر، والوَتر: اليَوْم الثالِث. وقالَ آخرُون [اِبْن عَبَّاس] الشَّفْع: الخلْق كُلّه، والوَتر: الله، قال: الله وَتْر وأنتُمْ شَفْع، ويُقال الشَّفع صَلَاة الغدَاة والوَتْر صَلَاة المَغرِب… 28745 – حَدَّثنا عَبْد الله اِبْن أبي زِيَاد القطَوَانِيّ… عَنْ أبي الزُّبَيْر، عَنْ جَابِر: أنَّ رَسُول الله ص قال: “الشَّفْع: اليَوْمَانِ وَالوَتْر: اليَوْم الوَاحِد” والصَّوَاب [عند الطبري] مِن القول في ذلِكَ: أنْ يُقال: إنَّ الله تعالى ذِكْره أَقْسَمَ بالشَّفعِ والوَتْر، ولمْ يُخصِّص نوْعًا مِن الشَّفْع ولا مِن الوَتر دُون نوْع بخبَرٍ ولا عَقل، وكُلّ شَفْع ووَتر فهُوَ مِمَّا أقسَمَ بهِ، مِمَّا قالَ أهْل التأوِيل إنَّهُ دَاخِلٌ فِي قسَمه هَذا، لِعُمُومِ قسَمه بذلِك. واختلفت القُرَّاء في قِرَاءَة قوْله “والوَتر” فقرَأتهُ عَامَّة قُرَّاء المَدِينة ومَكَّة والبَصْرَة وبَعْض قُرَّاء الكُوفة بكسْرِ الوَاو. والصَّوَاب مِن القوْل فِي ذلِكَ: أنَّهُمَا قِرَاءَتانِ مُسْتَفِيضَتانِ مَعْرُوفتانِ فِي قِرَاءَة الأمْصَار، ولُغتانِ مَشهُورَتانِ فِي العَرَب، فبأيّتِهِمَا قرَأ القارِئ فمُصِيب} انتهى

تعليقي: لو حصل اختلاف القراءة في كتاب غير منسوب إلى السّماء؛ كتاب مطالعة ونصوص، قصيدة قديمة أو حديثة، كتاب أكاديمي سواء لُغوي أو غير لغوي (فبأيّتِهمَا قرَأ القارِئ فمُصِيب) أو قد يُصيب، لكنّ كتاباً جرَتْ بسببه الدماءُ أنهارا، لم يترك أتباعُهُ ليلاً آمِناً لمخالفيهم ولا نهارا، لا يزال يهدّد حاضر البشرية ومستقبلها في سطوره وما بينها خفية وجـِهارا، يجبُ أنْ تتمّ دراسته بدقّة ومن جميع الجوانب حرفاً حرفاً وكلمة كلمة وجملة جملة وسورة سورة باستخدام ما تيسّر للمؤمن أو الدارس أو الباحث {ولا سيّما الأخ المسلم والأخت المسلمة} من وسائل إيضاح ومراجع، واضعاً بين عينيه حقيقة هي في الذروة العليا من الأهميّة: بما أنّ الله مُطـْلـَقُ الكمال وفي كلّ شيء، إذاً وَجَبَ خلوّ الكتاب المنسوب لله مِن غلطٍ ما ونقصٍ وتقصير وعَيْب ورَيْب! أمّا الكاتب فيكتفي بالطّعْن في مصداقيّة مؤلّف القرآن حين قال “إنَّا نحْن نَزَّلنا الذِّكْرَ وإنَّا لهُ لحَافِظُون” – الحِجْر: ٩ بالإضافة إلى قوله “بَلْ هُوَ قرْآَنٌ مَجيدٌ * فِي لوْحٍ مَحْفوظ” – البُروج ٢١-٢٢ ما اٌستوجَبَ اتفاقاً في القراءة ولا سيّما من جهة الصحابة، كذلك التأويل. ولكنّ الواقع هو وجود الإختلاف! ولا حُكمَ لديّ أبلغ من حُكم مؤلّف القرآن شخصيّاً على القرآن: “أفلا يَتدبَّرُون القُرْآَن ولوْ كان مِنْ عِنْدِ غيْرِ اللهِ لوَجَدوا فيهِ اختِلافاً كثِيرًا” – سورة النساء: ٨٢ علماً أنّ ما تقدّم من تعليق يعمّ جميع أنواع الإختلاف وأشكاله ولا يخصّ هذه الجملة أو تلك فحسْبُ، ما سأقوم بالتأكيد عليه أنّى اقتضتْ حاجة إليه وضرورة.

أمّا بعد فإني رفعتُ قبّعتي احتراماً أمام تفسير الإمام الطبري “واللَّيْلِ إذا يَسْرِ” أي الفجر: ٤ فإنها المرّة الأولى التي وجدتُ اعترافاً خطيراً قلّما التفتَ إلى مثله أهلُ الفقه وكثرما ركّزتُ عليه في مقالاتي. ذكر الطبري: {يقول: والليل إذا سار فذهب، يقال منه: سرى فلان ليلاً يسري: إذا سار. وقال بعضهم [عبد الله بن الزبير] عُنِيَ بقوله “واللَّيْلِ إذا يَسْرِ” ليلة جَمْع [قول عِكرمة] وهي ليلة المُزدَلِفة. وعَنْ اِبْن عَبَّاس: إذا ذهَبَ. وعَنْ مُجَاهِد وأبي العَالِيَة وقتادَة: والليل إذا سَارَ. وعن اِبْن زَيْد: اللَّيْل إذا يَسِير. واختلفت القرَّاء في قِرَاءَة ذلِكَ [هنا أدعو القرّاء الكرام إلى مزيد من التأمّل في قول الطبري] فقرَأتهُ عَامَّة قرَّاء الشَّام والعِرَاق {يَسْرِ} بغيْرِ يَاء. وقرَأ ذلِكَ جَمَاعَة مِن القرَّاء بإثبَاتِ اليَاء؛ وحَذف اليَاء في ذلِكَ أعْجَب إليْنا، لِيُوَفَّق بَيْن رُءُوس الآي إذ كانتْ بالرَّاء [لا فـُضّ فمُ الطّبَريّ، لا فـُضّ فوكَ أيّها الفقيه] والعَرَب رُبَّمَا أسْقطَت اليَاء فِي مَوْضِع الرَّفْع مِثل هذا، اِكتِفاء بكسْرَةِ مَا قبْلهَا مِنهَا، مِن ذلِكَ قوْل الشَّاعِر: ليْسَ تـَخْفى يَسَارَتِي قـَدْر يَوْمٍ *** ولقدْ تُخْفِ شِيمَتِي إعْسَارِي} انتهى
[قصَدَ الطبري إسقاط الياء اكتفاءً بكسر فاء “تخفِي” والفعلُ أصلاً متجرّدٌ من حرف ناصب أو جازم. وعَروض البيت: بحر الخفيف]

تعليقي- لعلّ خيرَ ما أعلّق به هو ما ذكر أديب العراق الرّصافي حول أسلوب تأليف محمّد قرآنه. فأدعو قرّائي الجدد إلى مطالعة بحثي حول تأليف القرآن في ضوء كتاب “الشخصيّة المحمّديّة” للرصافي والذي رفعتُ قبّعتي أمام كتابه المذكور مرّات عدّة، إنما سلسلة البحث اشتملت على ستّ وعشرين حلقة، هنا رابط أولاها:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=178201

