-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- لفهم حرب #التعريفات_الجمركية التي يشنها #ترامببقلم طلال عبدالله الخوري
- #زياد_الصوفي يفتح ملف #سامر_فوز لمن يهمه الامربقلم زياد الصوفي
- ** هَل سيفعلها الرئيس #ترامب … ويحرر #العراق من قبضة #نظام_الملالي **بقلم سرسبيندار السندي
- ** ما علاقة حبوب الكبتاغون … بانتصارات نعيم قاسم وحزبه **بقلم سرسبيندار السندي
- ** فوز عون وسلام … صفعة أخرى لمحور المتعة والكبتاغون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل جحيم كاليفورنيا … عقاب رباني وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- لفهم حرب #التعريفات_الجمركية التي يشنها #ترامب
أحدث التعليقات
- لقمان منصور on من يوميات إمرأة حلبجية
- سوري صميم on فضح شخصية الشبيح نارام سرجون
- سيف on ألحلول المؤجلة و المؤدلجة للدولار :
- bouchaib on شاهد كيف رقصت رئيسة كرواتيا مع منتخب بلادها بعد اخراجهم فريق المجرم بوتين
- Saleh on شاهد كيف يحاول اغتصابها و هي تصرخ: ما عندكش اخت
- س . السندي on #زياد_الصوفي يفتح ملف #سامر_فوز لمن يهمه الامر
- س . السندي on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- تنثن on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- Hdsh b on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
مولانا التيس
بلال فضل
يستميت أنصار تيارات الشعارات الإسلامية منذ وصولهم إلى الحكم فى إكساب قادتهم وشيوخهم حصانة ضد النقد اللاذع العنيف، وبعد أن كانوا قبل وصولهم إلى الحكم يروون قصصا لاحصر لها عن سعة الصدر والحلم والتحمل والتصدق بالأعراض والإحتساب عند الله، أصبحوا فجأة لا يروون إلا المرويات التى تحض على ضرورة التأدب مع الكبراء والعلماء وتحذر من غضب الحليم وتدعو الحاكم إلى أن يكون قويا عنيفا مع معارضيه، ولأنه لا أحد يقرأ فى أمة (إقرأ) يختار هؤلاء من التراث العربى الإسلامى مايروق لهم فقط وما يخدم توجهاتهم وشعاراتهم فيقدمونه للناس على أنه الوجه الوحيد للتراث، لأنهم يعلمون أن مايعيشه الناس من بؤس ومعاناة لن يمنحهم الوقت ولا الجهد اللازمين لتصفح كتب التراث العربى الإسلامى والإطلاع على مدى الإنفتاح المذهل الذى تقدمه وتخطيها للخطوط الحمراء التى يتم فرضها فى هذا الزمن لتحريم السخرية من كل صاحب سلطة لمجرد أنه يمتلك لحية.
لا أريد أن أكرر ما سبق أن قلته فى مقال سابق نشرته فى (المعصرة) بعنوان (ألا ليت اللحى كانت حشيشا)، فقط أشير اليوم إلى كتاب مهم وجميل يحمل عنوان (التدين والنفاق بلسان القط والفأر) للشيخ بهاء الدين العاملى، صدر عن دار رياض الريس عام 1996 بعد ترجمته عن الفارسية لأول مرة وتحقيقه على يد المحقق دلال عباس. كان الشيخ العاملى ظاهرة فكرية وثقافية فى عصره (القرن الحادى عشر الهجري)، فبرغم أنه برع فى الرياضيات وعلم الجبر إلا أنه درس الشريعة والفقه والأدب والفلسفة ووصل إلى منصب رئاسة العلماء فى إيران، وحرص على طلب العلم فى مصر والقدس ودمشق وحلب، وكما كان كشكولا فى العلوم والمواهب فقد اشتهر أيضا بكتابه (الكشكول) الذى هجا فيه فساد زمانه قائلا «فسد الزمان وأهله وتصدر للتدريس من قل علمه وكثر جهله، وانحطت رتبة العلم وأصحابه، واندرست مراسمه بين طلابه».
وضع العاملى فى كتابه حوارا بين قط وفأر عن التدين والنفاق «لكى ينتقد أنصاف المتعلمين من رجال الدين الذين وقفوا عند ظاهر النص وأعرضوا عما هو جوهر الإسلام، علمهم قليل، وقلوبهم خالية من العرفان، وإدعاؤهم أكبر من علمهم، يستغلون منصبهم ومعرفتهم من أجل مآربهم الخاصة»، ويحرص على أن يقدم رؤية مركبة بعيدة عن أحكام «الأبيض والأسود»، فمثلما ينتقد الفقهاء لبعدهم عن التصوف والزهد، يشن فى ذات الوقت حملة عنيفة على أدعياء التصوف الذين غلبوا الطريقة على الحقيقة، ربما لأنه كان يعيش فى عصر مضطرب خرج فيه الناس عن حدود الإعتدال، ولذلك فقد ترفع البهائى عن التعصب وانتقد أخطاء الجميع دون إستثناء، ولم يكتف فقط بإنتقاد العلماء الذين بالغوا فى مظاهر التعظيم لأنفسهم، وكانوا لايخرجون إلا فى مواكب شبيهة بمواكب الملوك، فقد بدأ بنفسه حين ألزمها بالطواف على أحياء الفقراء يوميا، يدخل أكواخهم ويطلع على أحوالهم، ويروى أن الشاه عباس انتقده فى ذلك قائلا «سمعت أن أحد كبار العلماء يكون مع الفقراء والأراذل فى أكواخهم وهذا أمر غير لائق»، فأجابه الشيخ بنبرة تحدى مهذبة: «هذا الأمر غير صحيح، فأنا كثيرا ما أكون فى تلك الاماكن ولم يحدث أن رأيت أحدا من كبار العلماء هناك»، وكانت النتيجة أن أثر الشيخ بموقفه هذا على الشاه فصار يخرج إلى الأسواق والأحياء الشعبية متنكرا ليطلع على أوضاع الرعية ويعمد إلى تخفيف الضرائب عن كواهل الناس ويسأل الرعية عن ولاتهم.
فى مقطع مهم من الكتاب يفقد القط صبره من جهل الفأر فيطلب منه أن «يبيع أذن الحمار التى يسمع بها ويشترى أذنا جديدة، لأن ما سأقوله لك لا تعيه أذن الحمار» ثم يلقى عليه موعظة يصفها بأنها ستعيد صياغة مستقبل الفأر لو عمل بها، وبعد أن ينتهى من إلقاء الموعظة على الفأر يسأله: ماذا تقول أيها الفأر بعد كل ماسمعت؟، فيقول الفأر: الوقت ضيق الآن وقد حان وقت الصلاة، فلنذهب لنصلى ونستطيع أن نتابع الحديث فى وقت آخر إذا أمد الله فى عمرنا، وهنا يأتى رد القط ساحقا ماحقا إذ يقول للفأر: إن للصلاة شروطا كثيرة من أهمها الوحدة والإخلاص والبعد عن العناد والحسد، والتوجه بقلب طاهر ونية سليمة إلى الحضرة القدسية، وليس كمثل ذلك التركى الذى بكى بين يدى الواعظ. قال الفأر: كيف كان ذلك؟، قال القط: ذُكر أن تركيا مر قرب مسجد فى أحد أحياء المدينة فسمع واعظا يلقى موعظته، فدخل التركى المسجد، وجلس بين الناس، والواعظ يلقى موعظة يعجز عن فهمها طلاب العلم، فكيف بالتركي؟، ومع ذلك أخذ التركى يبكى بصوت مسموع، فانتبه الناس عند ذلك إلى حالته واستفسروا منه عن سبب بكائه، قال: أيها الأخوة، أملك فى قريتى قطيع ماعز، وفى هذا القطيع كبش أحبه حبا جما، ولى فى هذه المدينة مدة، لم أر ذلك التيس، وعندما رأيت الواعظ الآن، ذكرتنى لحيته وهى تهتز بلحية الكبش الذى أفتقده كثيرا، ولهذا السبب غلب عليّ البكاء. وبعد هذه الحكاية يلخص القط الحكمة التى يريد أن يوصلها للفأر عندما يقول له: «أيها الفأر لا قيمة لعمل يقوم به الإنسان وهو غير عالم بحقيقته».
إن أعجبك مارواه الشيخ بهاء الدين العاملى بلسان القط والفأر فقل لي: بالله عليك لماذا يغضب أنصار تيارات الشعارات الإسلامية عندما نقول أن من يصرون على السير فى القطيع حتى وإن إنحرف قائده يذكروننا بالخرفان والتيوس، إن لم يكونوا أضلّ.
* نقلا عن “الشروق” المصرية
نقابة المفلسين تحيي شعبي ذي قار والبصرة الطينية
في بداية العام الماضي قدم احد المستشارين في وزارة التربية العوراقية والمتخصص في شؤون الطين والغرين دراسة مفصلة اكد فيها بان نوع الطين في محافظة البصرة وضواحيها هو نوع اصيل ولايوجد مثيله في كل دول العالم مؤكدا على العناصر الداخلة في تركيبه تشابه العناصر الداخلة في الاسمنت ورقائق الحديد.
وقال في دراسته ان هذا الطين يصلح لبناء المباني السكنية والمدارس ويمكن ان يعلو البناء الى طابقين او اكثر. واشار ايضا الى امكانية تصديره الى دول الخليج التي تعاني شحة في الطين وخصوصا دولة الكويت الشقيقة.
وسرعان ما انكب على دراستها وزير التربية والتعليم حتى انه قضى اكثر من خمس ليال وربع بدون نوم حتى اكملها ، وفي صباح اليوم السادس استدعى المستشار الطيني وهنأه على هذا الاكتشاف الرائع وامر له بمكافاة ٣ملايين دينار تصرف من النثريات المؤقتة للوزارة وقبل ان يغادر المستشار مكتب السيد الوزير طلب منه السكرتير العام الذي كان حاضرا الاجتماع لغرض التوثيق بان تكون هذه الدراسة تحت بند سري للغاية فالوزير لديه مشاريع يريد تنفيذها بعيدا عن دوخة رأس البرطمان ومجلس الوزراء ووسائل الاعلام.
وسرعان ما جاءت الاوارم صارمة وواضحة:
بناء مدرسة طينية في البصرة للتأكد فقط من جدوى دراسة المستشار الطيني.
ويوم امس افتتحت المدرسة الطينية في منطقة نهر العز في البصرة ، ورغم انها جديدة كل الجدة الا انها تخضع حاليا للترميم .. كيف ولماذا؟ لا احد يدري.
المدرسة بنيت من قطع الطين ومسقفة بالحديد المسلح واطلق عليها اسم نور الايمان.
ولكم أي ايمان وأي نور يااولاد ….
وكاد حسين علي حسين عضو مجلس محافظة البصرة ان يلطم على خديه وصدره وفخذيه وهو يزور هذه المدرسة التي اكتشف انها طينية وتسمى نور الايمان المختلطة.
قال والدموع تنهال على خديه ” وجدنا أن هذه المدرسة قد تم وضع قطعة عليها مكتوب فيها تأسست هذه المدرسة في عام 2012 وهي من الطين ونستغرب من هذا الموضوع رغم ان وزير التربية قال ان عهد المدارس الطينية سيذهب الى غير رجعة مع نهاية العام”.
ولكن الصفعة الاهم بل قل “الراجدي” المعتبر جاء من رجالنا في الناصرية حين كشف مصدر من داخل المحكمة عن رفع جمعية الدفاع عن حقوق المظلومين دعوى قضائية في محكمة استئناف الناصرية ضد القيادي في ائتلاف دولة القانون حسن السنيد بسبب عدم ايفاءه بالوعود .
وقال المصدر ان محكمة الاستئناف اصدرت مذكرة استقدام بحق النائب حسن السنيد للامتثال امامها .
ومن جانبه قال احمد الركابي الناطق باسم الجمعية ” ان النائب حسن السنيد جاء قبل الانتخابات ودخل الى المناطق المنكوبة في المحافظة وقال لأهلها انتخبوني وسوف اعمل على تحسين خدمات مناطقكم , وطلب منا ان نقف الى جانبه في حملته الانتخابية مقابل الايفاء بالوعود .
وأضاف الركابي ان من عمل على انتخاب السنيد هم اصحاب هذه المناطق التي تعاني الامرين اليوم بسبب سوء الخدمات والحالة المعيشية , لافتاً الى ان السنيد لم يف بأي وعد قطعه لناس ولا للجمعية مستغلاً اصواتهم كدعاية انتخابية ولذلك قررت الجمعية رفع دعوى قضائية ضده كونه عمل على غش ابناء الشعب العراقي وضحك على عقولهم .
وعندما جاء السنيد نقل لعوائل هذه المناطق بشرى تخليصهم من معاناتهم لكنه لم ينفذ أيا من وعوده وبقي الحال على ما هو عليه.
ها خويه حسن السنيد .. وين راح تروح ، مو كالولك حبل الكذب قصير.
يالله راح نشوفك كدام القاضي بالناصرية ودير بالك على حالك. تواصل مع محمد الرديني فيسبوك
Posted in الأدب والفن, فكر حر
Leave a comment
خردة الائتلاف الوطني قيمتها 5 مليار دولار
ثلاثة اعمدة من الدخان ارتفعت امس في سماء بغداد ،ليس بفعل التفجيرات والمفخخات فانها اصبحت امرا واقعا يعيشه العراقيون من لا”جاره” كما انها ليست بفعل القاء القبض على نقيب في الجيش ينتمي الى قوات جيش الحق ولا انشقاق احد عمداء الجيش في مكتب رئيس الوزراء وعدم اطاعته الاوامر.
انها اعمدة “غير شكل”.
العمود الاول:
لايكن اولاد الملحة اي سوء قصد للسيد عمار الحكيم فهو ينتمي الى حزب اسلامي ويسعى الى ردم الصدع بين الكتل السياسية المتصارعة ولكنهم يستغربون لماذا اختير ليحل المشاكل العويصة بين هذه الكتل،.
يعني رجعنا الى الاستعانة بفرد لحل مشاكلنا.. يظل الفرد مهما بلغت به البصيرة السياسية عاجزا عن تقديم الحلول المتكاملة.
لاندري لماذا نكره الحوار الجماعي واذا حدث “فالقنادر ” هي الفصل .
“امس اجتمعت مكونات الائتلاف الوطني بصورة عاجلة بعد تسلمها لمطالب المرجعية حيث تمت الموافقة على جميع وصايا المرجعية وتشكيل لجنة لحلحلة الامور وتكليف السيد عمار الحكيم بعمل كل ماهو ممكن لحل الازمة السياسية التي تعصف بالبلد”.
اي ائتلاف وطني هذا الذي لايستطيع ان يحلحل المشاكل الا بالاستعانة برجل دين ليس له الا علاقات طيبة مع جميع الاطراف.
متى تنتهي ظاهرة الفرد في هذا المجتمع؟انها كارثة اذا بقينا ننظر الى الفرد وليس المجموع على انه المنقذ والا هل يعقل ان الائتلاف الوطني او دولة القانون او القائمة العراقية عاجزين عن الحوار مع بعضهم لانقاذ هذا الشعب من جحيم الفردية والتسلط الاعمى؟.
هل نبقى نشد رحالنا الى حيث الفرد نستعين به على قضاء حوائجنا ونحن نعلم ان العجز سيد الموقف؟.
العمود الثاني :
ادعى وزير الكهرباء كريم عفتان ان نهاية العام الحالي سيشهد نهاية المولدات الاهلية وسيشهد العام الحالي نقلة نوعية في واقع الكهرباء وبما يخدم المواطن وان الوزارة تخطت الكثير من العقبات في خطتها التي تضمنت نصب محطات توليد جديدة واجراء تحسين لخطوط نقل الطاقة الى المحطات الكهربائية، وستشهد البلاد لاول مرة منذ عام 1990 تجهيز طاقة كهربائية للمواطن /24/ ساعة ولن تبقى مولدة اهلية تغذي المنازل بالكهرباء”.
اذن دعونا ننتظر ونتبع العيار لباب الدار.
العمود الثالث:
راحت عليك ياصاحبي.
“أعلنت أربع دول امس، هي [قطر والهند واليابان وتشيلي] إيقاف استخدام طائرات السفر المدنية نوع [بوينغ 787 دريملاينر] تجاوباً مع خطوة اتخذتها إدارة سلطة الطيران الاتحادية الأمريكية لمشاكل فنية في الطائرة.
والمعروف ان الحكومة العراقية قامت في عام 2008 بالتعاقد مع شركة بوينغ الأمريكية لشراء 40 طائرة جديدة، من بينها الطائرة [787]، بقيمة كليّة للعقد بلغت خمسة مليار و[500] مليون دولار”.
لاتعليق.
فاصل نفطي: تم التوقيع امس مع شركة لوك اويك الروسية لاستثمار
حقول غرب القرنة النفطية.
ويبدو ان وزارة النفط ستستخدم الايدي العاملة من الساكنين في صرائف القرنة وهؤلاء الذين يسكنون بيوت “الجينكو” بالقرب من هذه الآبار.
سبحان الله يسكن بالجينكو وبجانبه النفط الذي يراه فقط.
عجيبة مو؟؟. تواصل مع محمد الرديني فيسبوك
Posted in الأدب والفن, فكر حر
Leave a comment
حوار الطرشان بين الفيلسوف ورجل الدين
هذه هي المقالة التاسعة عشر من حواري الافتراضي مع الدكتور يوسف القرضاوي من خلال كتابه ((الإسلام والعلمانية، وجها لوجه)). الكتاب في الرابط:
http://www.scribd.com/doc/28242163
حوار الفيلسوف ورجل الدين ظل يفضي دائما إلى طريق مسدود، لأنه حوار النسبي ضد المطلق، والشك ضد اليقين، اللاهوتي ضد الناسوتي، النقل ضد العقل، التجديد ضد التقليد، باختصار هو حوار المستقبل ضد الماضي. نهايته غالبا ما تكون في غير صالح الفيلسوف، إما بإسكاته أو نكبته. نستثني من هذه المحنة بعض الفترات الحضارية في ظل خلفاء وملوك وأمراء مثقفين.
مقالة اليوم تتناول هذه الإشكالية من خلال الحوار الذي دار أواسط الثمانينات بين أستاذ الفيلسوف الدكتور فؤاد زكريا وعالم الدين الدكتور يوسف القرضاوي. وهو الحوار الذي نقله القرضاوي في كتابه الآنف الذكر.
يقول د. القرضاوي في مستهل هذا الفصل ص 109-130- تحت عنوان ((العلمانية والدعوة إلى تطبيق الشريعة:
لماذا الدعوة إلى تطبيق الشريعة؟)):
((قديما قال الشاعر العربي:
وليس يصح في الأذهان شيء ******* إذا احتاج النهار إلى دليل!
ومن أصعب الأشياء أن تحاول إقناع محاورك بأنك في نهار مشمس، إذا كانت الشمس ساطعة، لا يحول دونها ضباب ولا سحاب. ولهذا قال علماؤنا: إن توضيح الواضحات من المشكلات!
ونحن مضطرون أن نقاسي هذه الصعوبة في توضيح الواضح، وإثبات الثابت، مع د. فؤاد زكريا الذي ينكر أن في الإسلام “شريعة” من عند الله!)). انتهى
فهل عند القرضاوي من الأدلة ما يثبت أن فؤاد زكريا ((ينكر أن في الإسلام “شريعة” من عند الله!))؟ وأيهما هو فعلا في حاجة فعلية إلى توضيح الواضحات؟
لنقرأ كلام فؤاد زكريا كما أورده الشيخ القرضاوي في كتابه هذا ص 131.
((كتب القرضاوي: ((لقد بدأ د. زكريا، فوجه سؤالا من سؤالين رئيسيين عنده: أولهما: لماذا الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية؟
((وأجاب الدكتور على سؤالِ نفسه، بما يجيب به أنصار الشريعة، ودعاة الحل الإسلامي عادة، من خلال منطق قوي، لا يستطيع عقل مؤمن أن يهرب منه، أو يرفضه بغير مكابرة، كما اعترف بذلك الدكتور نفسه.