ولقد اكتفيت بما تقدّم بتفسير الطبري (وهو من أقدم المفسّرين أي من الأقربين إلى زمان الحدث) وما أدراك ما ورد من تفاسير وتآويل لدى غيره من الأئمّة. فآثرتُ الحديث عن عاد وثمود في القسم الثاني من هذه المقالة- كي لا أطيل كما أسلفت- وذلك لإلقاء بعض الضوء على قوله {ألمْ ترَ كيف فعَلَ رَبُّكَ بعَادٍ ٦ إرَمَ ذاتِ العِمَادِ ٧ الَّتِي لمْ يُخْلقْ مِثلُهَا فِي البلَادِ ٨ وثمُودَ الَّذِين جَابُوا الصَّخرَ بالوَادِ ٩} فهكذا ربط مؤلّف القرآن ما تقدّم من السّورة بربّه لضرب مثال عمّا فعل بعاد وإرَمَ وثمود، لكني أدعو القرّاء الكرام أوّلاً إلى متابعة حديث د. رأفت عمّاري {الأستاذ في التاريخ- وله مني أطيب التحيّات} عن عاد وثمود لإثباته غلط القرآن من جهة التأريخ حول زمن ظهور عاد وثمود في التاريخ، بالإضافة إلى محاولة ابن إسحاق في تزوير التاريخ- إن صحّ المنسوب إليه- ليصبّ في مصلحة الإعجاز المحمّدي، علماً أنّ الحديث المذكور مُقسّم على ثماني حلقات مدّة الواحدة منها حوالي خمسٍ وعشرين دقيقة:
برامج ودراسات

رياض الحبيّب

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

كلب الوالي

احمد مطر

كلب والينا المعظم

عضني اليوم ومات

فدعاني حارس الأمن لأعدم

عندما اثبت تقرير الوفاة

أن كلب السيد الوالي تسمم

أحمد مطر (مفكر حر )؟‎

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

مرثية لروح الفقيد الشاب سرمد

سرسبيندار السندي

** مرثية لروح الفقيد الشاب سرمد **

قل لي يا إبن أخي

ألم تكن تعلم أن الموت اللعين

منذ ألأزل في الغدر كان غاويا

قـل لي أيها المــوت اللعــــــــــين

ألم يكن يكفيك منا باقي عمرنا

أم أنك لمن في عمرالزهور سابيا

قــل لي يا إبـن أخي

ماذا بوسع عمك أن يقول أو يفعل

بعد غياب الروح والجسد ساجيا

وبعد أن شاخ القلب قبل الرأس

والجسد كـالروح محطما ساهيا

قل لي لمارحلت دون وداع ألأحبة

هل كنت تظن أن الموت اللعين

على الطيبين يصبر والموج عاتيا

ألم تكن تعلم يا إبن أخي

أن الموت مر المذاق حتى للكبار

فكيف بالذي كان نجما ساميا

ألا أيها الموت اللعين ماذا فعلت بنا

وكيف جعلـت الكـل في تيه باكيــا

أأعاتب ربي حاشا …  أم القدرا

أم أعاتب من كان في الغدر جافيا

فهل يعقل كل شئ للسكون يآل

كسحابة صيف تمر فوق ساقيا

فإرحل قرير العين مع من رحلو

أيها الشهب المنير في القلب باقيا

وسيبقى دمع العين هيل قهوتنا

مادام الفراق ودمع العين جاريا
*****

وأنت يا أخي ماذا أقول لك وللأهل

بعد موت الحروف والجمل والقافية

غير أن تتشددو بالرب فهو ترسنا

وهو الحصن المنيع وهو الحاميــــا

فهو من إختاره من بين النجــــــوم

فمن يستطيع أن يقول لا لو نوديا

وهل حقا أبقى الخبر اللعين صاحيا

أم غدا الكل من هول الصدمة ساهيا

ألا يرشدني من يدعي الحكمة والعقل

كيف كل شئ ينهتي فجأة في ثانية

****
محبك / عمك أبا سافا

سرسبيندار السندي

Posted in الأدب والفن | 1 Comment

هل فعلاً طالبان هي المجرم الحقيقي ضد ملالة وكل الفتيات؟

طلال عبدالله الخوري 18\10\2012

هل فعلاً طالبان هي المجرم الحقيقي ضد ملالة وكل الفتيات؟

 

Posted in فكر حر | 1 Comment

حبُّك بينَ الحشا مقيمُ

أبو تمام

حبُّك بينَ الحشا مقيمُ
يا أيُّها الشَّادِنُ الرَّخِيمُ

أَمَا وخَدٍّ عَلاَهُ وَرْدٌ
أبدَعَ في طِيبهِ النَّعِيمُ

لقد تمكنتَ من فؤادٍ
 اسقمهُ طرفك السقيمُ 


أبو تمّام الطائي (مفكر حر)؟

Posted in فكر حر | Leave a comment

عصام العريان يعتذر لناقصة عقل ودين

مفكر حر 18\10\2012

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

العبودية في الإسلام ( 15 )

سردار أحمد

من الأدب والتراث العربي والإسلامي- أدب الجواري والعبيد ج2 (النوادر):

أدب الجواري وما كتب من أحاديث عنهن كان بشكلٍ عام صريحاً، ملؤه الملذات، تسيطر عليه الهزلية والبعد عن الجدية، بهدف التسلية وخاصة في مجالس الخلفاء والكبار والميسورين، فيها نرى صورة أدبية تاريخية ثقافية لتلك الحقبة من الزمن، حقبة العصر الذهبي للإسلام، حين كانت الجواري جزء من النسيج الاجتماعي العربي الإسلامي، حيث كان الكل يملك الجواري، وهذا الأدب يروي لنا أخبار السلف وطرائفهم الضاحكة، ونوادرهم التي تزخر بها كتب التراث المتحدثة عن المسلمين الأوائل، وقالوا أن ذلك الأدب العربي الإسلامي ونوادره وقصص القصور هي نصوص للتثقيف والتسلية وهي تؤدب وتهذب الروح، لكني لم أجد فيها أي شيء من التهذيب.

أورد لكم بعضاً من تلك النوادر التي أتهمتُها بأنها كانت خالية من التهذيب، لذا أعتذر من السادة القراء عن ما سيقرؤون من كلمات تُعتبر خادشة للحياء العام، ولكن لمتطلبات البحث والحقيقة والمعرفة كان لا بد لي من أن أذكرها كما هي.

وتلك الكلمات الفصيحة الفاضحة الجنسية الماجنة وردت بلا أية قيود في الكثير من كتب التاريخ والتراث الإسلامي، أما في هذا العصر فعندما يكتب كاتب مقالة، قصة ،أو رواية تثور ثائرتهم للمطالبة بالسحب والمصادرة والاعتذار لأنها (إباحية)، لماذا هي إباحية اليوم ولم تكن إباحية في صدر الإسلام؟؟!! حتى أن النبي محمد في (إحدى) أحاديثه يستعمل كلمة ن ي ك.

” أن النبي (ص) لما أتاه ماعز بن مالك قال لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت قال لا قال رسول الله (ص) أنكتها…” (مسند أحمد- ج5 ص339، وكذا قيل نحوه وذكرت نفس الكلمة في: صحيح البخاري، وسنن أبي داوود، والمسند الجامع، وفتح الباري لأبن حجر، والفتح القدير… الخ.

و “عن عائشة، أن رجلا طلق امرأته ثلاثا، فتزوجت زوجا، فطلقها قبل أن يمسها، فسئل رسول الله (ص): أتحل للأول؟ قال: لا حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول”. (تفسير الطبري، وكذا في: تفسير ابن كثير، ومسند أحمد، وصحيح مسلم، سنن أبي داوود، المسند الجامع، ووو…الخ. كيف يا ترى يفسر لنا السادة الملسمون كلمة عسيلة؟! لماذا لا تُمنع هكذا أحاديث حفاظاً على أخلاق المجتمع وقيمه؟؟!!