((يقول في جواب السؤال: إن الرد الجاهز الذي يجيب به كل من يتحمس لهذه الدعوة في هذا السؤال، هو أن تطبيق الشريعة ضروري، لأن الشريعة آتية من عند الله، بينما القوانين الوضعية، التي نعمل بها من صنع البشر، والمنطق البسيط والمباشر، الذي تتغلغل به هذه الدعوة إلى قلوب الملايين من البشر وعقولهم، هو أنه لا وجه للمقارنة بين قانون يأتي من عند الله، وقانون وضعه البشر. إن الإنسان كائن هش ضعيف، لا يمتد عمره إلا لحظة خاطفة في زمن الكون الأزلي، ولا يشغل كيانه إلا ذرة ضئيلة في كون شاسع، تقاس أبعاده بملايين السنين الضوئية، فإذا كانت لدينا شريعة أوحى لنا بها خالق هذا الكون، وقانون وضعه هذا الإنسان الضئيل المحدود، فهل يصح أن نتردد لحظة في الاختيار بين الاثنين؟!)).
((إنه كما قلت منطق واضح مباشر، يبدو في نظر الإنسان العادي أمرا يستحيل الاعتراض عليه، بل إن قدرته الإقناعية أعظم من قدرة أشد البديهيات الرياضية وضوحا. ومما يزيد من قدرة هذا المنطق على الإقناع، حالة التردي والتأزم، التي يعيشها الناس، فكلما أحكمت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية قبضتها على رقابهم، ازدادوا استعدادا لقبول الحجة، التي تخاطبهم ـ بكل ثقة ـ فتقول: أرأيتم إلى أين يؤدي بكم حكم البشر؟ إن كل مصائبكم ترجع إلى ابتعادكم عن طريق الله. فلماذا لا تسيرون في هذا الطريق، إن كنتم تريدون ـ حقا ـ أن تنشلوا أنفسكم من هذه الهاوية؟)).
ثم يعلق الشيخ القرضاوي: ((وهكذا اعترف الدكتور بوضوح منطق دعاة الإسلام، وقوته وقدرته على التأثير والإقناع. وخصوصا مع ما نحن فيه من بلاء، لا تزيده الأيام إلا تفاقما..ولكن كيف تخلص الدكتور الفيلسوف من قوة هذا المنطق ومحاصرته وبديهيته، التي تفوق أشد البديهيات الرياضية وضوحا؟.. هنا يتلجلج الدكتور، وينزل إلى المستوى الذي وصف به الغزالي (يقصد الشيخ أبا حامد الغزالي في تهافت الفلاسفة)) من هم خير منه من أعمدة الفلسفة، وهو مستوى “التهافت”! (القرضاوي يتجاهل ابن رشد ورده على الغزالي في: تهافت التهافت) وليس ذلك لضعف الدكتور، فهو رجل متمكن في فنه، مالك لقلمه، ولكن لضعف الفكرة، التي يدافع عنها، وهي العلمانية الدخيلة، وقديما قالوا: الحق أبلح، والباطل لجلج. لنقرأ ـ معا ـ بتأمل وإنصاف ـ ما يقول الكاتب، تعقيبا على المنطق الفطري الناصع، الذي عرضه بعبارته، لندرك ونفحص ـ معا ـ قيمة الأدلة، التي يستند إليها، في نفي النسب الإلهي للشريعة الإسلامية، يقول (فؤاد زكريا)(. انتهى
قبل قراءة حجج فؤاد زكريا بودي أن ألاحظ هنا أن القرضاوي تعمد تقويله ما لم يقل. ففؤاد زكريا لم يعترف ((بوضوح منطق دعاة الإسلام، وقوته وقدرته على التأثير والإقناع)) كما توهم القرضاوي. هو فقد وصف منطق الإسلاميين في ذلك الموقف المحزن في بيئة مخيفة تمكن فيها الإسلاميون من كسب الشارع باسم الدين إلى صفهم وتوهموا أنهم قاب قوسين أو أدنى من استلام السلطة وإقامة خلافتهم الإسلامية. هذا كل ما في الأمر. كان على الفيلسوف أن يكون أكثر حذرا ومهادنة في سبيل تمرير خطابه وإنقاذ البلاد من الزحف الأصولي. وفعلا لم تمر عدة أشهر حتى اغتيل زميله في الحوار مع الإسلاميين، فرج فوده، على أيدي أتباعهم الإرهابيين. وأيد الغزالي شرعية الاغتيال رغم أنه كان يجالس فرج فوده في نفس المنصة:
http://www.4shared.com/get/p_R7o1qt/_______________.html
ووقف القرضاوي مناصرا للغزالي عندما تعرض للنقد والاستنكار في وسائل الإعلام المصرية والعربية.
يقول فؤاد زكريا: ((وبطبيعة الحال، فلو كان الاختيار ـ حقا ـ بين حكم إلهي وحكم بشري، لأصبحت المسألة محسومة على الفور، ولكن السؤال الأساسي هو: هل نحن ـ حقا ـ إزاء اختيار بين شرع الله، وقانون الإنسان؟ في رأيي أن الأمر ـ على حقيقته أبعد ما يكون عن ذلك، ويرتكز هذا الرأي الذي أقول به على أساسين جوهريين:
((الأول هو أن أحكام الشريعة، باعتراف الجميع تمثل في أغلبها مبادئ شديدة العمومية، يتعين بذل جهد كبير من أجل ملء تفاصيلها، بمضمون صالح للتطبيق في ظروف كل عصر بعينه، وكلما تعقدت أوضاع الحياة ازداد الدور الذي تلعبه هذه التفاصيل أهمية. ومن المؤكد أن مجتمعنا المعاصر، يمثل قمة التعقيد، الذي بلغته البشرية طوال تاريخها، نتيجة للتقدم العلمي والتكنولوجي المذهل، وما يترتب عليه من تغييرات متلاحقة في ظروف حياة البشر، وهي التغييرات التي واجهتنا بمواقف جديدة، لم يكن لها نظير في أية فترة سابقة. ومن هنا كان إلزاما على أي مجتمع، يريد لنفسه الحياة وسط عالم متغير متجدد، يتعين عليه أن يتعامل معه، أن يبذل جهدا بشريا هائلا، لكي يترجم المبادئ الدينية العامة إلى واقع، يمكن تحقيقه في عالم كهذا.
((ولنضرب لذلك مثلين: فمبدأ الإحسان مبدأ معترف به في الإسلام، تنص عليه آيات كثيرة، تهدف كلها إلى إشعار الأغنياء بأن للمحرومين في أموالهم حقا، أي إلى ضمان حد أدنى من المعيشة للفقير، أي أن الإحسان صيغة أساسية، تستهدف تحقيق شكل من أشكال العدالة الاجتماعية، غير أن تعقد المجتمعات الحديثة، وعدم وجود اتصال وثيق أو تعارف مباشر بين الغني والفقير في مجتمع المدينة الضخم المزدحم، يحتم علينا أن نأخذ من مبدأ الإحسان روحه العامة، وهي السعي إلى تضييق الفجوة بين الغني والفقير، ثم نبذل جهودا هائلة من أجل تحديد الوسائل، التي تكفل تحقيق شكل من أشكال العدالة الاجتماعية في هذا المجتمع المعقد. وتتفاوت الصيغة، التي يمكن تطبيقها، بين قيام الغني بتقديم صدقة مباشرة إلى الفقير “وهي صيغة لم تعد مجدية في معظم المجتمعات المعاصرة” وبين منع الأغنياء من أن يتملكوا الوسائل، التي تمكنهم من استغلال الفقراء والضعفاء، في الطرف الآخر من سلم الحلول الممكنة، وفيما بين هذين الطرفين تدور خلافات، لا أول لها ولا آخر، كلها خلافات بشرية خالصة، وإن كانت كلها قابلة لأن تندرج تحت المبدأ الديني العام “مبدأ الإحسان”.
((أما المثل الآخر، فهو مفهوم الشورى، فكما نعلم جميعا، مازال الخلاف محتدما حول طبيعة الشورى، وهل هي اختيارية أم ملزمة للحاكم، ولكن الأهم من ذلك أن مبدأ الشورى يحتمل تفسيرات شديدة التباين: ما بين همس الحاكم في أذن وزرائه وأمرائه المقربين، “للتشاور”. وما بين إجراء انتخابات نيابية نزيهة، تؤدي إلى اختيار ممثلين حقيقيين للشعب يكونون سلطة، تراقب جميع تصرفات الحاكم، وتضع لها ضوابط لا يستطيع أن يتعداها، فالمبدأ الإلهي واحد، ولكن التفسيرات متعددة ومختلفة، وكلها تفسيرات تتم بجهود بشرية.
((أما الأساس الثاني الذي أقول من أجله: إننا لسنا إزاء اختيار بين حكم إلهي وحكم بشري، فهو أن النص الإلهي لا يفسر نفسه بنفسه، ولا يطبق نفسه بنفسه، وإنما يفسره البشر ويطبقونه، وفي عملية التفسير والتطبيق البشري هذه، تتدخل كل أهواء البشر ومصالحهم وتحيزاتهم، ففي عصر الرسول وصحابته فقط، كان التشريع إلهيا، وكان التفسير والتطبيق بدوره إلهيا، لأن المكلف بالتفسير والتطبيق كان مبعوثا من عند الله. في مثل هذا العصر ـ فقط ـ يحق للناس أن يقارنوا بين الحكم الإلهي والحكم البشري، أما في جميع العصور اللاحقة، فقد دخل البشر، بكل ما يتصفون به من ضعف وهوى ولم يعد النص الشرعي الإلهي يتحول إلى واقع متحقق، إلا من خلالهم. وهذا هو التعليل الوحيد للتباين الشديد بين أنظمة متعددة، يقسم كل منها بأغلظ الأيمان أنه هو الذي يطبق الشريعة، كما ينبغي أن يكون التطبيق.
((ماذا نستنتج من ذلك كله؟ النتيجة الواضحة، التي تفرض نفسها على كل من يملك حدا أدنى من القدرة على التفكير، هي أن الهدف الأصلي، الذي تسعى إلى تحقيقه دعوة تطبيق الشريعة، هو هدف يستحيل بلوغه، فأصحاب هذه الدعوة، الذين تتملكهم رغبة حقيقية في الإصلاح، يريدون أن يتخلصوا من ضعف البشر وتخبطهم بالالتجاء إلى حكم إلهي، يسمو على كل ما يصل إليه البشر الفانون. ولكن المشكلة الكبرى هي أن ضعف البشر وتحيزهم، بل وفسادهم وانحلالهم، سيظل ملازما لنا، حتى عندما نحتكم إلى الشرع الإلهي، وبمجرد أن نطرد الهوى والتحيز البشري من الباب، نجده يقفز عائدا إلينا من النافذة.