معنى البغلة عند المصريين: يروى عن بعض العراقيين، قال: كنت عند قاضي مصر، وهو يقول لبعض جلسائه: عندي جارية أطؤها منذ حين، وقد اعتراني شبق، وأنا على أن أشتري بغلة. قلت: وما تصنع ببغلة؟ قال: أطؤها، وأصيب منها. فقلت في نفسي: هذا أمجن الناس وأحمقهم، يتكلم بهذا وهو قاض؟! ثم حكيت ذلك عند رجل من أهل مصر، فقال: عافاك الله، ما منا من أحد إلا وعنده بغلات ينيكهن! فتعجبت، فلما رأى إنكاري ذلك، فَسَرَ لي معنى البغلة عندهم.

ما قيل من الأمثال في البغال- قالوا: وإذا عظمت المرأة، وعظم بطنها، قالوا: “ما هي إلا بغلة، وما رأس فلان إلا رأس بغل، وما أيره إلا أير بغل، وما خلقه إلا من أخلاق البغال.” (الرسائل- باب التبغيل، ص141)، والبغلات: جوار من رقيق مصر، نتاج ما بين الصقالبة وجنس آخر، والواحدة منهن يقال لها ” البغلة “، ولهن أبدان ووثارة وحدارة.

نوفل بن مساحق أحبل ابن أخيه جارية جار له، فقال له: يا عدو الله! هلا إذا ابتليت بفاحشة عزلت! قال: بلغني أن العزل مكروه، قال: فما بلغك إن الزنا حرام.” (ربيع الأبرار، ص219- وكذا في: تزيين الأسواق في أخبار العشاق- ص197)

دخلت أعرابية على قوم يصلون فقرأ الإمام: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء}، وجعل يرددها. فخرجت الأعرابية تعدو وهي هاربة حتى جاءت أختها، فقالت: يا أختاه، ما زال الإمام يأمرهم أن ينكحونا حتى خشيت أن يقعوا علي. (المستطرف في كل فن مستظرف- ص463)

وقال الجاحظ: رأيت جارية بسوق النخاسين ببغداد، ينادى عليها، وعلى خدها خال أسود، فاقتربت منها وأخذت أفحصها، فقلت لها: ما اسمك؟ قالت: مكة. فقلت: الله أكبر، قرُب الحج، أتأذنين لي لأن أقبل الحجر الأسود؟ فقالت لي: ألم تسمع قول الله تعالى: {لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس}. (الأذكياء ص103)

وقال بعضهم حضرت رفيقتين وكانت إحداهما تعبث بكل من تقدر عليه والأخرى ساكتة فقلت للساكتة رفيقتك هذه ما تستقر مع واحد فقالت نعم وهي تقول بالسنة والجماعة وأنا أقول بإثبات القدر. (الأذكياء- ص106)

قال علي بن الجهم: اشتريت جارية، فقلت لها: ما أحسبك إلا بكرا؟ فقالت: يا سيدي، كثرت الفتوحات في عهد الواثق. (الأذكياء- ص105)

قال المتوكل لجارية استعرضها: أنت بكر أم أيش؟ قالت: أنا أيش يا أمير المؤمنين. …أدخل على المنصور جاريتان فأعجبتاه. فقالت التي دخلت أولاً: يا أمير المؤمنين، إن الله فضلني على هذه بقوله: “والسابقون الأولون”. وقالت الأخرى: لا، بل الله فضلني عليها بقوله: “وللآخرة خير لك من الأولى “. … وعرض على المعتصم جاريتان بكر وثيب، فمال إلى البكر. فقالت الثيب: ما بيننا إلا يوم واحد ـ تعنى أنها ليلة بين البكر وكونها تكون ثيب ـ فقالت البكر: ” وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون.” (نهاية الأرب في فنون الأدب-الفن الثاني ص389)

قبيحة جارية المتوكل كتبت على خاتمها: أنا قبيحة، فَقَدَمَ الحاء قبل الباء!…. حسناء جارية المهدي، قال لها المهدي: نعم الفراش بطنك! فقالت: فلم لا تفترشه كل ليلة؟!. (اللطف واللطائف، ص12)

و “حكى مطيع بن إياس قال: اطلعت على جاريتين تتساحقان، فرميت بنفسي على الفوقانية فأخذت في شأني، فقالت السفلانية: ما هذا؟ قالت الفوقانية: “جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا”…… قال الباهلي: قلت لجارية سوداء: إن الحرارة فيكن أكثر! فقالت: إنما يعرف حرارة الحمام من دخله!…… عن الجاحظ قال: استعرضت جارية فقلت لها: تحسنين تضربين بالعود فقالت: لا ولكني أحسن أن أقعد عليه! استعرض رجل جارية فقال: أشتهي أن أشتريك. قالت: يا مولاي إن اشتهيت أن تنيك!…… عن المازني: سأل رجل جارية بالبصرة جميلة سرية من الجواري: في يديك عمل؟ قالت: لا ولكن في رجلي…… المأمون استعرض جارية فأعجبته فقال: هي للحاجة لولا عوج رجليها. فقالت: يا أمير المؤمنين، إنهما وراءك ولن يضراك. فاستحسن كلامها وأمر بشرائها…. ” سأل الرشيد رحمه الله تعالى الفضل عن خبره في مبيته مع جواريه فقال: نعم يا أمير المؤمنين، كنت استلقيت على ظهري وعندي جاريتان مكية ومدنية وهما يغمزانني، فتناومت عليهما، فمدت المدنية يدها إلى ذلك الشيء حتى قام وقعدت عليه، فغالبتها المكية فقالت المدنية: أنا أحق به لأن مالك بن أنس حدثنا عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي (ص) أنه قال: ” من أحيى أرضاً مواتاً فهي له “. قالت المكية: حدثنا معمر عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي (ص) أنه قال: ” ليس الصيد لمن أثاره، إنما الصيد لمن صاده “. فضحك الرشيد وقال: هل تصفح عنهما؟ فقال: هما وسيدهما فداء نعل أمير المؤمنين. وأمر بإحضارهما وتسليمهما له.” (اللطف واللطائف، ص13)

قال أبو العيناء: رأيت جارية مع النخاس وهي تحلف أن لا ترجع لمولاها، فسألتها عن ذلك، فقالت: يا سيدي إنه يواقعني من قيام، ويصلي من قعود، ويشتمني بإعراب، ويلحن في القرآن، ويصوم الخميس والاثنين، ويفطر رمضان، ويصلي الضحى، ويترك الفرض. فقلت: لا أكثر الله في المسلمين مثله. (المستطرف في كل فن مستظرف- ص159)

اشترى الفضل بن الحباب جارية فوجدها ضيقة المسلك فقال يا جارية هل من بساق أو بزاق أو بصاق لأن العرب تبدل السين صادا وزايا فقالوا صقر وسقر وزقر…”. (غرر الخصائص الواضحة- في الفصاحة ص84)

نظر المأمون إلى سُكَر(وهي جارية) فقال: أحرة أنت أم مملوكة؟ قالت: لا أدري، إذا غضبت علي أم جعفر قالت: أنت مملوكة، وإذا رضيت قالت: أنت حرة. قال: فاكتبي إليها الساعة فاسأليها عن ذلك. فكتبت كتابا وصلته بجناح طائر من الهدى كان معها، أرسلته تعلم أم جعفر ذلك، فعلمت أم جعفر ما أراد فكتبت إليها: “أنت حرة”. فتزوجها على عشرة آلاف درهم، ثم خلا بها من ساعتها فواقعها وخلى سبيلها، وأمر بدفع المال إليها. (الرسائل- ص118)

وروي عن عبد الله بن عمر أنه اشترى جارية جميلة، وكان يحبها، فمكثت عنده أياما، ثم أعتقها وزوجها من رجل، فولد لها ولد، فكان يأخذ ولدها، ويضمه إلى نفسه. ويقول: أشم منك ريح أمك. فقيل له: قد رزقك الله من حلال، وأنت تحبها، فلم تركتها؟ فقال: ألم تسمع هذه الآية: { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}. (بحر العلوم للسمرقندي- آل عمران ب92 ص291)

ومن كلام عمر بن عبد العزيز أنه “عرضت عليه جارية وأراد شراءها ولم يحضر تمام الثمن، فقال له الرجل: أنا أؤخرك إلى العطاء؛ فقال: لا أريد لذة عاجلة بذلة آجلة. (نثر الدر ج1 ص133)

اجتازت جارية مدينية برجل منهم يبول، فرأت معه شيئاً وافراً، فقالت له: هذا معك ولا تجلس في الصيارفة؟ فقال: أخزاك الله، وهل أقامني من الصيارفة غيره؟… … عرض آخر جارية على البيع، فقيل له: هي دقيقة الساقين، فقال: تريدون تبنون على رأسها غرفة؟ (نثر الدر- ج1 ص163)

عن اليزيد بن الوليد بن عبد الملك، ذكرت جارية له أنه واقعها وهو سكران، فلما تنحى عنها أذن المؤذن بالصلاة، فحلف ألا يصلي بالناس غيرها، فخرجت متلثمة فصلت بالناس. (نثر الدر- ج1 ص193)

ولاعب الأمين جارية بالنرد على إمرة مطاعة فغلبته فقال: احتكمي. فقالت: قم. فقام وفعل، وعاود اللعب معها فغلبته، فاحتكمت عليه مثل ذلك ثم لاعبها الثالثة فغلبته وقالت: قم أيضاً. فقال: لا أقدر. قالت: فأكتب عليك به كتاباً. قال: نعم. فتناولت الدواة والقرطاس وكتبت، ذكر حق فلانة على أمير المؤمنين، أن لها عليه فرداً تأخذه به متى شاءت من ليل أو نهار. وكان على رأسها وصيفة بمذبة في يدها. فقالت: يا ستي؛ اكتبي في الكتاب: ومتى قام بالمطالبة بما في هذا الكتاب أحد فهو ولي قبض ما فيه. فضحك الأمين وأمر لها بجائزة. (نثر الدر- ج1 ص321)

قال أبو النواس يوما لقينة وأشار إلى أيره في أي سورة هو: ” فاستغلظ فاستوى على سوقه ” فاستلقت وتكشفت وقالت: ” إنا فتحنا لك فتحاً مبينا “…… اشترى رجل جارية نصرانية فواقعها وكان له متاع وافر، فلما أدخله عليها قالت: بأبي النبي الأمي. فقال الرجل: هذا أول حر أسلم على يد أير. ….. وكان مع عبد الملك جارية له لما واقع مصعب بن الزبير فنظرت إلى مقتول قد انقلب وانتفخ أيره. فقالت: يا أمير المؤمنين؛ ما أعظم أيور المنافقين! فلطمها وقال: اسكتي لعنك الله. (نثر الدر- ج1، ص330)

عن حسن البصري ” اجْتاز نخَّاسٌ مع جارية بهِ. فقال أتبيعُها؟ قال: نعَمْ. قال: أَفَتَرضىَ أن تقبض ثمنها الدِّرهم والدِّرهمْين حتى تستوفي؟ قال: لا: قال: فإن الله عزَّ وجل قد رضى في الحُور العين بالفلسِ والفلسَين.” (نثر الدر- ج1 ص394)

عن أشعب أنه: دخلَ البيتَ وإذا جاريةُ أبيه نائمةٌ، فاتكأ عليْها، فانتبَهتْ، وقالتْ: من ذا؟ قال: اسكُني أنا أبي. (نثر الدر- ج1 ص429)

اختصم بعض التجار في جارية، فجعلوها على يدي المؤذن وسألوه أن تبيت عنده إلى غد، فلما أصبح المؤذن قال: ذهبت الأمانة من الناس. فقيل له: وكيف ذلك؟ قال: ذكروا أنها بكر، وقد جرّبتها فوجدتها ثيّباً. (نثر الدر- ج2 ص100)

عرضت جارية على المتوكل فقال لها: أيش تحسنين؟ فقالت: عشرين لوناً من الرهز، فأعجبته فاشتراها. (البصائر والذخائر- ج1 ص52) {والرهز: يعني الحركة والهز}

وكان لرجل جاريتان فأرادت إحداهما أن تكيد الأخرى، وكان قد واقعها مولاها، فصاحت: يا مولاي ليس لنا دقيق وقد فني الخبز، فنام أيره ونهض عن الجارية. (البصائر والذخائر- ج1ص490)

اتكأ جحا على جارية أبيه وهي نائمة، فقالت: من ذا؟ فقال: اسكتي، أنا أبي. (البصائر والذخائر- ج5 ص263) تأكد من الباقي المصادر من البصائر والذخائر وأجزاءه

كتبت ماجن (وهي جارية): افتضحنا فاسترحنا، وكتبت جارية البرمكي: لذتي في حل تكتي. (البصائر والذخائر- ج2 ص83)

و أن قاضيا من القضاة سألته زوجته أن يبتاع لها جارية فتقدم إلى النخاسين بذلك فحملوا إليه عدة جوار فاستحسن أحدهن فأشار على زوجته بها قال ابتاعها لك من مالي فقالت مالي إليه حاجة ولكن خذ هذه الدنانير فابتعها لي بها وأعطته مائة دينار فأخذها فعزلها في مكان وخرج فاشتراها لنفسه وأعطى ثمنها من ماله وكتب عهدتها باسمه واعلم الجارية بذلك سرا واستكتمها فكانت زوجته تستخدمها فإذا أصاب خلوة من زوجته وطئ على الجارية فاتفق يوما أنها صادفته فوقها فقالت له ما هذا يا شيخ سوءزان أما تتقي الله أما أنت من قضاة المسلمين فقال أما الشيخ فنعم وأما الزنا فمعاذ الله وأخرج عهدة الجارية باسمه عرفها الحيلة وأخرج دنانيرها بختمها فعرفت صحة ذلك ولم تزل تداريه حتى باعها. (الأذكياء- ص31)

حدثني الحسن بن علي حزور الفيروزكوهي قال: إني بعت جارية هندية بعدن على رجل أسكندراني بقيت عنده مدة سبعة أيام فلما شبع استعيب فيها و أحضرني إلى الحاكم و ادعى علي بالعيب. فقال الحاكم: و ما عيبها؟ قال: هي واسعة الرحم رهلة الفرج. فقلت له: إذا كان ايرك صغيرا و أنت تتباخل على الجارية بشرى الماء فما يصنع رحمها السمين الأبيض المنتوف الطيب. فلما سمعها الحاكم قال لمن حضر: أخرجوهم! فخرجنا و رحت إلى شغلي و بقيت الجارية في كيسة و لم ادر ما فعل الدهر بهما. (تاريخ المستبصر- ص57)