((إن عملية الحكم عملية بشرية، ومادام الذين يمارسونها بشرا، فسوف يقحمون مشاعرهم وميولهم في أي نص يحكمون بمقتضاه، حتى لو كان نصا إلهيا. وعلى كل من يشك في ذلك أن يتأمل جميع تجارب تطبيق الشريعة، لا في العالم الإسلامي المعاصر فحسب، بل طوال التاريخ الإسلامي بعد عصر الرسول، لكي يتأكد من أن البشر مهما فعلوا لن يستطيعوا أن يهربوا من طبيعتهم أو يتخلصوا من أعمالهم”. انتهى
انتهى كلام فؤاد زكريا الذي بنى عليه القرضاوي حكمه التكفيري حول إنكاره ((أن في الإسلام “شريعة” من عند الله!)). فهل قال الدكتور فؤاد زكريا فعلا بأن الشريعة ليست من عند الله؟ ملخص ما قاله هو أن الشريعة من عند الله ولكن تطبيقها بشري وبما أن البشر ناقصون فلابد أن يكون التطبيق ناقصا وبالتالي فهو يطالب بضمانات أكبر في نزاهة التطبيق من خلال تبني الأدوات العصرية في سياسات البلدان خاصة الديمقراطية التي تجعل الحكام مسؤولين أمام الشعب. وهذه هي العلمانية كما رآها في حدها الأدنى في مجتمع يعيش انبهارا حقيقيا بالدين ورجاله.
المحزن أن الفيلسوف المصري لم يكن طليق اليد واللسان ليقول رأيه كفيلسوف في هذه الشريعة (الربانية)، وهذا مصدر كل الخيبات التي اصطدمت بها كل محاولات الخروج من هيمنة الماضي، ولقد اضطر الفيلسوف إلى بذل كنوز من الحيل البارعة ليتفادى التكفير ويقدم تنازلات لشريعة مزعومة لا تعدو أن تكون مجرد صنيعة بشرية مثل غيرها من الشرائع التي اخترعها البشر ونسبوها لله وفرضت نفسها بالعنف والترهيب والترغيب لصالح مجتمعات ذكورية قائمة على قانون السيف.
هذه بعض التنازلات، حسب رأيي، التي اضطر الفيلسوف إلى تقديمها طلبا للسلامة:
تنازل الفيلسوف عندما قال: ((بوضوح منطق دعاة الإسلام، وقوته وقدرته على التأثير والإقناع)). فلا وضوح لهذا المنطق إلا كونه يرتكز على العصبية والتكفير أمام جماهير مازال مستوى العقلانية عندها متدنيا جدا. نحن هنا إزاء منطق الذئب تجاه الخروف.
وتنازل الفيلسوف عندما قال: ((ومن هنا كان إلزاما على أي مجتمع، يريد لنفسه الحياة وسط عالم متغير متجدد، يتعين عليه أن يتعامل معه، أن يبذل جهدا بشريا هائلا، لكي يترجم المبادئ الدينية العامة إلى واقع، يمكن تحقيقه في عالم كهذا)). لكنه مجهود لا طائل من ورائه، لعله أشبه بمجهود سيزيف. لماذا يتوجب على مجتمعنا ((أن يبذل جهدا بشريا هائلا، لكي يترجم المبادئ الدينية العامة إلى واقع، يمكن تحقيقه في عالم كهذا))؟ من المحزن أن تواصل مجتمعاتنا إضاعة الوقت في ترجمة مبادئ دينية إلى واقع هي أصلا غير قابلة للترجمة إلا إذا أمسكنا بخناق مجتمعاتنا وفرضنا عليها أنماطا معيشية كتلك التي كان يعيشها مجتمع المدينة يثرب في بداية القرن السابع الميلادي. وما أشبه هذا الوضع المفروض بسرير بروكرست في الميثولوجيا الإغريقية حين كان ذلك العملاق الطاغية قاطع الطريق يمسك بالمسافرين ويضعهم على سريره، ثم يقوم بتمديد أوصال من يقصر عن السرير أو يقطع أوصال من يزيد طوله عليه. وهذا حالنا مع الدين: على الشعوب المؤمنة به أن تبقى جامدة بلا زيادة ولا نقصان حتى تنسجم معه. بينما الترجمة الحقيقية تتطلب تجاوزه تماما وجعل التشريع بين أيدي البشر يفصلونه مثل الخياط حسب حاجاتهم. خاصة ونحن أمامنا تجارب عالمية ناجحة لمجتمعات تحررت من هيمنة الدين لا بفضل ترجمته.
وتنازل الفيلسوف عندما قال: ((وفيما بين هذين الطرفين تدور خلافات، لا أول لها ولا آخر، كلها خلافات بشرية خالصة، وإن كانت كلها قابلة لأن تندرج تحت المبدأ الديني العام “مبدأ الإحسان)). في الحقيقة، التجارب التنموية الحديثة لم تعد تندرج تحت مبدأ الإحسان. بل تحت مبدأ الحقوق والواجبات، بحيث استبدلت المصطلحات الدينية مثل الإحسان بالضريبة على الريع والدخل والإنتاج والحق في العمل وفي العناية الصحية وغيرها من الحقوق التي هي من واجبات الدولة وليست مِنَّة من أحد، أما مشاريع الإحسان والجمعيات الخيرية فهي مرحب بها بشرط أن تتم على هامش السياسات الحكومية.
وتنازل الفيلسوف عندما قال: ((ولم يعد النص الشرعي الإلهي يتحول إلى واقع متحقق، إلا من خلالهم)). هنا أيضا لا بد أن نلاحظ أن الأمم الحديثة تجاوزت النص الشرعي من خلال علمنة دساتيرها وفرض فصل نهائي بين المجال الديني والسياسي.
وتنازل الفيلسوف عندما قال: ((هي أن الهدف الأصلي، الذي تسعى إلى تحقيقه دعوة تطبيق الشريعة، هو هدف يستحيل بلوغه)). لماذا يستحيل بلوغه؟ هل الشريعة هي من السمو والكمال بحيث يستحيل تطبيقها على أكمل وجه إلا من قبل واضعها أو نبيه؟ شخصيا أؤيد القرضاوي عندما يؤكد أن الشريعة الإسلامية ظلت مطبقة طوال عصور الإسلام مع اختلاف التطبيق حسب ضرورات الزمان والمكان ولم نقرأ لأي فقيه يستنكر فيه على الخلفاء عدم تطبيقهم للشريعة عدا بعض الخلافات في الجزئيات. هذا التنازل يصب في إناء الدين ورجاله. ليست شريعتهم كاملة، بل ومن الجحود أن نقارنها بشرائع البشر التي تجسدت في مواثيق حقوق الإنسان وفي دساتير الأمم الحديثة.
وتنازل الفيلسوف عندما قال: ((فأصحاب هذه الدعوة، الذين تتملكهم رغبة حقيقية في الإصلاح)). هل صحيح أن الإسلاميين تتملكهم رغبة حقيقية في الإصلاح؟ هذه هدية لا يستحقونها. كيف نسمي مصلحا من مازال يتشبث بتطبيق شريعة قروسطية أباحت كل التجاوزات في حق الإنسان الضعيف والمغلوب: عبودية، سبي، احتلال البلدان، نشر الدين بالقوة، تكفير المختلفين، تبرير الإرهاب….؟
وتنازل الفيلسوف عندما قال: ((ولكن المشكلة الكبرى هي أن ضعف البشر وتحيزهم، بل وفسادهم وانحلالهم، سيظل ملازما لنا، حتى عندما نحتكم إلى الشرع الإلهي، وبمجرد أن نطرد الهوى والتحيز البشري من الباب، نجده يقفز عائدا إلينا من النافذة)). شخصيا لا أشك في أن الفيلسوف فؤاد زكريا لا يرى في هذا الشرع الإلهي إلا مجرد صنيعة بشرية متواضعة جدا لا ترقى حتى إلى مستوى الشريعة اليونانية البشرية رغم أنها سبقتها بألف عام. بالعكس، كلما تحرر البشر من الدين كلما تقدموا نحو الكمال. البشر هم الذين صنعوا الأديان، وهم الذين عليهم أن يتجاوزها أو يتخففوا من هيمنتها ومن اغترابهم تجاهها. بعض الشعوب، سارت أشواطا بعيدة في هذا الطريق. لا أدري لماذا يتنازل الفيلسوف إلى هذا الحد؟ ألم ير، وهو الفيلسوف، كيف قام البشر في الأمم المتقدمة بوضع الأنظمة والشرائع والضوابط للتحكم في أهوائهم وتحيزاتهم منذ أن أعلن نيتشه، رمزيا، عن قتل الإنسان لله وتربعه مكانه، بما يعني أن الله لم يعد مصدرا للشرائع والأخلاق والتعاليم؟ أليست الديمقراطية وسيلة ناجعة لإدارة أنانيات واختلافات الناس بطرق سلمية؟ ألا يجري مراقبة ومحاسبة الحكام الذين أُنْزِلوا من عليائهم وأصبحوا مسؤولين أمام الشعب، ومعاقبتهم عندما يسيئون استخدام السلطات التي خولها لهم الشعب؟ كل هذا تحقق رغم حداثة التجربة مقارنة بأزمنة التيه والضلال الطويلة التي عاشها الإنسان مرهونا لقوى غيبية صنعها بجهله.
ومع ذلك وتحت عنوان جانبي ((مناقشة علمية هادئة )). يقول القرضاوي كلاما خطيرا في بيئة إسلامية هو أبعد ما يكون عن المناقشة الهادئة. نقرأ: ((ولنقف قليلا عند الأدلة، التي اتكأ عليها أستاذ الفلسفة، لينفي ـ بشدة ـ أن الإسلام شريعة، تنسب إلى الله، ويثبت أن الشريعة مثل القانون الوضعي، كلها من عمل الإنسان)).