وعن عبد الله ابن عمر قال أعطى (ص) عمر بن الخطاب جارية من سبى هوازن فوهبها لى فبعثت بها إلى أخوالى من بنى جمح ليصلحوا لى منها حتى أطوف بالبيت ثم آتيهم وأنا أريد أن أصيبها إذا رجعت إليها قال فخرجت من المسجد حين فرغت فإذا الناس يشتدون فقلت ما شأنكم قالوا رد علينا رسول الله نساءنا وأبناءنا قال قلت تلكم صاحبتكم في بنى جمح اذهبوا فخذوها فذهبوا إليها فأخذوها وأما عيينة بن حصن فأخذ عجوزا من عجائز هوازن وقال حين أخذها أرى عجوزا وأرى لها في الحى نسبا وعسى أن يعظم فداؤها فلما رد (ص) السبايا بست فرائض أبى أن يردها فقال له زهير بن صرد خذ عنك فو الله ما فوها ببارد ولا ثديها بناهد ولا بطنها بوالد ولا درها بماكد ولا زوجها بواجد فرده. (تاريخ الطبري- ج2 ص357).

دخل أعرابي سوق النخاسين يشتري جارية فلما اشتراها وأراد الانصراف، قال النخاس: فيها ثلاث خصال، فإن رضيت وإلا فدعها، قال: قل: قال: إنها ربما غابت أياما ثم تعود إذا طلبت، قال: كأنك تعني أنها تأبق قال: نعم، قال: لا عليك أنا والله أعلم الناس بأثر الذر على الصفا، فلتأخذ أي طريق شاءت فإنا نردها، ثم ماذا؟ قال: إنها ربما نامت فقطرت منها القطرة بعد القطرة، قال: كأنك تعني أنها تبول بالفراش؟ قال: نعم، قال: لا عليك فإنها لا تتوسد عندنا إلا التراب، فلتبل كيف شاءت، ثم ماذا؟ قال: أنها ربما عبثت بالشيء تجده عندنا، قال: كأنك تعني أنها تسرق ما تجد.؟ قال: نعم قال: لا عليك فإنها والله ما تجد ما يقوتها، فكيف ما تسرقه، وأخذ بيدها وانطلق بها. (نثر الدر- ج2 ص24)

اشترى ابن عمر جارية رومية فأحبها حبا شديدا فوقعت يوما عن بغلة كانت عليها فجعل ابن عمر يمسح التراب عنها ويفديها قال فكانت تقول له أنت قالون أي رجل صالح ثم هربت منه فقال ابن عمر: قد كنت أحسبني قالون فانطلقت فاليوم اعلم أني غير قالون. (تاريخ دمشق- ج31 ص178)

قال الجاحظ: ابتاع فتى صلف بذاخ جارية بخارية حسناء ظريفة بزيعة فلما وقع عليها قال لها مراراً: ما أوسع حرك. فلما أكثر عليها قالت له: أنت الفداء لمن كان يملؤه. (كتاب الحيوان- ج2 ص52)

وكان إسماعيل بن غزوان قد تعشق جارية كانت لمويس بن عمران، وكانت إذا وقعت وقعة إليه لم تمكث عنده إلا بقدر ما يقع عليها، فإذا فرغ لبست خفها وطارت، وكان إسماعيل يشتهي المعاودة وأن يطيل الحديث، ويريد القرص والشم والتقبيل والتجريد، ويعلم أنه في الكوم الثاني والثالث أجدر أن ينظر، وأجدر أن يشتفي فكان ربما ضجر ويذكرها بقلبه وهو في المجلس، فيقول: يارب امسخني وإياها كلبين ساعة من الليل أو النهار، حتى يشغلها الالتحام عن التفكير في غضب مولاتها إن احتبست!. (الحيوان- ج2 ص126).

قال محمد بن عبيد الزاهد: كانت عندي جارية فبعتها، فتبعتها نفسي، فسرت إلى مولاها مع جماعة إخوانه، فسألوه أن يقيلني ويربح علي ما شاء، فأبى، فانصرفت من عنده مهموما مغموما، فبت ساهرا لا أدري ما أصنع، فلما رأيت ما بي من الجهد، كتبت اسمها في راحتي، واستقبلت القبلة. فكل ما طرقني طارق من ذكرها رفعت يدي إلى السماء وقلت: يا سيدي هذه قصتي. حتى إذا كان في السحر من اليوم الثاني، إذ أنا برجل يدق الباب، فقلت: من هذا: أنا مولى الجارية. ففتحت، وإذا بها. فقال: خذها بارك الله لك فيها! فقلت: خذ مالك والربح. فقال: ما كنت لآخذ دينارا ولا درهما. قلت فلم ذلك؟ قال: أتاني الليلة في منامي آت فقال: رد الجارية على ابن عبيد الله، ولك الجنة. (أخبار النساء- ص14)

أخبرنا أبو أحمد عن أبي بكر بن دريد، عن العكلي عن ابن خالد، عن الهيثم بن عدي، قال: قعد أعرابي إلى جانب دار إسماعيل بن علي بالكوفة، فخرجت جارية فطفق الأعرابي ينظر إليها، فقال له رجل: ما نظرك إلى شيء غيرك؟ أقبل على شأنك واصبر، والجارية تسمع فقال الأعرابي ربلات تصطك، وغصن يهتز وثدي يخرق إهابه وتقول اصطبر، فضحكت الجارية، وقالت: والله ما مدحني أحد مثل ما مدحتني به. فقال: بأبي أنت وأمي، إن الهوى يظهر جيد القول، ويبدي المستتر الكامن، وإنك لمما يكنى عنه. {والربلات: مجامع الفخذين}. (ديوان المعاني- ج1 ص105)

دخل ذو الرمة (الشاعر) الكوفة… إذ رأى جارية سوداء واقفة على باب دار، فاستحسنها، ووقعت بقلبه، فدنا إليها، فقال: يا جارية! اسقيني ماء. فأخرجت إليه كوزا فيه ماء، فشرب فأراد أن يمازحها، ويستدعي كلامها، فقال: يا جارية! ما أحر ماءك! فقالت: لو شئت لأقبلت على عيوب شعرك وتركت حر مائي وبرده. (مصارع العشاق- مجنون ليلى، ص119)

وجد رجل امرأة مع عشرة رجال فأنكر عليها فقالت أحدهم زوجي وخمسة عبيدي وأربعة إخوتي وكلهم من بطن واحدة وصورة ذلك أنها اشترت جارية لها ستة أولاد فأعتقت واحدا منهم وتزوجت به ثم وهبت الجارية لأبيها فأولدها أربعة أولاد. (نزهة المجالس ومنتخب النفائس- ص199)

عن ذكر عيوب بيع العبيد قيل: إن أبا حنيفة رحمه الله وابن أبي ليلى اجتمعا في مجلس أبي جعفر الدوالقي فأمرهما بالمناظرة في هذه المسألة وكان من مذهب ابن أبي ليلى أنه لا يبرأ حتى يرى المشتري موضع العيب فقال أبو حنيفة أرأيت لو باع جارية حسناء في موضع المأتي منها عيب أكان يحتاج البائع إلى كشف عورتها ليري المشتري ذلك العيب، أرأيت لو أن بعض حرم أمير المؤمنين باع غلاما حبشيا على رأس ذكره برص أكان يحتاج إلى كشف ذلك ليريه المشتري فما زال يشنع عليه بمثل هذا حتى أفحمه وضحك الخليفة فجعل ابن أبي ليلى بعد ذلك يقول: يحتاج إلى أن يسمي العيوب بأسمائها لأن صفة المبيع وماهيته إنما تصير معلومة بتسمية ما به من العيوب. (المبسوط- ج33 ص271)

حديث سمرة رضي الله عنه: إنه أتي برجل عنين، فكتب فيه إلى معاوية، فكتب إليه: أن اشتر له جارية من بيت المال، وأدخلها معه ليلة، ثم سلها عنه، ففعل، فلما أصبح قال: ما صنعت؟ قال: فعلت حتى حصحص فيه؛ فسأل الجارية، فقالت: لم يصنع شيئا، فقال: خل سبيلها يا محصحص. (الفائق في غريب الحديث والأثر- ص93) والحصحصة: تحريك الشيء، أو تحركه حتى يستقر ويتمكن.