ويقول: ((الحق أني ما كنت أحسب أن يتورط رجل مثله، في مثل هذا الباطل المكشوف، وأن يتوكأ على عكاز منخور، أكلته دابة الأرض.))
ويقول: ((ولا أدري كيف بلغ به الزهو، أن يتهم الأمة الإسلامية كلها بالغباء والجهل. فقد ظلت بجميع مذاهبها وفرقها طوال أربعة عشر قرنا، تعتقد أن عندها شيئا اسمه “شرع الله” عمل به من عمل، وانحرف عنه من انحرف، حتى الفلاسفة الذين لا يجهل الأستاذ أمرهم، كانوا يحاولون أن يثبتوا ما بين حكمة البشر وشريعة الله من الاتصال)). هنا يتحرج الشيخ من ذكر ابن رشد صاحب فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، بينما ذكر الغزالي متحيزا بذلك لعدو الفكر الحر والفلسفة ؟
فكيف فهم القرضاوي أن فؤاد زكريا ((ينكر أن في الإسلام “شريعة” من عند الله!))؟
للأسف، هذه هي طريقة الإسلاميين في الحوار، مآلها طريق مسدود. هم قلما يفرقون بين الدين والفكر الديني، بين النص وما نفهمه من النص، بين الفكرة وتطبيقها نظرا لعجزهم عن ممارسة القراءة الحديثة التي انتهجها أمثال محمد أركون ونصر حامد أبو زيد وغيرهم. بل الأخطر أن فكرهم كثيرا ما يتماهى مع النص (المقدس)، بل يتماهى صاحبه مع نبيه وإلهه. لهذا يتهمون خصوم فكرهم بأعداء الإسلام وأعداء الله ورسوله !
لنعد إلى مادة هذه التهمة، إلى كلام فؤاد زكريا، ونختار هذه الفقرة التي تلخص في رأيي فكره العلماني في التحفظ على تطبيق الشريعة الإسلامية. يقول: ((إننا لسنا إزاء اختيار بين حكم إلهي وحكم بشري، فهو أن النص الإلهي لا يفسر نفسه بنفسه، ولا يطبق نفسه بنفسه، وإنما يفسره البشر ويطبقونه، وفي عملية التفسير والتطبيق البشري هذه، تتدخل كل أهواء البشر ومصالحهم وتحيزاتهم)).
ولهذا لا يتساءل الإسلاميون كيف انقسم المسلمون طوال تاريخهم كل هذا الانقسام والتشظي إلى مذاهب وطوائف وطرق حد التناحر والتكفير والتذبيح، وهم كلهم يؤكدون على ارتباطهم الشديد بصحيح دينهم؟ هل يعقل هذا لو كانت تعاليم الإسلام كلها على درجة من الضبط والوضوح حتى في أبسط الأمور التعبدية أما إذا تطرقنا إلى أهم مسألة في حياة الناس وهي السلطة وإدارة شؤون المسلمين فالخلافات كانت هي القاعدة وليس الاستثناء؟
حتى أقرب الناس إلى صاحب الرسالة، علي بن أبي طالب، قال عن القرآن: ((كلمة حق أريد بها باطل))، وقال ((إنا لم نحكم الرجال، إنما حكمنا القرآن، وهذا القرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق، وإنما يتكلم به الرجال))، ومع ذلك نصح ممثله لمفاوضة الخوارج: ((لا تجادلهم بالقرآن، فإن القرآن حمال أوجه وجادلهم بالسنن)). ولم تفلح لا المجادلة بالقرآن ولا بالسنن في المصالحة بين الخصوم، وكلهم كانوا يجدون في الكتاب والسنة ما يدعم مواقفهم المتنافرة حد الاقتتال.
وعليه فإن الفصل في مسائل خلافية بالطريقة التي فصل فيها القرضاوي، هو من قبيل الفاشية الدينية.
وبعد أن وجه القرضاوي هذه التهمة التكفيرية التي كانت كافية ليتكفل أحد الإسلاميين باغتياله لو أتيحت له الفرصة مثلما جرى مع فرج فودة، بعد هذا ينطلق في مساجلة طويلة مملة حول شرح الزكاة بحجة أن ((عيب الدكتور وجماعته من العلمانيين واليساريين أنهم لا يعرفون الإسلام، ولا يقرءون كتب علمائه القدماء ولا المحدثين)). وأن فؤاد زكريا خلط بين الإحسان وبين الزكاة. وأن الإسلام (يرفض) فكرة الإحسان، ولم يعتمد عليها في رعاية حقوق الفقراء. بينما المعول عليه هو الزكاة.
وهو كلام عبارة عن تملص من حجية فؤاد زكريا أو هروبا من مواجهة حصافتها أو مجرد عجز عن فهم آليتها. فمهما تحدث الشيخ عن أهمية الزكاة في الإسلام للقضاء على الفقر والتفاوت بين الأغنياء والفقراء، فليس هذا لب الفكرة التي شرحها الدكتور زكريا. فحتى في حال تمكن الدولة الإسلامية من جمع القناطير المقنطرة من الذهب والفضة من الأغنياء أو من استغلال الثروات الطبيعية مثلما هو الحال اليوم، تبقى مسألة التوزيع حجر عثرة لأن هذه الدولة الإسلامية قائمة على نظام حكم أهم خصائصه الاستبداد الذي يستمد مشروعيته من تطبيق هذه الشريعة بالذات. والاستبداد، كما هو معلوم، يحول دون مراقبة المجتمع للسلطة الحاكمة كما يجري حاليا في المجتمعات المتمدنة التي يعتبر فيها المجتمع المدني سلطة مضادة حقيقية تلعب فيها منظماته وجمعياته وصحافته ونقاباته ومعارضته وآلياته الانتخابية الدور الأكبر في مراقبة إدارة شؤون الناس وقيام الحكم الراشد. وهذه الحكمة الغربية العلمانية لا نجد لها أثرا في الإسلام نصوصا وممارسات ولا هي موجودة في الأديان الأخرى. بل نجد الإسلاميين المعاصرين يعارضون هذه الحكمة بحجة أنها أفكار مستوردة وأن في ديننا الخبر والبركة، ووقفوا دائما ضد مساعي النخب العلمانية للاستفادة من التجارب الغربية مثل الديمقراطية والعلمانية وحقوق الإنسان ومختلف الحريات مثل حرية التعبير والإعلام والنقد والاعتقاد والابتكار في غياب أية عصمة أو قداسة لأحد.
تطبيق الشريعة يعني مزيدا من الاستبداد والتخلف؟
هذه هي المقالة الثامنة عشر من حواري الافتراضي مع الدكتور يوسف القرضاوي من خلال كتابه ((الإسلام والعلمانية، وجها لوجه)). الكتاب في الرابط:
http://www.scribd.com/doc/28242163
يقول د. القرضاوي في مستهل هذا الفصل ص 106-108- تحت عنوان ((العلمانية والشريعة)): ((أما الجانب الذي تقف العلمانية ضده، من تعاليم الإسلام، بصراحة وقوة، فهو الشريعة، أعني الجانب التشريعي أو القانوني في الإسلام. وقد يتساهل بعض العلمانيين، فيَدَعُون للإسلام التشريع المتعلق بالأسرة، أو ما يسمى “الأحوال الشخصية” من الزواج، والطلاق والميراث ونحوها، على اعتبار أن هذه متعلقة بالحرية الدينية، أو الشخصية للإنسان، وهم حين يصنعون ذلك يعتبرونه مِنَّة منهم على الإسلام)). انتهى.
هل يجهل الشيخ القرضاوي أم يتجاهل أن هذه ((الحرية الدينية)) التي يزعم أن بعض العلمانيين يتساهلون معها ((فيَدَعُون للإسلام التشريع المتعلق بالأسرة)) إنما كانت حكرا ولا تزال على الذكور المسلمين فقط. أما النساء المسلمات فلم يرضهن هذا التشريع أبدا ابتداء من نساء النبي أمهات المؤمنين إلى نساء هذه الأيام؟
مع هذه المعارضة للشريعة الإسلامية من طرف نصف المجتمع على الأقل يقول القرضاوي في نهاية هذا الفصل: ((إن العلمانية تقبل القانون الوضعي، الذي ليس له في أرضنا تاريخ ولا جذور ولا قبول عام وترفض الشريعة التي تدين أغلبية الأمة بربانيتها وعدالتها وكمالها وخلودها وتحس بالإثم والقلق إذا أعرضت عن أحكامها وترى أنها معددة بعقاب الله في الدنيا والآخرة)).
لو قمنا بعملية حسابية بسيطة فلن نقتنع بما اقتنع به الشيخ بأن أغلبية الأمة تدين بربانية هذه الشريعة وعدالتها وكمالها وخلودها وتحس بالإثم والقلق إذا أعرضت عن أحكامها وترى أنها مهددة بعقاب الله في الدنيا والآخرة. فالغالبية من النساء: خمسين بالمائة على الأقل ونسبة كبيرة من صغار السن الذين رفع عنهم القلم ونسبة من الرجال ترفض تطبيق الشريعة لأنها تعتبرها غير عادلة. هذه أمثلة من التاريخ ومن الواقع:
في صحيح مسلم الجزء الثالث صفحة 364 لما نزل الوحي “تُرجي من تشاء…إلخ” (سورة الأحزاب 33 : 51)، “ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك”. قالت عائشة: “والله ما أرى ربك إلاَّ يسارع لك في هواك “. لقد كان التمرد والتباغض بين الضرائر صفات لم تكن غريبة عن بيت النبوة الذي يقدمه الإسلاميون كبيت مثالي وبيوت الصحابة، ولهذا رخص النبي ضرب النساء. بقوله: (لَا يُسْأَلُ الرَّجُلُ فِيمَا ضَرَبَ امْرَأَتَهُ(، بالإضافة إلى آية ((واللائي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن..)).
وأنا شخصيا لم أصادف في حياتي امرأة تقبل بالضرائر رغم أن هذا حق منحه الله للرجل، ومن المفروض ألا ترفض المرأة المسلمة أمرا إلهيا يجب أن يكون منتهى العدل بالنسبة لأي مؤمن. بل حتى نبي الإسلام محمد نفسه رفض هذا الحق الذي منحه الله للرجل فاستثنى عليًّا صهره منه رغم أن إسلامه يبيح التعدد بدون شروط:
جاء في كتب السيرة: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَلَا آذَنُ ثُمَّ لَا آذَنُ ثُمَّ لَا آذَنُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا هَكَذَا قَالَ. رواه البخاري في صحيحه.
كذلك صادفت في حياتي الكثير من الأسر تحرص على مواصلة التكاثر حتى إنجاب الولد الذكر مخافة مشاركة إخوة الزوج في الميراث في حالة وجود البنات فقط. أليس هذا دليلا على رفض الناس لتشريع إلهي والتحايل على تجاوزه وعدم الخضوع له وعدم الاقتناع بعدالته، أما الحيل الأخرى التي يلجأ إليها الناس، وحتى الفقهاء لتجاوز تشريعات يرفضونها أو يحاولون التخفيف من همجيتها مثل حد السرقة الذي جعلوا له شروطا مضحكة أحيانا ومثل حد الزنا الذي جعلوا شرطا مستحيلا: (( رأى أربعة من الرجال المغيرة بن شعبة، عامل عمر بالبصرة، وهو يزني بأم جميل وشكوه إلى عمر، أمر عمر بضربهم لأن ثلاثة منهم رءوا المرود في المكحلة والرابع رأى المغيرة على المرأة، وهو عارٍ، وأرجلها مرفوعة في الهواء، لكنه لم ير المرود في المكحلة)).
هذه الحيل كثيرة للتخفيف من غلواء الشريعة وكان يمكن إبطالها وإراحة الناس من هذه التصرفات البهلوانية الشاقة والصبيانية في آن معا لولا تصديق الناس بقدسيتها بالإضافة إلى ما يسود حياة الناس ومواقفهم من نفاق.
حتى الإسلاميون ممن ينتقدون مقالاتي في هذا الموقع يعترفون دون أن يدروا أن غالبية المسلمين يتهربون من الالتزام بالشريعة. أليس هذا ما نفهمه منهم وهم يقولون لنا بأن سبب تخلفنا ليس مرده تطبيق الإسلام بل الابتعاد عنه. أليس هذا ما نفهمه من وصف الشيخ يوسف البدري الشعب المصري بأنه فاجر وفاسق؟
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=122677
وعليه، فإن سكوت بعض العلمانيين في بلداننا على وجود هذه التشريعات المخجلة في حق المرأة، وفي حق الأبناء المولودين في إطار علاقات (غير شرعية)، لا يمكن اعتباره من قبيل الحرية الدينية ولا يمكن قبوله رغم أنه يمكن رده إلى الترهيب الذي يمارسه رجال الدين على حرية الفكر وبتبعية مجتمعاتنا الذكورية لهم. ومع ذلك فأنا أعرف أسرا مسلمة كثيرة جدا لا تنجب، تبنت أطفالا وسجلتهم سرا في مصالح الحالة المدنية مخالفة لنصوص الإسلام. أما الحالات التي تمت في ظل القانون الجزائري الذي أباح التبني على أن يقتصر على إعطاء الولد المتبنَّى اسم العائلة دون أن يكون له الحق في الميراث الشرعي فهي حالات محزنة ومخجلة إلى أبعد الحدود تعبر فعلا عن وحشية رجال الدين الذين يعطون الأولوية لبقاء نصوصهم ولو على حساب حق الإنسان في كرامة غير منقوصة بسبب ذنب لم يرتكبه.
هذه الحرية الدينية المزعومة لا أثر لها في حياتنا اليومية، ومن العار على أي علماني أن يقبل هذه الجرائم باسمها.
أما عندما يقول القرضاوي: ((فالعلمانية الأصلية، لا تسمح للإسلام بأي مساحة في التشريع، ولو كان ذلك في الأحوال الشخصية، فالدين مكانه ـ عندها- الضمير، أو المسجد فحسب)). فهو محق ويجب أن نعمل للوصول إلى هذه الوضعية المتمدنة السوية حقا.
ثم يقول: ((وقد رأينا علمانية “أتاتورك” وهي أم العلمانيات في البلاد الإسلامية، تطرد التشريع الإسلامي من كل المجالات، حتى في الأحوال الشخصية، لهذا حرمت الطلاق، وتعدد الزوجات، وسوت بين الأبناء والبنات في الميراث، مخالفة بذلك قطعيات الشريعة، وما علم من الدين بالضرورة. وفي بعض البلاد العربية في الشمال الإفريقي (يقصد تونس)، رأينا بعض العلمانيات الحاكمة، تقلد العلمانية “الأتاتوركية” في الزواج والطلاق، وأوشكت أن تقلده في قانون الميراث، لولا ضغط الرأي العام.)) انتهى.
غير صحيح أن تركيا أتاتورك تحرم الطلاق كما زعم الشيخ. فقط حرمته بوصفه حكرا للرجل فقط وصار من حق المرأة التطليق أيضا. الشيخ يقول هذا الكلام لأن المعني الأول بالخطاب الإسلامي هو الذكر المسلم في الدنيا وفي الآخرة ولأن ما يهمه هو الحفاظ على النص المقدس ولو تم ذلك على حساب سعادة نصف مجتمعاتنا (النساء).
فهل من قبيل الجريمة القبيحة أن يمنع أتاتورك تعدد الزوجات ويسوي بين الأبناء والبنات في الميراث !!!؟
يقول ((قطعيات الشريعة وما عُلِم من الدين بالضرورة))، فما رأيه في العائلات المالكة التي استولت على الحكمفي كل تاريخ الإسلام واعتبرها الإسلاميون خلافة مقبولة وما رأيه في عائلات الجزيرة العربية وأطرافها حاليا التي تربعت على العروش بالقوة لتتصرف في مقدرات البلاد وتديرها كما يحلو لها؟ هل الحكم الوراثي من قطعيات الشريعة؟ ما هو ((معلوم من الدين)) أن الحكم يجب أن يكون في قريش، ولهذا رأينا السلالات الحاكمة على مر التاريخ الإسلامي تعمل دائما على ربط نسبها بآل البيت، علويين وفاطميين وعباسيين، أو قرشيين وغيرها من السخافات. فهل يجرؤ الشيخ على المطالبة بتطبيق هذا المعلوم من الدين بالضرورة في بلاد الإسلام الواسعة فيدعو إلى الإطاحة بالحكام الذين لا ينحدرون من قريش؟ طبعا لا يستطيع وقد رأيناه يندد بالجهوريات العربية الوراثية ويشيد بالملكيات العربية الوراثية أيضا رغم أنها غير دستورية كما هو الشأن في ملكيات أوربا الديمقراطية.
نواصل مع الشيخ إذ يقول: ((ترى العلمانية أن التشريع للمجتمع من حقها هي، وليس من حق الإسلام أن يحكم ويشرع، ويحلل ويحرم، أي أنها تغتصب حق التشريع المطلق من الله الخالق، وتعطيه للإنسان المخلوق. والعلمانية بهذا تجعل الإنسان ندا لله، الذي خلقه، بل هي ـ بهذا ـ تعلى كلمة الإنسان على كلمة الله جل جلاله، فهي تمنحه من السلطة والاختصاص، ما تسلبه من الله سبحانه، وبهذا يصبح الإنسان “ربا” يحكم بما يريد، ويأمر بما شاء. قد تعترف العلمانية لله في هذا الكون، بالخلق ولا تعترف له بالأمر، والإسلام يقوم على أن لله الخلق والأمر جميعا (ألا له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين) (سورة الأعراف:54). وإذا تسامحت العلمانية، واعترفت لله بحق التشريع، فإننا نجدها تعطي الإنسان حق النسخ لما شرع الله، بدعاوى باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، فهي تحل ما حرم الله، وتحرم ما أحل الله، وتسقط ما فرض الله، وتعطل ما شرع الله.)) انتهى
وكم خدع هذا الكلام المعسول الناس، خاصة شبابنا فانطلقوا يضعونه موضع التطبيق، وكان التكفير وكان الإرهاب وكانت الحروب الأهلية وكانت الكوارث التي حلت بمجتمعاتنا وزادت في مزيد من الانسداد الحضاري وفي مزيد من فشل برامج التنمية.
يتهم الشيخ العلمانية بأنها ترى أن ((ليس من حق الإسلام أن يحكم ويشرع، ويحلل ويحرم)). وأنا أتهمه بجريمة التعتيم على الحقائق وإخفائها خدمة لأنظمة قروسطية بائدة. أسأله: إذا سلمنا لك أن في الإسلام شريعة سامية بحلالها البيّن وحرامها البيّن، فكيف يحكم الإسلام يا مولانا؟ هل الإسلام كائن مادي بوسعه أن يتربع على كرسي السلطة ويطبق نفسه بنفسه فيدير المحاكم والسجون وينفذ الحدود ويعاقب ويكافئ؟ هل تجسد الله يوما ما في شخص حاكم مسلم وطبق شريعته العادلة حتى امتلأت الأرض عدلا بعد أن ملأها العلمانيون والكفار جورا؟
نحن نعرف أن البشر هم من حكموا باسم الله وباسم رسالاته. فكيف وصل هؤلاء البشر إلى الحكم؟ قديما كان الحكام يزعمون أن لهم حقا إلهيا في السيادة على الناس. وكان رجال الدين يباركونهم فيصدقهم الناس ويسلمون لهم أمره. لا يستطيع القرضاوي ولا غيره اليوم أن يقول بذلك. وبما أننا نعرف أنه ليس في الإسلام نظرية سياسية لتنظيم الحكم مثل النظريات السياسية الحديثة التي أبدعها البشر (الناقصون) فصار الحكام تعبيرا عن إرادة شعوبهم بعيدا عن أية عصمة أو قداسة: يُنْتَخَبُون ويُعْزَلُون ويُحاسَبون ويُنتَقدون ويتظاهر الناس احتجاجا على طر يقهم في الحكم، فكيف كان يجري تداول الحكم في الإسلام؟
قال معاوية بن إبي سفيان مبررا توريثه الخلافة لابنه يزيد: “أيها الناس قد علمتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض (توفي) ولم يستخلف أحدا فرأى المسلمون أن يستخلفوا أبا بكر، وكانت بيعته بيعة هدى، فعمل بكتاب الله وسنة رسوله، فلما حضرته الوفاة رأى أن يستخلف عمر، فعمل عمر بكتاب الله وسنة رسوله، فلما حضرته الوفاة رأى أن يجعلها شورى بين ستة نفر اختارهم من المسلمين. فصنع أبوبكر ما لم يصنعه رسول الله وصنع عمر ما لم يصنعه أبو بكر، كل ذلك يصنعونه نظرا للمسلمين. فلذلك رأيت أن أبايع ليزيد لما وقع الناس فيه من الاختلاف ونظرا لهم بعين الإنصاف” (عن الإمامة والسياسة لابن قتيبة((.