دخل الوليد بن يزيد على هشامٍ وعلى الوليد عمامة وشيٍ، فقال هشام: بكم أخذت عمامتك؟ قال بألف درهم. فقال هشام: عمامةٌ بألف درهم؟ يستكثر ذلك. قال: يا أمير المؤمنين إنها لأكرم أطرافي، وقد اشتريت أنت جارية بعشرة آلاف دينار لأخس أطرافك. (التذكرة الحمدونية- ج2 ص347)

وَرَدَ على الحجاج كتاب من عبد الملك يأمره أن يبعث إليه بثلاثين جارية: عشرا من النجائب، وعشرا من قعد النكاح، وعشرا من ذوات الأحلام؟ فلما نظر إلى الكتاب لم يدر ما وصفه له من الجواري، فعرضه على أصحابه فلم يعرفوه، فقال له بعضهم: أصلح الله الأمير! ينبغي أن يعرف هذا من كان في أوليته بدويا فله معرفة أهل البدو، ثم غزا فله معرفة أهل الغزو، ثم شرب الشراب فله بذاء أهل الشراب، قال: وأين هذا؟ قيل: في حبسك، قال: ومن هو؟ قيل: الغضبان الشيباني، فأحضر، فلما مثل بين يديه قال: أنت القائل لأهل الكوفة يتغدون بي قبل أن أتعشى بهم، قال: أصلح الله الأمير! ما نفعت من قالها، ولا ضرت من قيلت فيه، قال: إن أمير المؤمنين كتب إلي كتابا لم أدر ما فيه، فهل عندك شيء منه؟ قال: يقرأ علي، فقرىء عليه، فقال: هذا بين، قال، وما هو؟ قال، أما النجيبة من النساء فالتي عظمت هامتها، وطال عنقها، وبعد ما بين منكبيها وثدييها، واتسعت راحتها، وثخنت ركبتها، فهذه إذا جاءت بالولد جاءت به كالليث العادي وأما قعد النكاح فهن ذوات الأعجاز، منكسرات الثدي كثيرات اللحم، يقرب بعضهن من بعض، فأولئك يشفين القرم ويروين الظمآن، وأما ذوات الأحلام فبنات خمس وثلاثين إلى الأربعين، فتلك التي تبسه كما يبس الحالب الناقة فتستخرجه من كل شعر وظفر وعرق. (مروج الذهب-ج1 ص414)

حدثنا محمد بن يزيد المبرد قال: قال إسحاق بن الفضل الهاشمي: كانت لي جارية وكنت شديد الوجد بها وأهاب ابنة عمي فيها، فبينا أنا ليلة مع ابنة عمي على سرير إذ عرض لي ذلك الجارية، فنزلت أريدها، فضربتني عقرب فرجعت إلى السرير أصيح، فانتبهت ابنة عمي فقالت: ما قضيتك بأبي وأمي؟ قلت: قد لدغتني عقرب . قالت: على السرير؟ قلت: لا قالت: فاصدقني، فأخبرتها فضحكت ضحكا شديدا شامتة وقالت: وداري إذا نام سكانها تقيم الحدود بها العقرب إذا غفل الناس عن دينهم فإن عقاربنا تضرب فلا تأمنن شذا عقرب بليل إذا أذنب المذنب ثم دعت جواريها وقالت: عزمت عليكن إن قتلتن عقربا في داري بقية هذه السنة. (اعتلال القلوب للخرائطي- ج2 ص18)

عن ابن الجصاص (المشهور بغبائه): ورؤى وهو يبكى وينتحب, فقيل له:ما لك؟ فقال:أكلت اليوم مع الجوارى المخيض بالبصل فآذانى. فلما قرأت فى المصحف (ويسألونك عن المخيض: قل هو أذى, فاعتزلوا النساء فى المخيض) فقلت ما أعظم قدرة الله, قد بين الله كل شئ حتى أكل اللبن مع الجوارى. (التذكرة الحمدونية- ج1 ص365)

وروى عن عكرمة قال: كان ابن رواحة مضطجعا إلى جنب امرأته فقام إلى جارية له في ناحية الحجرة فوقع عليها، وفزعت امرأته فلم تجده في مضجعه، فقامت فخرجت فرأته على جاريته، فرجعت إلى البيت فأخذت الشفرة ثم خرجت، وفرغ فقام فلقيها تحمل الشفرة فقال مهيم (تعني ما وراءك وما شأنك)؟ قالت: مهيم ! لو أدركتك حيث رأيتك لوجأت بين كتفيك بهذه الشفرة. قال: وأين رأيتني؟ قالت: رأيتك على الجارية، فقال: ما رأيتني، وقد نهى رسول الله (ص) أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب.

قالت: فأقرأ، [وكانت لا تقرأ القرآن] فقال: أتانا رسول الله يتلوا كتابه * كما لاح مشهور من الفجر ساطع أتى بالهدى بعد العمى فقلوبنا * به موقنات أن ما قال واقع يبيت يجافي جنبه عن فراشه * إذا استثقلت بالمشركين المضاجع فقالت: آمنت بالله وكذبت البصر.

ثم غدا على رسول الله (ص) فأخبره، فضحك حتى بدت نواجذه (ص).” (تفسير القرطبي- ج5 ص209، وذكر كذا في سنن الدار قطني، وفي فيض القدير)

رأى رجل زنجيا يفجر برومية، فقيل له: ما يفعل ذلك؟ قال: يولج الليل في النهار. (محاضرات الأدباء- ج1 ص453)

لدغت عقرب جارية في فرجها فقالت أمها: واويلاه في أي وقت وأي موضع؟ وكان عراقي يهوى امرأة فجاء على حمار مع غلام، وجاءت المرأة على أتان مع جاريتها، فخلا بها، والغلام بالجارية، والحمار بالأتان, فقال: هذا يوم غابت عذاله. (محاضرات الأدباء- ص445)

وفد على الرشيد ثلاثة من حمص، فدخل أحدهم فرأى غلاماً على رأسه فظنه جارية، فقال: السلام عليك يا أبا الجارية، فصفع وأخرج، فدخل الثاني فقال: السلام عليك يا أبا الغلام، فصفع وأخرج، فدخل الثالث فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال له: كيف صحبت هذين الأحمقين؟ قال: يا أمير المؤمنين لا تتعجب منهم فإنهم لما رأوك بهذا الزي ورأوا لحيتك طويلة قدروا أنك أبو فلان، فقال الرشيد: أخرجوه، قبح الله بلدة هؤلاء خيارهم. (أخبار الحمقى والمغفلين- ص54)

قيل: ماتت جارية لإعرابي فلما دفنها قال: لقد كانت تقوم بحقوقي ولم أكافئها. اشهدوا علي أنها حرة لوجه الله. (أخبار الحمقى والمغفلين- ص57)

هذا ما كان بإمكاني انتقاؤه وذكره مما وجدت في كتب التاريخ والتراث، حيث الكثير من القصص والنوادر المحرجة الخادشة، ما لا يسعني الحديث عنه لما فيه من ألفاض بذيئة، وذلك الأدب هو ما نتج عن الثقافة والمبادئ والقيم الإسلامية، التي قبلت بنظام اجتماعي ملؤه الجواري والغلمان. 