وعليه فإن الشيخ القرضاوي وغيره من رجال الدين عندما يطالبون بتحكيم الإسلام، فإنهم يقصدون في نهاية المطاف، تحكيم شيوخ الإسلام بوصفهم علماء هذا الدين سواء بصفة مباشرة عندما يتولون بأنفسهم إدارة شؤون البلاد مثلما هو الشأن في جمهورية إيران الإسلامية أم عبر حكومات تأتمر بأوامرهم أو تتحالف معهم مثل تجربة الحكم الإسلامي في السودان أو طريقة حكم آل سعود وغيرهم من الأسر الحاكمة في بلاد المسلمين بما في ذلك هذه الأنظمة (الجمهورية) الهجينة التي يتهمها الإسلاميون بالعلمانية والعلمانية منها براء.
ليس في نصوص الإسلام ولا في تجارب الحكم التي طبقت في تاريخه أي نظرية للحكم يمكن مقارنتها بنظرية الحكم الديمقراطي اليوناني أو الروماني. أما أن نقارنها بتجارب الحكم الديمقراطي العصرية فهو عبث. وبما أن حكم الإسلام الذي يطالب به القرضاوي غير ممكن إلا عبر تولي البشر (الناقصين) مهمة إدارة شؤون الناس، ونظرا لغياب أي توجيه إسلامي للكيفية التي يمكن بها اختيار الحكام، نظرا لهذا البؤس والفقر النظري الحقيقي في هذا المجال فإن هذه المطالبة هي خداع في خداع.
شخصيا قرأت أهم كتاب في (التنظير السياسي) الإسلامي وهو كتاب الأحكام السلطانية للمارودي، فلم أجد فيه شيئا يسترعي الانتباه يمكن التعويل عليه اليوم، عدا هذه العموميات القروسطية السبع التي أوردها كشروط لتولي الحكم مثل اشتراط العدالة على شروطها الجامعة والعلم المؤدِّي إلى الاجتهاد في النَّوازل والأحكام وسلامة الحواسِّ من السَّمع والبصر واللِّسان؛ ليصحَّ معها مباشرة ما يدرك بها وسلامة الأعضاء من نقصٍ يمنع عن استيفاء الحركة وسرعة النهوض والرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح والشجاعة والنجدة المؤدِّية إلى حماية البيضة ( !!!!!) وجهاد العدوِّ ليختمها بشرط أكثر حمقا من الشروط السابقة مثل شرط النسب وهو أن يكون من قريشٍ لورود النصِّ فيه وانعقاد الإجماع عليه( !!!).
والماوردي وغيره يلتزمون صمت القبور حول الكيفية التي يتم بها اختيار الخليفة إلى حد أنهم، مخافة الفتنة، نصحوا الرعية بالرضا بالحاكم كيفما كانت طريقة استيلائه على السلطة (ظلم غشوم خير من فتنة تدوم). كذلك مبدأ الشورى الذي يعارض به الإسلاميون الديمقراطية، فهو خديعة كبرى. مجلس الشورى أو أهل الحل والعقد يختارهم الحاكم حسب هواه ممن تتوفر فيهم شروط الولاء، وليس على الحاكم أن يأخذ برأيهم إذا أراد.
أهذا هو حكم الإسلام يا مولانا؟
لا ينتبه القرضاوي إلى كل هذه الغيوم والظلمات التي تحيط بالحكم الإسلامي ولهذا يقول عن العلمانية ((إنها ـ في قرارة نفسها ـ لا تقدر الله حق قدره، حين تستبعد أن يحيط الله تعالى شأنه، بما يحدث للبشر، برغم تغير الزمان، وتبدل المكان، وتطور الإنسان، وأن يشرع لهم من الأحكام، ويضع لهم من القواعد، ما يصلح لهم، ويصلحهم ويرقى بهم، أفرادا وجماعات، وإن مضى عليه أربعة عشر قرنا من الزمان)). فأين هي الأحكام والقواعد التي أصلحت حال المسلمين ورقت بهم أفرادا وجماعات حتى نأخذ بها اليوم لنصلح حالنا ونرقى بها؟ هل يعقل أن يكون عندنا كل هذا الخير ولا ننتبه إليه ولا نستفيد منه لإصلاح أمرنا والخروج من تخلفنا؟ الراجح أننا نشبه، إلى حد بعيد، ذلك المريض الذي ظل يتعاطى، بدون جدوى، دواء غير صالح أو تقادم عهده. هي حالة تشبه الخبال.
وطبعا لا يمكن أن يخرج من هذه الحالة من يشارك القرضاوي في قناعته وهو يقول: ((والإسلام يقوم على عقيدة راسخة بأن الله العظيم، لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عن علمه شيء في السموات ولا في الأرض، وأن الماضي والحاضر والمستقبل بالنسبة له سواء، فهو يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون. (وما تكون في شأن، وما تتلو منه من قرآن، ولا تعملون من عمل، إلا كنا عليكم شهودا، إذ تفيضون فيه، وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، إلا في كتاب مبين) (سورة يونس:61).)).
هذا الذي يصفه القرضاوي بأنه ((لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عن علمه شيء في السموات ولا في الأرض، وأن الماضي والحاضر والمستقبل بالنسبة له سواء، فهو يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون.))، نراه يقول في مكان آخر من القرآن بأنه هو ((الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور)).
ومن هو في هذه الحالة من اللاعقلانية لا بد أن يصدق القرضاوي وهو يقول أيضا ((إن “الشريعة” هي العدو الأول للعلمانيين في البلاد الإسلامية، لأنها هي التي تنقل الإسلام من عالم النظريات والمثاليات إلى دنيا الواقع والتنفيذ. وهي التي تهيئ للمجتمع سياجا من القوانين، يحميه من عدوان العادين، وهي التي تردع من لم يرتدع بوازع الإيمان)). فلماذا وقفت هذه الشريعة عاجزة عندما انهار العالم الإسلامي في انحطاط يتواصل منذ ألف عام؟ ألم تكن الشريعة معمولا بها طوال هذه المدد المتلاحقة؟ بلى. الصحيح أن فترات الازدهار التي عرفتها الحضارة العربية الإسلامية في القرون الأربعة الأولى هي تلك الفترات التي خفت فيها وطأة الشريعة على الناس فانفتحوا على العالم فاستفادوا وأفادوا، وكانت فلتات سرعان ما نجح رجال الدين في إعادة أصحابها إلى القطيع بعد إحكام غلق الأبواب والنوافذ بتعاليم هذه الشريعة بالذات.
وهذا ما يفعله القرضاوي اليوم عندما يقول: ((إن العلمانية تقبل القانون الوضعي، الذي ليس له في أرضنا تاريخ ولا جذور ولا قبول عام، وترفض الشريعة، التي تدين أغلبية الأمة بربانيتها، وعدالتها، وكمالها، وخلودها، وتحس بالإثم والقلق، إذا أعرضت عن أحكامها، وترى أنها مهددة بعقاب الله في الدنيا والآخرة)).
إنه مزيد من التخويف والترهيب والتأثيم ضد كل من يدعو للتفتح على الغير المختلف والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة والمشاركة الإيجابية في الجهود التي تبذلها البشرية نحو عالم أفضل وأعدل.
وأخيرا، فأنا أزعم أن شعوبا تتبنى مثل هذه الأفكار التي جئنا على قراءتها وكشف مراميها، لا يمكن أن تقدر على إنجاز أي مشروع حضاري كفيل بدفع بلدانها نحو الانخراط الجدي في بناء الحضارة والخروج من حالة الجمود الذي فشلت كل الجهود لزحزحته من مكانه.
خذوا بدمي ذات الوشاح فإنني
خذوا بدمي ذات الوشاح فإنني … رأيتُ بعيني في أناملها دمي
أغار عليها من أبيها وأمها …ومن خطوة المسواك إن دار في الفم ِ
أغار على أعطافها من ثيابها… إذا ألبستها فوق جسم منعم ِ
وأحسدأقداحا تقبلُ ثغرها … إذا أوضعتها موضع المزج ِفي الفم ِ
خذوا بدمي منها فإني قتيلها … فلا مقصدي ألا تقوتو تنعمي
ولا تقتلوها إن ظفرتم بقتلها… ولكن سلوها كيف حل لها دمي
وقولوا لها يا منية النفس إنني… قتيل الهوى والعشق لو كنتِ تعلمي
ولا تحسبوا أني قتلت بصارم… ولكن رمتني من رباهابأسهم ِ
لها حكم لقمـان وصـورة يوسـف… ونغـمـه داود وعـفـه مـريـم ِ
ولي حزن يعقوب ووحشـه يونـس… وآلام أيـــوب وحـســرة آدم ِ
ولو قبـل مبكاهـا بكيـت صبابـة … لكنت شفيت النفـس قبـل التنـدم ِ
ولكن بكت قبلي فهيج لـي البكـاء… بكاهـا فكـان الفضـل للمتـقـدم ِ
بكيت على من زين الحسن وجههـا… وليس لها مثـل بعـرب وأعجمـي
مدنيـة الألحـاظ مكيـة الحشـى… هلاليـة العينيـن طائيـة الـفـم ِ
وممشوطة بالمسك قد فاح نشرهـا … بثغـر كـأن الـدر فيـه منـظـم ِ
أشارت بطرف العين خيفـة أهلهـا… إشـارة محـزون ولــم تتكـلـم ِ
فأيقنت أن الطرف قد قـال مرحبـا… وأهـلا وسهـلا بالحبيـب المتيـم ِ
فوالله لـولا الله والخـوف والرجـا… لعانقتهـا بيـن الحطيـم وزمـزم ِ
وقبلتهـا تسعـا وتسعيـن قبـلـة… براقـة بالكـف والـخـدِ والـفـم ِ
ووسدتهـا زنـدي وقبلـت ثغرهـا وكانت… حلالا لي ولو كنـت محـرم ِ
ولمـا تلاقينـا وجــدت بنانـهـا … مخضبـه تحكـي عصـارة عنـدم ِ
فقلت خضبت الكف بعـدي ,هكـذا … يكـون جـزاء المستهـام المتيـم ِ
فقالت وأبدت في الحشى حر الجوى … مقاله من فـي القـول لـم يتبـرم ِ
وعيشـك ما هـذا خضـاباً عرفتـهُ … فلا تكُ بالبهتان والـزور ظالمي
ولكننـي لمـا رأيـتـك نائياً … وقد كنت كفي في الحياة ومعصمـي
بكيت دما يـوم النـوى , فمسحتـهُ … بكفي فاحمرت بناني من دمي
Posted in الأدب والفن
Leave a comment
امتي
أمتي هل لك بين الأمم … منبر للسيف أو للقلم
أتلقاك وطرفي ….. مطرق … خجلا من أمسك المنصرم
ويكاد الدمع يهمي عابثا … ببقايا ….. كبرياء ….. الألم
أين دنياك التي أوحت … إلى وتري كل يتيم النغم
كم تخطيت على أصدائه … ملعب العز ومغنى الشمم
وتهاديت كأني ….. ساحب … مئزري فوق جباه الأنجم
أمتي كم غصة دامية … خنقت نجوى علاك في فمي
أي جرح في إبائي راعف … فاته الآسي فلم يلتئم
ألاسرائيل ….. تعلو ….. راية … في حمى المهد وظل الحرم !؟
كيف أغضيت على الذل … ولم تنفضي عنك غبار التهم ؟
أوما كنت إذا البغي اعتدى … موجة من لهب أو من دم !؟
كيف أقدمت وأحجمت ولم يشتف الثأر ولم تنتقمي ؟
اسمعي نوح الحزانى واطربي … وانظري دمع اليتامى وابسمي
ودعي القادة في أهوائها … تتفانى في خسيس المغنم
رب وامعتصماه انطلقت … ملء أفواه البنات اليتم
لامست أسماعهم ….. لكنها … لم تلامس نخوة المعتصم
أمتي كم صنم مجدته … لم يكن يحمل طهر الصنم
لايلام الذئب في عدوانه … إن يك الراعي عدوَّ الغنم
فاحبسي الشكوى فلولاك لما … كان في الحكم عبيدُ الدرهم
أيها الجندي يا كبش الفدا … يا شعاع الأمل المبتسم
ما عرفت البخل بالروح إذا طلبتها … غصص المجد الظمي
بورك الجرح الذي تحمله … شرفا تحت ظلال العلم
Posted in الأدب والفن
Leave a comment
إيران: الفتوى ودبلوماسية أوباما الخلاقة
أمير طاهري : الشرق الأوسط
أسهم حلم التوصل إلى اتفاق مع إيران، على مدى عقود، في ازدهار صناعة أصيلة في الولايات المتحدة. وعلى غرار نظيراتها تعرضت هذه الصناعة إلى تغيير دوري لتزدهر في بعض الأوقات وتعاني في أوقات أخرى.
ومنذ إعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما شهدت صناعة «التفاوض مع إيران» ازدهارا غير مسبوق، فتبدو إدارة أوباما الثانية كما لو كانت عازمة على التزلف إلى الملالي في محاولة جديدة للتوصل إلى اتفاق. ويظهر اختيار أوباما لوزير خارجيته ووزير الدفاع ومستشار الأمن القومي ورئيس الاستخبارات المركزية الأميركية أن طهران ما كانت لتأمل في اختيار فريق أفضل من هذا في واشنطن.
يستخدم لوبي «التفاوض مع طهران» نفس العبارات القديمة مثل «المفاوضات أفضل من الحرب» أو «الأفضل أن تكون خبيرا في حل النزاعات من أن تكون مثيرا للمتاعب»، من يقدر على رفض ذلك؟ ولأن عقد الصفقات جزء من ثقافتهم يفتتن الأميركيون بالسياسيين الذين يتمكنون من إنهاء الصراع عبر التسوية. ومن ثم فإن سياسة الاسترضاء التي روج لها باعتبارها دبلوماسية خلاقة تمخض عنها ما تعرفه الحكومة الأميركية بـ«المدرسة الواقعية للسياسة الخارجية».
قامت هذه المدرسة على الكثير من الافتراضات، أولها أن الصراعات بين الدول تنتج بشكل أساسي عن المصالح المادية المختلفة، حيث تتنافس الدول على الوصول إلى الموارد الطبيعية والأسواق والمستعمرات، كما كان الحال في الماضي. ربما تكون لدى هذه الدول مزاعم حدودية أو أحلام باستعادة جزء مسلوب منها، وقد تعاني البعض من مخاوف أمنية بشأن مسارات التجارة و/أو معاملة الأقليات المنتمية لها في دول أخرى.
هذا نوع من التفكير الماركسي، حيث يضع المحللون الاختلافات المادية في جذور الصراعات الإنسانية، واستبعاد، ضمنيا، إمكانية التهديدات الوجودية التي تسببها الاختلافات الفكرية.
يقودنا هذا إلى الافتراض الثاني الذي يرى أن الاختلافات يمكن أن تضيق إلى قضية واحدة أو اثنتين. فاستخدمت الإدارات الأميركية المتتابعة هذا النهج على مدى عقود في خفض الصراع مع الاتحاد السوفياتي إلى قضية السيطرة على السلاح وعقدوا الكثير من الاتفاقات مع موسكو.
لاحظ قليلون عبث هذه الممارسة، وقيل لنا إن الأسلحة النووية حالت دون وقوع حرب بسبب عقيدة الدمار المتبادل المؤكد، فصرح روبرت ماكنمارا، وزير الدفاع الأميركي إبان عهد جون كيندي: «الأسلحة النووية أداة للسلام»، وإذا كان الأمر كذلك لماذا لا ترغب الأطراف جميعها في خفض فاعلية «أداة السلام»؟
وخلال ثلاثة عقود من الدبلوماسية الخلاقة خفضت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق قدراتهما لتدمير الأرض بالأسلحة النووية من 40 مرة إلى 22 مرة!
في الوقت ذاته واصل الاتحاد السوفياتي استراتيجيته التوسعية واستمر في فرض تهديد وجودي للولايات المتحدة. وخلال السبعينات وصل الاتحاد السوفياتي إلى ذروة نفوذه العالمي، بدعم مالي من الولايات المتحدة وهو ما يثير المفارقة.
وما إن توقفت روسيا عن لعب دور الاتحاد السوفياتي توقفت عن تشكيل تهديد وجودي للولايات المتحدة وحلفاؤها.
ويبدو أن فريق الاسترضاء الذي شكله أوباما متوجه نحو تكرار أخطاء المدرسة الواقعية، حيث يحاول دمج قضايا النزاع مع إيران في قضية واحدة هي الطموحات النووية الإيرانية. ثم يعمد بعد ذلك إلى تبسيط القضية بشكل أكبر لتتحول إلى مدى أحقية إيران في تخصيب اليورانيوم.
ثم المزيد من التبسيط لتتحول إلى حق إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، والمرحلة الأخيرة من التبسيط هي السماح لإيران بالتصرف كيفما تشاء تحت رقابة دولية. لكن ما الذي يضمن ألا تقوم الجمهورية الإسلامية بإدارة برنامج سري؟
أعلن رامين مهمان باراست، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، أن طهران تقترح إصدار فتوى من المرشد الأعلى علي خامنئي إلى الأمم المتحدة كضمان لالتزام بلاده بعدم تطوير أو اختبار أو نشر أسلحة نووية.
وعلى افتراض صدورها، فإن الفتوى لا تلزم قانونيا الجمهورية الإسلامية بأي شيء، وليس لها تأثير بموجب القانون الدولي. ففي عام 1989 عندما أصدر آية الله الراحل الخميني فتواه بقتل الروائي البريطاني سلمان رشدي وصف المسؤولون الإيرانيون المتعاقبون الفتوى صراحة بأنها رأي ديني غير ملزم للحكومة الإيرانية.
كان خامنئي في ذلك الوقت رئيسا للجمهورية الإسلامية. وخلال زيارة رسمية له إلى بلغراد صرح في مؤتمر صحافي أن فتوى الخميني تخص كل المسلمين في العالم لكن لا يمكن اعتبارها موقفا رسميا لإيران.
وحتى في داخل إيران فليس للفتوى أي سلطة قانونية. ورغم كونه أعلى سلطة سياسية في النظام، لم ينل خامنئي مكانة «مرجع التقليد» الدينية.
والفتوى رأي ديني يأتي جوابا لسؤال يوجه إلى «المرجع» وينبغي ألا يتعارض مع فتوى للمرشد. وكي تصبح ملزمة قانونيا يجب على فتوى خامنئي أن تمر من خلال عملية تشريع دستورية ثم مناقشتها والتصديق عليها في نهاية الأمر.
لكن حتى وإن حدث كل هذا لا توجد ضمانات بألا يصدر خامنئي فتوى تالية لإلغاء الفتوى السابقة. والنظام الذي ينتهك دستوره الخاص بصورة يومية لن تكون لديه مشكلة في خداع «الكفار» بإصدار فتاوى لكسب مزيد من الوقت. هذه الممارسة تتطلب وتستلزم بعض العقوبات الدينية عبر مبدأ «التقية» أو الإخفاء لخداع عدو «كافر».
ما من شك في أن أوباما يظن أنه عبقري كبير وقادر على النجاح فيما فشل فيه خمسة رؤساء أميركيين سابقين. ربما يكون أوباما عبقريا في السياق الأميركي، لأنه فقط استطاع إقناع أكثر من 60 مليون أميركي بالتصويت له في الانتخابات الرئاسية، لكن عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الملالي فربما يقع ضحية غطرسته. والمؤشرات تدل على أن الملالي يستعدون لقيادة أوباما على نفس المسار الذي قادوا عليه أسلافه.
Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا
Leave a comment