يــــتــــبــــع

سردار أحمد

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

العبودية فى الاسلام (14)

سردار أحمد

الحلقة الرابعة عشرة:
من الأدب والتراث العربي والإسلامي- أدب الجواري والعبيد (الشعر والأمثال):
الأدب بما يضُمُهُ من الشعرِ والنوادرِ والأمثالِ والقصصِ، هو تراثٌ مهمٌ وذاكرة شعبٍ لا يمكن تجاهلها لمن يريد الغوص في تاريخ الشعوب لمعرفة وعيها وطريقة تفكيرها وقيمها ونموذجها الحضاري، وهو يُعتبر المرآة لذلك الموقف التاريخي، مُعبِراً عن القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية، التي كانت سائدة في زمنٍ تغيرت أغلبُ سماتهِ نتيجة الحضارة الحديثة والتقدم البشري، لذا سأحاول ذكر المقتطفات من الشِعر، وبعض القصص والنوادر المتعلقة بالجواري والعبيد، خلال التاريخ الإسلامي، وخاصة عصوره الذهبية لمعرفة العقلية العربية والحضارة الإسلامية آنذاك.
نبدأ بالشعر العربي الإسلامي الزاخر بالشواهد والأدلة عن مجتمعٍ فيه نوعين من البشر، الأسياد والعبيد:
فها هو الشاعر الرياشي مثلاً يعطينا صورة عن مدى انتشار العبيد في المجتمع فيقول:
إن أولاد السراري كثروا يا رب فينا ……. ربِّ أدخلني بلادا لا أرى فيها هجينا
أما الشاعر أبو دلامة فيصف مدى ازدهار تجارة الرقيق، فيقول:
إن كنت تبغي العيش حلواً صافياً……… فالشـعرُ أغـبر به وكـن نخاسـاً
وهذا الشاعر العراقي الذي يعلن أنه مهما نسي من أمور تغيرت في بغداد فإنه لن ينسى دار أو أسواق العبيد:
ومهما أنسى من شيء تولى…….. فإنـي ذاكــــر دار الرقيق
وكذا يقول المتنبي حين يهجو الخصي كافور الأخشيدي، لأن الأخير لم يعط حفنة من المال طلبها المتنبي:
لا تشتري العبد إلا والعصا معه…….. إن الـعبيد لأنجـاس منـاكيد…
من علم الأسود المخصي مكرمة ….. أقومه البيض أم آباؤه الصيد
أم أذنه في يد النخاس دامية ….. أم قدره وهو بالفلسين مردود
وفي كتاب الأغاني- ج4 ص318، وَرَدَ ما يشابه قول المتنبي من حيث المعنى، حيث قيل:
و العبد لا يطلب العلاء ولا ….. يعطيك شيئا إلا إذا رهبا
مثل الحمار الموقع السوء لا ….. يحسن مشيا إلا إذا ضربا
وأذكر لكم قصة أبي نواس مع احد خلفاء زمانه: فقد دخل على الخليفة وقتئذ وهو يريد أن ينشده قصيدة طامعاً في بعض المال, ولكنه وجد الخليفة مشغولا بمداعبة إحدى جواريه، تسمى خالصة، وكانت قد وضع على عنقها عقدا نفيساً، ولم يعر الخليفة أي انتباه لما قاله أبو نواس فخرج أبو نواس من عند الخليفة غاضباً صفر اليدين فكتب على باب الخليفة الآتي:
لقد ضاع شعري على بابكم 000000 كما ضاع العقد على صدر خالصة
وانصرف، فرأت الجارية الكلام المكتوب فأرادت أن توقع به فأسرعت للخليفة مشتكيةً، فغضب الخليفة وأرسل لأبي نواس في الحال وعندما حضر لبيت الخليفة كان يعلم الأمر وما سيجري له، لكن فطنة وذكاء أبي نواس أنقذته فعندما وصل إلى الباب مسح الجزء الأدنى من حرف العين في كلمت (ضاع) قبل أن يدخل فانقلب الشعر: لقد ضاء شعري على بابكم 000000 كما ضاء العقد على صدر خالصة، فبدل أن يعاقبه أكرمه لذكائه وفطنته.
قعد الرشيد يوما عند زبيدة، وعندها جواريها، فنظر إلى جارية واقفة عند رأسها فأشار إليها أن تقبّله، فاعتلت بشفتيها، فدعا بدواة وقرطاس فوقع فيه:
قبلته من بعيد…… فاعتل من شفتيه
ثم ناولها القرطاس فوقعت فيه:
فما برحت مكاني…… حتى وثبت عليه
فلما قرأ ما كتبت استوهبها من زبيدة، فوهبتها له، فمضى بها وأقام معها أسبوعا لا يدري مكانهما.
وحدّث أبو جعفر قال: بينما محمد بن زبيدة الأمين يطوف في قصر له، إذ مر بجارية له سكرى، وعليها كساء خز تسحب أذياله، فراودها عن نفسها، فقالت: يا أمير المؤمنين، أنا على حال ما ترى، ولكن إذا كان من غد إن شاء الله. فلما كان من الغد مضى إليها، فقال لها: الوعد. فقالت له: يا أمير المؤمنين: أما علمت أن كلام الليل يمحوه النهار؟ فضحك، وخرج إلى مجلسه، فقال: من بالباب من شعراء الكوفة؟ فقيل له: مصعب والرقاشي وأبو نواس. فأمر بهم فأدخلوا عليه، فلما جلسوا بين يديه قال: ليقل كل واحد منكم شعرا يكون آخره: كلام الليل يمحوه النهار
فأنشأ الرقاشي يقول:
متى تصحو وقلبك مستطار…… وقد منع القرار فلا قرار
وقد تركتك صبا مستهاما…… فتاة لا تزور ولا تزار
إذا استنجزت منها الوعد قالت…… كلام الليل يمحوه النهار” (العقد الفريد- ج3 ص44)
وقيل في الأذكياء- في ذكر طرف من أخبار النساء والمتفطنات ص106: “كانت جارية لبعض الأكابر وكانت عفيفة إلا أنها كانت تفحش في مجونها فقال لها مولاها اقصري من هذا الفحش بمحضر من الرجال فقالت أفحش منه عندهم أخذك دراهمهم بسببي وقال لها بعض الحاضرين وكان شيخا:
يا أحسن الناس وجها…… مني علي بقبلة
فأجابت مسرعة:
يا أسمج الناس وجها…… وأسخن الناس مقله
إذا سمحت لما رم……… ته فأني بذله
وكيف يوجد بين الح…… مار والخشف وصله
فلا تطف بالغواني…….. فما يردنك خمله
وكل شيخ تصابى…….. على الصبايا فأبله ”
أما في بدائع البدائه- ص22 فقد ذُكِر: دخل يحيى بن خالد بستان داره، ومعه جاريته دنانير، فرأى بهجة الورد على شعره، فقال: أجيزي:
الورد أحسن منظراً …… فتمتعوا باللحظ منه
فقالت مسرعة:
فإذا انقضت أيامه …… ورد الخدود ينوب عنه
فاستحسن ذلك منها، وأمر لها بمال جزيل، بعد أن قبل خدها.
وفي أخبار الخليفة المهدي إن جاريته أهدت إليه تفاحة بعد أن نقشت عليها
هدية مني إلى المهدي …….. تفاحة تقطف من خدي
محمرة مصفرة طيبة ………. كأنها من جنة الخلد
ومرة عتب المأمون على جارية من جواريه، وكان كلفا بها فأعرض عنها، وأعرضت عنه، ثم أسلمه العزاء، وأقلقه الشوق، حتى أرسل يطلب مراجعتها وأبطأ عليه الرسول فلما رجع إليه أنشأ يقول:
بعثتك مرتادا ففزت بنظرة…… وأغفلتني حتى أسأت بك الظنا
وناجيت من أهوى وكنت مقربا…… فيا ليت شعري عن دنوك ما أغنى
ونزهت طرفا في محاسن وجهها…… ومتعت باستظراف نغمتها أذنا
أرى أثرا منها بعينيك لم يكن…… لقد سرقت عيناك من وجهها حسنا

أما الرشيد فكان له أكثر من أربعة آلاف جارية, لكنه كان يفضل ويميز ثلاثة منهن، أسماؤهن قصف وضن وخنث (وربما هناك اختلاف على تلك أسمائهن)، حيث قال فيهن:
ملك الثلاث الأنسات عناني ……… وحللن من قلبي بكل مكاني
مالي تطاوعني البرية كلها ……… وأطيعهن وهن في عصياني
ما ذاك إلا ان سلطان الهوى……… وبه عززن اعز من سلطاني
لما غاب أبو نواس إلى مصر، تشوقه الناس وذكروه، واتصل تفاوضهم ذكره حتى بلغ وصفه عناناً (وهي جارية وشاعرة)، فتشوقته، ثم قدم بعد ذلك من مصر، فلما كان بعد قدومه بأيام جاء إلى النطافي (مالك الجارية عِنان)، فقال له أبو نواس، فاستأذن لي على عنان! فقال له: أما والله، لقد أهديت إليها من زيارتك هدية، كانت إليها مشتاقة، ودخل، فأعلمها وأذن له، فدخل عليها، فقامت فتلقته إلى باب الدار، فسلمت عليه، ووصفت له شوقها إليه، واحتبسته عندها يومه وليلته، وإتصل إجتماعهما، فوجهت إليه يوماً، وصيفة لها، تدعوه إلى الصبوح معها، وكتبت إليه تقول:
زرنا لتأكل معنا …… ولا تغيبن عنا
فقد عزمنا على الش…. رب صبحة واجتمعنا
فجاءته الوصيفة بالرقعة، فقرأها، واحتال على الوصيفة حتى طاوعته على ما أراده، وقال في ذلك:
نكنا رسول عنان ……. والرأى فيما فعلنا!
فكان خبزاً بملح ……. قبل الشواء أكلنا
جاذبتها فتحانت ……. كالغصن لما تثنى
فقلت ليس على ذا ….. الفعال كنا إتفقنا
قالت فكم تتجنى …… طولت: نكنا ودعنا!
فبلغ عناناً ذلك، فكان سبب التباعد بينهما.
ثم أن الرشيد قد هم بشراء عنان جارية الناطفي، فقيل له: إن أبا نواس قد هجاها بقوله من المنسرح:
إنَّ عِنانَ النطاف جاريةٌ …… قد صارَ حرها للأير مَيْدانا
لا يَشتر بها إلاَّ ابنُ زانيةٍ …… أو قُلْطُبان يكونُ مَنْ كانا
فقال: لعنه الله! لا حاجة لنا فيها.
وعن تيماء جارية خزيمة بن خازم قالت: عرضت على خزيمة بن خازم، جارية، مليحة، بكر، حلوة القد والوجه، فمال إليها وأقبل إلي كالمعتذر فقال:
قالوا عشقت صغيرة فأجبتهم …… أشهى المطى إلي ما لم يركب
كم بين حبة لؤلؤ مثقوبة …… بذلت وحبة لؤلؤ لم تثقب
فأجبته:
إن المطية لا يلذ ركوبها …… حتى تذلل بالزمام وتركب
والدر ليس بنافع أربابه …… حتى يؤلف في النظام ويثقب
فضحك واشترانا معاً، ثم غلبتها عليه بعد ذلك.
– الانتشار الكبير لطائفة الجواري والغلمان الذي نتج عن الانتصارات الإسلامية أدى إلى انتشار شعر التغزل بالجواري والغلمان، والتغزل بالغلمان وصل في العصر العباسي إلى أوجه بأفصح الألفاظ والكلمات، يقول أبن الرومي:
أفسدتْ توبتي عليَّ غلامُ ……..غُصُنٌ ناعمٌ وبدرٌ تمامُ
يفضحُ البدرَ وجهُها مستَتِمّاً…… والقضيبَ الرطيبَ منها القوامُ
كعبةِ النَّيك للزناةِ بها في …….. كُلِّ يوم وليلة استلامُ
امزجِ الراحَ لي بريق غلام ….. فألذُّ الهوى المعاصي التُّؤام
فُتْ بلذَّاتك العواذل والعَذْ …….. لَ وإلا فاتَتْ بها الأيام
سيُمَحِّي الذنوبَ منكَ صلاةٌ …… وخضوعٌ وخيفةٌ وصيام
لنْ تمسَّ الجحيمُ ظَنِّي جلداً……. قد كساهُ أثوابهُ الإسلام
وفي قصيدة أخرى يقول أبن الرومــــــــــي:
وشيخٍ يبيتُ غلامٌ له …… يُنَعِّمُهُ بنعيمٍ مُهينْ
يقلقِل أحشاءه باركاً ……..بعَرْد طويلٍ غليظٍ متين
ويشفي غليلَ استِه بالمَنيِّ …… ورُب شِفاء بماءٍ مَهين
فكم ثَمَّ للشيخِ من سجدةٍ …… تُعفِّر بالخَدِّ تُربَ الجبين

* * *
وفي الأمثال البدوية والعربية وجدنا في بعض ما قالوا:
– الجواري كخبز السوق، والحرائر كخبز الدور.
– لا تمازح أمة، ولا تبك على أكمة
– لا تفترس من تداولتها أيدي النخاسين ووقع ثمنها في الموازين
– لا خير في بنات الكفر، وقد نودي عليهن في الأسواق، ومرت عليهن أيدي الفساق.
– شراية العبد ولا تِرباته: أي لأن تشتري العبد البالغ خير من أن تربيه، ومعنى المثل لأن تشتري الشيء الجاهز خير من أن تشتريه وتُعدّه أنت، وهي كأن تقول: أعطي خبزك للخباز لو أكل نصفه.
– تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها: مثل عن التمسك بالشرف، يضرب مثلا للرجل يصون نفسه في الضراء، ولا يدخل فيما يدنّسه عند سوء الحال. ومعناه أن الحرة تجوع ولا تكون ظئرا على جُعْل تأخذ منهم؛ فيلحقها عيب، وهناك مثل آخر شبيه به ويعطي نفس المعنى يقول : ما تعملها حرة.
ـ لا تحمدن أمة عام شرائها ولا حرة عام بنائها: لأنهما يتصنعان في العام الأول، يضرب في النهي عن مدح الشيء قبل اختباره.
ـ العبد من لا عبد له: يراد أن من لم يكن له عبد يكفيه أموره امتهن نفسه، والمهنة إنما تكون للعبد.

يــــتــــبــــع

سردار أحمد

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment